تركيا في «حرب تكسير عظام» على طريق النظام الرئاسي

المعارضة تسعى لمعركة صعبة على الرئاسة وتقليص نفوذ الرئيس عبر البرلمان

تركيا في «حرب تكسير عظام» على طريق النظام الرئاسي
TT

تركيا في «حرب تكسير عظام» على طريق النظام الرئاسي

تركيا في «حرب تكسير عظام» على طريق النظام الرئاسي

تشهد تركيا بعد أقل من شهر انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، تنظمان معاً يوم 24 يونيو (حزيران) المقبل، بموجب التعديلات الدستورية التي أقرها الناخبون بأغلبية محدودة في استفتاء 16 أبريل (نيسان) 2017. وكان هذا الاستفتاء أول خطوة من خطوات التحول إلى النظام الرئاسي الذي سعى إليه الرئيس رجب طيب إردوغان على مدى سنين، والذي سيدخل حيز التنفيذ بشكل كامل عقب الانتخابات المقبلة.
ولكن من ناحية أخرى، لا تبدو الانتخابات البرلمانية، ولا الرئاسية، مشواراً سهلاً بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، وزعيمه الرئيس إردوغان، ذلك أن المعارضة تسعى لكسب نسبة مؤثرة من مقاعد البرلمان كي تتمكن من معادلة نفوذه في حال فوزه بالرئاسة.
يرى مراقبون سياسيون في تركيا أن الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة قد لا تكون رحلة سهلة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ورئيسه رجب طيب إردوغان. ويبرّر هؤلاء رأيهم بالإشارة إلى أن الانتخابات البرلمانية المقبلة تختلف عن غيرها بسبب تكتل أحزاب المعارضة، وسعيها لكسب نسبة مؤثرة من مقاعد البرلمان حتى تعادل نفوذ رئيس الجمهورية، في حال تكرار الرئيس إردوغان فوزه بالمنصب، وهو أمر متوقع بنسبة كبيرة.
في المقابل، يتوقع أن تشهد الانتخابات الرئاسية منافسة قوية بسبب تعدّد المنافسين، وتمتع بعضهم بشعبية لا بأس بها، وسعي المعارضة لمنع حسمها من الجولة الأولى، كي تكون هناك فرصة في الجولة الثانية للفوز، إذا توحدت صفوفها خلف المرشح المعارض الذي سيحصل على أعلى أصوات في الجولة الأولى. ووفق استطلاعات الرأي، يرجح أن يكون هذا المرشح محرّم إينجه، مرشح حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي.
- نموذج الاستفتاء
تعمل أحزاب المعارضة التركية راهناً على تطوير النموذج الذي طبقته في الاستفتاء على تعديل الدستور، حين نجحت حملة «لا» للتعديلات الدستورية بكسب 48.6 في المائة من أصوات الناخبين، ومنع التصويت للتعديلات التي استهدفت الانتقال للنظام الرئاسي بنسبة كبيرة، إذ حصلت التعديلات على تأييد 51.4 في المائة فقط من أصوات الناخبين، مع تكبيد حزب العدالة والتنمية الحاكم خسارة كبيرة في معاقله الرئيسية في المدن الكبرى، وعلى رأسها العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول. وهذا الأمر دفع حزب إردوغان إلى إعادة حساباته، وتجديد صفوفه وكوادره القيادية، لمنع تكرار هذه الخسائر غير المسبوقة منذ وصوله إلى الحكم عام 2002.
ومنذ الإعلان في 18 أبريل الماضي عن إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في يونيو، تشهد الساحة السياسية التركية حراكاً مكثفاً، كون قرار إجراء الانتخابات باغت المعارضة في توقيته، مع أنها طالبت أحياناً بالاحتكام إلى هذه الانتخابات. وبالتالي، تعيش البلاد أجواء مناورات سياسية زادت من سخونة المعارك المتوقعة، وجعلت من الانتخابات المقبلة «حرب تكسير عظام»، على حد وصف سياسي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، شريطة التكتم على اسمه.
والحال أن هذه الانتخابات ستنظم قبل سنة ونصف السنة من موعدها الأصلي، الذي حدد يوم 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وهنا، يرى محللون أن إردوغان أجبر على اتخاذ القرار بإجراء الانتخابات المبكرة والتضحية بسنة ونصف السنة من فترة رئاسته الحالية بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة، وحالة الغموض التي لو كانت استمرت طيلة تلك الفترة لتفاقمت الأوضاع، ولخسر من شعبيته وشعبية حزبه ما يفقدهما القدرة على البقاء في السلطة التي احتفظ بها مدة 16 سنة.
- مناورات متبادلة
جاء الطرح الأول للانتخابات المبكرة من جانب حزب الحركة القومية، الذي قرّر دعم إردوغان وحزبه منذ ما قبل الاستفتاء على تعديل الدستور العام الماضي في خطوة الانتقال إلى النظام الرئاسي. وعرض القوميون انتخابات مبكرة في 26 أغسطس (آب)، لكن إردوغان إثر اجتماع مع زعيمهم دولت بهشلي باغت الجميع بموعد 24 يونيو، ما اعتبر من جانب مراقبين مناورة لإرباك أحزاب المعارضة.
ومن ثم، وجدت المعارضة التركية نفسها أمام ظرف يستدعي التحرك السريع، وإجراء مشاورات لتحديد مرشحها للانتخابات الرئاسية، وتأسيس تحالفاتها للانتخابات البرلمانية. إلا أنها عجزت عن التوافق على مرشح مشترك للسباق الرئاسي، كان يفترض أن يكون رئيس الجمهورية السابق عبد الله غُل، بسبب إصرار ميرال أكشينار، رئيسة «الحزب الجيد»، المنبثق من رحم حزب الحركة القومية، على الترشح للمنصب، وانقسام حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) إزاء ترشيح غُل، ذي الخلفية الإسلامية الآتي من حزب العدالة والتنمية، مرشحاً توافقياً.
نتيجة لهذا الوضع، وبعد إعلان غُل عزوفه عن الترشح، في ضوء تعذّر التوافق عليه، وما تردد عن تهديد إردوغان له إذا ترشح أمامه (وهو الأمر الذي نفاه بنفسه لاحقاً)، أصبح هناك 6 مرشحين للرئاسة، هم: الرئيس إردوغان مرشح «تحالف الشعب»، الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية والحركة القومية والوحدة الكبرى، وإينجه مرشح حزب الشعب الجمهوري، وأكشينار رئيسة «الحزب الجيد»، وتمال كرم الله أوغلو رئيس حزب السعادة، ودوغو برينتشيك رئيس حزب الوطن، وصلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي السابق، وهو سجين حالياً على ذمة كثير من القضايا المتعلقة بادعاءات دعمه للإرهاب.
- «الأمة» ضد «الشعب»!
ولئن لم تكن أحزاب المعارضة قد نجحت في التوافق على مرشح واحد للرئاسة، فإنها لم تفوّت الفرصة في الانتخابات البرلمانية، بنسج تحالف بين 4 أحزاب تمثل توجّهات سياسية مختلفة، بل متناقضة، يحلو للبعض تسميته بـ«تحالف الأضداد»، هي حزب الشعب الجمهوري العلماني، ويمثل يسار الوسط، وحزب السعادة الإسلامي (الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين إربكان، أحد أبرز زعماء تيار الإسلامي السياسي في تركيا)، و«الحزب الجيد» القومي، والحزب الديمقراطي الذي يمثل يمين الوسط.
ويخوض هذا التحالف الواسع الطيف، الذي أطلق على نفسه اسم «تحالف الأمة»، في إشارة إلى أنه يمثل الشعب كله، الانتخابات البرلمانية أمام «تحالف الشعب»، المكوّن من أحزاب العدالة والتنمية والحركة القومية والوحدة الكبرى (اليميني)، وهذا التحالف الأخير يلعب على قاعدة الناخب المحافظ والقاعدة الشعبية للقوميين، التي انقسمت بين حزبي الحركة القومية و«الحزب الجيد».
ومن جانب آخر، ستستفيد الأحزاب المتحالفة في دخول البرلمان - حتى الأحزاب الصغيرة منها - لأن الأصوات ستحتسب للتحالف، ما سيمكّن هذه الأحزاب من تجاوز العتبة الانتخابية، أو الحد الأدنى النسبي للتمثيل في البرلمان (الحصول على 10 في المائة من أصوات الناخبين)، وكان هذا الحد قد حرم كثيراً من الأحزاب من الحصول على مقاعد برلمانية، فضلاً عن تمثيلها بمجموعات برلمانية (المجموعة 20 نائباً)، ومنها السعادة والديمقراطي والوحدة الكبرى.
يُذكر أن الاستفتاء على تعديل الدستور كان قد شهد تحالفات غير رسمية أو غير معلنة، فأيد حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية هذه التعديلات، وعارضتها أحزاب المعارضة بشكل عام. ويوجد في البرلمان التركي اليوم 4 أحزاب كبيرة تمثل اتجاهات سياسية رئيسية، هي بحسب ترتيب عدد المقاعد: العدالة والتنمية الحاكم (محافظ)، والشعب الجمهوري (علماني كمالي)، والشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد)، والحركة القومية (قومي). وستكون الانتخابات المقبلة هي الأولى التي تتزامن فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويسمح فيها للأحزاب بتشكيل تحالفات مؤقتة، مع إمكانية أن ينفصل كل حزب بمقاعده في البرلمان بعد دخوله. أما حزب الشعوب الديمقراطي - المؤيد للأكراد - فبقي وحيداً، وإن كان هناك بعض الأحزاب اليسار الراديكالية تتحالف معه بشكل غير رسمي.
- برامج وحملات
