بغداد تؤكد أن اللاجئ العراقي قيادي بـ«داعش» وشارك في «مجزرة سبايكر»

باريس تزجه في السجن بعد أن منحته اللجوء السياسي

شريط فيديو لـ«داعش» في العراق عام 2014 (أ.ف.ب)
شريط فيديو لـ«داعش» في العراق عام 2014 (أ.ف.ب)
TT

بغداد تؤكد أن اللاجئ العراقي قيادي بـ«داعش» وشارك في «مجزرة سبايكر»

شريط فيديو لـ«داعش» في العراق عام 2014 (أ.ف.ب)
شريط فيديو لـ«داعش» في العراق عام 2014 (أ.ف.ب)

أكد مسؤول رفيع في وزارة الداخلية العراقية أن اللاجئ الذي اعتقل في فرنسا هو أحد أمراء تنظيم داعش الذين شاركوا في «مجزرة سبايكر» التي راح ضحيتها 1700 من الجنود والشرطة في يونيو (حزيران) 2014.
وقال رئيس الشرطة الدولية «الإنتربول» في العراق وهو برتبة لواء بأن «أحمد حمدان محمود عياش الأسودي كان في سجن صلاح الدين الواقع في تكريت وفر بعد أن استولى تنظيم داعش على المدينة».
وأضاف: «أصبح بعدها أميرا في «داعش» وشارك في مجزرة سبايكر الواقعة في تكريت شمال بغداد».
وبثت مواقع إلكترونية جهادية الكثير من شرائط الفيديو التي تظهر إعدام المئات فيما عرف لاحقا بمجزرة «سبايكر» نسبة إلى القاعدة الأميركية التي تحولت إلى كلية عسكرية لاحقا».
وتؤكد شهادات حصلت عليها القوات الأمنية من متهمين آخرين في ارتكاب المجزرة أن الأسودي نفذ بيده عملية إعدام 103 أشخاص من الجنود وطلاب الكلية العسكرية داخل القصور الرئاسية في تكريت، حسبما أفاد ضابط رفيع رفض الكشف عن اسمه».
وقال رئيس الإنتربول في بغداد لوكالة الصحافة الفرنسية «لقد ذكرت اسمه في مؤتمر مديري الإنتربول في أبريل (نيسان) في باريس وقلت بأنه متهم خطير ومطلوب لارتكابه جرائم إرهابية، وينبغي تسليمه للعراق بشتى الطرق الدبلوماسية والقانونية».
ولدى الأسودي سجل حافل، حيث كان أودع السحن في سبتمبر (أيلول) 2002 بتهمة السرقة في سامراء، لكن أفرج عنه خلال العفو الذي صدر قبل شهر من سقوط نظام صدام حسين عام 2003. بحسب مصادر أمنية». وأكدت المصادر القبض عليه عام 2005 بتهمة حيازة أسلحة لكن أفرج عنه بعد أشهر، إلى أن اعتقل أخيرا بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية، وأفرج عنه المتشددون الذين سيطروا على تكريت». لكن محاميه في باريس نفى أي علاقة لموكله بالتنظيم المتطرف».
وقال محمد المنصف حمدي، بأن موكله الأسودي نفى بشكل دائم كل الاتهامات التي وجهت إليه، كان ناشطا جدا في مكافحة تنظيم داعش.
ويذهب حمدي إلى تأكيد أن الأسودي لعب «دورا حاسما» عامي 2012 و2013 في اعتقال اثنين من أبرز قادة «داعش» في محافظة صلاح الدين التي تعتبر تكريت عاصمتها. أما العنصر المهم في تأكيدات محامي الأسودي أنه يملك «أدلة» على أن الأخير كان قد غادر تكريت عند حصول «مجزرة سبايكر». ولكن إذا كانت هذه حال الأسودي، فما هي إذن مصادر المعلومات والاتهامات التي تساق بحقه؟
يزعم المحامي أن الأسودي «دفع ثمن خلافات» بين فروع أجهزة الأمن في العراق ما ساقه إلى السجن، وأن سجينا كان معتقلا معه خلال فترة حبسه أكد للسلطات العراقية أنه شارك في مجزرة سبايكر. وشهادة هذا المعتقل الذي «حكم عليه بالموت في أغسطس (آب) 2017 وأعدم» هي التي ساقت الأسودي إلى السجن.
ووصل الأسودي إلى فرنسا صيف 2016 وحصل على اللجوء في يونيو 2017 من المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين، كما حصل على إقامة لمدة عشر سنوات».
في صيف 2017. تلقت أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية معلومات تفيد بأنه لعب دورا في تنظيم داعش.
وفي السادس من مارس (آذار) الماضي اعتقل في منطقة كالفادوس في شمال غربي فرنسا، وبعد ثلاثة أيام وجهت إليه في باريس اتهامات بـ«ارتكاب أعمال قتل لها علاقة بتنظيم إرهابي» وبـ«ارتكاب جرائم حرب» وأودع السجن».
والأسودي مولود في سامراء في العام 1984. نجح صيف العام الماضي في الحصول على صفة «لاجئ سياسي» من المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين الأمر الذي مكنه من الحصول على بطاقة إقامة صالحة وذلك بعد أقل من عام من وصوله إلى الأراضي الفرنسية. ويوفر اللجوء السياسي مقرونا ببطاقة الإقامة الحق لصاحبه في البحث عن عمل والتمتع بالرعاية الاجتماعية. وبفضل ذلك كله، كان هذا اللاجئ العراقي يمضي أياما هادئة في مقاطعة كالفادوس الواقعة في منطقة النورماندي، شمال غربي فرنسا.
كان هذا الوضع ليستمر طويلا. إلا أن الأمور ساءت سريعا بالنسبة للأسودي عندما وصلت معلومات لأجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية، تفيد أن الأسودي ليس ضحية الحرب بين «داعش» والسلطات العراقية كما ادعى بل إنه أحد رجال التنظيم الإرهابي. وجاءت هذه المعلومات بعد وقت قصير من «تسوية» وضع الأسودي. وها هي اليوم السلطات العراقية تصدر مذكرة توقيف دولية بحقه وتطالب فرنسا رسميا بتسليمها إياه. صبيحة السادس من مارس الماضي، جاءت قوة من مكافحة الإرهاب إلى مكان إقامة الأسودي في مقاطعة الكالفادوس وألقت القبض عليه استنادا إلى معلومات استخبارية تفيد أنه كان أحد مسؤولي «داعش» نقل على أثرها إلى باريس. وبعد ثلاثة أيام من التوقيف للتحقيق معه وهي المهلة التي ينص عليها القانون في مسائل الإرهاب، وجهت إليه تهم «ارتكاب أعمال قتل لها علاقة بتنظيم إرهابي» وبـ«ارتكاب جرائم حرب» وأودع السجن». ويشتبه بمشاركته في مجزرة «سبايكر»، وهو اسم القاعدة العسكرية الواقعة قرب تكريت حيث خطف مسلحو «داعش» في شهر يونيو من العام 2014، مئات الشبان المجندين في الجيش العراقي وغالبيتهم من الشيعة وأعدموا 1700 منهم.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.