تصعيد أميركي جديد في حرب التجارة... والصين تندد وتشكو وتتعهد بالرد

تستهدف واردات صينية بـ200 مليار دولار وتحذيرات من آثار عالمية

سفينة بضائع متوقفة في ميناء كينغدو في مقاطعة شاندونغ أمس (أ.ب)
سفينة بضائع متوقفة في ميناء كينغدو في مقاطعة شاندونغ أمس (أ.ب)
TT

تصعيد أميركي جديد في حرب التجارة... والصين تندد وتشكو وتتعهد بالرد

سفينة بضائع متوقفة في ميناء كينغدو في مقاطعة شاندونغ أمس (أ.ب)
سفينة بضائع متوقفة في ميناء كينغدو في مقاطعة شاندونغ أمس (أ.ب)

في رد فعل سريع، حذرت الصين أمس من أنها ستتخذ «التدابير المضادة المناسبة» بعد تهديدات جديدة من واشنطن بفرض رسوم جمركية جديدة على نحو 200 مليار دولار من الصادرات الصينية، أي ما يعادل أربعة أضعاف القائمة الأولى التي استهدفتها الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي.
وفجر الأربعاء، قال مسؤولون كبار في الحكومة الأميركية إن الولايات المتحدة قررت فرض رسوم جمركية على واردات سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار اعتبارا من سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بعدما أخفقت الجهود الرامية للتفاوض على حل للنزاع التجاري في الوصول إلى اتفاق. وقال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر إن الولايات المتحدة ستفرض رسوما بـ10 في المائة على الواردات الصينية الإضافية. مشيرا إلى أن الصادرات الصينية المستهدفة بهذه الرسوم هي منتجات تستفيد من «نقل قهري للتكنولوجيا»، وهو المصطلح الذي تطلقه واشنطن على السياسة التي تتّبعها الصين في تعاملها مع شركات التكنولوجيا الأميركية.
وكان المسؤولون الأميركيون أصدروا مساء الثلاثاء قائمة تضم آلاف الواردات الصينية التي تريد إدارة ترمب فرض رسوم جمركية جديدة عليها، وتشمل مئات المنتجات الغذائية والتبغ والكيماويات والفحم والصلب والألمنيوم، مما أثار انتقادات من بعض مجموعات الصناعة الأميركية. وتشمل القائمة أيضا سلعا استهلاكية، منها إطارات السيارات والأثاث والمنتجات الخشبية وحقائب اليد وحقائب السفر وطعام الحيوانات الأليفة وقفازات كرة السلة والبسط والأبواب والدراجات وأدوات التزلج وحقائب الغولف والورق الصحي ومستحضرات التجميل. وستكون هذه الخطوة الجديدة الأحدث من نوعها في نزاع تجاري متصاعد بين أكبر اقتصادين في العالم.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب توعد بكين بإجراء انتقامي بعدما ردت بالمثل على قائمة أميركية أولى شملت صادرات صينية إلى الولايات المتحدة بقيمة 34 مليار دولار فرضت عليها واشنطن الأسبوع الماضي رسوما جمركية بنسبة 25 في المائة. مشيرا إلى أن بلاده ربما تفرض في نهاية المطاف رسوما على سلع صينية بأكثر من 500 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبا إجمالي الواردات الأميركية من الصين في العام الماضي.
وبلغ حجم الواردات الأميركية من الصين بالإجمال 505 مليارات دولار عام 2017. فيما سجل الميزان التجاري بين البلدين عجزا بقيمة 375 مليار دولار لصالح الصين.
واتهمت الصين الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بـ«إطلاق أكبر حرب تجارية في التاريخ». فيما يتهم مسؤولون أميركيون الصين ببناء «هيمنتها الصناعية» عبر «سرقة إلكترونية» للمعارف التكنولوجية الأميركية بفرضها نقل الملكية الفكرية والاستحواذ عليها من قبل شركات تابعة للدولة.
ولكن بحسب الخبراء، فإن الإجراءات والقواعد المتبعة في هذا المجال تجعل فرض هذه الضرائب «أمرا مستحيلا»، إذ يتعيّن على مكتب ممثل التجارة الأميركية أن يعقد جلسات استماع حول المنتجات المدرجة في القائمة الجديدة للنظر فيما إذا كان سيتم الإبقاء عليها أم لا.
وقال مسؤولون في الإدارة إنه سيتاح للجمهور شهران للتعليق على الرسوم المقترحة قبل أن تصبح القائمة نهائية. فيما أوضح لايتهايزر أن قيمة السلع الواردة في القائمة الأولى تبلغ 50 مليون دولار سنويا، وليس 34 مليونا كما أُعلن سابقا.
- شكوى وتنديد صيني
وبعد ساعات قليلة من الإعلان الأميركي، نددت وزارة التجارة الصينية في بيان بالتهديدات الأميركية الجديدة «غير المقبولة إطلاقا»، معتبرة أن تصرف الولايات المتحدة «غير العقلاني» يضر «بالصين والعالم وبهم أنفسهم».
وكتبت بكين «حفاظا على المصالح الأساسية للبلاد والشعب، ستضطر الحكومة الصينية - كما فعلت من قبل - إلى اتخاذ تدابير الرد الضرورية»، مبدية «صدمتها» لسلوك واشنطن. وتابعت الوزارة «بموازاة ذلك، ندعو الأسرة الدولية إلى العمل بشكل منسق للحفاظ على قواعد التبادل الحر والنظام التجاري التعددي والتصدي معا للهيمنة التجارية».
وأفادت الصين عن تقديم شكوى جديدة «فورا» ضد الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية. واتهمت بكين واشنطن بالسعي إلى «تدمير» التجارة بين البلدين.
وقال نائب وزير التجارة الصيني لي شينغانغ خلال منتدى في بكين إن «زيادة الرسوم الجمركية بصورة متبادلة وعلى نطاق واسع بين الصين والولايات المتحدة ستؤدي حتما إلى تدمير التجارة الصينية - الأميركية». وأضاف أن «هذه الممارسات تؤثر سلبا على العولمة الاقتصادية وتضرّ بالنظام الاقتصادي العالمي».
وإذ وصف المسؤول الصيني التراشق الضريبي الدائر حاليا بين بلاده والولايات المتحدة بأنه «وقت فوضوي في التجارة الدولية»، أكد أن «الشركات في كلا البلدين ستتكبّد خسائر. ما من منتصر في حرب تجارية. التعاون هو الخيار الوحيد الصائب بين الصين والولايات المتحدة». وأضاف أن «الولايات المتحدة ترفع على ما يبدو من وتيرة هذه المناوشات التجارية»، محذرا من أن «الأثر السلبي للمناوشات التجارية بدأ يظهر فعلا».
- تحذيرات واسعة
ويخشى المستثمرون من أن يلحق تصاعد النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم ضررا بالنمو العالمي ويؤثر سلبا على المعنويات. وتأتي الحرب التجارية بين العملاقين العالميين في أعقاب بدء الولايات المتحدة لصراعات مماثلة مع حلفائها المقربين، بما في ذلك كندا والاتحاد الأوروبي.
ويحذر خبراء من أن السياسات التجارية لترمب ستلحق الضرر بالوظائف في الولايات المتحدة ويمكن أن تضر بالاقتصاد العالمي... بينما يقول ترمب إنه يحاول تصحيح نظام تجاري عالمي يعتبره غير عادل للعمال والشركات الأميركية. كما يحذر الخبراء منذ أشهر من أضرار محتملة لحرب تجارية بين واشنطن وبكين ليس فقط على صعيد الاقتصاد الأميركي، بل أيضا على الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يهدد بوقف النمو الاقتصادي المستمر منذ سنوات.
وعلى الرغم من التحذيرات من تداعيات هذه الحرب على الولايات المتحدة نفسها، فإن ترمب يعتقد أن الاقتصاد الأميركي يمكنه الخروج فائزا من هذه المعركة. وفي المقابل تعتبر الصين أيضا أن اقتصادها قادر على تخطي الأزمة بالتركيز على الطلب المحلي وتخفيف الاعتماد على الصادرات.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