هذا، وخلال اليومين الماضيين أطلقت الأحزاب السياسية برامجها، وبدأت حملاتها الانتخابية رسمياً. وتتمحور هذه البرامج بشكل عام حول قضايا الوضع الاقتصادي والسياسة الخارجية والتعليم والعدالة الاجتماعية. كذلك تقدمت الأحزاب الاثنين الماضي بقوائم مرشحيها للبرلمان، الذي رفع عدد مقاعده إلى 600 مقعد في التعديلات الدستورية الأخيرة، إلى اللجنة العليا للانتخابات، وسيصار إلى إعلان القوائم النهائية في 30 مايو (أيار) الحالي. وكشفت قائمة مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم عن كثير من المؤشرات في ما يتعلق بشكل الحكومة المقبلة، التي سيختار المرشح الفائز بالانتخابات الرئاسية أعضاءها، إذ تضمّنت القائمة التي عكف إردوغان على تنقيحها بنفسه طوال يوم أول من أمس في مقر الحزب الحاكم بالعاصمة أنقرة غالبية أعضاء الحكومة الحالية، باستثناء وزراء المجموعة الاقتصادية، يتقدمهم نائب رئيس الوزراء محمد شيمشيك، ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي، ووزير المالية ناجي أغبال، إلى جانب وزير الدولة لشؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك همر تشيليك، ووزير الصناعة والعلوم والتكنولوجيا فاروق أوزلو، ما يشير إلى احتمال أن تجد هذه الأسماء أماكن لها في الحكومة المقبلة. وتفسير ذلك أنه بحسب التعديلات الدستورية، لن يكون الوزراء من نواب البرلمان، بل سيستقيل من البرلمان من يتم اختياره ضمن أعضاء الحكومة أو الفريق الرئاسي. ومقابل ذلك، ضمت قائمة الحزب 167 نائباً من النواب الحاليين، وعددهم 316 نائباً، وجاء رئيس الوزراء بن علي يلدريم على رأس قائمة مرشحي الحزب في المنطقة الأولى في إزمير (غرب تركيا)، و126 مرشحة، و57 مرشحاً تقل أعمارهم عن 25 سنة، بينهم إليف نور بايرام (18 سنة) المرشحة في مدينة كوجالي (غرب)، و8 مرشحين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشارت مصادر بحزب العدالة والتنمية إلى أنه قد يتم ترشيح رئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم لرئاسة البرلمان الجديد، لأنه سيلغَى منصب رئيس الوزراء في النظام الرئاسي الجديد. وراجت توقعات بأن يكون لوزير شؤون الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك موقع بارز في الحكومة المقبلة، وقد يكون وزيراً للخارجية بدلاً عن مولود جاويش أوغلو الذي رُشح للبرلمان في مدينة أنطاليا (جنوب).
أيضاً تضمنت قائمة المرشحين أسماء جديدة من مختلف المجالات، منهم عدد من الرياضيين، أهمهم متسابق الدراجات النارية الدولي كنان صوفو أوغلو، ولاعب كرة القدم التركي السابق في صفوف نادي إستون فيلا والمنتخب التركي ألباي أوزالان، والمصارع الدولي سلجوق تشلبي، وحل أحمد مدحت أرينتش (نجل نائب رئيس الوزراء رئيس البرلمان الأسبق أحد مؤسسي الحزب بولنت أرينتش) في دائرة مانيسا (غرب)، التي كانت دائرة والده من قبل.
للعلم، أدت الترشيحات إلى مناقشات داخلية واسعة في الأحزاب التركية، وخصوصاً في حزب الشعب الجمهوري الذي شهدت قائمته تغييرات ومفاجآت متعددة، إذ استبعد 61 من نواب الحزب بالبرلمان وعددهم 131 نائباً، ودُفع بأسماء من هيئات وتشكيلات الحزب ومجلسه التنفيذي، إلى جانب الدفع بأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم عبد اللطيف شنر، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء، قبل أن ينشقّ عن حزب العدالة والتنمية بسبب خلافات مع إردوغان في عام 2011. ومن بين من استبعدتهم القائمة الأسماء التي كانت ضمن قائمة مرشح الحزب للرئاسة محرّم إينجه في انتخابات رئاسة الحزب التي خاضها منافساً لرئيسه كمال كليتشدار أوغلو.
واعتبر مراقبون أن استبعاد الأسماء المقربة من إينجه، فضلاً عن عدم ترشيحه في البرلمان كونه مرشحاً للرئاسة، يعني أنه أطيح به وبفريقه دفعة واحدة.
- برلمان متعدد
يشير مجمل استطلاعات الرأي إلى أن الرئيس إردوغان سيكون قادراً على حسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، وقد يكون هناك تنافس قوي على مقاعد البرلمان، ومن المتوقع دخول أكثر من 4 أحزاب إلى البرلمان بسبب توفير التحالفات إمكانية تجاوز عتبة العشرة في المائة للتمثيل في البرلمان. ويرجع ذلك إلى أن إردوغان هو أكثر المرشحين تحضيراً للانتخابات، وهو أول مرشح أعلن بيانه الانتخابي، مذكراً بإنجازاته وإنجازات حزبه خلال 16 سنة من الحكم، ويطالب الناخبين بالتصويت له من جديد لاستكمال مسيرة حزب العدالة والتنمية، وتحقيق أهداف تركيا لعام 2023، الذي يوافق الذكرى المئوية لإعلان الجمهورية التركية.
وعبر إردوغان، أول من أمس، عن ثقته بالفوز في الانتخابات الرئاسية بأكثر من 50 في المائة بكثير، متوقعاً أن يمنحه شعبه تلك الولاية مع برلمان قوي. وكشف عن أنه لن يكون هناك مجلس وزراء مكون من 25 وزيراً خلال الفترة المقبلة، وأن عدد الوزراء سينخفض إلى حد كبير.
- الأكراد والعلويون «كلمة السر» في الانتخابات
> يبقى الصوت الكردي مؤثراً رئيسياً في الانتخابات التركية، وتحديد الفائز فيها، كونه عاملاً مرجحاً تلجأ إليه الأحزاب لحسم المعارك. وبعد تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، يبدو أن فرصة تحصيل نسبة كبيرة من أصوات الأكراد غير مواتية لتحالف الشعب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، نظراً للعداء التاريخي بين الحركة القومية والأكراد الذين يشكلون الغالبية في مناطق شرق وجنوب شرقي البلاد.
نسبة كبيرة من أصوات الأكراد تذهب إلى حزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد)، لكن حزب العدالة والتنمية يعول دائماً على الإسلاميين والمحافظين الأكراد، وإن كان الاستحقاقان الانتخابيان في 2015 قد أظهرا تراجعاً في شعبية العدالة والتنمية لدى الأكراد. ويبدو أن الحزب لن يتمكن، من وجهة نظر مراقبين، من جمع نسبة عالية من هذه الأصوات في الانتخابات المقبلة.
في المقابل، أبدى حزب العدالة والتنمية توجهاً نحو «العلويّين» - تعني المسلمين من غير السنّة - الذين يشكلون كتلة غير معروفة العدد، لكن ثمة تقديرات تشير إلى أن أعدادهم تتجاوز 15 مليوناً، ينتشرون في عدد من مناطق تركيا من الغرب إلى الشرق. وتضمن البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية وعداً بتقنين وضع «بيوت الجمع»، دور عبادة العلويين بعد الانتخابات.
وفي الانتخابات السابقة، صوت «العلويّون» أكثر من مرة لصالح العدالة والتنمية على أمل تحقيق مطالبهم، لكن ذلك لا ينفي أن نسبة كبيرة منهم لا تزال على ولائها لحزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك.
- أبرز القضايا في الانتخابات التركية
> النظام الرئاسي: على الرغم من أن الانتخابات المقبلة ستكون تدشيناً للنظام الرئاسي الذي يوسع صلاحيات رئاسة الجمهورية، فإن هذا النظام نفسه يشكل أحد أهم القضايا التي تمحورت حولها حملات مرشحي المعارضة للرئاسة.
> الوضع الاقتصادي: تتأهب تركيا للانتخابات في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، من حيث تدهور الليرة التركية وارتفاع التضخم والبطالة وديون الفلاحين وأسعار الوقود ومعاشات المتقاعدين ما سمح للمعارضة باستخدام هذه القضايا في الضغط على إردوغان.
> التعليم: فرضت قضية التعليم نفسها بشكل كبير على أجندة جميع الأحزاب والمرشحين، وبرزت تعهدات بتحسين مستوى التعليم، وتقديم منح مالية للطلاب، وتحسين أحوال السكن الجامعي.
> فتح الله غولن: تشكل قضية تسليم واشنطن الداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه سلطات أنقره بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، واحدة من القضايا المهمة أيضاً ما بين تعهدات إردوغان بالقضاء على أي وجود لأنصاره وبين تهديد المعارضة بإغلاق قاعدة إنجيرليك حال رفض واشنطن تسليمه.
> حالة الطوارئ: تشكل أحد المحاور الرئيسية في حملات الأحزاب والمرشحين للرئاسة، مع تعهدات من المعارضة بإلغائها على الفور عقب الفوز بالانتخابات، وضمان العودة للديمقراطية والحريات ودولة القانون، بينما يدافع إردوغان عن استمرارها كونها لم تؤثر على حياة المواطن اليومية منذ فرضها في 20 يوليو (تموز) 2016 على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة.
> سوريا واللاجئون: بين قضايا السياسة الخارجية المتعددة التي تتعرض فيها الحكومة لانتقادات واسعة، خصوصا في ما يتعلق بالمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، والعلاقات مع دول الجوار، والتدخل في مشكلات الشرق الأوسط، برزت قضية العلاقات مع سوريا واللاجئين السوريين. هذه القضية برزت سواءً من جانب حزب العدالة والتنمية، الذي تحدث عن علاقات مع «سوريا جديدة» ما بعد نظام الأسد، أو بين أحزاب المعارضة التي تعهدت بحل الأزمة السورية، وإعادة اللاجئين، وإقامة علاقات طبيعية مع نظام الأسد، محملة حكم إردوغان جانباً كبيراً من المسؤولية عن تدهور الأوضاع في سوريا.



