أميركا تتنصل من التزامات «منظمة التجارة العالمية»

بكين تعرض تسوية بـ70 مليار دولار

محاولات التسوية بين الصين وأميركا لا تزال مستمرة
محاولات التسوية بين الصين وأميركا لا تزال مستمرة
TT

أميركا تتنصل من التزامات «منظمة التجارة العالمية»

محاولات التسوية بين الصين وأميركا لا تزال مستمرة
محاولات التسوية بين الصين وأميركا لا تزال مستمرة

ألقى البيت الأبيض ظلالا من الشك على إمكانية أن لا تحترم واشنطن قرارات منظمة التجارة العالمية بشأن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب على واردات البلاد من الصلب، مؤكدا أن سياسة الولايات المتحدة تحددها مصلحتها القومية وليس القرارات الدولية... وبينما تستعر موجة الصراع التجاري، فإن محاولات التسوية ما تزال قائمة، إذ عرضت الصين زيادة وارداتها من السلع الأميركية بنحو 70 مليار دولار، شريطة أن تتخلى إدارة ترمب عن تهديدها بفرض رسوم جمركية مشددة على خمسين مليار دولار من البضائع الصينية.
ورفع الكثير من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة وفي مقدمهم الصين وكندا والاتحاد الأوروبي شكوى ضد واشنطن أمام منظمة التجارة العالمية بعد قرار ترمب في الأول من يونيو (حزيران) زيادة الرسوم الجمركية على واردات البلاد من الصلب والألومنيوم بهدف حماية «الأمن القومي».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت إدارة ترمب ستحترم القرارات التي ستصدرها منظمة التجارة العالمية في الدعاوى المرفوعة أمامها، قال كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض لاري كودلو إن «الولايات المتحدة - كما قال الرئيس في مناسبات كثيرة - مرتبطة بمصالحها القومية أكثر من أي شيء آخر».
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في واشنطن قبل يومين من انطلاق أعمال قمة مجموعة السبع في كيبيك يومي الجمعة والسبت، إن «المنظمات الدولية المتعددة الأطراف لن تملي السياسة الأميركية. أعتقد أن الرئيس كان شديد الوضوح في هذه المسألة».
ولكن كودلو أكد حرص الولايات المتحدة على منظمة التجارة العالمية ودورها. وقال: «نحن ما زلنا مهتمين بمنظمة التجارة العالمية. لقد رفع مندوب (الولايات المتحدة لشؤون التجارة) روبرت لايتزر شكاوى عدة أمام منظمة التجارة العالمية (للاحتجاج) على الممارسات الصينية وممارسات دول أخرى».
وأتت تصريحات المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض قبل يومين من التئام مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في قمة تستضيفها كيبيك يومي الجمعة والسبت وتلقي بظلالها عليها الحرب التجارية التي أطلقها ترمب بقراره فرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من الألومنيوم والفولاذ.
وردا على الإجراء الأميركي، رفع الشركاء التجاريون للولايات المتحدة شكاوى ضدها أمام منظمة التجارة العالمية بينما قرر بعضهم مثل الصين وروسيا الذهاب أبعد إذ فرض إجراءات انتقامية ضد واشنطن.
لكن على الجانب الآخر، فإن محاولات التسوية لا تزال مستمرة، إذ عرضت الصين زيادة وارداتها من السلع الأميركية بنحو 70 مليار دولار شرط أن تتخلى إدارة الرئيس ترمب عن تهديدها بفرض رسوم جمركية مشددة على خمسين مليار دولار من البضائع الصينية، على ما أكد مسؤول حكومي الأربعاء.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» أوردت الثلاثاء أن هذا الاقتراح عرض خلال الدورة الثالثة من المحادثات التي جرت في نهاية الأسبوع الماضي في بكين بين فريق من المسؤولين الصينيين الكبار برئاسة ليو هي، المستشار الاقتصادي للرئيس شي جينبينغ، ووفد أميركي بقيادة وزير التجارة ويلبور روس.
وأوضح مسؤول في إدارة ترمب لوكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء أن المنتجات المشمولة بالعرض تضم كميات إضافية من الصويا والغاز الطبيعي والنفط الخام والفحم. وصرح متحدث باسم وزارة التجارة الأميركية: «لم يتم توقيع أي اتفاق نهائي بين الطرفين. ولا نملك في الوقت الحاضر أي معلومات إضافية».
من جهتها أكدت وزارة التجارة الصينية أمس الخميس أن الطرفين بحثا اقتراحات ملموسة في نهاية الأسبوع الماضي. وقال المتحدث غاو فنغ خلال مؤتمر صحافي في بكين إن «الصين والولايات المتحدة عقدتا محادثات معمقة ودقيقة حول بعض القطاعات المحددة للتعاون التجاري، ولا سيما فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والطاقة».
ولم يؤكد مبلغ 70 مليار دولار ردا على سؤال بهذا الصدد. وقال غاو «إن الصين ترغب في زيادة وارداتها بشرط أن يواصل الطرفان التقدم في اتجاه بعضهما».
وبلغت قيمة صادرات المنتجات الأميركية إلى الصين 130.36 مليار دولار عام 2017. وفق أرقام وزارة التجارة. وفي حال زادت الصين هذه الواردات بمقدار 70 مليار دولار فسوف تزداد القيمة الإجمالية بأكثر من 53.8 في المائة.
وتخطى العجز في الميزان التجاري الأميركي حيال الصين للسلع وحدها 375 مليار دولار عام 2017. ويطالب البيت الأبيض بكين بخفضه بمقدار 200 مليار، وهو ما رفضته الصين حتى الآن.
وحذرت وكالة أنباء «الصين الجديدة» الرسمية الأحد خلال زيارة ويلبور روس بأنه «إذا ما فرضت الولايات المتحدة عقوبات تجارية بما في ذلك من خلال زيادة الرسوم الجمركية، عندها ستصبح جميع نتائج المفاوضات التجارية والاقتصادية (بين الدولتين) ملغاة».
وذكرت «وول ستريت جورنال» أن ليو هي أبلغ وزير التجارة بأن هذا العرض لزيادة الواردات الصينية من الولايات المتحدة سيلغى إن مضت واشنطن في خطتها لفرض رسوم جمركية مشددة على 50 مليار دولار من البضائع الصينية.
وكشفت إدارة ترمب الأسبوع الماضي أنها تواصل العمل على وضع تدابير عقابية ضد الصين رغم الهدنة التي أعلنها البلدان في 19 مايو (أيار) الماضي في الخلاف التجاري بينهما.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.