قمة هلسنكي لم تتوسع في القضايا الساخنة

قراءة في فحوى محادثات ترمب ـ بوتين

قمة هلسنكي لم تتوسع في القضايا الساخنة
TT

قمة هلسنكي لم تتوسع في القضايا الساخنة

قمة هلسنكي لم تتوسع في القضايا الساخنة

استحقت القمة التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب في العاصمة الفنلندية هلسنكي، أخيراً، وصف «الحدث الأبرز في الموسم السياسي» الذي أطلقه سفير روسيا لدى واشنطن أناتولي أنطونوف. فهي ستدخل في تاريخ العلاقات الروسية – الأميركية كواحدة من القمم الأكثر إثارة للجدل، مع أنها «لم تكن تقليدية» وفقاً لتعليق أكثر من متابع روسي؛ إذ إنها عُقدت من دون جدول أعمال واضح، وترك الحوار فيها ليسير وفقاً لمزاج الرئيسين ورغبتهما الشخصية. وكذلك، لم يصدر في ختامها وثيقة مشتركة، على الرغم من أن العمل على إعدادها استغرق بعض الوقت - من الجانب الروسي على الأقل - كما اتضح لاحقاً، لكن لم يوضح الطرفان سبب تجاهلها. أما العنصر الأهم، فهو أن القمة لم تخرج بقرارات أو اتفاقيات موثقة، وهذا أمر كان متوقعاً بعدما خفض الطرفان سقف التوقعات خلال الأيام التي سبقتها.
هي قمة «تاريخية» بسبب ملابسات انعقادها بعد طول انتظار، وبسبب الأداء اللافت للرئيسين في المؤتمر الصحافي الختامي، الذي أثار زوبعة لم تهدأ في الأوساط الأميركية، ولأنها فتحت نافذة أمل في وضع «خريطة طريق» لتطبيع العلاقات، على الرغم من كل التعقيدات التي تحيط بعلاقة البلدين وتراكم الملفات الخلافية بينهما.

عندما أعلن الكرملين قبل القمة الأميركية - الروسية في هلسنكي مباشرة، أن الجانب الروسي يتطلع لتبادل الآراء في الملفات الخلافية، ومحاولة فهم حقيقة مواقف كل طرف بشكل أفضل؛ بهدف وضع آليات مشتركة للحوار، كان يحدد بدقة السقف الروسي المطلوب من هذا اللقاء.
لذا؛ انصب تركيز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاستماع بدقة لتقويمات نظيره الرئيس دونالد ترمب لعدد من الملفات العالقة، وسرّبت وسائل إعلام روسية ومقربون من الكرملين بعض التفاصيل التي رافقت مسار المحادثات في الجلسة المغلقة أولاً، ثم في الإطار الأوسع بعد انضمام فريقي الرئيسين إلى المحادثات. ووفقاً للمصادر، فإن الرئيس الأميركي لم يبدِ اهتماماً كبيراً بالتوسع في ملفات ساخنة، مثل سوريا وأوكرانيا، وتناول الأولى بحديث سريع ركز على مواصلة التنسيق الأمني والعسكري وضمان أمن إسرائيل، متجاهلاً الخوض في تفاصيل الرؤية الأميركية للتسوية السياسية الممكنة. وفي ملف أوكرانيا تجاهل ملف القرم تماماً، وتحدث بعبارات عامة عن «إطار مينسك» ومتطلبات تثبيت وقف النار. وتوسع أكثر، في المقابل، في الحديث عن الصين بصفتها «التحدي المشترك» أمام روسيا والولايات المتحدة، وتناول ملف العلاقة مع الاتحاد الأوروبي من زاوية التنافس التجاري.
وفي الملف الإيراني، كان ترمب أكثر وضوحاً وقوة، وتكلم عن «خطر» السياسات الإقليمية الإيرانية، و«التهديد» الذي تشكله قدرات إيران النووية والصاروخية. وفي وقت لاحق برزت إشارات إلى أن الرئيسين بحثا مسألة منع وقوع مواجهة إسرائيلية - إيرانية بشيء من التوسع. في حين غاب ملف التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية نهائياً. وأفرد الزعيمان مساحة لمناقشة العلاقة الثنائية وآليات تجاوز المرحلة الصعبة وانعدام الحوار، كما تطرق الحديث بشيء من الإسهاب إلى ملف الأمن الاستراتيجي ومسائل سباق التسلح.
إذا صحت التسريبات أو على الأقل جزء منها، فإن الحوار تجنّب إثارة ملفات خلافية كبرى، مثل التدخل الروسي في انتخابات الولايات المتحدة والاتهامات لنشاط أجهزة الاستخبارات الروسية في بريطانيا وأوروبا، والموقف من التصعيد المتواصل عسكرياً بين روسيا وحلف الأطلسي في المناطق الحدودية، بالإضافة إلى سياسات روسيا في الفضاء السوفياتي السابق، وخصوصاً جورجيا وأوكرانيا. واللافت في هذه التسريبات أنها اقتصرت على مواقف ترمب حيال بعض القضايا، ولم تتناول الآراء التي طرحها بوتين في المقابل.