الأمم المتحدة: أوامر إسرائيل بنقل الفلسطينيين من رفح «غير إنسانية»

الأوامر الإسرائيلية بنقل الفلسطينيين من رفح غير إنسانية وتهدد بتعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس (رويترز)
الأوامر الإسرائيلية بنقل الفلسطينيين من رفح غير إنسانية وتهدد بتعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: أوامر إسرائيل بنقل الفلسطينيين من رفح «غير إنسانية»

الأوامر الإسرائيلية بنقل الفلسطينيين من رفح غير إنسانية وتهدد بتعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس (رويترز)
الأوامر الإسرائيلية بنقل الفلسطينيين من رفح غير إنسانية وتهدد بتعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس (رويترز)

قال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان اليوم (الاثنين) إن الأوامر الإسرائيلية بنقل الفلسطينيين من رفح غير إنسانية وتهدد بتعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس.

وبحسب «رويترز»، أضاف تورك في بيان «لا يزال سكان غزة يتعرضون للقنابل والأمراض، بل والمجاعة. واليوم، قيل لهم إنه يتعين عليهم الانتقال مرة أخرى مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح... هذا غير إنساني».


تدريبات عسكرية فلبينية أميركية تحاكي تصدي «غزو» في بحر الصين الجنوبي

قوات أميركية تستعدّ للصعود إلى مروحيات عسكرية من طراز CH - 47 تابعة للجيش الأميركي في محطة باريديس الجوية في باسوكوين بمقاطعة إيلوكوس نورتي أثناء نقلها قوات أميركية وفلبينية خلال مناورة عسكرية مشتركة في شمال الفلبين الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)
قوات أميركية تستعدّ للصعود إلى مروحيات عسكرية من طراز CH - 47 تابعة للجيش الأميركي في محطة باريديس الجوية في باسوكوين بمقاطعة إيلوكوس نورتي أثناء نقلها قوات أميركية وفلبينية خلال مناورة عسكرية مشتركة في شمال الفلبين الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)
TT

تدريبات عسكرية فلبينية أميركية تحاكي تصدي «غزو» في بحر الصين الجنوبي

قوات أميركية تستعدّ للصعود إلى مروحيات عسكرية من طراز CH - 47 تابعة للجيش الأميركي في محطة باريديس الجوية في باسوكوين بمقاطعة إيلوكوس نورتي أثناء نقلها قوات أميركية وفلبينية خلال مناورة عسكرية مشتركة في شمال الفلبين الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)
قوات أميركية تستعدّ للصعود إلى مروحيات عسكرية من طراز CH - 47 تابعة للجيش الأميركي في محطة باريديس الجوية في باسوكوين بمقاطعة إيلوكوس نورتي أثناء نقلها قوات أميركية وفلبينية خلال مناورة عسكرية مشتركة في شمال الفلبين الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)

أطلقت قوات أميركية وفلبينية صواريخ وقذائف مدفعية في إطار مناورات تحاكي التصدي لعملية «غزو» عسكري أقيمت على الساحل الشمالي للفلبين، (الاثنين)، بعد أيام على احتجاج حكومتي البلدين على تحرّكات الصين «الخطيرة» في المياه الإقليمية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

تجري آلاف القوات مناورات برية وبحرية وجوية على وقع تزايد المواجهات بين السفن الصينية والفلبينية في محيط مناطق المياه الضحلة في بحر الصين الجنوبي الذي تطالب به مانيلا وازدياد الأنشطة الجوية والبحرية الصينية في محيط تايوان القريبة التي تتمتع بالحكم الذاتي.

احتشدت القوات الأميركية في منطقة كثبان رملية على الساحل الشمالي الغربي لجزيرة لوزون، على بُعد نحو 400 كيلومتر جنوب تايوان، وأطلقت أكثر من 50 قذيفة عيار 155 مليمتراً على أهداف عائمة تبعد نحو خمسة كيلومترات عن الساحل، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».

أعقبتها القوات الفلبينية بإطلاق صواريخ تهدف لإنهاك المهاجمين قبل أن تنهي القوتان المهمة باستخدام الرشاشات وصواريخ «جافلين» والمزيد من القذائف المدفعية.

وقال قائد قوة المشاة البحرية الأميركية الأولى اللفتنانت جنرال مايكل سيدرهولم إن المناورات هدفها «الاستعداد للأسوأ» من خلال «تأمين منطقة بحرية رئيسية».

وأفاد الصحافيون من موقع التدريبات بأنها «مصممة للتصدي لغزو».

وقال مدير التدريبات عن الجانب الفلبيني الميجور جنرال مارفن ليسودين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» قبيل إطلاق الذخيرة الحية في كثبان لا باز الرملية قرب مدينة لاوواغ: «الجانب الشمال الغربي لدينا هو الأكثر عرضة للخطر».

مروحية عسكرية تابعة للجيش الأميركي من طراز CH - 47 تحلّق فوق مقاطعة كاجايان بشمال الفلبين خلال مناورة عسكرية مشتركة الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)

وأضاف: «بسبب المشاكل الإقليمية التي لدينا... علينا التمرّن بالفعل وتوجيه أنفسنا في أراضينا في هذه المناطق».

تطالب بكين ببحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً رغم صدور حكم دولي يشير إلى عدم وجود أساس قانوني لمطالبتها.

وتنشر مئات عناصر خفر السواحل وسلاح البحرية وغيرها من السفن ضمن دوريات لعسكرة المنطقة.

ولدى سؤالها عن مناورات الاثنين، حذّرت الخارجية الصينية من أن «أي تدريب عسكري يجب ألا يستهدف أو يضر بمصالح الأطراف الثالثة».

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية لين جيان في مؤتمر صحافي دوري: «يمكن لجميع دول المنطقة أن ترى بوضوح من الطرف الذي يعمل حالياً على إثارة مواجهة عسكرية وتصعيد التوتر في المنطقة».

