السراج يرفض دعوات أوروبية لإقامة مراكز للمهاجرين في ليبيا

نواب يتهمون سلامة بالانحياز لـ«الإخوان»... ودعوات لاعتبارهم «جماعة إرهابية»

TT

السراج يرفض دعوات أوروبية لإقامة مراكز للمهاجرين في ليبيا

عبَّر فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، عن «رفضه القطعي» إقامة مراكز لفرز المهاجرين في ليبيا، كما ترغب في ذلك دول الاتحاد الأوروبي. وفي غضون ذلك التزمت حكومته الصمت حيال إعلان فتحي المجبري، أحد الأعضاء التسعة لمجلسها الرئاسي، استقالته من منصبه بصورة نهائية.
وقال السراج، في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية، في تونس، نشرتها أمس، «نحن نرفض تماماً قيام أوروبا رسمياً بوضع مهاجرين غير قانونيين لا ترغب فيهم داخل بلدنا... ولن نبرم أي صفقات مع الاتحاد الأوروبي للتكفل بمهاجرين غير قانونيين في مقابل المال».
وتابع السراج، بلهجة مستغربة، «أنا مستغرب جداً من أنه لا أحد في أوروبا يرغب في استقبال مهاجرين. لكن يُطلب منا أن نستقبل مئات الآلاف منهم لدينا»، داعياً أوروبا إلى ممارسة مزيد من الضغط على الدول، التي ينطلق منها المهاجرون، بدلاً من الضغط على ليبيا، التي تشهد نشاطاً واسعاً لمهربين استفادوا من الفوضى، التي أعقبت الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في سنة 2011.
كما رفض السراج انتقادات منظمة «برواكتيفا أوبن آرمز» الإسبانية غير الحكومية، التي قالت إن حرس السواحل الليبي تخلوا في بداية الأسبوع عن امرأتين وطفل صغير في البحر المتوسط، وقال إن هذه الانتقادات «غير صحيحة، وسبق أن نفاها حرس السواحل (الليبيون)... ونحن ننقذ يومياً مئات الأشخاص قبالة سواحل ليبيا، وسفننا تعمل على مدار الساعة».
وأضاف السراج مستدركاً: «لكننا نحتاج المزيد من الدعم المالي واللوجيستي لنكون أكثر سرعة ونجاعة في عمليات الإنقاذ».
إلى ذلك، اكتفى مكتب السراج بتسريب رسالة يطلب فيها مدير مكتبه وقف عمل مكتب المجبري، والقرارات الصادرة عنه، بعد تصريحاته الأخيرة بشأن استقالته نهائياً من عضوية المجلس الرئاسي للحكومة.
وتضمنت الرسالة، التي تحمل توقيع مدير مكتب السراج والموجهة إلى مدير مكتب المجبري، بإيقاف عمل مكتب الأخير، بناء على تعليمات السراج، وذلك بعد إعلان المجبري انسحابه من المجلس الرئاسي للحكومة أول من أمس بشكل مفاجئ.
بدورهم، تحدث أعضاء مجلس الأمن الدولي، في بيان لهم وزعته البعثة الأممية مساء أول من أمس، عن ضرورة أن تمارس حكومة السراج الإشراف الوحيد والفاعل على المؤسسات الاقتصادية والمالية، بما يتفق مع الاتفاق السياسي الليبي.
وهدد أعضاء المجلس بأن الجهات أو الأفراد، الذين ينخرطون في أعمال تهدد السلم والاستقرار والأمن، أو يقدمون الدعم لها، يمكن أن تدرج أسماؤهم في قوائم فرض العقوبات المستهدفة، بموجب قرار مجلس الأمن 2213 الصادر عام 2015. كما أشاروا إلى الأهمية التي يوليها غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة، لتوحيد المؤسسات الاقتصادية والمالية في ليبيا، وزيادة شفافيتها.
في شأن آخر، نشر الموقع الإلكتروني لمجلس النواب بمدينة طبرق في أقصى الشرق، تصريحات مصورة لأحد نوابه، وجّه فيها انتقادات علنية إلى المبعوث الأممي غسان سلامة، واتهمه فيها بالانحياز إلى جماعة «الإخوان»، حيث قال النائب إبراهيم الزغيد إن «هناك أدلة على تلك الاتهامات».
ودعا الزغيد، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى تغيير البعثة الأممية، التي قال إنها «خرجت عن حيادها، وفشلت في تحقيق مهامها كوسيط نزيه بين الفرقاء الليبيين»، مشيراً إلى أن مجلس النواب سيجتمع في الثلاثين من الشهر الحالي للتصويت على مشروع الدستور الجديد للبلاد، وأن تمرير القانون يحتاج إلى 120 صوتاً.
في الإطار نفسه، أعلن أعضاء في مجلس النواب عن خطوات لإصدار المجلس تشريعاً يقضي بـ«اعتبار وإعلان جماعة (الإخوان المسلمين) في ليبيا تنظيماً إرهابيا خطيراً»، تمهيداً لملاحقتهم بدعاوى جنائية قضائية، وتطبيق قانون مكافحة الإرهاب عليهم.
وكشف طارق الجروشي، عضو المجلس، النقاب عن أن لجنة الدفاع والأمن القومي بالمجلس ستتخذ إجراءات قانونية ضد محمد مرغم، عضو جماعة «الإخوان»، الذي طالب تركيا في تصريحات تلفزيونية له مؤخراً، بالتدخل العسكري لصالح «الإخوان» في ليبيا.
ورأى الجروشي أن تصريحات مرغم المثيرة للجدل، تعكس ما وصفه بـ«حالة الإحباط من الهزائم المتتالية التي تلقتها هذه التنظيمات الإرهابية في بنغازي ودرنة وأجدابيا وجنوب ليبيا والهلال النفطي»، لافتاً إلى أن مرغم سيحال إلى مكتب المدعي العام العسكري بتهمة المساس بالأمن القومي وتهديد سلامة الدولة عبر دعوة دولة أجنبية للتدخل بقوة السلاح وخرق أمنها.
واعتبر الجروشي أن استنجاد تنظيم «الإخوان المسلمين» بدولة تركيا للتدخل العسكري في ليبيا، يدل على قرب نهاية مشروعهم، مشيراً إلى أن الأدلة والوقائع التي يملكها الجيش الوطني الليبي تؤكد أن أغلب قادة التنظيمات الإرهابية، التي هُزمت في ليبيا، هي الآن بين مدينتي إسطنبول والدوحة، موضحاً أن التقارير تشير إلى أن هناك محاولات مستميتة للعودة إلى ليبيا.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا (من اليسار إلى اليمين) الممرضات الأفغانيات مادينا أعظمي ورويا صديقي وتهمينة أعظمي يقمن بالتوليد والتمريض في مستشفى خاص بكابل - 24 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لاجئون أفغان يعيشون «سجناء» الخوف في باكستان

أصبحت حياة شهرزاد تقتصر على باحة بيت الضيافة الذي تعيش فيه في باكستان، إذ بعدما كانت تأمل أن تجد الحرية بعد هروبها من سلطات طالبان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».