حدائق معلّقة في موسكو عوضاً عن «الترام»

تتضمن ممرات للتنزه سيراً على الأقدام

خطة لتحويل شبكة جسور للنقل إلى حدائق معلقة وساحات تنزه للمواطنين
خطة لتحويل شبكة جسور للنقل إلى حدائق معلقة وساحات تنزه للمواطنين
TT

حدائق معلّقة في موسكو عوضاً عن «الترام»

خطة لتحويل شبكة جسور للنقل إلى حدائق معلقة وساحات تنزه للمواطنين
خطة لتحويل شبكة جسور للنقل إلى حدائق معلقة وساحات تنزه للمواطنين

تبقى موسكو مثل خلية نحل لا تعرف الهدوء ثانية، عمل دؤوب وتطوير مستمر، للحفاظ على مكانة وقيمة العاصمة الروسية عمرانياً، ودفعها لتواكب أحدث التطورات في عالم تصميم المدن، انطلاقاً من مبدأ توفير كل مستويات الرفاهية للمواطنين، مع مراعاة الحفاظ على جمال المدينة.
أخيراً كشفت محافظة موسكو عن خطة قيد الدراسة لتحويل شبكة جسور للنقل، تسير عليها عربات الترام لكن بسرعة أعلى، إلى حدائق معلقة وساحات تنزه للمواطنين. وحسب الموقع الرسمي لقسم التخطيط العمراني في محافظة موسكو، فإن «حدائق معلقة ومسابح، قد تظهر عوضا عن الترام المعلق الوحيد من نوعه في موسكو. وقد تشهد شبكة الجسور شمال شرقي المدينة تعديلات جديدة. أما الترام فيخطط لإعادته إلى الأرض، وربطه بشبكات الترام العادية».
وكانت سلطات موسكو قد أطلقت منذ عام 2004 خط الترام المعلق، ضمن خطة تحديث وتحسين للنقل العام، وبهدف تقليص الزمن خلال التنقل بين محطتين من مترو الأنفاق، على خطين متوازيين، في مناطق تتميز بكثافة سكانية وحركة تنقل كبيرة في العاصمة الروسية. وطيلة السنوات الماضية استفاد المواطنون من شبكة النقل المعلقة، إلا أن الفائدة الأكبر كانت للشركات السياحية التي وضعت ضمن برامجها للمجموعات السياحية «جولة على متن الترام المعلق»، لا سيما أن المحطة الأخيرة بالقرب من معرض الإنجازات الوطنية، الذي يشكل محطة رئيسية خلال الجولات السياحية في موسكو.
ومؤخراً قدمت مجموعة من المهندسين العاملين في مؤسسة «WOWHAUS»، الروسية الشهيرة المتخصصة في هندسة المدن والأماكن العامة، اقتراحاً لحكومة موسكو، بالاستفادة من شبكة جسور الترام المعلق، وتحويلها إلى شبكة من الحدائق المعلقة، مع ممرات للتنزه وافتتاح مقاهٍ عليها ومسابح وغيره. ولم توضح سلطات موسكو ولا مؤسسة الهندسة، الأسباب التي تدفعهما إلى التفكير في إلغاء شبكة الترام، وإقامة منشآت بديلة على أرضيتها.
وحسب التصميم الهندسي، يُقترح الاستفادة من تلك الجسور، التي يصل طولها إلى 4.7 كيلومتر، لإقامة حدائق ومنشآت متنوعة على كل قطاع منها، وبما يتناسب مع احتياجات المواطنين عند كل جزء. وعلى سبيل المثال يقترح المهندسون إقامة منشآت تكون مناسبة لاستراحة التلاميذ والمدرسين، عند القطاع الذي يطل على «أكاديمية تيميريازوف» الزراعية. وفي القطاع الذي توجد فيه كثافة سكانية، يُقترح افتتاح حديقة تتخللها ممرات للتنزه سيراً على الأقدام، أو لممارسة رياضة السير والجري. فضلا عن «بيبي باركينغ»، وهي منطقة خاصة لتنزه الأمهات مع صغارهن، تكون فيها منشآت وبنى تحتية مناسبة.
أما المنطقة المطلة على مجمع «أوستانكينو» حيث يوجد مبنى التلفزيون الرئيسي، وبرج «أوستانكينو» التلفزيوني الشهير، المطل على بحيرة صغيرة، يقترح المهندسون بناء مدرج مسرحي هناك، وحديقة تُزرع فيها أشجار مثمرة، فضلاً عن مسبح «بلا حواف»، أي يبدو عند النظر إليه وكأنه متصل مع سطح المياه في البحيرة قرب برج التلفزيون. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحويل جسور شبكات سكك حديدية للنقل إلى حدائق معلقة. وسبق أن تم تنفيذ مشروع كهذا في الولايات المتحدة، وتحديداً في منهاتن، حيث تم بناء حديقة تُعرف باسم «هاي لاين»، على أرضية جسور للسكك الحديدية، كانت السلطات تدرس إمكانية تفكيكها؛ إلا أنها قررت في التسعينات تحويلها إلى ممرات خضراء، كما في الحدائق. وبدأ العمل على تنفيذ المشروع عام 2006، وحتى الآن تم إنجاز خمس مراحل منه، على أن يتم إنجازه كاملاً خلال العام الجاري.


مقالات ذات صلة

السعودية تطلق برنامجاً لتوطين صناعة الخطوط الحديدية بـ4 مليارات دولار

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح الجاسر (الشرق الأوسط) play-circle 00:40

السعودية تطلق برنامجاً لتوطين صناعة الخطوط الحديدية بـ4 مليارات دولار

أطلق وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، «برنامج أساسات» المشترك بين الخطوط الحديدية السعودية (سار) وهيئة المحتوى المحلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من حضور «مؤتمر سلامة واستدامة الطرق» (الشرق الأوسط)

الجاسر: السعودية واحدة من أكثر شبكات الطرق ترابطاً على مستوى العالم

قال وزير النقل السعودي، صالح الجاسر، إن السعودية حقَّقت تقدماً في رفع مستوى السلامة على الطرق، إذ انخفضت الوفيات بنسبة 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تدشين أول تاكسي في السعودية يعمل بالهيدروجين (الهيئة العامة للنقل)

السعودية تدشن أول تاكسي هيدروجيني ضمن مبادرات الاستدامة وتقليل الانبعاثات

دشّنت الهيئة العامة للنقل مرحلة الإطلاق التجريبي للسيارة الهيدروجينية في نشاط الأجرة الخاصة، لأول مرة على مستوى المملكة.

أسماء الغابري (جدة)
الاقتصاد صورة افتراضية لقطار تابع للمسار الأزرق (مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام)

طرقات الرياض على موعد لفض الاختناقات المرورية مع انطلاق «المترو»

السعودية تطلق «مترو الرياض» لتحسين جودة الحياة، وتخفيف الازدحام، والحد من التلوث، ويشمل 6 خطوط بطول 176 كيلومتراً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقرّ وزارة النقل والخدمات اللوجيستية السعودية في الرياض (إكس)

«المنتدى اللوجيستي العالمي 2024»... شراكات مهمة لتعزيز كفاءة الخدمات

أعلن المنتدى اللوجيستي العالمي، الذي سيقام في الرياض خلال الفترة من 12 إلى 14 أكتوبر (تشرين الأول) عن عقد شراكات استراتيجية مهمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».