والأسبوع الماضي، أعلنت مانيلا أن خفر السواحل الصيني ألحق أضراراً بسفينة تابعة لخفر السواحل الفلبيني وسفينة حكومية أخرى في هجمات بخراطيم المياه في محيط منطقة سكاربورو شول الخاضعة لسيطرة الصين في بحر الصين الجنوبي بتاريخ 30 أبريل (نيسان).

وأكد الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس، (الاثنين)، أن بلاده لن ترد بالمثل على تحرّك الصين.

وقال ردّاً على سؤال بشأن إن كانت مانيلا تنوي بدء استخدام خراطيم المياه على متن مراكب خفر السواحل التابعة لها للرد على الصين: «لن نحذو حذو خفر السواحل الصيني والسفن الصينية».

وأضاف: «لا تتمثل مهمة سلاح البحرية لدينا وخفر سواحلنا ببدء أو زيادة التوتر... لا نية لدينا بمهاجمة أي طرف بخراطيم المياه أو غيرها من (المعدات) الهجومية».

وتابع أن «آخر» ما ترغب به الفلبين هو «تصعيد التوتر» في المياه المتنازع عليها.

يشارك أكثر من 16700 جندي فلبيني وأميركي في المناورات العسكرية السنوية التي يطلق عليها «باليكاتان» في عدة مواقع في أنحاء الأرخبيل الآسيوي.

مشاة من البحرية الأميركية يحملون معدات في محطة باريديس الجوية في باسوكوين بمقاطعة إيلوكوس نورتي خلال مناورة عسكرية مشتركة في شمال الفلبين الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)

«سلوك مزعزع للاستقرار»

فاقمت المواجهات البحرية بين الصين والفلبين المخاوف من اندلاع نزاع أوسع نطاقاً يمكن أن يشمل الولايات المتحدة وحلفاء آخرين.

وجاءت مناورات الاثنين بعد أيام على اجتماع وزراء دفاع الفلبين والولايات المتحدة واليابان وأستراليا في هاواي وإصدارهم بياناً مشتركاً للتعبير عن احتجاجهم القوي على «السلوك الخطير والمزعزع للاستقرار» من قبل الصين في بحر الصين الجنوبي.

وناقش الوزراء «فرص تحقيق تقدّم أكبر في التعاون الدفاعي» و«العمل معاً لدعم الدول التي تمارس حقوقها وحرياتها في بحر الصين الجنوبي».

والأسبوع الماضي، أطلقت قوات أميركية تشارك في مناورات «باليكاتان» صواريخ «هيمارس» الدقيقة في بحر الصين الجنوبي من جزيرة بالاوان (غرب)، وهي أقرب مساحة برية رئيسية من جزر سبراتلي المتنازع عليها.

وأفادت قوات مشاة البحرية الأميركية بأن المناورات كانت عبارة عن تدريب على عملية نشر سريعة للمنظومة الصاروخية في أنحاء السواحل الفلبينية المطلة على بحر الصين الجنوبي من أجل «تأمين وحماية منطقة الفلبين البحرية ومياهها الإقليمية ومصالحها الواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها».

تأتي المواجهات بين الفلبين والصين في ظل تصاعد التوتر بين بكين وتايبيه التي تستعد لتنصيب رئيس جديد تعده الصين انفصالياً خطيراً.

وذكرت وزارة الدفاع التايوانية الجمعة أنها رصدت 26 طائرة صينية و5 مراكب تابعة لسلاح البحرية في محيط الجزيرة الخاضعة لحكم ذاتي خلال الساعات الـ24 الماضية.

وقال وزير الخارجية الفلبيني إنريكي مانالو في تصريحات نقلها عنه مساعد له الجمعة: «إلى حد ما، تعد المناورات العسكرية شكلاً من أشكال الردع... كلما قمنا بالمحاكاة أكثر، نقوم بالتفعيل بشكل أقل».


رئيس الصين: مستعدون للعمل مع الاتحاد الأوروبي لعقد مؤتمر سلام بشأن غزة

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

رئيس الصين: مستعدون للعمل مع الاتحاد الأوروبي لعقد مؤتمر سلام بشأن غزة

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

نقلت وسائل إعلام رسمية صينية عن الرئيس شي جين بينغ اليوم الاثنين قوله إن بكين مستعدة للعمل مع الاتحاد الأوروبي لدعم مؤتمر سلام دولي أوسع نطاقا وأكثر موثوقية وفعالية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبحسب رويترز، قال شي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال اجتماع ثلاثي في قصر الإليزيه إن المهمة الملحة هي تحقيق وقف شامل لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن، وإن الأولوية الرئيسية هي ضمان وصول المساعدة الإنسانية.


مقولة الدروس المُستقاة في الحرب

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

مقولة الدروس المُستقاة في الحرب

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

الدروس المُستقاة، هي الدروس المستخلصة من التنفيذ العمليّ لاستراتيجيّة ما. والاستراتيجيّة، هي تحضير لسيناريو مستقبليّ، لكن في الحاضر، لتنفيذه في مرحلة لاحقة. وهي، أي الاستراتيجيّة، وهم (Illusion) كما يقول بعض الخبراء. هي خطّة مُتخيّلة. هي خطّة مستقبلية، ترتكز على تجارب الماضي، وما أُخذ منها من عبر ودروس، لكن في واقع ديناميكيّ يتغيّر باستمرار. تُحدّث الاستراتيجيّة نفسها عبر الداتا المتدفّقة على منظومتها من خارج بنيتها، إن كان من العدو مباشرة، أو من خلال المصادر العامة والمفتوحة. لكن التحديث لا يعني مُطلقا صواب ونجاح هذه الاستراتيجيّة. فالاختبار الفعليّ، هو دائماً في مسرح الحرب. هو الوحيد القادر على قياس نجاح هذه الاستراتيجيّة. هو القادر على اختبار عبقريّة القادة، وشجاعة المقاتل أمام أهمّ اختبار له، ألا وهو مواجهة الموت. ويقول الفيلسوف الألماني الكبير جورج فريدريك هيغل عن الموت: «إن مواجهة الموت هي تجربة أساسيّة في تحوّل الإنسان إلى إنسان، وفي انتقاله من كائن حيّ إلى كائن يُدرك ذاته».

لا تتجسّد الدروس المستقاة فعلاً إلا إذا أدخلت في البنى الفكريّة والتنفيذيّة للجيوش. وهنا تتظهّر المعضلة التالية: إذا أخذ الفريق (أ) الدروس المستقاة من حربه ضدّ الفريق (ب). وإذا فعل الفريق (ب) نفس الشيء كما الفريق (أ). ألا يعني هذا الأمر انتفاء أهميّة هذه الدروس؟ ألا يصبح الفريقان بعد إدخالهما لدروسهما المُستقاة في منظومتيهما العسكريّة وكأنهما بدآ من المربّع الأولّ والنقطة صفر؟ ألا يأخذنا هذا التساؤل إلى المفارقة التي تحدّث عنها أرسطو حول الوقت حين قال: «إذا كان الزمن يتكون أساساً من نوعين مختلفين من عدم الوجود (المستقبل - «ليس بعد، والماضي - «لم يعد»)، فماذا يمكن القول عن الحاضر اللحظيّ والمتلاشي»؟ وعليه كيف يتمّ التخطيط للمستقبل؟ فهل يمكن تذكّر الماضي كما هو، أم أنه أيضاً مُتخيّل حتى ولو تمّ تدوينه بالتفصيل من قبل المؤرّخين؟

مقاتلة حربية إسرائيلية في سماء جنوب لبنان الاثنين (أ.ف.ب)

يسأل الفيلسوف والمؤرّخ الأميركي ويل دورانت في كتابه: «دروس التاريخ»، هل حدّد الإنسان أنماطاً تاريخيّة ساعدته على سبر كنه المستقبل وفكّ ألغازه؟ في النهاية، والقول لدورانت، قد يكون التاريخ دون معنى وفائدة، وعلى أنه ذلك التكرار المُرهق للأخطاء في المستقبل. لذلك يسخر منّا التاريخ في كلّ مرّة نحاول حصر تدفّقه في أطر ومفاهيم نظريّة. وهو دائماً يتمرّد على كل تعميم نقوم به، ويخرق قواعدنا باستمرار.

يقول الكاتب الأميركيّ جوزيف ستيب إن أخذ الدروس المُستقاة من التاريخ يجب أن توضع تحت مجهر مبدأين أساسيّين هما: الظروف، واللامتوقّع، أو حالة طوارئ ممكنة الحصول (Context & Contingency). فلكلّ حدث معيّن ظروفه الخاصة، من الاجتماعيّة إلى الاقتصاديّة، مروراً بالسياسيّة، وغيرها من العوامل. إذن، كيف يمكن أخذ الدروس المستقاة من حرب ما حصلت في الماضي، وإسقاطها على حرب نُخطّط لها الآن في ظروف مختلفة؟ في هذا الإطار، يُعرّف المؤرّخ الأميركيّ جون لويس غاديس حالة اللامتوقّع، أو الطوارئ، (Contingency) على أنها تلك الظواهر التي لا تشكّل أنماطاً معيّنة.

