حصوات الكلى... والمضادات الحيوية

نسب الإصابة ارتفعت لدى الأطفال بمقدار 70 % في العقود الثلاثة الأخيرة

حصوات الكلى... والمضادات الحيوية
TT

حصوات الكلى... والمضادات الحيوية

حصوات الكلى... والمضادات الحيوية

تناولت أحدث دراسة الآثار الجانبية للاستخدام المفرط وغير المبرر للمضادات الحيوية وكشفت احتمالية أن يكون للمضادات الحيوية دور كبير في ارتفاع نسبة الإصابة بحصوات الكلى (Kidney Stone) بين الأطفال والمراهقين، والتي أصبحت تمثل مشكلة صحية بالنسبة للأطفال. ونشرت الدراسة في بداية شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة الجمعية الأميركية لأمراض الكلى (the Journal of the American Society of Nephrology).
وكانت دراسة أميركية سابقة قد أشارت إلى أن نسب الإصابة ارتفعت بمقدار 70 في المائة في العقود الثلاثة الأخيرة، وكان معظم هذه الإصابات من نصيب السيدات والأطفال والمراهقين. وهذه الزيادة تعتبر كبيرة جداً، خصوصاً إذا عرفنا أن حصوات الكلى لم تكن من الأمراض معتادة الحدوث للأطفال.
- حصوات الكلى
وعلى الرغم من أن استخدام المضادات الحيوية بدأ يقل بالفعل في دول العالم المتقدم خصوصاً بعد التحذيرات المستمرة من خطورة الإفراط في استخدام المضادات الحيوية من قبل منظمة الصحة العالمية، فإن المعدلات ما زالت مرتفعة. وعلى سبيل المثال، فإن الأطباء الأميركيين في عام 2011 قاموا بوصف 262 مليون دورة علاجية للمضادات الحيوية ومعظمهم للأطفال، إذ إن الأطفال في الأغلب أكثر عرضة للإصابة بالعدوى المختلفة نتيجة لعدم نضج الجهاز المناعي بالشكل الكامل، وهو أمر شديد الخطورة.
ومن المعروف أن حصوات الكلى هي عبارة عن تجمع من الأملاح المعدنية والمواد الكيميائية المختلفة الموجودة في البول. ومع الوقت تتحول هذه المواد إلى حبيبات صغيرة تشبه الرمل، ثم تتحول إلى مادة صلبة تشبه الحصوات أو الأحجار الصغيرة جداً فعلياً، وهو سبب تسميتها بهذا الاسم. وهذه الحصوات يمكن أن تكون من الكبر في الحجم بالشكل الذي يتسبب في منع سريان البول بالشكل المناسب، وفي بعض الأحيان يمكن أن تقوم بمنعه تماماً، ما يتسبب في صعود البول إلى الكلى مرة أخرى، ما يسبب مشكلات صحية في الكلى، ومع الوقت يمكن أن يؤدي إلى تلفها.
ويمكن ألا تسبب حصوات الكلى أي أعراض على الإطلاق إذا كانت صغيرة الحجم بالشكل الذي يسمح لها بالمرور من الحالب وتنزل في البول. ولكن كلما كبر حجمها ازداد الألم أثناء المرور من الحالب للنزول في المثانة، ويمكن أن يكون الألم عنيفاً في الظهر أو الجنب أو الجزء الأسفل من البطن. وفي بعض الأحيان تتسبب في وجود دم في البول نتيجة لاحتكاكها بجدار الحالب وحدوث جروح داخلية صغيرة.
وعلى الرغم من أن الأطفال في الماضي لم يكونوا من الفئات الأكثر عرضة لحدوث الحصوات، فإن زيادة النسب جعلت العلماء يفكرون في الربط بين هذه الزيادة واستخدام المضادات الحيوية، وهو الأمر الذي حاولوا الإجابة عنه في الدراسة الحالية.
- مضادات حيوية ضارة
وقد توصل العلماء إلى وجود 5 عائلات من المضادات الحيوية يتناولها الأطفال باستمرار مسؤولة عن تكوين الحصوات. ومن هذه العائلات عقار السلفا (sulfas) واسع الاستخدام، خصوصاً في التهاب الحلق، حتى إن بعض الأمهات يعتقدن أنه ليس مضاداً حيوياً ومجرد مطهر للحلق. وهناك الأجيال واسعة المجال من البنسلين (broad - spectrum penicillins)، كما أن هناك بعض العائلات التي تستخدم في علاج التهاب مجرى البول يكون من أعراضها الجانبية تكوين هذه الحصوات مثل عقار الكينولون ومشتقاته (fluoroquinolones).
وأيضاً وجدت الدراسة أن هناك 7 عائلات من المضادات الحيوية لا تتسبب في حدوث الحصوات وآمنة الاستخدام. وشددت الدراسة على أن الاستخدام غير المفرط وحسب تعليمات الطبيب ضروري ولا يسبب مخاطر.
وقد قام الفريق البحثي باستخدام البيانات الخاصة بأعداد الإصابات بحصوات الكلى في الفترة من 1994 وحتى عام 2015 في المملكة المتحدة من 641 من الأطباء العموميين، وكانت 26 ألف حالة عانى المصابون فيها من حصوات الكلى معظمهم من الأطفال، وتم سؤالهم عما إذا كانوا تعرضوا لأي من عائلات المضادات الحيوية الـ12 في آخر 12 شهراً أم لا.
وتم اختيار فترة طويلة، إذ إن الحصوات تأخذ فترة أسابيع، وفي بعض الأحيان شهوراً لتتكون. وكان معدل الخطورة الأكبر من 3 إلى 6 شهور بعد تناول الدورة العلاجية للمضاد الحيوي. وكان تناول المضادات الحيوية من العائلات الخمس أسهم في زيادة تكوين الحصوات بمقدار يتراوح من 1.3 إلى 2.3 مرة.
وعلى الرغم من أن الدراسة وجدت أن خطورة تكوين الحصوات جراء تناول هذه العائلات ازداد في صغار السن عن البالغين، فإنها أكدت أن الخطورة موجودة لكل الأعمار حتى لو كان الأطفال أكثر عرضة في جميع هذه العائلات متضمنة أيضاً كبار العمر من البالغين باستثناء عائلة البنسلين واسع المجال، حيث كان البالغون فوق عمر 75 في أمان من الإصابة بالحصوات جراء تناولهم هذه العائلة. واعتبرت الدراسة أن النتيجة تعتبر بمثابة إنذار آخر للأطباء بترشيد استهلاك المضادات الحيوية، خصوصاً أن أطباء المسالك المشاركين في الدراسة أشاروا إلى احتمالية أن يكون السبب هو تغيير في خصائص البكتيريا التي تكون موجودة في الجهاز البولي والجهاز الهضمي بشكل طبيعي، ما يمكن أن يؤدي إلى خلل في مستوى الأملاح المعدنية، وبالتالي تكوين حصوات.
وأوضح الباحثون أنهم حتى الآن لا يملكون طريقة لتفادي خطورة الإصابة بحصوات الكلى، وأكدوا أنهم يعملون الآن على محاولات الحفاظ على البكتيريا الجيدة دون أن يحدث لها خلل من الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، وحتى ذلك الحين يجب أن يكون هناك حرص في الاستخدام.