- نتائج محدودة... لكن مهمة
رغم ذلك، أوحت تصريحات الرئيسين خلال المؤتمر الصحافي المشترك في ختام القمة، بأن الحوار كان أكثر شمولية وعمقاً مما أوحت به التسريبات الإعلامية، مع أنها ثبتت الانطباع بأن المحادثات لم تكن «صعبة ومعقدة» خلافاً لتوقعات بعض الأطراف في السابق. وأظهر الرئيسان ارتياحاً واضحاً لمسار المباحثات، وقال بوتين، إنها انعقدت في أجواء «بنّاءة وإيجابية»، معتبراً أنها مثلت الخطوة الأولى في «إزالة الأنقاض» عن العلاقات بين البلدين. وشدد بوتين أيضاً على ضرورة توحيد روسيا والولايات المتحدة جهودهما الرامية لمواجهة التهديدات المشتركة بالنسبة لهما، مشيراً إلى أن أبرزها «الانعدام الخطير لتوازن آليات الأمن الدولي والاستقرار، والأزمات الإقليمية، وتمدد التهديدات النابعة عن الإرهاب والجرائم العابرة للقارات، وزيادة مشكلات الاقتصاد العالمي، والمخاطر البيئية وغيرها». وقال، إن المحادثات، عكست «رغبتنا المشتركة مع الرئيس ترمب في إصلاح الوضع السلبي في علاقاتنا الثنائية، ورسم الخطوات الأولى لمعالجتها وإعادتهما إلى الدرجة المقبولة من الثقة، والعودة إلى المستوى السابق للتعاون بشأن جميع القضايا التي تمثل اهتماماً مشتركاً». وقد تكون النتيجة الأبرز التوافق على تشكيل «لجنة خبراء» معنية بتطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، تضم خبراء في السياسة من روسيا والولايات وعلماء ودبلوماسيين سابقين، و«من شأن تلك اللجنة العمل على إيجاد القواسم المشتركة والتفكير في اقتياد التعاون إلى طريق التقدم الإيجابي المستدام».
أيضاً، أكد بوتين ضرورة أن يضع الطرفان على طاولة البحث رزمة الملفات المتعلقة بالأمن الاستراتيجي ومسائل تقليص التسلح، موضحاً أن الرؤية الروسية تقوم على جمع مسائل تمديد سريان معاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية، وعملية نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا، والاتفاق حول تقليص الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، ومسألة نشر السلاح في الفضاء في رزمة واحدة لمعالجتها من خلال حوار مفتوح بين الجانبين. كذلك، شدد الرئيس الروسي على أهمية تعزيز التعاون الأمني الاستخباراتي الثنائي، وذكر أن روسيا اقترحت على الولايات المتحدة إعادة تشكيل فريق عمل مشترك لمكافحة الإرهاب؛ بهدف «وضع الاتصالات بين جهازي الاستخبارات على أساس منظم».
في المقابل، حديث ترمب ما كان بعيداً في جوهره عن إشارات بوتين إلى آليات مشتركة للعمل، مع أنه اختار أن يبدأ حديثه في المؤتمر الصحافي بشن هجوم على «وسائل الإعلام والديمقراطيين» الذين «يريدون تدمير فرص الحوار المهم لقضايا العالم»، وتعهد بفعل ما يرى أنه «يصب في مصلحة الولايات المتحدة والعالم رغم الانتقادات». وقال ترمب، إنه بحث مع بوتين مجموعة من القضايا الملحة المختلفة، ذات الأهمية بالنسبة لكلا البلدين، و«أجرينا حواراً منفتحاً ومثمراً». وشدد على أن «الحوار البنّاء بين الولايات المتحدة وروسيا يعطي فرصة لتمهيد الطريق نحو السلام والاستقرار في العالم»، وأردف موضحاً «الخلافات بين بلدينا معروفة، وناقشتها بشكل مفصل مع الرئيس بوتين».
هذا، ويرى خبراء روس أن تأكيد الرئيسين على الحوار والاقتراحات التي قدّمت حول إنشاء لجان ومجموعات عمل مشتركة - رغم أنها تواجه تعقيدات في الولايات المتحدة - تشكل نتيجة مهمة للقمة. لكن، مقابل الارتياح الواسع الذي برز لدى المعلقين الروس لنتائج القمة الأولى بين الرئيسين، والتأكيد على حاجة الطرفين إلى التقدم على أكثر من محور لتثبيت الأجواء الإيجابية، ومواجهة الاعتراضات القوية أميركياً وأوروبياً وأطلسياً، شككت مصادر روسية في قدرة الرئيسين على القيام بتنفيذ سريع لاتفاقاتهما بشأن فتح أوسع حوار ممكن بين الطرفين على المستويات الدبلوماسية، والعسكرية، والأمنية، وأوساط رجال المال والأعمال.