أحداث اعتمدت فيها الأنماط التاريخيّة

عندما أراد الأميركيّون تغيير النظام في العراق، انكبّوا على دراسة الاستراتيجيّة التي اعتمدوها عند إعادة بناء اليابان وألمانيا، وذلك بعد هزيمتهما في الحرب العالميّة الثانية. نجح الأميركيّون في ألمانيا، واليابان. لكنهم فشلوا في العراق، فقط لأن الظروف مختلفة كلّيا. فإعادة بناء اليابان وألمانيا حصلت بعد الاستسلام. وبعد موافقة البلدين. كل هذه الظروف لم تكن متوفّرة في حالة العراق.

في الحرب الدائرة اليوم في غزّة، اعتمد الجيش الإسرائيليّ عقيدة قتالية كانت قد ارتكزت على تجربة حرب مع لبنان العام 2006، كما على كلّ نصف الحروب التي خاضها هذا الجيش ضد قطاع غزّة. فبعد الحرب، رسم رئيس الأركان آنذاك أفيف كوخافي عقيدة تحت مُسمّى «الاندفاعة»، (Momentum). بعد كوخافي، رسم رئيس الأركان الحالي هرتسي هاليفي عقيدة عسكريّة جديدة تحت مُسمّى (Maalot) بالعبريّة، أي الصعود. تعتمد هذه العقيدة على القتال الهجين (Hybrid). كل هذه العقائد العسكريّة ارتكزت على التجارب السابقة، وما أُخذ منها من دروس مستقاة للحرب المقبلة. نعايش الآن في قطاع غزّة كل ما أُعد له، إن كان من جهة الجيش الإسرائيليّ، أو من جهّة حركة «حماس» وغيرها من التنظيمات في القطاع. حتى الآن، فشلت كلّ الدروس التاريخيّة للفريقين، وانتقلت الحرب إلى حرب استنزاف بكل أبعادها.

نظرة على الصورة التكتيكية في حرب غزّة

في الحرب عادة، هناك ثلاثة مستويات هي: الاستراتيجيّ، العملانيّ، والتكتيكيّ. تُخاض الحرب عادة على كلّ المستويات، وفي نفس الوقت، حتى ولو تمّ فصلها عن بعضها البعض. لكن مع التقدّم التكنولوجي، بدأنا نلاحظ التماهي أكثر بين المستويات الثلاثة، إلى درجة أنه بدأ الحديث عن ضرورة توفّر ما يُسمّى بالعريف الاستراتيجيّ (Strategic Corporal) على المستوى التكتيكي. بكلام آخر، هذا العريف الذي يقاتل على هذا المستوى عليه أن يكون مثقفاً إلى درجة تجعله ملمّاً بكل المستويات ضمن المستوى الجيوسياسيّ.

في الختام، قد يمكن طرح الأسئلة التالية فيما يخصّ الدروس المستقاة مما يجري في غزّة. إن جوهر الحرب في غزّة هو تكتيكي بامتياز، لكن مع تداعيات إقليميّة، وجيوسياسيّة، وحتى على المستوى الدوليّ. في حرب غزّة كل فريق يُعلّم الآخر كيف عليه أن يقاتله، وذلك كلما طالت مدّة الحرب. قد يُطلق على هذه المرحلة ما يُسمّى بالتنافذ (Osmosis). ولأن الحرب في غزّة تكتيكية بامتياز، فهل عملية استنتاج الدروس المستقاة هي عملية آنية ظرفيّة تفرضها ديناميكيّة الحرب، وعليها يتم التأقلم الفوريّ؟ وهل يرى المقاتل الفرديّ الدروس المستقاة كما يراها قائده المباشر على المستوى العملاني، وكما يراها قائده الأعلى على المستوى الاستراتيجيّ؟ إذن، كيف يمكن الدمج بين كلّ هذه المستويات للتوصّل فعلاً إلى استنتاج الدروس المستقاة؟ أم أن كلّ هذه العملية هي فقط مثل النجم القطبي، الذي لا يمكن لمسه، لكنه على الأقلّ يدّلنا عن بُعد على اتجاه الشمال الجغرافيّ؟ فعلاً، إن الحرب كالحرباء (Chameleon) كما وصفها كلوزفيتز.


المحافظ خوسيه راؤول مولينو يفوز بالانتخابات الرئاسية في بنما

المحافظ خوسيه راؤول مولينو يحتفل بفوزه (أ.ف.ب)
المحافظ خوسيه راؤول مولينو يحتفل بفوزه (أ.ف.ب)
TT

المحافظ خوسيه راؤول مولينو يفوز بالانتخابات الرئاسية في بنما

المحافظ خوسيه راؤول مولينو يحتفل بفوزه (أ.ف.ب)
المحافظ خوسيه راؤول مولينو يحتفل بفوزه (أ.ف.ب)

فاز المحافظ خوسيه راؤول مولينو بالانتخابات الرئاسيّة في بنما، أمس الأحد، بحصوله على 34 في المائة من الأصوات، متقدّماً بتسع نقاط على أقرب منافسيه؛ ألفريدو جونكا، الذي أقرّ بهزيمته.

وتوجّه جونكا إلى مولينو بالقول: «يُسعدني، باسم المحكمة الانتخابيّة، أن أبلغكم بأنّكم (...) فزتم برئاسة جمهوريّة» بنما.

من جهته، قال القنصل السابق ريكاردو لومبانا (يمين الوسط)، الذي حلّ في المركز الثاني، لأنصاره إنّه يعترف بفوز «رئيس جمهوريّة بنما المُنتخب خوسيه راؤول مولينو»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأُغلقت، الأحد، مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها ثمانية مرشّحين.

وتشكلت طوابير خارج مراكز الاقتراع، في وقت مبكر من صباح الأحد، مع بدء نحو ثلاثة ملايين ناخب الإدلاء بأصواتهم، لاختيار رئيس جديد، وأعضاء مجلس النواب والحكومات المحلية في الدولة الواقعة بأميركا الوسطى.

وتقدّم المحامي المحافظ، خوسيه راؤول مولينو (64 عاماً)، بفارق كبير في استطلاعات الرأي مع حصوله على نحو 37 في المائة من الأصوات، وفق آخِر استطلاع.

لكنه اضطرّ إلى انتظار قرار المحكمة، الذي وافق على ترشيحه، وصدر في اللحظة الأخيرة الجمعة.

ولم يقترب غير ثلاثة من المرشّحين السبعة الباقين من الحصول على نسبة تأييد تبلغ 15 في المائة، في الدولة الواقعة بأميركا الوسطى، والتي تعاني فساداً متجذّراً وموجة جفاف شديدة تؤثّر في قناة بنما التي تحمل أهمية اقتصادية بالغة للبلاد، فضلاً عن تدفق المهاجرين المتوجّهين إلى الولايات المتحدة الذين يمرون عبر أدغالها.

ويحتل المراتب اللاحقة لمولينو، الرئيس السابق الديمقراطي الاجتماعي مارتن توريخوس، وسياسيان من يمين الوسط هما وزير الخارجية السابق رومولو روكس، والسفير السابق لدى الولايات المتحدة ريكاردو لومبانا.

خوسيه راؤول مولينو يسلّم على أنصاره بعد فوزه (أ.ف.ب)

«واجهة لشخص تأكد أنه فاسد»

حلّ مولينو مكان الرئيس السابق ريكاردو مارتينيلي، مرشحاً عن حزب «تحقيق الأهداف» اليميني، بعدما خسر مارتينيلي استئنافاً تَقدّم به ضد إدانته بغسل أموال.

وجرى الطعن بترشح مولينو، الذي كان مرشحاً لمنصب نائب الرئيس إلى أن جرى استبعاد مارتينيلي؛ على أساس أنه لم يفز في انتخابات تمهيدية، ولم يختر نائباً للترشح معه، بموجب القانون.

ورفضت المحكمة العليا هذه الشكوى، الجمعة، في حكمٍ رحّب به مارتينيلي الذي يعتقد معظم البنميين أنه سيكون الحاكم الفعلي من وراء الكواليس، وفق استطلاع نُشر مؤخراً.