- استشاري أمراض الأطفال


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)
من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)
TT

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)
من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية وقصور القلب.

مخاطر استخدام الساعات الذكية

نظراً لأن العديد من الساعات الذكية تتميز بتطبيقات يمكنها اكتشاف نوبات الرجفان الأذيني atrial fibrillation (afib) المحتملة (انظر: «ساعات ذكية للرجفان الأذيني»)، فإن أعداداً متزايدة من الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يستخدمون هذه الأجهزة لمراقبة حالتهم. لكن هل هذه فكرة جيدة حقاً؟

وقد أبرزت دراسة نُشرت في 6 أغسطس (آب) 2024، في مجلة جمعية القلب الأميركية بعض المخاطر المحتملة لهذه الممارسة. إذ ومقارنة بمرضى الرجفان الأذيني الذين لم يستخدموا الساعات الذكية، كان أولئك الذين استخدموها أكثر عرضة للانشغال بمراقبة حالتهم. وبرغم أن أغلب المستخدمين قالوا إن الجهاز منحهم الشعور بالأمان، فإن واحداً من كل خمسة أشخاص أبلغوا عن قلق شديد عندما تلقوا تنبيهات حول إيقاعات القلب لديهم.

القلق يزيد مخاطر النوبات

من الواضح أن القلق ليس شيئاً جيداً، حتى أن بعض الأدلة تشير إلى أن القلق والتوتر قد يزيدان من نوبات الرجفان الأذيني. تقول الدكتورة أوشا تيدرو، طبيبة القلب في مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد: «لكن بالنسبة لي، تؤكد هذه النتائج حقاً على أهمية التواصل الجيد مع طبيب القلب الخاص بك حول الآثار المترتبة على اكتشاف نوبة الرجفان الأذيني على ساعة ذكية».

ساعات ذكية للرجفان الأذيني

حتى الآن، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أربعة أجهزة قابلة للارتداء على المعصم قادرة على اكتشاف الرجفان الأذيني، وهي: «ساعة أبل سيريس 4» Apple Watch Series 4 وما بعدها، و«فيت بيت سينس 2» Fitbit Sense 2، و«ساعة سامسونغ غالاكسي 3» Samsung Galaxy Watch3، و«ويثينغز سكان واتش» Withings ScanWatch. يعمل كل جهاز من هذه الأجهزة عن طريق وميض الضوء على جلد معصمك الداخلي لاكتشاف تدفق الدم، وقياس معدل ضربات قلبك، واستخدام خوارزمية للتحقق من وجود إيقاعات غير طبيعية.

