استعدادات في السعودية لبدء منح نساء رخص قيادة النقل الثقيل

يتدربن على أجهزة محاكاة قبل مرحلة التدريب العملي

نساء اجتزن الامتحان وتسلمن رخص القيادة
نساء اجتزن الامتحان وتسلمن رخص القيادة
TT

استعدادات في السعودية لبدء منح نساء رخص قيادة النقل الثقيل

نساء اجتزن الامتحان وتسلمن رخص القيادة
نساء اجتزن الامتحان وتسلمن رخص القيادة

تجري الاستعدادات في إحدى مدارس تعليم قيادة السيارات في السعودية لتعليم النساء قيادة سيارات النقل الثقيل.
يأتي ذلك بعد أن بدأت السعودية، أول من أمس (الأحد)، تطبيق قرار يسمح للنساء الحاصلات على رخص قيادة بسواقة السيارات.
وذكرت منى البريكان مديرة مدرسة جدة المتطورة لتعليم القيادة للسيدات بجامعة الملك عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط»، أن المدرسة تعمل على تعزيز ممارسات القيادة الآمنة ورفع الوعي المروري لدى قائدي المركبات وفق أعلى المعايير العالمية، بهدف الارتقاء بكفاءة قائدي المركبات عبر تطبيق أفضل التجارب والممارسات العالمية لتعزيز الأمن والسلامة على الطرق.
وتحدثت البريكان عن طريقة تدريب السيدات في المدرسة: «تُدرّب السيدات على 43 سيارة ذات ناقل أوتوماتيكي من الطراز الحديث، وسيزيد العدد إلى 160 سيارة بعد الانتهاء من المضمار الثالث، إذ تم حتى الآن الانتهاء من مضمارين بينما يجري تجهيز الثالث، وسيكون التدريب بين سيارات ذات ناقل عادي وأوتوماتيكي وسيارات نقل ثقيل». موضحة أنّ 82 سيدة حصلن على رخصة القيادة خلال شهر رمضان، وكانت الرّخص بين مستبدلة وصادرة لمتدربات حديثاً.
وعن التلفيات التي حدثت في السيارات الخاصة بالتدريب، بيّنت البريكان أنّها ليست كثيرة ونسبتها لا تُذكر، عازية ضآلة النسبة إلى تركيز السيدات وحرصهن على الالتزام بتعليمات المدربات، مشيرة إلى أنّ المدربات اللاتي يعملن في المركز جميعهن سعوديات وحاصلات على استمارة تدريب. كما أشارت إلى أنّ أكثر عامل يتم التركيز عليه في المدرسة هو عامل التوتر، حيثّ يجري تعليم المتدربات كيفية تجنب التوتر فيما لو تعرّضت لأي موقف مفاجئ.
أمّا عن تعليم السّيدات كيفية تغيير الإطارات والتعامل معها في حال تلفها، فبيّنت البريكان أنّ هذه الأمور لم تُوضع في البرنامج الحالي. ولفتت إلى أنّ نظام استخراج الرخص ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول لمن لديهن رخصة سارية الصلاحية حصلن عليها من دولة في الخارج، وهؤلاء ليس عليهن سوى استبدال رخصة سعودية بها، والقسم الثاني من لديهن رخصة منتهية الصلاحية ويطلب منهن أخذ برنامج مدته 6 ساعات وتبلغ تكلفته 2520 ريالاً (672 دولاراً)، كي يتمكنّ من استخراج الرخصة السعودية، أمّا السيدات اللاتي ليست لديهن رخص فيخضعن لبرنامج مدته 30 ساعة، 8 ساعات منها للتدريب النظري وساعتان للمحاكاة على الأجهزة، و20 ساعة للتدريب العملي.
وأضافت البريكان أنّ السيدات اللاتي خضعن للبرنامج الخاص بتعليم القيادة ولم يتمكنّ من النجاح فيه للحصول على الرخصة يخضعن لبرنامج آخر مدته 4 ساعات تُحسب الساعة فيه بـ75 ريالاً (20 دولاراً)، وبإمكانهن إعادته في حال رسوبهن حتى يتمكنّ من اجتيازه ثم الحصول على الرخصة. وعزت قيمة البرنامج العالية مقارنةً بالرجال إلى أنّه من أكثر البرامج التعليمية تقدماً، ووُضع لضمان تخريج سيدات على مستوى عالٍ من التدريب والكفاءة والمعرفة بالأنظمة والقوانين الخاصة بنظام المرور والقيادة السليمة.
في باحات المدرسة والمضمار الخاص بتعليم القيادة كانت السيدات يتدربن على أجهزة المحاكاة، التدريب الذي يسبق مرحلة التعليم العملي على السيارة.
وقالت المدربة نوران مقادمي إحدى المدربات السعوديات اللاتي يعملن في المدرسة وكانت قد حصلت على رخصتها من كندا، لـ«الشرق الأوسط»: «تقدمت لوظيفة مدربة لتعليم القيادة، وعند قبولي خضعت لبرنامج في كيفية التدريب على أيدي إحدى الأكاديميات المتخصصات في التدريب، وسعيدة جداً بهذه التجربة». مؤكّدة أنّ التدريب يختلف قليلاً عن الممارسة، فالتدريب يتطلب الحصول على استمارة تدريب وأن تتحلى المتدربة بالهدوء والحلم في أثناء التعليم لإعطاء الثقة بالنفس للمتدربة وعدم توتيرها، مبينة أنّ السيدات القادمات للمدرسة لديهن رغبة شديدة في التعلم وحماس كبير، ونسبة اللاتي لم يتمكنّ من التعلم والحصول على الرخصة في جدة لا تتجاوز 20%.


مقالات ذات صلة

التويجري: الإصلاحات التشريعية مكّنت المرأة السعودية

الخليج التويجري أكدت مضي السعودية قدماً في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان (واس)

التويجري: الإصلاحات التشريعية مكّنت المرأة السعودية

عدّت الدكتورة هلا التويجري رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، تمكين المرأة تمكين للمجتمع كونه حقاً من حقوق الإنسان، مبيّنة أن الإصلاحات التشريعية جاءت ممكّنة لها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق تشكل النساء نسبة 33 % من فريق مفتشي البيئة وقادته في «محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» (الشرق الأوسط)

الجولة رقم 5000 في محمية «محمد بن سلمان الملكية» بإشراف «العنقاوات»

سيّرت «هيئة تطوير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» الجولة رقم 5000. بإشراف أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في السعودية، والأكبر في الشرق الأوسط.

غازي الحارثي (الرياض)
رياضة سعودية المقاتِلة السعوية خلال احتفالها بالتأهل (الشرق الأوسط)

السعودية «سمية» إلى نهائي بطولة العالم للكيك بوكسينغ

تأهلت اللاعبة السعودية سمية منشي إلى الدور النهائي من بطولة العالم للكيك بوكسينغ، والمُقامة حالياً في أوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 03:13

السعودية تعتزم إنشاء أول جمعية للمرأة في المعادن

كشفت رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين رنا زمعي أن اللجنة تعمل حالياً على تأسيس اللبِنة الأولى وبناء واستكمال متطلبات تأسيس جمعية المرأة في المعادن.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق رحيل رائدة الفن السعودي صفية بن زقر

رحيل رائدة الفن السعودي صفية بن زقر

غيّب الموت، أمس، رائدة الفن السعودي صفية بن زقر، التي أطلق عليها البعض اسم «موناليزا الحجاز».

عبير مشخص (جدة)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)