وبعد التصويت توجه خوسيه راؤول مولينو إلى سفارة نيكاراغوا؛ حيث التقى مارتينيلي، وتصافح الرجلان بحرارة وتبادلا عبارة «أخي، سنفوز»، وفق مقطع فيديو نشره فريق حملة حزب «رياليزاندو ميتاس» الذي أسسه مارتينيلي.

ولجأ مارتينيلي، الذي ما زال يحظى بشعبية في بنما مع كلبه برونو، إلى سفارة نيكاراغوا، ويدير منها حملته الداعمة للمرشح المقرّب منه.

ويتوق عدد من البنميين إلى فترة الازدهار الاقتصادي في ظل حكومة مارتينيلي من عام 2009 حتى 2014 التي شهدت تطوّراً في البنى التحتية شمل توسيع القناة، وبناء أول خط مترو في أميركا الوسطى.

تكشف الاستطلاعات حالياً أن ملفات ارتفاع تكاليف المعيشة والوصول إلى مياه الشرب والجريمة باتت أبرز القضايا التي تشغل الناخبين.

ورفض مولينو، الذي كان رئيس الأمن العام في عهد مارتينيلي، القضية الجنائية المرفوعة ضد رئيسه السابق، على اعتبار أنها مدفوعة سياسياً، وقد يملك قريباً سلطة إصدار عفو عنه.

ويوم الجمعة، دعا مغني السلسا الشهير والناشط البنمي، روبين بليدز، الناخبين إلى عدم التصويت لرجل وصفه بأنه «واجهة لشخص تأكد أنه فاسد».

المرشح الرئاسي في بنما عن حزب «أوترو كامينو» ريكاردو لومبانا يحيي أنصاره بعد علمه بنتائج الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

مخاوف اقتصادية

وسيغادر الرئيس لورنتينو كورتيزو، من «الحزب الثوري الديمقراطي» (يسار وسط)، منصبه بعد ولاية شهدت اتهامات بانتشار الفساد على المستوى الرسمي، وتراجع الاستثمارات، وازدياد الدين العام.

وتقتصر الفترة الرئاسية في بنما على ولاية واحدة.

وبات نحو 45 في المائة من الوظائف في بنما بالسوق غير الرسمية، مع اقتراب معدل البطالة من نسبة 10 في المائة.

ويعاني ثلث سكان الريف الفقر.

في الوقت نفسه، جرى الحد من الحركة عبر قناة بنما التي يعتمد عليها الاقتصاد ويمر فيها نحو 6 في المائة من التجارة البحرية في العالم، نتيجة الجفاف.

وتُعد منطقة دارين غاب بين كولومبيا وبنما، والتي مر عبرها أكثر من نصف مليون مهاجر غير مسجّل، العام الماضي، تعرّضوا لانتهاكات انتقدتها مجموعات حقوقية، مصدر إزعاج آخر للرئيس المقبل. وتعهّد مولينو بإغلاقها.

ويحقّ لنحو ثلاثة ملايين من مواطني بنما، البالغ عددهم 4.4 مليون، المشاركة في الانتخابات التي تجري في جولة واحدة يتطلب الفوز فيها حصد غالبية الأصوات.

كما أنهم سينتخبون مجلساً وطنياً جديداً.

وتتمثل هموم البنميين الرئيسية في الفساد وكلفة العيش والحصول على مياه الشرب والحماية الاجتماعية.


الشرطة الأسترالية تقتل صبياً بعد واقعة طعن تحمل «بصمات» الإرهاب

مفوض شرطة أستراليا الغربية الكولونيل بلانش يتحدث في مؤتمر صحافي في بيرث بأستراليا الأحد 5 مايو 2024... حيث قُتل صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين برصاص الشرطة بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا (أ.ب)
مفوض شرطة أستراليا الغربية الكولونيل بلانش يتحدث في مؤتمر صحافي في بيرث بأستراليا الأحد 5 مايو 2024... حيث قُتل صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين برصاص الشرطة بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا (أ.ب)
TT

الشرطة الأسترالية تقتل صبياً بعد واقعة طعن تحمل «بصمات» الإرهاب

مفوض شرطة أستراليا الغربية الكولونيل بلانش يتحدث في مؤتمر صحافي في بيرث بأستراليا الأحد 5 مايو 2024... حيث قُتل صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين برصاص الشرطة بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا (أ.ب)
مفوض شرطة أستراليا الغربية الكولونيل بلانش يتحدث في مؤتمر صحافي في بيرث بأستراليا الأحد 5 مايو 2024... حيث قُتل صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين برصاص الشرطة بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا (أ.ب)

أطلقت الشرطة الأسترالية النار على صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين ليلقى مصرعه بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث، الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا، بحسب تصريح مسؤولين يوم الأحد.

وقعت الحادثة في ساحة انتظار السيارات الخاصة بمتجر أجهزة كمبيوتر بضاحية ويليتون مساء السبت. وصرح روجر كوك، رئيس وزراء ولاية أستراليا الغربية، لصحافيين يوم الأحد، بأن الصبي قد هاجم الرجل، ثم اندفع نحو ضباط الشرطة، قبل أن يُطلقوا عليه النار.

مقطع فيديو يظهر موقع حادثة الطعن في بيرث (أ.ب)

وقال كوك في مؤتمر صحافي: «هناك دلائل تشير إلى تحول الصبي نحو التوجه المتطرف عبر الإنترنت». وأضاف: «ولكني أريد أن أطمئن المجتمع في هذه المرحلة إلى أن (الصبي) قد تصرف وحده وبشكل منفرد على ما يبدو»، بحسب تقرير لوكالة أنباء «أسوشييتد برس».

وذكرت سلطات الولاية أن ثمة دلائل على أن الصبي البالغ من العمر 16 عاماً، والذي كان مسلحاً بسكين مطبخ، اعتنق أفكاراً متشددة عبر الإنترنت، مضيفة أنها تلقت مكالمات من أعضاء معنيين من الجالية المسلمة بالمنطقة قبل الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من مساء السبت. وقالت الشرطة إن الهجوم الذي وقع في ضاحية ويليتون يحمل «بصمات» الإرهاب.

في هذه الصورة من مقطع فيديو يتحدث رئيس وزراء أستراليا الغربية روجر كوك في مؤتمر صحافي في بيرث بأستراليا الأحد 5 مايو 2024 بعد أن قُتل صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين برصاص الشرطة بعد أن طعن رجلاً (أ.ب)

وقد تم العثور على رجل في الثلاثينات من عمره في مكان الحادثة مصاباً بطعنة في ظهره، وتم نقله إلى المستشفى في حالة خطرة لكنها مستقرة، وفقاً لبيان للشرطة. وتجري الشرطة ومنظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية تحقيقاً خاصاً بمكافحة الإرهاب في مدينة سيدني الواقعة على الساحل الشرقي منذ أن طعن صبي آخر يبلغ من العمر 16 عاماً، أسقفاً وكاهناً آشورياً أرثوذكسياً في إحدى الكنائس في 15 أبريل (نيسان).

وتم توجيه تهمة ارتكاب عمل إرهابي إلى الصبي، كما تم توجيه مجموعة من الاتهامات إلى ستة من شركائه المزعومين، من بينها التآمر للمشاركة في عمل إرهابي والتخطيط له. ولا يزال جميعهم قيد الاعتقال.

وقال أنتوني ألبانيز، رئيس الوزراء الأسترالي، إنه قد تلقى تقريراً عن حادثة الطعن الأخيرة في بيرث من جانب ريس كيرشو مفوّض الشرطة الفيدرالية الأسترالية، ومايك بيرجس المدير العام لمنظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية، الذي يرأس وكالة التجسس المحلية الرئيسية في البلاد. وقال ألبانيز: «لقد تم إبلاغي بعدم وجود تهديد مستمر للمجتمع بناءً على المعلومات المتاحة». وأضاف قائلاً: «نحن أمة محبة للسلام، وليس هناك مكان للتطرف والعنف في أستراليا».

وقال كول بلانش، مفوض شرطة أستراليا الغربية، إن الشرطة قد تلقت مكالمة طوارئ هاتفية بعد الساعة 10 مساءً من صبي يقول إنه سيرتكب أعمال عنف. وأضاف بلانش أن الصبي كان يشارك في برنامج لإصلاح الشباب المعرضين لخطر التطرف. وقال: «لا أريد أن أقول إنه قد تحول إلى التوجه المتطرف لأنني أعتقد أن هذا جزء من التحقيق».

كذلك قالت الشرطة إنها قد تم إبلاغها في وقت لاحق عبر مكالمة هاتفية من أحد المواطنين بوقوع اعتداء بالسكين في ساحة انتظار للسيارات. واستجاب ثلاثة ضباط شرطة، أحدهم مسلح بمسدس، واثنان مسلحان بأجهزة صعق كهربائي، بالتوجه إلى موقع الحادثة.