- هاجس التدخل الروسي
من جانب آخر، لم تخرج ردود الفعل لدى النخب الأميركية على نتائج القمة عن التوقعات التي سبقتها. إذ كان الشعور المسيطر لدى النخب الروسية بأن خصوم ترمب سيعملون على عرقلة كل محاولاته للتقدم تجاه روسيا. ولا تخفي أوساط روسية أن أداء ترمب وتعليقاته اللاذعة ضد خصومه في المؤتمر الصحافي المشترك مع بوتين لعبت دوراً في مفاقمة الموقف وتأجيج حال الاستياء، ولا سيما أنه تجنب الإشارة إلى أي ملف خلافي مع بوتين، ودافع عن فكرة «عدم تدخل» روسيا في مسار انتخابات 2016. وأدى التراجع السريع لترمب عن بعض أقواله بعد عودته إلى واشنطن إلى تقليص سقف توقعات الكرملين، على الأقل خلال المرحلة القصيرة المقبلة، مع أن أوساط الكرملين ما زالت تعوّل على قدرة الرئيس الأميركي على تجاوز السجالات الحالية والشروع بتثبيت مواقفه. ولقد جاء حديث أناتولي أنطونوف، السفير الروسي لدى واشنطن، عن أنه سيكون من الصعب على ترمب، تنفيذ الاتفاقيات التي توصل إليها مع نظيره الروسي بسبب «المقاومة الشديدة التي سيجدها من قبل المؤسسة السياسية ووسائل الإعلام الأميركية» ليؤكد أن روسيا ليست متعجلة لتثبيت النتائج النهائية للقمة.
وقال السفير للصحافيين «علينا عند تقييم الآفاق، أن نكون دقيقين وحذرين للغاية، وأكرر كلمة للغاية». وتابع، إنه بسبب «المزاج القوي» لدى بعض الأوساط ضد سياسات ترمب حيال روسيا بات يخشى قول أي شيء إيجابي عن الرئيس الأميركي.
عكست هذه العبارات بدقة الآلية التي تسعى موسكو لتنفيذها في مواجهة الحملة القوية ضد نتائج القمة. ومع أن بوتين خرج خلال لقاء مع الدبلوماسيين الروس بعد القمة عن المألوف، ووجّه عبارات نارية ضد النخب الديمقراطية في الولايات المتحدة، واتهمها بـ«ترويج الأكاذيب والتضحية بمصالح ملايين الأميركيين لحسابات سياسية ضيقة»، فإن موسكو ما زالت تتوقع تراجعاً تدريجياً في عاصفة الانتقادات، وترى أن ترمب بصفته رأس السلطة التنفيذية سيكون قادراً على مواجهة هجوم الكونغرس وبعض وسائل الإعلام، والشروع بتنفيذ جزء على الأقل من التفاهمات توصل إليها مع بوتين. وفعلاً، من وجهة النظر الروسية، حملت الإشارات التي أعقبت القمة ما يؤكد صحة هذا الرهان، وبينها إعلان وزارة الدفاع الأميركية استعداد الوزير جيمس ماتيس للقاء نظيره الروسي سيرغي شويغو، وهو سيكون الأول منذ سنوات على هذا المستوى. بالإضافة إلى إعلان البيت الأبيض أنه يدرس إمكانية السماح لمحققين روس باستجواب مواطنين أميركيين على الأراضي الأميركية، تشتبه موسكو في أنهم على علاقة بنشاطات غير مشروعة في روسيا، وفقاً لما قالته المتحدثة باسم الإدارة الأميركية سارة ساندرز، التي أضافت إنه «نوقش هذا الموضوع خلال قمة بوتين ترمب، لكن لم تُقدم أي تعهدات أو التزامات من جانب الولايات المتحدة. ويعمل الرئيس مع فريقه في هذا المجال». ويذكر أن بوتين كان اقترح السماح لمحققين أميركيين بالتحقيق مع شخصيات روسية متهمة بالتدخل في الانتخابات الأميركية مقابل السماح للمحققين الروس بإجراء تحقيق مماثل مع شخصيات أميركية وجهت ضدها موسكو اتهامات.

