«أرامكو» تغيّر طريقة تسعير نفطها لآسيا لأول مرة منذ 3 عقود

تتيح للزبائن مزيداً من الوضوح وتعزز تداولات بورصة دبي للطاقة

«أرامكو» تغيّر طريقة تسعير نفطها لآسيا لأول مرة منذ 3 عقود
TT

«أرامكو» تغيّر طريقة تسعير نفطها لآسيا لأول مرة منذ 3 عقود

«أرامكو» تغيّر طريقة تسعير نفطها لآسيا لأول مرة منذ 3 عقود

تلقت وكالة التسعير العالمية «ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس»، بالأمس، ضربة بعد أن أعلنت شركة «أرامكو» السعودية أنها سوف تغير المعادلة المستخدمة في تسعير مبيعات نفطها الخام الطويلة الأجل إلى آسيا، اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بما يمثل أول تغيير للخامات القياسية التي تحدد «أرامكو» على أساسها أسعار البيع الرسمية لنفطها منذ منتصف الثمانينات.
ولفترة طويلة، كانت «أرامكو» السعودية تعتمد على تسعير النفط المتجه إلى آسيا على أساس متوسط سعر خام دبي وعمان على منصة تسعير «بلاتس». إلا أن الشركة قالت، في بيان، أمس، إنها سوف تستند إلى متوسط الأسعار الشهرية للعقود الآجلة للخام العماني في بورصة دبي للطاقة ومتوسط السعر النقدي لخام دبي على منصة «بلاتس» لتسعير النفط بدلاً من متوسط أسعار خامي عمان ودبي حسب تقييم «بلاتس».
وأوضح أحمد السبيعي، نائب الرئيس للتسويق والمبيعات وتخطيط الإمدادات في «أرامكو»، في البيان، أن الشركة قامت بهذا التغيير من أجل تعزيز طريقة التسعير، حيث ستتيح للزبائن في آسيا المزيد من الوضوح والقدرة على تنبؤ الأسعار مع الطريقة الجديدة.
وقال السبيعي إن الشركة تهدف إلى أن يكون «السعر الاسترشادي» عاكساً للسوق، ويخضع لرقابة قوية، وهذا ما سوف يتحقق مع طريقة التسعير الجديد. وتصدر «أرامكو» نحو 7 ملايين برميل يومياً من النفط إلى العالم، يتجه منها نحو 4 إلى 5 ملايين برميل إلى مصافي آسيا.
وتأتي هذه التحركات في وقت مهم جداً، حيث ظلت أسعار النفط للزبائن مرتفعة في بعض الأحيان بسبب ارتفاع أسعار هذه الخامات على منصة «بلاتس»، نظراً لأنها خاضعة لتحكم حفنة بسيطة من شركات تجارة النفط، كما أن أحجام تداولات هذه الخامات مثل خام دبي ليس كبيراً، حيث هبط إنتاج خام دبي من نصف مليون برميل يومياً في الثمانينات ليصل إلى نحو 40 ألف برميل يومياً في الوقت الراهن.
ومن بين التطورات المهمة، هو أن قرار «أرامكو» قد يدعم بورصة دبي للطاقة في الوقت الذي تدعم فيه الصين بشدة بورصة شنغهاي لعقود النفط الآجلة، التي انطلقت هذا العام.
ولا تزال عقود النفط في شنغهاي خاضعة للمضاربات قصيرة الأجل من قبل المتاجرين، حيث تنحصر غالبية التعاملات حتى الآن على شهر سبتمبر (أيلول)، ولا يوجد تعاملات طويلة الأجل مثل ما يحدث على بورصة لندن ونيويورك، التي يتم تداول أكثر من 50 في المائة من عقودها في تداولات طويلة الأجل.
وإذا ما تمكنت شنغهاي من اجتذاب العقود طويلة الأجل والتوسع بها، فإنها ستصبح قوة تسعيرية للنفوط المتجهة لآسيا في مرحلة ما، وهو ما يجعل القوة التسعيرية للمنتجين في منطقة الخليج خاضعة للبورصة الصينية. وقالت «رويترز» أمس، نقلاً عن مصادر، إنه بينما كان قرار «أرامكو» السعودية مفاجئاً للسوق، فإن مقترحاً لتغيير الخامات القياسية جرت مناقشته داخلياً لسنوات.
وكانت بورصة دبي للطاقة أطلقت العقود الآجلة لخام عمان في عام 2007، وهي العقود الآجلة الأعلى سيولة بين عقود نفط الشرق الأوسط القابلة للتسليم عيناً. وفي المقابل، نادراً ما تكون هناك عروض لشحنات الخام العماني خلال تسوية الأسعار في إغلاق السوق على منصة «بلاتس». ونقلت «رويترز» عن آدي إمسيروفيتش، المحاضر في مركز اقتصادات الطاقة بجامعة سري، الذي كتب ورقة بحثية حول خامات النفط القياسية لـ«الشرق الأوسط» نُشرت عام 2014، إن «الأمر واضح، انظر إلى أحجام تداول بورصة دبي للطاقة مقابل عمان على (بلاتس)».
وفي العام الماضي، اقترحت شركة تسويق النفط العراقية (سومو) تسعير مبيعات خام البصرة إلى آسيا على أساس العقود الآجلة للخام العماني في بورصة دبي للطاقة، بدءاً من الشحنات تحميل يناير (كانون الثاني)، لكن الخطة تأجلت.
وقال إمسيروفيتش: «(سومو) كانت أول من فكر في الأمر لكنهم لم يدرسوا الخيارات المرشحة ملياً. (سومو) عادت أدراجها إلى المربع صفر. (أرامكو) لم تكن لتترك الفرصة تفوتها».
- تعزيز تداولات بورصة دبي للطاقة:
ووفقاً لما قاله تاجر في سنغافورة، قد يكون من شأن قرار «أرامكو» تحسين السيولة في عقود الخام العماني الآجلة، التي يجري تداولها في بورصة دبي للطاقة، وأيضاً في أدوات المشتقات التي لا تستند إلى عقود الخام العماني لأغراض التحوط أو تحويل السعر.
وأضاف أن «هذا تغيير جيد نظراً لأنه لا يمكن التحوط لعقود الخام العماني على منصة (بلاتس)». وتحدد «أرامكو» في المعتاد أسعار البيع الرسمية الشهرية في اليوم الخامس تقريباً من كل شهر، وتحدد تلك الأسعار بدورها اتجاهات الأسعار للنفط الإيراني والكويتي والعراقي، مما يؤثر على أكثر من 12 مليون برميل يومياً من الخام المتجه إلى آسيا. ولم يتضح على الفور ما إذا كان بقية منتجي الشرق الأوسط سيغيرون الخامات القياسية التي يتم تسعير نفطهم على أساسها.


