تجربة علمية لتدمير السرطان... بخلاياه

تطوير «عقار حي» مضاد للمرض الخبيث

خلايا مناعية تهاجم الأورام الخبيثة
خلايا مناعية تهاجم الأورام الخبيثة
TT

تجربة علمية لتدمير السرطان... بخلاياه

خلايا مناعية تهاجم الأورام الخبيثة
خلايا مناعية تهاجم الأورام الخبيثة

على غرار المثل العربي الشهير: «وداوِها بالتي كانت هي الداءُ»، حقق علماء أميركيون نجاحا باهرا في «أول تجربة لتدمير السرطان بالسرطان»، بعد توظيفهم الخلايا السرطانية المتنقلة في الجسم، لتدمير الأورام السرطانية التي انطلقت منها ثم دفعها نحو الانتحار. واعتمد العلماء على تقنيات قص الجينات للتمويه على الخلايا السرطانية وتشغيلها ضد الأورام الخبيثة.
وتمتلك الخلايا في مجرى الدم غريزة بيولوجية بانتمائها إلى أورامها الأصلية، أي أن بمقدورها العثور عليها والعودة بعد تجوالها. لذا قام العلماء بهندسة هذه الخلايا الجوالة بدفعها لإفراز بروتين يحفز على إجبار خلايا الأورام على تدمير نفسها، كما قاموا بدفع الخلايا الجوالة إلى الانتحار قبل بدئها بإنشاء أورام خبيثة جديدة.
وكانت التجارب السابقة قد وظفت الخلايا السرطانية الجوالة لحمل فيروسات تدمر الأورام، إلا أن تقنيات القص الجيني «كريسبر - كاس 9» أتاحت التلاعب بالتركيبة الجينية للخلايا، ومنحها خصائص مطورة تستهدف تدمير الأورام والانتحار.
وقالت ريناتا باسكواليني، الباحثة في بيولوجيا السرطان في معهد «راتجيز» بمدينة نيوجيرسي الأميركية، المشرفة على البحث المنشور في مجلة «ساينس ترانسليشنال ديزيس» المعنية بدراسة الأمراض المتعدية، إن «الانعطاف الحالي في هذه التجربة يتمثل في توظيف القص الجيني لإكساب الخلايا الأصلية في الأورام صفات المقاومة، أو الحساسية».
وتمت التجربة على عدة مراحل، إذ بحث العلماء أولا عن البروتين الذي يمكنه تحفيز أنواع مختلفة من الأورام السرطانية. وعثروا على البروتين «إس - تريل S – TRAIL» الذي دمر كثيرا من الخلايا السرطانية، إلا أن سمومه لم تؤثر على خلايا الجسم السليمة. وفي المرحلة الثانية اختبر العلماء نوعين من الخلايا من سرطان الدماغ الخبيث: الأول، الخلايا المقاومة لتأثير البروتين المذكور، حيث أجروا عملية قص جيني عليها لدفعها لإفراز كميات كبيرة من البروتين. ثم وجهوا الخلايا المهندسة نحو الخلايا الأخرى الحساسة للبروتين التي تتقبله. أما النوع الثاني من الخلايا فكانت خلايا سرطان الدماغ نفسها؛ لكنها من الصنف الحساس لتقبل البروتين، وأجروا عليها عملية قص جيني لتقليل تقبلها للبروتين وزيادة إفرازه.
وفي المرحلة الثالثة حقنت فئران التجارب بالخلايا الجديدة. ورصد العلماء ضمور الأورام الخبيثة لديها وعيشها لفترة أطول من الفئران المصابة الأخرى التي لم تخضع للعلاج.
على صعيد آخر، قال باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إنهم توصلوا إلى طريقة جديدة لتوظيف خلايا الدم لتدمير الأورام السرطانية، بالاعتماد على تقنيات الهندسة الجينية والصدمات الكهربائية.
وحول الباحثون الخلايا التائية (وهي نوع من خلايا مناعية في كريات الدم البيضاء التي تكافح عدوى البكتريا والفطريات) إلى نوع من العقار «الحي» المضاد للسرطان. وبعد أن استخلصت هذه الخلايا من الدم، أدخلت الجينات الجديدة فيها، وأعيد حقنها في دم المصابين. ووجد العلماء أنها أخذت ترصد وتتبع الخلايا السرطانية وتهاجمها.
وقال ألكساندر مارسون، البروفسور في الميكروبيولوجيا وعلوم المناعة في الجامعة، في الدراسة المنشورة في مجلة «نتشر»: «إننا نعايش لحظات مدهشة في ميدان العلاجات المناعية للسرطان».
واعتمدت الطريقة الجديدة على إدخال الجينات في الخلايا المناعية بعد تعريضها لصدمات كهربائية أدت إلى تراخي الأغشية المحيطة بها، بدلا من إدخال الجينات بواسطة فيروسات آمنة.
وتتوسع الأبحاث في تقنيات العلاج بالخلايا المناعية المهندسة جينيا، بعد أن أجازت وكالة الغذاء والدواء الأميركية عام 2017 تقنيات العلاج بهذه الخلايا لمجموعة محدودة من المرضى بسرطان نادر في الدم، بينما تبشر أبحاث مماثلة لعلاج سرطان نخاع العظم وسرطان الجلد بنتائج مماثلة.


مقالات ذات صلة

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».