يأخذ الجهاز قياسات دورية أو مستمرة، ويرسل تنبيهاً إذا اكتشف إيقاعاً غير منتظم. يمكنك أيضاً فتح تطبيق على الجهاز لتسجيل تخطيط كهربائي للقلب عند الطلب - وهو تسجيل مدته 30 ثانية لإيقاع قلبك يمكن أن يكشف عن الرجفان الأذيني المحتمل.

الفحص مقابل المراقبة

بادئ ذي بدء، لا توصي الدكتورة أوشا تيدرو باستخدام ساعة ذكية لأي شخص لم يتم تشخيصه ولكنه يعاني من أعراض تدل على الرجفان الأذيني، والتي تشمل الشعور بالخفقان في الصدر وضيق التنفس والتعب والدوار. تقول الدكتورة تيدرو: «بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، نبدأ بأجهزة المراقبة القياسية، التي يغطيها التأمين». عادة ما تشمل هذه الرقع التي توضع على الصدر، التي تتعقب إيقاع قلبك لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع.

يستخدم نحو 30 في المائة من الأميركيين الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية أو أساور اللياقة البدنية لتتبع لياقتهم البدنية وصحتهم العامة. ولكن بالنسبة للسكان عموماً، فإن خطر الإصابة بالرجفان الأذيني منخفض للغاية، وغالباً ما تكون النوبات قصيرة وعابرة. ونتيجة لذلك، فإن استخدام هذه الأجهزة لفحص الأشخاص بحثاً عن الرجفان الأذيني ليس عملياً.

مع ذلك، بالنسبة للأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني المعروف، قد تكون مراقبة الساعة الذكية مفيدة، كما تقول الدكتورة تيدرو. إذا كنت تمتلك بالفعل أحد هذه الأجهزة، فقد يساعد استخدامها في تتبع تواتر ومدة نوبات الرجفان الأذيني في إعلام طبيبك لطلب المشورة. اسأله عما يجب عليك فعله - إن وجد - عندما تصاب بنوبة رجفان أذيني، بما في ذلك ما إذا كان يمكنك مشاركة البيانات من جهازك. لا تتردد في تعطيل إشعارات الرجفان الأذيني إذا وجدت أنها تجعلك تشعر بالقلق، كما تقول الدكتورة تيدرو.

أدوية مضادة لتخثر الدم

إن أغلب الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني يتناولون أدوية مضادة للتخثر لمنع السكتة الدماغية، بناء على درجة تأخذ في الاعتبار العمر والجنس وما إذا كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو حالات أخرى.

تقول الدكتورة تيدرو: «من المثير للاهتمام أن عدد وتوقيت نوبات الرجفان الأذيني لا تؤثر على هذه النتيجة». لذلك، يتناول كبار السن المعرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية عادة أدوية مضادة للتخثر يومياً، بقطع النظر عما إذا كانوا يعانون من رجفان أذيني شبه مستمر أو نوبة واحدة فقط كل بضعة أشهر.

نظراً لأن أدوية منع تخثر الدم تجعل الأشخاص عرضة للنزيف، فإن الباحثين يستكشفون ما إذا كان يمكن للأشخاص تناول الأدوية لمدة شهر واحد فقط بعد نوبة الرجفان الأذيني (كما تم اكتشافها بواسطة ساعة أبل) بدلاً من الاستمرار في تناول أدوية منع تخثر الدم إلى أجل غير مسمى. تأمل دراسة بعنوان (REACT-AF): «تقييم إيقاع القلب لعلاج التخثر باستخدام مراقبة مستمرة للرجفان الأذيني» في تجنيد 5 آلاف مريض في 100 مركز في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

لا تتردد في تعطيل إشعارات الرجفان الأذيني إذا جعلتك تشعر بالقلق

نوبات قصيرة وطويلة

إن نوبات الرجفان الأذيني غير متوقعة، وتستمر من دقائق إلى أيام أو أسابيع أو أكثر من ذلك بكثير. يصنف الخبراء الاضطراب إلى ثلاث فئات رئيسية بناء على مدته:

- نوبات متقطعة: تحدث بشكل متقطع (من يومياً إلى عدة مرات في السنة) ولكنها تتحسن من تلقاء نفسها أو بالتدخل في غضون سبعة أيام من بدء النوبة.

- نوبات مستمرة: نوبة تستمر لأكثر من سبعة أيام.

- نوبات دائمة: رجفان أذيني متواصل، يستمر لأكثر من عام.

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»