سيبقى تاريخ الـ24 من شهر يونيو (حزيران) للعام 2018، يوماً راسخاً بمداد الذهب في صفحات عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وفي رؤية مستقبلية لا تعمل لجيل اليوم فقط وإنما تؤسس لمرحلة ملهمة للأجيال المقبلة من السعوديين، وتمكين المرأة في أداء دورها في وقت أصبحت فيه قيادتها للسيارة ضرورة ملحة وليست ترفاً ورفاهية.
كانت تلك مجمل الآراء التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مجموعة من الأكاديميات السعوديات في اليوم الأول لقرار السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارة، وأكدت المتحدثات أن القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين لم يكن ترفاً وإنما حاجة وضرورة للنصف الآخر من المجتمع السعودي يؤدين من خلاله دورهن الحاسم في بناء المجتمع وتحقيق الرؤية المستقبلية التي تحدد مسار الوطن لعقود مقبلة والمتمثلة في «رؤية 2030».
- تمكين وأداة دعم
في البداية قالت الدكتورة فاطمة باعثمان المحاضرة بجامعة الملك عبد العزيز: «أود بدايةً أن أركز على جانب تأصيلي في هذه المسألة، وهو المتعلق بحرص خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، على أدق الأمور التي من شأنها دعم الوطن ليس من زاوية واحدة بل من كل الجوانب، فقد أدركا أهمية تمكين المرأة في ظل الدور الكبير للمرأة في المجتمع السعودي منذ قديم الأزل». وأضافت: «حتى وإن لم يكن هذا الدور ظاهراً بشكل واضح إلا أنه قائم وبقوة، فدور المرأة السعودية كبير ومهم بدءاً من المنزل حتى قاعات المحاضرات في الجامعات، فهي مربية الأجيال التي أخرجت عدداً من الأسماء السعودية التي صالت وجالت على مستوى العالم في السياسة والاقتصاد، وهي كذلك المعلمة التي أصدرت الكتب والدراسات، وهي الطبيبة التي ضحّت بوقتها من أجل الحفاظ على صحة المواطن وإنقاذ حياته، وغيرها الكثير من المجالات، وانطلاقاً من ذلك كانت رؤية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده في قرار قيادة المرأة حكيماً ومدروساً وفي وقت حاسم لكي تواصل المرأة السعودية إبداعها وانطلاقتها في مجالاتها كافة». واستطردت: «ما من شك أن قيادة المرأة هي أداة تسهم في دعمها لوجيستياً في إتمام أدوارها في بناء مجتمع سيرى العالم بصمته بصورة واضحة في الأيام المقبلة في ظل الرؤى الطموحة والمختلفة في مجالات عدة ويقودها برؤية شابة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تمكين المرأة».
- ضرورة ملحّة
من جهتها قالت الدكتورة رغد اللويحان المحاضرة بجامعة الملك سعود الطبية: «عندما يقر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، قرار قيادة المرأة فيجب أن نركّز على جانبين؛ الأول أن قيادة المرأة ليس غاية، فغايات السعوديين سامية وتصل إلى عنان السماء، كما أكد ولي العهد في أكثر من مناسبة، وإنما قرار كهذا هو أداة فحسب يساعد المرأة السعودية ويمكّنها من أداء الدور المنوط بها في مجالات عدة». وتضيف اللويحان: «أما الجانب الثاني فأقولها صدقاً كأكاديمية التقي كثيراً من فئات المجتمع من النساء سواء الطالبات أو الزميلات في الجامعة أو الأقرباء والصديقات والمعارف خارج المجتمع، ولمست أن موضوع قيادة المرأة لم يعد كما كان في فترات ماضية من أجل الترف والرفاهية، وإنما أصبح ضرورة ملحة، ويأتي السبب في تغيير الوجهة بالنسبة إلى النساء في السعودية هي نسبة الوعي التي حلت بمجتمع النساء بفعل الدعم الذي وفّرته الدولة لهن ولا سيما قرار الابتعاث إلى الخارج الذي لم يؤثر على الفتيات السعوديات المبتعثات فحسب بل امتد ليشمل بقية أجزاء المجتمع بعد عودتهن، فقد تعلمت الفتيات السعوديات أن أمامهن دوراً يضطلعن به في المجتمع، ولإكمال هذا الدور وأدائه في أفضل أداء كنّ بحاجة إلى بعض الأدوات منها قيادة السيارة لأداء أفضل ونتيجة فعالة في إنجاز أسرع وتجنب ضياع الأوقات في انتظار من يقلّهن بسيارات من موقع إلى آخر».