- {الأطلسي} والاتحاد الأوروبي
التعليقات الأولى الصادرة عن أطراف أوروبية، بينها شخصيات حكومية في بولندا وغيرها من البلدان التي تنتقد التقارب مع موسكو، عكست استياءً شديداً بسبب إحجام ترمب عن طرح موقف علني واضح ضد السياسيات الروسية في أوروبا، وتحركات القوات الروسية على الحدود مع عدد من هذه البلدان. وجاءت تصريحات ترمب عن أن قمته مع بوتين «كانت أنجح من قمة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)» لتصب الزيت على النار في هذا الاتجاه. إذ سرعان ما برزت تصريحات نارية حول «تقويض التضامن الأورو - أطلسي» وتجاهل ترمب مخاوف جدية بالنسبة إلى الأمن الأوروبي والأطلسي.
وهنا، ذكرت أوساط روسية، أن أزمة العلاقة مع «ناتو» والتوتر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لم يكن من المنتظر أن تجد حلاً مباشراً خلال القمة الروسية - الأميركية، وهذا مع إقرار بأن ما أعلنه ترمب وبوتين بعد محادثاتهما لم يتطرق إلى عمق الأزمة الروسية – الأطلسية، باستثناء إشارات عابرة إلى مناقشة ملف الأمن الاستراتيجي. وهذا أمر يثير قلق بعض البلدان الأوروبية التي تخشى من تراجع واشنطن عن نشر قوات وأنظمة صاروخية في بلدان مثل بولندا ورومانيا من دون الحصول على ضمانات كافية من الكرملين الذي يقوم بتعزيز الدفاعات الصاروخية في غرب روسيا. وتوقعت أوساط روسية أن تظل هذه المشكلة من التعقيدات الأساسية أمام العلاقة الروسية – الأطلسية. ثم إن المرور سريعاً على ملف أوكرانيا وإغفال موضوع ضم القرم يثير بدوره مخاوف إضافية من أن التوتر في عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة، - وخصوصاً أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا - وتوتر العلاقة بسبب ذلك بين موسكو وبروكسل، سيلحظ في معدلات نمو بدلاً من التراجع. وكان لافتاً أن بوتين صرح بعد القمة مباشرة بأنه «غير مقبول قيام (ناتو) بضم جورجيا» متعهداً بأن بلاده ستتخذ «تدابير للدفاع عن مصالحها وأمنها في حال تم تنفيذ هذه الخطوة» التي كان «ناتو» تعهد بها في قمته الأخيرة.

- إيران... ملف خلافي
وحول الملف النووي الإيراني، أقر الرئيسان بأن الخلاف ما زال قائماً، ولم تبرز خلال القمة إشارات إلى آليات يمكن أن يقوم بها الطرفان لتقريب وجهات النظر في هذا الشأن. ومقابل تأكيد بوتين وجهة نظر بلاده بخطأ انسحاب واشنطن من الصفقة النووية مع طهران بحجة أن «هذه الصفقة وضعت إيران تحت أفضل رقابة دولية لأنشطتها النووية باعتراف المنظمات الدولية» ربط ترمب الملف النووي مع سياسات إيران الإقليمية، وأشار إلى «حملة نشر العنف من جانب طهران في المنطقة».
وحافظت مواقف الطرفين على تباعد واسع، رغم التفاهم المحدود - كما ظهر لاحقاً - على منع وقوع مواجهة بين إيران وإسرائيل. ووفقاً لتأكيد مدير المجلس الروسي للشؤون الدولية أندريه كورتونوف، فإن الرئيسين بوتين وترمب اتفقا خلال قمتهما في هلسنكي على «منع وقوع أي صدام مباشر بين إيران وإسرائيل في سوريا». واعتبر أن هذه واحدة من النتائج العملية للقمة، مشيراً إلى اتفاق «غير معلن» تم التوصل إليه، ويقضي «على الأرجح بإعلان منطقة عازلة في هضبة الجولان، والاستعاضة عن القوات الموالية لإيران بوحدات تابعة للحكومة في دمشق». وإذا صح هذا التفاهم فهو يتعلق بجانب واحد من جوانب الخلاف بين موسكو وواشنطن على آليات إدارة العلاقة مع طهران وهو المتعلق بالوضع في سوريا. بيد أن التباين الواسع حول السياسات الإقليمية لطهران ومصير الاتفاق النووي، والخلاف الكبير حول البرامج الصاروخية الإيرانية... كلها عناصر لا يبدو أنها وجدت فرصة لنقاش موسع خلال القمة، أو على الأقل لم تنعكس في تصريحات الطرفين لاحقاً.