وقال بلانش إن الشرطة قد استخدمت صاعقين كهربائيين، لكنهم لم يتمكنوا من شلّ حركة الصبي قبل أن يتم قتله برصاصة واحدة. وقال بلانش إن أفراداً من الجالية الإسلامية المحلية كانوا قد أثاروا مخاوف الشرطة بشأن سلوك الصبي قبل مقتله يوم السبت.

لا مكان للعنف في الإسلام

وأدان سيد ودود جانود، إمام مسجد الناصر، أكبر مساجد مدينة بيرث، عملية الطعن في بيان، قائلاً: «لا مكان للعنف في الإسلام». وأضاف قائلاً: «نقدّر جهود الشرطة في الحفاظ على سلامة مجتمعنا والمجتمعات المحلية. وأريد أيضاً أن أثني على الجالية الإسلامية المحلية التي أبلغت الشرطة عن الجاني قبل الحادثة».

وانتقدت بعض الشخصيات القيادية المسلمة، الشرطة الأسترالية لإعلانها أن حادثة الطعن في الكنيسة، التي وقعت خلال الشهر الماضي، عمل إرهابي، لكنها لم تفعل المثل فيما يتعلق بحالة الهياج، التي حدثت في مركز تسوق في مدينة سيدني قبلها بيومين، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات. وقد أطلقت الشرطة النار على منفذ الهجوم، البالغ من العمر 40 عاماً، في اعتداء المركز التجاري، وأردته قتيلاً، ولم تكشف الشرطة بعدُ عن دافع الرجل.

يعد اعتداء الكنيسة هو الثالث الذي يتم تصنيفه من قبل السلطات الأسترالية عملاً إرهابياً منذ عام 2018. في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قتل ثلاثة مسيحيين متشددين ضابطَي شرطة وأحد المارّة، في كمين بالقرب من منطقة ويامبيلا في ولاية كوينزلاند، وقتلت الشرطة منفذي الجريمة لاحقاً.

بعد أيام من واقعة طعن في سيدني

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، طعن مسلم من أصل صومالي ثلاثة من المارّة في وسط مدينة ملبورن، مما أسفر عن مقتل أحدهم، قبل أن ترديه قوات الشرطة قتيلاً.

وجاء الهجوم على الأسقف بعد أيام فقط من واقعة طعن في ضاحية بوندي الساحلية في سيدني أودت بحياة ستة أشخاص. وتعد الجرائم التي تنفذ بأسلحة نارية وبيضاء نادرة في أستراليا، التي تصنف باستمرار من بين أكثر الدول أماناً في العالم، وفقاً للحكومة الاتحادية.


الهند تتهم كندا بـ«الهوس» لتحقيقها في ضلوع نيودلهي باغتيال زعيم من السيخ

وزير الخارجية الهندي إس. جايشانكار (حسابه على منصة «إكس»)
وزير الخارجية الهندي إس. جايشانكار (حسابه على منصة «إكس»)
TT

الهند تتهم كندا بـ«الهوس» لتحقيقها في ضلوع نيودلهي باغتيال زعيم من السيخ

وزير الخارجية الهندي إس. جايشانكار (حسابه على منصة «إكس»)
وزير الخارجية الهندي إس. جايشانكار (حسابه على منصة «إكس»)

أعلن وزير الخارجية الهندي أن أوتاوا تُظهر «هوساً» بتحقيقها في احتمال ضلوع الهند في اغتيال زعيم من السيخ، غرب كندا، بعد توقيف ثلاثة رجال، الجمعة، يشتبه في ضلوعهم بجريمة القتل.

وأوقفت الشرطة الكندية، الجمعة، ثلاثة هنود في العشرينات من العمر يشتبه بانتمائهم إلى فريق اغتال الزعيم السيخي هارديب سينغ نيجار في فانكوفر العام الماضي.

وأكدت قوات الأمن الكندية أنها تحقّق «في وجود صلات محتملة مع الحكومة الهندية»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

ونقلت وكالة أنباء «برس ترست» الهندية عن وزير الخارجية إس. جايشانكار قوله، السبت، «إن اتهام الهند هوس سياسي في كندا».

وهاجر نيجار إلى كندا في عام 1997 وأصبح مواطناً كندياً في عام 2015. وهو من دعاة إقامة دولة للسيخ منفصلة عن الهند باسم «خاليستان».

وكان مطلوباً لدى السلطات الهندية بتهمة الإرهاب والتآمر لارتكاب جريمة قتل. وقُتل في يونيو (حزيران) 2023 برصاص مهاجمين ملثمين في مرأب معبد للسيخ قرب مدينة فانكوفر على الساحل الغربي لكندا.

وأغرقت القضية كندا والهند في أزمة دبلوماسية خطيرة في الخريف الماضي، بعدما ألمح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى تورط الحكومة الهندية في عملية الاغتيال. ووصفت نيودلهي الاتهامات بأنها «سخيفة».

وبعد شهر، اضطرت الحكومة الكندية إلى إعادة عشرات من دبلوماسييها في الهند بعدما هدّدت نيودلهي بسحب حصانتهم الدبلوماسية.

وقُتل آلاف الأشخاص في ثمانينات القرن الماضي خلال تمرد انفصالي كان يهدف إلى إنشاء وطن للسيخ باسم «خاليستان»، واجهته القوات الهندية بقمع شديد.

وتراجع زخم هذه الحركة في الأراضي الهندية، لكنها تحظى بدعم أقلية من السيخ في الشتات توجد خصوصاً في كندا التي تضم أكبر جالية للسيخ خارج الهند على مستوى العالم، حيث يبلغ عددهم 770 ألف شخص.

وأوضح جايشانكار أن نيودلهي تسعى إلى إقناع أوتاوا بعدم منح الانفصاليين السيخ تأشيرات دخول أو أي شرعية سياسية لأنهم «يسببون مشاكل لـ(كندا)، ولنا، وكذلك لعلاقاتنا الدبلوماسية».

وأضاف أن كندا «لا تتقاسم معنا أي دليل في بعض القضايا، كما أن أجهزة الشرطة لا تتعاون معنا».


الشرطة الأسترالية تقتل صبياً بعد ثالث عملية طعن خلال شهر

صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر موقع حادث الطعن في بيرث (أ.ب)
صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر موقع حادث الطعن في بيرث (أ.ب)
TT

الشرطة الأسترالية تقتل صبياً بعد ثالث عملية طعن خلال شهر

صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر موقع حادث الطعن في بيرث (أ.ب)
صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر موقع حادث الطعن في بيرث (أ.ب)

قالت الشرطة الأسترالية اليوم (الأحد) إنها قتلت بالرصاص صبياً، بعد أن طعن رجلاً في بيرث عاصمة ولاية أستراليا الغربية، في هجوم قالت السلطات إنه يشير إلى عمل من أعمال الإرهاب، وهو ثالث عملية طعن تشهدها أستراليا خلال أقل من شهر.

وذكرت سلطات الولاية أن ثمة دلائل على أن الصبي البالغ من العمر 16 عاماً، والذي كان مسلحاً بسكين مطبخ، اعتنق أفكاراً متشددة عبر الإنترنت، مضيفة أنها تلقت مكالمات من أعضاء معنيين من الجالية المسلمة بالمنطقة، قبل الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من مساء السبت، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت الشرطة إن الهجوم الذي وقع في ضاحية ويليتون يحمل «بصمات» الإرهاب؛ لكن لم يتم إعلانه بعد عملاً إرهابياً.

وقال روجر كوك، رئيس وزراء ولاية أستراليا الغربية، في مؤتمر صحافي تلفزيوني في بيرث: «في هذه المرحلة يبدو أنه تصرف بمفرده» في إشارة إلى المهاجم.

وقالت السلطات إن الضحية الذي طُعن في ظهره حالته مستقرة في المستشفى.

ويأتي هذا الحادث بعد أن اتهمت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، الشهر الماضي، كثيراً من الصبية بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب، في التحقيقات التي أعقبت طعن أسقف آشوري، بينما كان يلقي خطبة على الهواء مباشرة في سيدني يوم 15 أبريل (نيسان).

وجاء الهجوم على الأسقف بعد يومين فقط من واقعة طعن في ضاحية بوندي الساحلية في سيدني، أودت بحياة 6 أشخاص.

وتعد الجرائم التي تنفذ بأسلحة نارية وبيضاء نادرة في أستراليا، التي تصنف باستمرار من بين أكثر الدول أماناً في العالم، وفقاً للحكومة الاتحادية.