واصل القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكماشه خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل في ثمانية أشهر وسط ضغوط التكلفة الزائدة، نتيجة تراجع الجنيه.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيس لشركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، في مصر إلى 48.1 نقطة في ديسمبر من 49.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مسجلاً بذلك انكماشاً للشهر الرابع على التوالي. وتشير القراءة الأقل من 50 نقطة إلى تراجع النشاط.

ويرجع هذا الانخفاض إلى ضعف الطلب من جانب العملاء وزيادة الضغوط التضخمية، التي تفاقمت بسبب ضعف الجنيه المصري مقابل الدولار.

وقال ديفيد أوين كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»: «أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات في مصر أن التعافي المتوقع للقطاع الخاص غير النفطي من غير المرجح أن يخلو من العثرات في عام 2025».

وأضاف أن الشركات واجهت ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب، مما أدى إلى أسرع تراجع في ظروف التشغيل منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وانخفضت مستويات التوظيف للشهر الثاني على التوالي، وإن كان الانخفاض طفيفاً. وأسهم ارتفاع تكاليف الرواتب، المرتبط بتحديات تكلفة المعيشة، في انخفاض أعداد الوظائف.

وتسارعت وتيرة التضخم في تكاليف المدخلات، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد وارتفاع قيمة الدولار. ورغم هذا، كانت الشركات أقل ميلاً إلى رفع أسعارها، فعمدت إلى تقليص هوامش الربح للحفاظ على الطلبيات.

وكانت الشركات غير النفطية أكثر تفاؤلاً بشأن النشاط المستقبلي، على أمل تحسن الظروف المحلية والجيوسياسية في عام 2025.

وارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي الفرعي إلى 53.8 من 50.5 في نوفمبر. ومع ذلك، فقد تخفف المخاوف بشأن تقلبات أسعار الصرف، وعدم استقرار الأسعار الطلب في الأمد القريب.

على صعيد مواز، قال وزير المالية المصري أحمد كوجك، إن مصر ستحصل على شريحة تبلغ 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي هذا الشهر ضمن برنامج قرض قيمته ثمانية مليارات دولار من المؤسسة المالية الدولية.

وأعلن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف الشريحة البالغة 1.2 مليار دولار.

وأضاف في مقابلة مع قناة «أون تي في» الفضائية المصرية مساء الأحد: «إن شاء الله مجلس الإدارة (مجلس إدارة صندوق النقد الدولي) يجتمع في يناير (كانون الثاني)، وإن شاء الله سنتحصل على هذا المبلغ»، مضيفاً أن مصر لم تطلب زيادة القرض الذي تبلغ قيمته ثمانية مليارات دولار.

ووافقت مصر، التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم، ونقص العملة الأجنبية، في مارس (آذار) على برنامج صندوق النقد الدولي الموسع. وتسبب الانخفاض الحاد في عائدات قناة السويس بسبب التوتر الإقليمي على مدار العام الماضي في تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وقال كوجك أيضاً إن مصر تستهدف جمع نحو ثلاثة مليارات دولار خلال الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية التي تستمر حتى نهاية يونيو (حزيران) من خلال «إصدارات متنوعة» للمستثمرين، لكنه لم يقدم مزيداً من التفاصيل. وكان هذا رداً على سؤال حول ما إذا كانت مصر تخطط للعودة لسوق السندات الدولية هذا العام.