- القمم الروسية ـ الأميركية السابقة
منذ أسدل الستار على «الحرب الباردة» في آخر القمم السوفياتية - الأميركية التي جمعت الرئيسين جورج بوش الأب وميخائيل غورباتشوف في مالطة، وأسفرت عن فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الطرفين بعد انهيار «جدار برلين»، عقد رؤساء روسيا «الوريثة الرسمية» للمعاهدات والاتفاقيات التي عقدها الاتحاد المنحل، ستة لقاءات قمة، إضافة إلى عدد آخر من اللقاءات التي جمعت الطرفين في مناسبات وفعاليات دولية.
واللافت، أن كل القمم الروسية - الأميركية منذ اللقاء الرسمي الأول الذي جمع في عام 1993 الرئيسين جورج بوش الأب مع الرئيس الروسي (آنذاك) بوريس يلتسين ركزت على ملف خفض التسلح الذي كاد يكون العنصر الأبرز الذي سيطر على علاقات البلدين لفترة طويلة. فهو كان على رأس دائرة الاهتمام خلال القمة التي جمعت الرئيس بيل كلينتون مع يلتسين في 1997 في هلسنكي. وسيطر الملف على الحوار في لقاء بوتين عام 2001 في سلوفينيا مع جورج بوش الابن، وكان بوتين تسلم مقاليد السلطة قبل ذلك بسنة واحدة، إضافة إلى ملف خلافي تعلق بنيات الأطلسي التوسع شرقاً، وأحرز الرئيسان في تلك القمة تقدماً طفيفاً؛ إذ حصلت موسكو على التزام شفهي بعدم تقدم الحلف قرب الأراضي الروسية.
لكن هذه المسائل عادت لتشغل الحيز الأكبر من الاهتمام في قمتين لاحقتين جمعتا بوتين وبوش الابن، الأولى في 2002 في موسكو والأخرى في 2005 في براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا. وفي 2010 حقق البلدان تقدماً نوعياً بإبرام معاهدة «ستارت3» خلال قمة جمعت الرئيسين باراك أوباما وديمتري مدفيديف في العاصمة التشيكية براغ. وتميزت علاقات أوباما بالتوتر مع بوتين الذي عاد إلى السلطة في 2012، وفشلت القمة الوحيدة التي جمعتهما في 2013 على هامش قمة «مجموعة الثمانية الكبار» في تقريب مواقف الطرفين حيال الملفات المطروحة. ومنذ ذلك الوقت تدهورت العلاقات بين البلدين، خصوصاً، بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية في العام التالي، ووصلت - وفقاً لتصريحات الطرفين - إلى «أسوأ مراحلها في التاريخ».


مقالات ذات صلة

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

حصاد الأسبوع من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

يحاول الأردن تحييد أجوائه وأراضيه بعيداً عن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني، الممتد عبر جبهتي جنوب لبنان وشمال غزة، ليضاعف مستويات القلق الأمني مراقبة خطر الضربات

محمد خير الرواشدة (عمّان)
حصاد الأسبوع إيشيبا

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع الأعلام الجورجية والأوروبية مرفوعة في تظاهرات العاصمة الجورجية تبيليسي (رويترز)

«الحلم الجورجي» يكسب الجولة ضد «الحلم الأوروبي»

«لقد انتصرت روسيا اليوم في جورجيا... علينا أن نعترف بذلك»... بهذه الكلمات لخّص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تخوض بلاده حرباً مفتوحة مع روسيا منذ 33

رائد جبر (موسكو )
حصاد الأسبوع لقطة جامعة لحضور قمة "البريكس" في قازان (رويترز)

قمة «بريكس» تسهم في التفاهم على خفض التوتر بين الهند والصين

حققت الهند والصين تقدماً كبيراً على صعيد المناقشات حول حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا؛ ما يشير إلى إمكانية لتحسين العلاقات في أعقاب المناوشات التي وقعت بين الجانبين، وأسفرت عن تجميد العلاقات بين العملاقين الآسيويين. هذا التقدّم الكبير المتمثل في الإعلان عن الاتفاق على «فك الاشتباك العسكري»، والذي جاء قبيل انعقاد قمة «البريكس» السادسة عشرة في روسيا، مهّد الطريق للمباحثات الثنائية بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم أن العلاقات التجارية ظلت عند مستويات قياسية مرتفعة، تضرّرت العلاقات الثنائية في مجالات، بينها الاستثمار والسفر والتأشيرات... ويبقى الآن أن نرى ما إذا كانت العلاقات الثنائية ستتعافى.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الزعيمان الهندي والصيني مودي وشي، وبينهما بوتين خلال تجمّع للقادة المشاركين (رويترز)

الهند أصرَّت على رفض «مبادرة الحزام والطريق» الصينية

> على الرغم من ذوبان الجليد في العلاقات الصينية - الهندية، رفضت الهند في اجتماع «منظمة شنغهاي للتعاون»، الذي اختتم أعماله حديثاً في باكستان، الانضمام.


شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا
TT

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي الحر الحاكم. هذه الهزيمة جاءت إثر تبديل «استباقي» في زعامة الحزب المحافظ - المهيمن على السلطة في اليابان معظم الفترة منذ الخمسينات - في أعقاب قرار رئيس الحكومة السابق فوميو كيشيدا الاستقالة (حزبياً ومن ثم حكومياً) في أعقاب التراجع الكبير في شعبية الحزب، وتولّي غريمه الحزبي الأبرز شيغيرو إيشيبا المنصبَين. ومن ثم، دعا إيشيبا بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إجراء انتخابات عامة عاجلة ومبكّرة يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إجراء انتخابات عاجلة، انتهت بفقدان الائتلاف الحاكم المكوّن من الديمقراطيين الأحرار وحليفه حزب «كوميتو» الغالبية البرلمانية.

ألحق الناخبون اليابانيون الأحد الماضي هزيمة مؤلمة بالحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن مع استثناءات قليلة على حكم البلاد منذ عام 1955، وكانت هزيمته الأخيرة الأولى له التي تفقده الغالبية المطلقة في مجلس النواب منذ 15 سنة. وهنا، يتفق المراقبون على أن الحزب المحافظ والكبير النفوذ إنما حصد نقمة الشارع وغضبه بسبب التضخم المتصاعد والتباطؤ الاقتصادي وضعف قيمة العملة الوطنية «الين»، ناهيك من الفضائح المالية التي تورّطت بها قيادات حزبية، وصلات بعض الأعضاء بـ«كنيسة التوحيد» (الحركة المونية). وهكذا أخفق الحزب مع حليفه الصغير في جمع ما هو أكثر من 215 مقعداً من أصل 465 في حين كانت الغالبية المطلقة تحتاج إلى 233 مقعداً.

نكسة مبكرة للزعيم الجديد

هذه الهزيمة المريرة شكّلت أيضاً نكسة كبرى ومبكرة لزعيم الحزب ورئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا، الذي أخفق رهانه بامتصاص النقمة الشعبية وترسيخ موقعه عبر الانتخابات المبكّرة.

وحقاً، أعلن إيشيبا في أول تعليق له على النتيجة نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية، أن الناخبين «أصدروا حكماً قاسياً» بحق حزبه الذي عليه أن «يأخذه بجدية وامتثال». لكنه أردف أنه لا يعتزم التنحي من رئاسة الحكومة، موضحاً «بالنسبة لي، فإنني سأعود إلى نقطة البداية، وأسعى للدفع قدماً بتغييرات داخل هيكل الحزب، وتغييرات أخرى أعمق لمواجهة الوضع السياسي». وفي حين ذكر إيشيبا أنه ليس لدى الحزب أي فكرة جاهزة لتحالف جديد فإن كل سياسات الحزب ستكون مطروحة على بساط البحث.

بطاقة هوية

وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، مثله في ذلك الكثير من ساسة الحزب الديمقراطي الحر. إذ إن والده جيرو إيشيبا كان محافظاً لإقليم توتوري، الريفي القليل السكان بجنوب غرب اليابان، بين عامي 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية. من الناحية الدينية، رئيس الوزراء الحالي مسيحي بروتستانتي تلقى عمادته في سن الـ18 في توتوري، كما أن جد أمّه قسٌّ من روّاد المسيحية في اليابان.

تلقّى شيغيرو دراسته الجامعية وتخرّج مجازاً بالحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، ومقرها العاصمة طوكيو، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما اليوم والدان لابنتين.

وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده فيدخل ميدان السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا (1972 - 1974).

وبالفعل، انتُخب وهو في سن التاسعة والعشرين، عام 1986، نائباً عن الديمقراطيين الأحرار في البرلمان (مجلس النواب) عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وعُرف عنه طوال هذه الفترة اهتمامه ودرايته بملفّي الزراعة والسياسة الدفاعية. وحقاً، خدم لفترة نائباً برلمانياً لوزير الزراعة في حكومة كييتشي ميازاوا.