كندا: تدخل أجنبي في الانتخابات «لم يغيّر نتيجتها»

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يدلي بشهادته أمام لجنة التحقيق في التدخل الأجنبي في 10 أبريل الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يدلي بشهادته أمام لجنة التحقيق في التدخل الأجنبي في 10 أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

كندا: تدخل أجنبي في الانتخابات «لم يغيّر نتيجتها»

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يدلي بشهادته أمام لجنة التحقيق في التدخل الأجنبي في 10 أبريل الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يدلي بشهادته أمام لجنة التحقيق في التدخل الأجنبي في 10 أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خلصت لجنة تحقيق عامة، الجمعة، إلى أن الانتخابات الكندية الأخيرة التي أعادت حكومة جاستن ترودو الليبرالية إلى السلطة، قد شهدت تدخلاً أجنبياً، لكنها أكدت أن ذلك لم يُغيّر نتيجة الانتخابات. وقالت ماري جوزيه هوغ، رئيسة اللجنة المعنية بالتدخل الأجنبي، إن «أعمال تدخل أجنبي قد ارتُكبت خلال الاقتراعين العامين الفيدراليين الأخيرين، لكنها لم تقوض نزاهة نظامنا الانتخابي الذي لم تهتز صلابته»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وخلص هذا التقرير المرحلي الأول، الذي نُشر بعد 21 يوماً من جلسات استماع لرؤساء وكالات استخبارات ومسؤولين كبار وقادة سياسيين كنديين، إلى أن «الحزب الليبرالي كان سيتولى السلطة مع أو من دون تدخل أجنبي في عامي 2019 و2021». ومنذ أشهر، أدّت شكوك حيال حصول تدخل صيني في الانتخابات الكندية إلى زيادة الضغط على الحكومة، ودفعت إلى إطلاق تحقيق عام حول هذا الموضوع في سبتمبر (أيلول). ووثّق التقرير الذي صدر، الجمعة، هذه المناورات الأجنبية، وجاء فيه أن «الدول الأجنبية تستخدم مجموعة تكتيكات للتدخل في الديمقراطية الكندية»، مثل «دفع رشى»، وممارسة «الابتزاز»، و«إطلاق تهديدات»، و«عرض دعم مالي» خصوصاً على مرشحين سياسيين، و«شنّ هجمات إلكترونية»، أو حتى «تنفيذ حملات تضليل». وأشارت اللجنة إلى أن الاستخبارات الكندية ترى أن الصين «تُشكّل إلى حد بعيد أكبر تهديد للفضاء الانتخابي الكندي». وتُعدّ هذه الاستنتاجات «أولية»، ويُتوقع صدور تقرير نهائي في ديسمبر (كانون الأول). وقال دومينيك لوبلان، وزير الأمن العام والمؤسسات الديمقراطية: «لن ننتظر التقرير النهائي لمواصلة تعزيز إجراءاتنا»، مؤكداً أن الحكومة ترحب بهذه الاستنتاجات الأولية. والشهر الماضي، أدلى رئيس الوزراء جاستن ترودو بشهادته أمام هذه اللجنة، مؤكداً أن الجهود التي بذلتها حكومته لإحباط محاولات التدخل قد تكللت بالنجاح. وكثيراً ما نفت الصين الاتهامات بالتدخل، في وقت تسود فيه توترات دبلوماسية بين البلدين.


مدير «الصحة العالمية» يدعو للتوصل إلى اتفاق للحماية من الجوائح

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (إ.ب.أ)
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (إ.ب.أ)
TT

مدير «الصحة العالمية» يدعو للتوصل إلى اتفاق للحماية من الجوائح

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (إ.ب.أ)
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (إ.ب.أ)

حض المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من جنيف، الجمعة، الدول التي تتفاوض على نص حول الحماية من أي جوائح مستقبلية والوقاية منها، على التوصل إلى اتفاق وذلك قبل أيام من حلول الموعد النهائي لإقراره.

وقال تيدروس أدهانوم غيبرييسوس للمفاوضين المجتمعين في مقر المنظمة الأممية: «أعلم أن العملية كانت صعبة وشاقة أحياناً، وأنها لم تنته بعد. أعلم أنكم اضطررتم جميعاً إلى تقديم تنازلات لم ترغبوا في القيام بها».

وتعمل دول منظمة الصحة العالمية منذ عامين على مسودة اتفاق دولي وبدأت مفاوضات ماراثونية الاثنين على أمل التوصل إلى توافق بحلول 10 مايو (أيار) كحد أقصى.

وتجري مناقشة كل بند من بنود مسودة الاتفاقية الـ37 على التوالي، و ينقسم المفاوضون إلى مجموعات عمل سعيا للتوصل إلى توافق.

وبعد خمسة أيام من المفاوضات، أقر تيدروس بأن خلافات لا تزال قائمة، مؤكدا في المقابل أن المواقف تبدو متقاربة أكثر من قبل. وقال «أقر بأنه قد يكون هناك وفود غير قادرة على الرغم من جهودها الحميدة، على الانخراط في التوافق، ولكنها تملك الخيار، بإمكانها أن تختار عدم عرقلة الاتفاق». وطلب من الدبلوماسيين «أمنحوا أنفسكم ما تفتخروا به».

وأضاف «إمنحوا شعوب العالم وشعوب بلدانكم والشعوب التي تمثلونها، مستقبلاً أكثر أماناً، لذا ليس لدي سوى طلب واحد: أرجوكم، قوموا بذلك من أجلهم».

وتهدف المفاوضات إلى إنجاز نص لاعتماده خلال الجمعية العالمية لدول منظمة الصحة التي تنطلق في 27 مايو.

وينبغي أن يتيح النص الملزم الاستعداد لأي جوائح مستقبلية قد يشهدها العالم، فيما تشدد الدول الأكثر فقرا على أهمية «الإنصاف».

وتتركز الخلافات الرئيسية حول الوصول بشكل عادل إلى العوامل الممرضة المكتشفة والحصول على المنتجات لمكافحة الجائحة، مثل اللقاحات التي يتم تطويرها بالاستناد إلى هذه الاكتشافات والتوزيع المنصف للاختبارات والعلاجات واللقاحات ضد الجائحة، وكذلك الوسائل لانتاجها.

وقالت الرئيسة المشاركة للمفاوضات بريشوس ماتسوسو في مؤتمر صحافي الجمعة، إن «الدول بدأت تجد» أرضية مشتركة. وحذرت من أنه إن كانت المناقشات حول بعض بنود مشروع النص «أحرزت تقدما كبيرا»، إلا أن «المهلة تنفد».

ومع تلاشي ذكرى ملايين الضحايا الذين حصدتهم جائحة «كوفيد-19» والمعاناة والأضرار الاقتصادية الجسيمة الناجمة عنها، يتبدد الشعور بالحاجة الملحة.

ويركز المشروع الجديد على نقاط التوافق لمحاولة التوصل إلى الإجماع المطلوب ويترك مهمة بت بعض المواضيع الشائكة لمحادثات مستقبلية في السنتين المقبلتين.

* نتيجة جيدة

واعتبر الرئيس المشارك للمفاوضات رولان دريس أنه كما هو الحال في جميع المناقشات المماثلة، من المتوقع أن تتحلحل الأمور مع مشارفة المهلة على نهايتها.

وأكد الدبلوماسي الهولندي «نحن مقتنعون بأننا سنتوصل إلى نتيجة جيدة بحلول نهاية الأسبوع».

إلا أن المنظمات غير الحكومية التي تابعت المفاوضات بدت أقل تفاؤلا.

وقال ك. م. غوباكومار، الباحث في «ثيرد وورد نتوورك» (Third World Network) لوكالة الصحافة الفرنسية: «لمسنا تفاؤلا لدى الرؤساء المشاركين ولكن، من جانب آخر، هناك تشكيك من دول مختلفة». وأوضح «لا تزال هناك أسئلة دون إجابة. فحول الوصول العادل، لم يتم تقديم أي شيء ملموس. وحول وسائل التمويل؟ صمت».

ودعا الدول النامية إلى النظر في مدى التغيير الذي سيحدثه النص في الوضع الراهن غير المرضي على صعيد الوصول المنصف إلى اللقاحات والاختبارات والأدوية.

وقالت يوانكيونغ من منظمة «أطباء بلا حدود» إن العديد من القضايا التي تهم منظمتها غير الحكومية، مثل العاملين في مجال الصحة والبحث والتطوير ونقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية، لا تزال موضع مناقشات معمّقة ضمن مجموعات العمل. وأضافت «يبدو أن بعض القضايا الخلافية الرئيسية لا تزال تثير الجدل».