ساعات على قيادة المرأة السعودية للسيارة... والمرور: جاهزون ومتفائلون

اللواء البسامي لـ «الشرق الأوسط»: آلاف الرخص صدرت والعمل مستمر والقرار سيكون إيجابياً على تطبيق الأنظمة

جانب من تدريبات «أرامكو» على القيادة (رويترز)
جانب من تدريبات «أرامكو» على القيادة (رويترز)
TT

ساعات على قيادة المرأة السعودية للسيارة... والمرور: جاهزون ومتفائلون

جانب من تدريبات «أرامكو» على القيادة (رويترز)
جانب من تدريبات «أرامكو» على القيادة (رويترز)

بعد أكثر من 9 أشهر على صدور أمر سامٍ سعودي، أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، تستعدّ السعوديات بعد منتصف ليل اليوم (السبت)، لتطبيق القرار فعلياً، وممارسة حق قيادة المركبات، حيث نص الأمر على بدء التطبيق بتاريخ 24 يونيو (حزيران).
وشهدت الأشهر التسعة الماضية سباقاً مع الزمن في 13 منطقة إدارية سعودية، لتجهيز مدارس تعليم قيادة متخصصة، وتدريب سيدات على التحقيق في حوادث المرور ونشر الوعي المروري، وحملات توعوية وتعليمية ومكثَّفة.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حذَّرَت جهات رسمية منها النيابة العامة، من محاولات اقتحام حياة الآخرين الخاصة أو التشهير أو التصوير بغير إذن، وقام قانونيون بإعادة نشر بعض اللوائح التنظيمية، التي ينص بعضها على عقوبات تصل إلى غرامات وسجن، كنوع من تحذير بعض من ينوون التعدي على خصوصيات المرأة وحقها في قيادة المركبات.
لكن إلى جانب ذلك، أطلق السعوديون وسماً «ستقودين والشعب معك» معلنين تكاتف جميع فئات المجتمع، مع التجربة الأولى للمرأة في المملكة خلف مقود السيارة.
وفي حديث موسع لـ«الشرق الأوسط» قبل أقل من 24 ساعة على تطبيق القرار، قال مدير عام المرور في السعودية اللواء محمد البسامي إن رجال المرور جاهزون لتطبيق القرار وعلى أهبة الاستعداد، مشيداً بالروح الإيجابية في الشارع السعودي تجاه حق المرأة في قيادة سيارتها، وقال: «مَنْ يشاهد ردود الفعل في الفعاليات التوعوية المقامة لقيادة المرأة أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يلحظ مدى الوعي المتزايد لدى المجتمع تجاه أهمية المحافظة على النظام وتمهيد الطريق للمرأة لقيادة السيارة للمرة الأولى في حياتها، دون وجود معوقات».
وأضاف البسامي: «قبل يومين خرَّجنا 40 محققة حوادث بالشراكة مع شركة (نجم)، وهناك تدريب مستمر، وسيستمر، وحملات توعوية بأهمية تطبيق أنظمة المرور، ونحن متفائلون، وكما يعلم الجميع فإن القرارات التي تُطبَّق بحق الرجل ستُطبق بحق المرأة فيما يتعلق بالمخالفات المرورية وغيرها حسب ما نصّ عليه الأمر السامي الكريم».
لكن عدد النساء اللواتي حصلن على رخص القيادة متغير بشكل يومي ويزداد ولم يُعلن عن رقم محدد، ويقول مدير عام المرور عنه: «آلاف الرخص صدرت وآلاف الرخص الدولية استُبدِلت بها أخرى محلية، وأعتقد أن مدارس تعليم القيادة النسائية مصممة وفق أحدث وأعلى المعايير الدولية، ونحن على ضمانة أن من ستتخرج فيها ستكون فعلاً مستحقة للرخصة وجاهزة لقيادة مركبتها».
وفي حديث معه أمس، بدا البسامي متفائلاً وإيجابياً، وسألته عن السبب فقال: «المرأة نصف المجتمع وهي ركن أساسي من أركانه، والمرأة السعودية رائدة في كل مجال تدخله، فما بالك بحق من حقوقها أنصفتها القيادة بالسماح به، ومَن شهد عن قرب الحرص على التعلم أكثر من الحرص على الحصول على رخصة القيادة سيعرف أننا أمام مرحلة مختلفة متفائلين بأن النساء سيكن من الحوافز والأمثلة الإيجابية التي سيقتدى بها في تطبيق الأنظمة ويكون لها أثر إيجابي على قيادة السيارة بشكل عام في المملكة».
ويحسم مدير عام المرور اللواء محمد البسامي الأسئلة المتكررة حول ما يحق للمرأة وما لا يحق لها في قيادة السيارة أو استئجار المركبات أو قيادة الدراجات النارية أو الشاحنات أو غيرها بقوله: «الأمر السامي الكريم واضح جداً ولا يحتاج إلى اجتهاد، يحق للمرأة ما يحق للرجل وتطبق الأنظمة المرورية على الرجال والنساء على حد سواء، ومن يقرأ الأمر السامي الكريم ويتابع التصريحات السابقة لمسؤولي الأمن العام والإدارة العامة للمرور سيجد الإجابة عن ذلك».
لكن صاحبات الشأن، كما يقول التعبير، هن الأكثر حماساً وتحفزاً. تقول رئيسة مركز سيدات الأعمال بالغرفة التجارية في المنطقة الشرقية هند الزاهد إن القرار يدشن مرحلة تاريخية ومهمة في المملكة، ويعتبر قرارا داعماً لوجود المرأة بشكل جدي كشريك في التنمية الاقتصادية والاستفادة من تمكينها كنصف المورد البشري الفعال في المملكة وتضيف: «سعيدة جدا ومتفائلة بالنتائج الاقتصادية التي ستنتج من هذا القرار، من خلاله بدأنا نرى زيادة نوعية في توظيف النساء في مجالات داعمة لقيادة، المرأة مثل مدارس التدريب للقيادة، معارض بيع السيارات، وبالأمس تخريج مجموعة نساء لفحص السيارات من (نجم) لتقييم الحوادث وخلافه».
لكن الزاهد ترى أن النقطة الأهم، هي كون المرأة قادرة على التنقل بسهولة، وهذا سيدعم توظيفها في جميع المجالات.
هل ستقود هند السيارة في اليوم الأول، تجيب بـ«نعم»، وتستطرد: «طبعاً سأقودها من بداية يوم غد، وفي الصباح سأستقلها للذهاب إلى عملي بكل سعادة وحماس، كأم سأتمكَّن من توصيل أبنائي إلى مدارسهم وأداء واجبات مختلفة بكل سهولة، دون الاعتماد على الآخرين».
وتشيد الزاهد بالتحضيرات منذ بداية الإعلان عن القرار قبل 9 أشهر، وتصفها بالإيجابية والرائعة.
دانة العلمي، سيدة أعمال ومن مصممي الجواهر المعروفات في السعودية، تذهب إلى ما ذهبت إليه هند الزاهد وتصف القرار بـ«التاريخي»، وتقول إنها ستقود السيارة بعد عودتها إلى المملكة من الإمارات خلال الأيام المقبلة، وقد استبدلت برخصتها الدولية أخرى محلية وتقول: «القرار يعتبر تاريخياً وألف مبروك لنا جميعاً، التعليم للمرأة بدأ في عهد الملك فيصل وفي عهد الملك عبد الله دخلت المرأة مجلس الشورى، وفي عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فإن تمكين المرأة مستمر ومتواصل، وقرار السماح لها بقيادة السيارة أحد الأدلة والشواهد عهد جديد عنوانه التمكين ابتداءً من الترشح للمجالس البلدية ودخول الشورى تطبيق الرياضة في مدارس البنات، وسيدة في منصب دبلوماسي رفيع وآخر اقتصادي وقيادة السيارة».
وتقول العلمي إن القرار تبعاته إيجابية اجتماعياً واقتصاديّاً... وتضيف: «500 ألف مواطنة يبحثن عن عمل وأعمارهن بين 27 و45 عاماً وسهولة التنقل سوف تسهل عليهنَّ الأمر».
سوسن أبو خالد، سيدة أعمال سعودية استبدلت أيضاً برخصتها الدولية أخرى محلية، وتقول إن ذلك كان سهلاً ويسيراً وخلال يوم واحد، وتتحدث عن الحدث نفسه بقولها: «الأسبوع القادم سيكون بداية خير لجميع النساء في مملكتنا الحبيبة، لأن قيادة المرأة ستسهل لي ولزميلاتي سيدات الأعمال التنقل السريع وإنجاز مهامنا اليومية والمتعددة بيسر وسهولة. كما أن إجراءات استبدال رخص محلية بالرخص الدولية كانت سهلة وواضحة وخلال يوم واحد فقط، ما يدل على مجهود ضخم نشكر كل القائمين عليه». وتقول أبو خالد إن «النساء مستعدات ليس للقيادة فقط، بل للالتزام بأنظمة المرور وقوانين السلامة».