مسيرة سياسية مثيرة

في واقع الأمر، لم تخلُ مسيرة شيغيرو إيشيبا السياسية من الإثارة؛ إذ تخللها ليس فقط الترّقي في سلّم المناصب باتجاه القمّة، بل شهدت أيضاً مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادمي مع حزبه وحزب والده.

في عام 1993، خرج من صفوف حزبه الديمقراطي الحر ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994) وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994. ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الديمقراطيين الأحرار ويستأنف ضمن إطار الحزب الكبير ترقّيه السياسي السريع ضمن قياداته.

في أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع – أي حقيبة وزير الدفاع منذ أواخر 2007 –. ولقد شغل إيشيبا منصب وزير الدفاع بين عامي 2007 و2008 في حكومتي جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009. وكذلك، تولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بين 2012 و2014.

مع الأخذ في الاعتبار هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.

بالمناسبة، جرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008 إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. بعدها رشح نفسه عامي 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي... «وريث» اثنتين من السلالات السياسية اليابانية البارزة، والزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.

ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا. وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بيد أن الأخير قرّر في أغسطس (آب) أنه لن يسعى إلى التجديد الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول). وهكذا، بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة الأخيرة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساني تاكاييشي، التي كانت تصدرت دور التصويت الأولى. وهكذا، صار زعيماً للحزب الديمقراطي الحر ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.

أفكاره ومواقفه

على الرغم من طول بقاء إيشيبا في قلب الحلبة السياسية، فإن طبيعته الاستقلالية، عقّدت أمام المحللين وضعه في خانة واضحة. فهو تارة يوصف بأنه وسطي ليبرالي، تارة أخرى يوصف بـ«الإصلاحي»، وفي أحيان كثيرة يُعرّف بأنه يميني محافظ، بل متشدد. ومما لا شك فيه، أن طبيعة تركيبة الحزب الديمقراطي الحرّ، القائمة على أجنحة تسمح بتعدّد الولاءات الشخصية وتوارثها داخل أروقة تلك الأجنحة، وهذا من دون أن ننسى أن بداية الحزب نفسه جاءت من اندماج حزبين محافظين هما الحزب الحر (الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني عام 1955.

على المستوى الاجتماعي، أبدى إيشيبا مواقف متحررة في عدد من القضايا بما في ذلك تأييده شخصياً زواج المثليين، كما أنه من مؤيدي ترك الخيار لكل من الزوجين بالاحتفاظ بالاسم الأصلي قبل الزواج. أما على الصعيد الاقتصادي، وتأثراً بكونه ممثلاً لمنطقة ريفية قليلة السكان، فإنه أبدى ولا يزال اهتماماً كبيراً بالتناقص السكاني وضرورة الاهتمام بالاقتصاد الريفي؛ ما يعني العمل على تقليص الفوارق بين الحواضر الغنية والأرياف الفقيرة.

لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة... إذ اتخذ مواقف اعتراضية واستقلالية

وضعته أكثر من مرة في مسار تصادمي مع حزبه

السياسة الدولية

في ميدان العلاقات الخارجية والسياسة الدولية، تُعرف عن إيشيبا مواقفه المتشددة المتوافقة مع أفكار التيار المحافظ داخل الحزب الحاكم، وبالأخص إزاء التصدي لخطر نظام كوريا الشمالية وقضية تايوان، حيث يقف بقوة بجانب نظامها الديمقراطي في وجه التهديد الصيني.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، حليف اليابان الأكبر، رأى رئيس الوزراء الحالي قبل أشهر أن سبب إحجام واشنطن عن الدفاع هو أن أوكرانيا ليست عضواً في حلف دفاع مشترك مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). واستطراداً، في ربط الوضع الأوكراني بحالة تايوان، يعتبر إيشيبا أن تأسيس حلف أمني آسيوي خطوة ضرورية لردع أي هجوم صيني على تايوان، لا سيما في «التراجع النسبي» في القوة الأميركية.

وفي التصور الذي عبَّر عنه إيشيبا بـ«ناتو» آسيوي يواجه تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية، يجب أن يضم الحلف العتيد دولاً غربية وشرقية منها فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، وكذلك الهند، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا وكندا.

من جهة ثانية، تطرّق إيشيبا خلال الحملة الانتخابية إلى التحالف الأميركي - الياباني، الذي وصفه بأنه «غير متوازٍ» ويحتاج بالتالي إلى إعادة ضبط وتوازن. وكان في أول مكالمة هاتفية له بعد ترؤسه الحكومة اليابانية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب عن رغبته في «تعزيز الحلف» من دون أن يعرض أي تفاصيل محددة بهذا الشأن، ومن دون التطرق إلى حرصه على إجراء تغييرات في الاتفاقيات الثنائية كي يتحقق التوازن المأمول منها.