مقالات ذات صلة

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

الاقتصاد شعار «أرامكو» في معرض في باريس (رويترز)

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

تخطط شركة أرامكو السعودية لزيادة مستوى ديونها مع التركيز على تحقيق «القيمة والنمو» في توزيعات الأرباح، وفقاً لما ذكره المدير المالي للشركة زياد المرشد.

«الشرق الأوسط» (بوسطن)
الاقتصاد خلال حفل تكريم المشاريع الفائزة (أرامكو)

«أرامكو» تحصد 5 شهادات ماسية في معايير الجودة والاستدامة

حصلت شركة «أرامكو السعودية» على 5 شهادات ماسية خلال حفل تكريم المشاريع الحاصلة على شهادة مستدام «أجود» لمعايير الجودة والاستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد حفل وضع حجر الأساس (أرامكو)

«سينوبك» و«أرامكو» تبدآن إنشاء مجمع للبتروكيميائيات بقيمة 10 مليارات دولار في فوجيان الصينية

بدأت شركتا «سينوبك» الصينية و«أرامكو السعودية» إنشاء مصفاة ومجمع بتروكيميائيات في مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)

«سوق الكربون الطوعي» السعودية تعمل لسد فجوة تمويل المناخ عالمياً

تسعى شركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية إلى لعب دور في سد فجوة تمويل المناخ، من خلال خطط وبرامج تقلل من حجم الانبعاثات وتعوض عن أضرارها.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد عامل في حقل نفط بأفريقيا (غيتي)

كينيا تمدد عقد شراء الوقود من شركات أرامكو وإينوك وأدنوك

مددت كينيا عقود استيراد الوقود من شركات أرامكو السعودية وبترول الإمارات الوطنية «إينوك» وبترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» الإماراتيتين حتى تصل إلى الكميات المقررة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».