السعوديات... وراء المقود وعلى الطريق

مندوبون إعلاميون تسابقوا لتغطية المواكب النسوية الأولى فجراً

سيدات شاركن في موكب السيارات في العاصمة السعودية الرياض وفي الخبر بعد منتصف ليل أمس (رويترز)
سيدات شاركن في موكب السيارات في العاصمة السعودية الرياض وفي الخبر بعد منتصف ليل أمس (رويترز)
TT

السعوديات... وراء المقود وعلى الطريق

سيدات شاركن في موكب السيارات في العاصمة السعودية الرياض وفي الخبر بعد منتصف ليل أمس (رويترز)
سيدات شاركن في موكب السيارات في العاصمة السعودية الرياض وفي الخبر بعد منتصف ليل أمس (رويترز)

في السويعات الأولى من فجر اليوم بدأت مرحلة جديدة في تاريخ النساء بالسعودية بعد أن سمح لهم بقيادة السيارات. وبدأت كثير من النساء بالقيادة دقيقة بعد الدقيقة الأولى من منتصف الليل لتسجيل تلك اللحظة.
«بسم الله توكلت على الله»، هكذا بدأت سميرة الغامدي الاختصاصية النفسية السعودية والوجه الإعلامي المعروف، أول ساعات اليوم بقيادة سيارتها وبجوارها ابنها عبد الملك يشد من عزمها ويرشدها ببعض النصائح العملية حتى تستطيع القيادة بأمان. تقول الغامدي لـ«الشرق الأوسط» التي رافقتها الرحلة، إنها متوترة ولا تكاد تصدق أنها تقود سيارتها متجهة بها إلى محل للوجبات السريعة لشراء طعام لأولادها احتفالاً باليوم التاريخي. انطلقت السيارات في كل مكان محاطة بدوريات الشرطة، ولكن الأمور هادئة، ويبدو على السائقين الآخرين تقبل الأمر، ولم يبدُ التذمر ولا شيء يثير الانزعاج. تعلق الغامدي أيضاً أن دعم ابنها وإخوتها لها كان مؤثراً جداً، الأمر الأهم بالنسبة لكل امرأة. وشهدت جدة تجمعاً لوسائل الإعلام العالمية التي يقدر عددها بـ50 وفداً تجمعوا أمام إحدى أسواق مدينة جدة وأرسلوا عبر «واتساب» رسائل دعوة للاحتفال أمامه. وشهدت الساعات الأخيرة أمس قبل سريان قرار السماح للمرأة بالقيادة حوارا مجتمعيا ساخنا في البيوت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. الحوار حول من ستقود اليوم ومن حصلت على الرخصة وما هي السيارة التي تود شراءها وما هي التوقعات في الشارع.
تعترف صديقة بأنها متوترة جدا فهي ستخرج بسيارتها في الصباح الباكر لتذهب لعملها لأول مرة بسيارتها ولكن اليوم استثنائي وتقول: «قال لي ابني أن أنتظر قبل أن أقود سيارتي ولكني أجبته قائلة «إذا لم أقد في اليوم الأول فسيكون الأمر أصعب بالنسبة لي، أريد أن أغامر وأن أضغط على نفسي».
يقول فواز حسين وهو متقاعد إن الأمر ضروري جدا، ويضيف أنه يشجع ابنته على القيادة اليوم فهو من بدأ بتدريبها من جانبها تقول مها عقيل مدير إدارة الإعلام في منظمة «التعاون الإسلامي» إنها لن تحصل على رخصتها حتى الأسبوع المقبل ولكنها ستطلب من صديقاتها اللواتي حصلن على الرخصة أن يصحبنها في أول أيام القيادة. وبحماس تضيف: «سأطلب غدا من مكان عملي تخصيص موقف لسيارتي فأنا أنوي قيادة سيارتي كل يوم للذهاب للعمل، أريد أن أتخلص من معاناة انتظار السائق التي كانت النساء تعيش فيها بشكل يومي». بعض المغردات على «تويتر» شاركن الأخريات بنيتهن ركوب السيارة وتشغيلها حتى وإن كن لن يخرجن للشارع في هذا الوقت ولكن لتسجيل اللحظة التاريخية. وتهافت مندوبو الوكالات العالمية للركوب مع أوائل القائدات السعوديات وقد وصل منهم للمملكة حتى الآن مندوبون من نحو 50 مؤسسة إعلامية. تقول سميرة الغامدي، أخصائية نفسية: «إن صحافيين من وكالة الصحافة الفرنسية ومن وكالة (رويترز) قد طلبوا منها أن يكونوا معها في أول مرة تقود فيها عربتها وسيكون معها فريق تلفزيوني أجنبي يصاحبها في مشوارها الصباحي لمكان عملها. أما سحر نصيف والتي تعد أحد الوجوه المعروفة على وسائل التواصل الاجتماعي فقد تلقت طلبات كثيرة من صحف أميركية وألمانية لمتابعة يومها الأول خلف المقود.
- المحبطون ينهزمون
«تويتر» أيضا به من يحاول إفساد فرحة السعوديات، فلجأ البعض للسخرية من السائقات بوضع مقاطع تستهزئ بقدرة المرأة على القيادة، آخرون غردوا بأن نسبة الحوادث ستزداد وأن الشوارع المزدحمة جدا بطبيعتها ستزيد ازدحاما. ومن جهة أخرى ظهرت رسائل للسيدات تحاول إقناعهن بأن القيادة ليست للمرأة وأخذ بعضها الطابع الديني، ووضعت رسائل من سيدات من دول عربية أخرى لتثبيط همة السائقات، فوضعت امرأة كويتية مقطعا لها وهي تقود في أحد شوارع الكويت تقول فيه للسعوديات «ستندمن على القيادة، لا تتركن الراحة التي تجدونها في المقعد الخلفي والرفاهية بوجود سائق»، أخرى أخذت نبرة دينية متشددة وقالت إنها من المغرب وإنها لا تحب لنساء السعودية أن يتبعن بقية الدول. ولكن مع كل ذلك تبقى النغمة السائدة بين المغردين والمغردات في السعودية إيجابية ومتفائلة، حيث وضع الكثير من المغردين رسائل بعضها مصور وبعضها يتضمن نصائح حول القيادة الآمنة وناشد أغلبهم بقية المجتمع بأن يدعم النساء في هذه المرحلة. وتعلق عقيل على التغريدات المساندة بقولها: «هي تعطي للسيدات ثقة أكبر لكسر الحاجز النفسي».
بالنسبة للحملات التي صادفت صدى جيداً حملة لشركة الاتصالات السعودية التي نشرت فيلما بعنوان «أخو نوره» يحث الرجال على دعم أخواتهم وزوجاتهم وبناتهم، أسوة بالملك عبد العزيز آل سعود الذي كان يعرف عن نفسه «أنا أخو نوره».
ورحبت المغردات أيضا بموقف المغني السعودي رابح صقر الذي اغتنم الفرصة في حفلته الأخيرة بالسعودية قائلا للجمهور «بعد يومين، هذول بناتنا وزوجاتنا، نحافظ عليهن وتكونون أنتم (شرطة) مرور لهن».
- مواقف باللون الزهري
تفاعلت الكثير من النساء مع قيام بعض الشركات والمجمعات التجارية بنشر صور لمواقف مخصصة للنساء بعضها تم طلاؤه باللون الزهري، من جانبها تقول راوية عبد الحميد إن ذلك أمر مشجع للنساء وسيوفر لهن الحماية من المضايقات، وتقول مغردة «هذا أمر انتظرناه كثيرا»، ولكن من الجانب الآخر ترى خلود القحطاني أن الأمر قد يكون به بعض التمييز بين النساء والرجال غير أنها استدركت قائلة: «ولكن قد يكون وجود تلك المواقف أفضل في البداية لأنه سيكون هناك من تسول له نفسه بمضايقة السائقات». وتعلق سحر نصيف قائلة إنه «أمر سخيف، ليس الحل في توفير مواقف للنساء فقط، فنحن سنقود في الشارع مع الرجال، فلا معنى لوجود مواقف منفصلة وإنما الحل هو زيادة مساحة مواقف السيارات للجميع».
- الحملات الدعائية التجارية وقيادة النساء
الحملات الدعائية التي تؤيد قيادة المرأة تشغل حيزا من وسائل التواصل، فشركات السيارات وضعت مقاطع مصورة لسائقات في مقعد القيادة، وشركات الأجرة مثل «كريم» و«أوبر» نشرت إعلانات لترغيب النساء في العمل كسائقات، وشركات التأمين أيضا قدمت محتوى مرئيا حول أهمية التأمين بالنسبة للسائقات وهي في مجملها توعوية. ولكن الحملات الدعائية تجاوزت الشركات المختصة بالسيارات لتدخل فيها شركات أخرى مثل شركة لصنع الأجبان وشركة أخرى للقهوة وغيرها.
تعلق مها عقيل على حملات شركات الأغذية بقولها: «كثير من الشركات ستحاول الاستفادة من الموجه، أعرف مخبزا يروج لمنتجاته باستخدام رسومات للمرأة وهي تقود السيارة، ولكن عموما هناك الكثير منها ما يدعم المرأة».


مقالات ذات صلة

التويجري: الإصلاحات التشريعية مكّنت المرأة السعودية

الخليج التويجري أكدت مضي السعودية قدماً في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان (واس)

التويجري: الإصلاحات التشريعية مكّنت المرأة السعودية

عدّت الدكتورة هلا التويجري رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، تمكين المرأة تمكين للمجتمع كونه حقاً من حقوق الإنسان، مبيّنة أن الإصلاحات التشريعية جاءت ممكّنة لها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق تشكل النساء نسبة 33 % من فريق مفتشي البيئة وقادته في «محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» (الشرق الأوسط)

الجولة رقم 5000 في محمية «محمد بن سلمان الملكية» بإشراف «العنقاوات»

سيّرت «هيئة تطوير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» الجولة رقم 5000. بإشراف أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في السعودية، والأكبر في الشرق الأوسط.

غازي الحارثي (الرياض)
رياضة سعودية المقاتِلة السعوية خلال احتفالها بالتأهل (الشرق الأوسط)

السعودية «سمية» إلى نهائي بطولة العالم للكيك بوكسينغ

تأهلت اللاعبة السعودية سمية منشي إلى الدور النهائي من بطولة العالم للكيك بوكسينغ، والمُقامة حالياً في أوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 03:13

السعودية تعتزم إنشاء أول جمعية للمرأة في المعادن

كشفت رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين رنا زمعي أن اللجنة تعمل حالياً على تأسيس اللبِنة الأولى وبناء واستكمال متطلبات تأسيس جمعية المرأة في المعادن.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق رحيل رائدة الفن السعودي صفية بن زقر

رحيل رائدة الفن السعودي صفية بن زقر

غيّب الموت، أمس، رائدة الفن السعودي صفية بن زقر، التي أطلق عليها البعض اسم «موناليزا الحجاز».

عبير مشخص (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».