التداعيات المحتملة للنكسة الانتخابية الأخيرة

في أي حال، نكسة الحزب الديمقراطي الحر في الانتخابات العامة الأخيرة تفرض على شيغيرو إيشيبا «سيناريو» جديداً ومعقّداً... يبداً من ضمان تشكيلة حكومة موسّعة تخلف حكومته الحالية، التي لا تحظى عملياً بتفويض شعبي كافٍ. وهذا يعني الانخراط بمساومات ومفاوضات مع القوى البرلمانية تهدف إلى تذليل العقبات أمامه.

المهمة ليست سهلة حتماً، لكن خبرة الساسة اليابانيين التقليديين في التفاوض والمساومات أثبت فعالياتها في مناسبات عدة، بما فيها الفضائح وانهيار التحالفات، وكانت دائماً تثمر عقد صفقات طارئة حتى مع القوى المناوئة.

شينزو آبي (آ. ب.)

 

حقائق

رؤساء وزارات اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

في عام 1955، أي بعد مرور عقد من الزمن على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، التقى حزبان سياسيان يمينيان وتفاهما على الاندماج في حزب تحوّل ما يشبه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية في العالم.الحزبان المقصودان هما الحزب الحر (أو الحزب الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني، ولقد نتج من هذا الاندماج الحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن على مقدرات السياسة اليابانية منذ ذلك الحين باستثناء خمس سنوات، فقط خسر فيها السلطة لقوى معارضة أو منشقة عنها. وطوال الفترة التي تقرب من 70 سنة خرج من قادة الحزب الكبير زعماء نافذون رسخوا الاستقرار ورعوا الاستمرارية وأسهموا، بالتالي، في تحقيق «المعجزة الاقتصادية» اليابانية المبهرة.وفيما يلي، أسماء رؤساء الحكومات التي تولت السلطة منذ منتصف الخمسينات:- الأمير ناروهيكو هيغاشيكوني (من الأسرة المالكة) 1945- البارون كوجيرو شيديهارا (مستقل) 1945 – 1946- شيغيرو يوشيدا (الحزب الحر) 1946 – 1947- تيتسو كاتاياما (الحزب الاشتراكي) 1947 – 1948- هيتوشي آشيدا (الحزب الديمقراطي) 1948- شيغيرو يوشيدا (الحزب الديمقراطي الليبرالي / الحزب الحر) 1948 – 1954- إيتشيرو هاتاياما (الحزب الديمقراطي الياباني / الحزب الديمقراطي الحر) 1954 – 1956- تانزان إيشيباشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1956 – 1957- نوبوسوكي كيشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1957 – 1960- هاياتو إيكيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 1960 – 1964- إيساكو ساتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1964 – 1972- كاكوي تاناكا (الحزب الديمقراطي الحر) 1972 – 1974- تاكيو ميكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1974 – 1976- تاكيو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 1976 – 1978- ماسايوشي أوهيرا (الحزب الديمقراطي الحر) 1978 – 1980- زينكو سوزوكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1980 – 1982- ياسوهيرو ناكاسوني (الحزب الديمقراطي الحر) 1982 – 1987- نوبورو تاكيشيتا (الحزب الديمقراطي الحر) 1987 – 1989- سوسوكي أونو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989- توشيكي كايفو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989 – 1991- كيئيتشي ميازاوا (الحزب الديمقراطي الحر) 1991 – 1993- موريهيرو هوسوكاوا (الحزب الياباني الجديد) 1993 – 1994- تسوتومو هاتا (حزب «تجديد اليابان») 1994- توميئيتشي موراياما (الحزب الاشتراكي) 1994 – 1996- ريوتارو هاشيموتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1996 – 1998- كايزو أوبوتشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1998 – 2000- يوشيرو موري (الحزب الديمقراطي الحر) 2000 – 2001- جونيتشيرو كويزومي (الحزب الديمقراطي الحر) 2001 – 2006- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2006 – 2007- ياسوو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 2007 – 2008- تارو آسو (الحزب الديمقراطي الحر) 2008 – 2009- يوكيو هاتوياما (الحزب الديمقراطي الياباني) 2009 – 2010- ناوتو كان (الحزب الديمقراطي الياباني) 2010 – 2011- يوشيهيكو نودا (الحزب الديمقراطي الياباني) 2011 – 2012- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2012 – 2020- يوشيهيدي سوغا (الحزب الديمقراطي الحر) 2020 – 2021- فوميو كيشيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 2021 – 2024- شيغيرو إيشيبا (الحزب الديمقراطي الحر) 2024.....