هلال رمضان ينتصر للحسابات الفلكية

«الشرق الأوسط» تستعرض كيفية استخدامها

هلال رمضان ينتصر للحسابات الفلكية
TT

هلال رمضان ينتصر للحسابات الفلكية

هلال رمضان ينتصر للحسابات الفلكية

مع بداية كل عام يُصدر معهد البحوث والدراسات الفلكية والجيوفيزيقية بمصر كتيباً يتضمن تحديداً دقيقاً للأحداث الفلكية المهمة وغير المهمة التي سيشهدها العالم خلال العام.
وإلى جانب ما يرصده الكتاب من ظواهر مهمة مثل الكسوف والخسوف، واقتران كوكب مثل الزهرة مع كواكب أخرى، يثير المشتغلون بمجل الرصد الفلكي، أسئلة تدور حول: «إذا كانت الحسابات الفلكية قادرة على رصد مثل هذه الظواهر بهذا الشكل الدقيق، فهل هناك أي مساحة للخطأ في ما يتعلق بهلال رمضان؟».
السنوات العشر الماضية تحمل إجابة عن هذا السؤال، فأغلب الدول التي تعتمد على الحسابات الفلكية في رؤية الهلال أو التي اتخذت الحسابات الفلكية كداعم لرؤية الهلال، لم يحدث بينها أي اختلافات، بما يمنح شهادة الدقة لهذه الحسابات.
وتستند الحسابات الفلكية كما يقول د.محمد الغريب أستاذ الفلك بمعهد البحوث والدراسات الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، إلى معادلات رياضية تبيّن العلاقة بين غروب الشمس وغروب القمر، فإذا كان غروب القمر بعد غروب الشمس بمده كافية تسمح برؤية الهلال في الأفق يوم 29 من الشهر الهجري كان اليوم التالي هو بداية الشهر الهجري.
ويحاول د.الغريب توضيح ذلك بمزيد من التبسيط مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ميلاد الهلال هو اللحظة التي يعبر فيها خط الاقتران، أو الاجتماع». وخط الاقتران هو الواصل بين مركز الشمس والقمر والأرض، حيث يكون اجتماعها على خط واحد مقدمة لميلاد الهلال. وبعد ميلاد الهلال تأتي قضية رؤيته، والتي تعتمد على فترة مكوث الهلال في السماء.
ويقول د.صالح النواوي أستاذ الفلك بجامعة القاهرة، إنه بعد ابتعاد الهلال عن خط الاقتران بمسافة تقدرها الحسابات بـ8 درجات، يمكن رؤية الهلال بعد غروب الشمس، بشرط أن يمكث في السماء مده لا تقل عن 10 دقائق.
وحدد العلماء مده 10 دقائق حتى تخفت إضاءة الغسق التي تمنع شدتها رؤية الهلال. وبالتالي إذا حدث ميلاد للهلال لكنه لم يمكث في السماء سوى دقيقة واحدة بعد غروب الشمس، أو أنه وُلد في فترة شروق الشمس واختفى بعد غروبها، ففي هذه الحالة لا تمكن رؤيته، كما يؤكد د.النوواي.
ووقعت هذه الحالة عام 2015، عندما وُلد الهلال وغرب قبل غروب الشمس في جميع العواصم والمدن العربية والإسلامية بمدد تتراوح ما بين 5 و19 دقيقة باستثناء نيجيريا والسنغال وموريتانيا.
ويضيف د.النوواي: «حددت الحسابات الفلكية بدقة هذه الحالة قبل حلول رمضان بشهور كافية، بما يؤكد دقتها».
وإذا كانت قضية الحسابات الفلكية وفق ما قاله العلماء تأتي متسقة مع الرؤية، فإن الحالة الوحيدة التي تكون فيها الحسابات حاسمة هي أن يحدث ميلاد للهلال ويمكث الفترة اللازمة للرؤية، ولكن تكون الظروف الجوية غير مواتية للرؤية.
ويقول النوواي: «قد يشكك البعض حينها في دقة الحسابات الفلكية، ولكن المناظير المتخصصة يمكن استخدامها حينها لتجاوز تأثير الظروف الجوية وتأكيد دقة الحسابات».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».