مقالات ذات صلة

التويجري: الإصلاحات التشريعية مكّنت المرأة السعودية

الخليج التويجري أكدت مضي السعودية قدماً في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان (واس)

التويجري: الإصلاحات التشريعية مكّنت المرأة السعودية

عدّت الدكتورة هلا التويجري رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، تمكين المرأة تمكين للمجتمع كونه حقاً من حقوق الإنسان، مبيّنة أن الإصلاحات التشريعية جاءت ممكّنة لها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق تشكل النساء نسبة 33 % من فريق مفتشي البيئة وقادته في «محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» (الشرق الأوسط)

الجولة رقم 5000 في محمية «محمد بن سلمان الملكية» بإشراف «العنقاوات»

سيّرت «هيئة تطوير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» الجولة رقم 5000. بإشراف أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في السعودية، والأكبر في الشرق الأوسط.

غازي الحارثي (الرياض)
رياضة سعودية المقاتِلة السعوية خلال احتفالها بالتأهل (الشرق الأوسط)

السعودية «سمية» إلى نهائي بطولة العالم للكيك بوكسينغ

تأهلت اللاعبة السعودية سمية منشي إلى الدور النهائي من بطولة العالم للكيك بوكسينغ، والمُقامة حالياً في أوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 03:13

السعودية تعتزم إنشاء أول جمعية للمرأة في المعادن

كشفت رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين رنا زمعي أن اللجنة تعمل حالياً على تأسيس اللبِنة الأولى وبناء واستكمال متطلبات تأسيس جمعية المرأة في المعادن.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق رحيل رائدة الفن السعودي صفية بن زقر

رحيل رائدة الفن السعودي صفية بن زقر

غيّب الموت، أمس، رائدة الفن السعودي صفية بن زقر، التي أطلق عليها البعض اسم «موناليزا الحجاز».

عبير مشخص (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».