- على خطى نساء القرى
أما السيدة سارة الحربي، وهي من النساء اللاتي عاصرن الحياة في عهد الملك خالد والملك فهد (رحمهما الله) فتقول: «هناك نقاط قد ينساها أفراد المجتمع السعودي خصوصاً والإنسان بطبعه ينسى بعض الأحداث التي تمر به، فأنا أتذكر تماماً أن هناك نساء سعوديات كن يقدن السيارات بمفردهن ويقمن بأداء واجباتهن اليومية ويشترين مستلزمات البيت بشكل طبيعي، وكان هذا أكثر ما يحدث في القرى والهجر». وتضيف: «كوني من الهجر والقرى الواقعة بين مدينة جدة ومنطقة المدينة المنورة، فإن رؤيتنا لامرأة تقود السيارة وتذهب لشراء بعض الأغراض اليومية جانب مألوف لدينا، ولا سيما في عهد الملك خالد وبدايات عهد الملك فهد (رحمهما الله)، وقد سمعت من صديقات في مواقع مختلفة من السعودية نفس الشيء، وهو ما يؤكد أن تمكن المرأة السعودية وقيادتها ليس أمراً طارئاً، وإنما أمر هو الأصل في المجتمع السعودي، وهذا يؤكد ما قاله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إننا فقط نريد أن نعيد السعودية إلى ما كانت عليه في السابق من حضارة مجتمع امتدت لعقود سابقة في جميع جوانبه وبمشاركة جوهرية من الجنسين».
- فوائد اقتصادية
من جهتها اتفقت أمل دخان مديرة مركز «ريادة الأعمال» بكلية الأمير محمد بن سلمان، مع ما ذكرته الدكتورة فاطمة باعثمان في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي وقالت: «قرار قيادة المرأة لا تقف فوائده ومخرجاته عند جوانب اجتماعية فحسب، بل هو من زاوية أخرى يعود بفوائد اقتصادية على المجتمع، فهو يوجه الدخل المادي للأسر إلى طريقه الصحيح فبدلاً من أن تًُصرف مئات الآلاف وربما تصل للملايين سنوياً على سائقين للسيارات، فإن مثل هذه المبالغ قد تُستثمر في بداية لمشاريع استثمارية بسيطة، أو حتى دخول هذه الأموال في الدورة المالية الطبيعية من بيع وشراء لتعود مرة أخرى للمجتمع السعودي بالمكسب، ولا شك أن مثل هذا الأمر مهم جداً خصوصا أنه من جانب آخر يوفر عبئاً كبيراً كان على كاهل الأسر ولا سيما ذوي الدخل المحدود منهم، وهذا بلا شك يسهم في نهضة المجتمع وأفراده، ويمنح فرصة للأسر للتركيز على جوانب من شأنها تطوير أفراد الأسرة، كصرف مثل هذه المبالغ في دورات تعليمية للغات مثلاً أو التعامل مع الحاسب الآلي، بدلاً من صرفها على قائدي مركبات في الوقت الذي بإمكان المرأة فيه أن تقوم بهذا الدور بنفسها». وتضيف مديرة مركز «ريادة الأعمال» بكلية الأمير محمد بن سلمان: «على الجانب الشخصي أملك رخصة القيادة منذ سنين، ومع ذلك فأنا أصرف جزءاً من مالي لسائق سيارة، على الرغم من أنني أستطيع القيام بذلك، وأوفر مالي في ما يعود عليّ وعلى مجتمعي بالنفع، فنشكر قيادتنا الرشيدة على ذلك».
- استقرار نفسي
لم تتوقف إيجابيات قرار قيادة المرأة السعودية للسيارة على الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بل امتدت كذلك إلى الجوانب النفسية، كما تشير الاختصاصية النفسية سمية الحكمي، مبينةً أن «هناك جوانب نفسية قد يغفل عنها البعض، الحياة برمّتها مليئة ببعض الظروف والحالات الطارئة والمفاجئة، كما هو في حالات المرض المفاجئ، لا قدر الله، لأحد أفراد الأسرة، فليس من المنطقي أن تنتظر الزوجة أو البنت قائد سيارة حتى تنقذ حياة أخيها أو والدها أو زوجها، بل إنها في حاجة إلى التصرف الفوري وقيادة السيارة والتوجه إلى أقرب مركز صحي». وتضيف حكمي: «أقرأ قرار قيادة المرأة من جانب بحثي وأكاديمي، فأجد أن له تأثيراً في استقرار نفسي للمرأة السعودية وطمأنينة لها، حتى لو أنها لن تقود السيارة بكثرة، ولكن يكفي أنها تشعر أنها بأمان في حال تعرضت لأي ظرف طارئ وسيكون بمقدرتها الاعتماد على نفسها والتحرك في أي لحظة مفاجئة؛ لإنقاذ نفسها ومن حولها، وهذا يؤكد أن قرار ولاة الأمر يراعي حتى أدق الجوانب النفسية لأفراد المجتمع».
أكاديميات لـ«الشرق الأوسط»: التاريخ سيسجل القرار بمداد من ذهب
قلن إن قيادة السيارة ليست مجرد قرار جريء بل تمكين للمرأة السعودية
أكاديميات لـ«الشرق الأوسط»: التاريخ سيسجل القرار بمداد من ذهب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة