طالب المؤتمر الدولي «السلام في الأديان السماوية» الذي عُقد في العاصمة البريطانية لندن، بمد جسور التعاون والتعايش الإيجابي مع المجتمع الدولي، وإبراز القيم والأحكام المشتركة بين جميع الأديان والثقافات، وجعلها ساحة واسعة لبناء التحالفات والتفاهمات، سعياً لنشر السلام وتحقيق المثل والقيم الإنسانية النبيلة، والتصدي لمشاريع الصراع والتطرف والكراهية السلبية.
وأكد المؤتمر الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، على مركزية السلام وأصالة معانيه في تشريعات الأديان السماوية كلها، وأنه من القيم المشتركة الأساسية المتفق عليها بين الجميع.
وعبَّر المشاركون في المؤتمر الذي افتتحه الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، عن تقديرهم لاهتمام رابطة العالم الإسلامي بما تمثله من ثقل نوعي وعلاقات واسعة مع الشعوب الإسلامية ومؤسساتها بالتواصل مع العالم.
وأكد المشاركون، الذين يمثلون نخبة متميزة من كبار القيادات الدينية والفكرية والأكاديمية ذوي العلم والرأي والتأثير حول العالم، أن الأديان السماوية منبعها واحد، تضمنت تشريعاتها تعاليم تصبّ في صالح الإنسانية في سلمها ووئامها، وأن الأديان تمتلك رصيداً كبيراً في وجدان الإنسانية، مما يعطي القادة الدينيين القدرة على التأثير الإيجابي في المجتمعات، وهو ما يستوجب منهم التعاون والتشارك في خدمة القواسم المشتركة التي اتفقت عليها الأمم والملل.
وحذر المشاركون من إثارة النزاع بين أتباع الأديان المختلفة، معتبرين ذلك رهان المتطرفين لتحقيق خططهم البائسة، كما حذروا من تجنيد الخلاف والشرخ في التأثير على السلام وتبديد التسامح الديني بإغراق العالم في دوامة الصدام والصراع.
وأوصى المشاركون في المؤتمر بمواجهة التحديات العابرة للقارات عبر مفهوم الشراكة العادلة، واستثمار منجزات الحضارة الإنسانية ضرورة لتقليص المخاطر التي تهدد مستقبل الإنسانية وجوداً وحضارة وقيماً، كما أوصوا على رفع شعار عالمي جديد بعنوان: «السلام حق الجميع»، فليس تجدي المحاباة في تطبيق قيم العدالة والحرية والتسامح والسلام والتمييز الديني أو العرقي.
كما طالب المشاركون بتكثيف اللقاءات بين علماء الأديان وقادتها لدراسة المسائل والإشكالات العالقة وتشكيل مفاهيم مشتركة حولها، والتحرر من مؤثرات الصراع التاريخي المختزل بين بعض أتباعها، وبذل الجهود الدولية الفاعلة لتحقيق الكرامة للإنسان وحفظ حقوقه، وتحقيق التعايش السلمي والأمن بين المجتمعات البشرية.
ودعا المشاركون إلى تعاون وتنسيق المؤسسات التابعة للأديان الكبرى في العالم لخدمة المشتركات الإنسانية، وتجاوز الخصوصيات والاعتراف بها، ونبذ الخلافات الشكلية والتاريخية، والتواصل مع صناع القرار السياسي والثقافي والاجتماعي لتمكين القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية العليا والمشتركة، والعمل مع الفعاليات السياسية والاجتماعية والحقوقية لاحترام الخصوصيات للأقليات الدينية والإثنية، ودعوتها إلى أن تكون مصدر إشعاع حضاري وعلمي في بلدانها، وأنموذجاً متميزاً في حسن التعامل والتعايش والتسامح، نائين عن دعوات التطرف والكراهية والاستفزاز.
ودعا المشاركون في المؤتمر أتباع الأديان إلى الإسهام في العطاء الإنساني بما يخدم الإنسانية ويحقق سعادتها، مع التأكيد على أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات البشرية لا يستوجب الدخول في الصراع، بل يتطلب الانتقال إلى مرحلة التعارف وإقامة شراكات عادلة وتواصل إيجابي، ضمن عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع، ويستثمر تعدد الرؤى المدنية في إثراء الحياة الحضارية، وتحقيق التنمية الشاملة.
وطالب المشاركون بالالتزام بمبدأ حق الاختلاف للحفاظ على الإرث الإنساني المتعدد، ورعاية مكتسبات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، والتعاون بين محبي السلام يبرز قيم التعايش ويكرسها، ويجعل الحوار البيني بين مختلف الحضارات أجدى في حل مشكلات المجتمعات المعاصرة.
كما طالب المشاركون بإغاثة جميع المهجّرين واللاجئين والمشردين الذين ذاقوا ويلات الحروب والصراعات، والإسهام في تخفيف معاناتهم واحتوائهم إيجابيّاً ليتجاوزوا محنتهم، والحيلولة دون أن تتخطفهم الانحرافات الفكرية والجماعات الإرهابية.
وثَمّن المشاركون مبادرة رابطة العالم الإسلامي في دعم جهود الدمج الإيجابي لما يسمى بالأقليات الدينية والثقافية في مجتمعاتها الوطنية، والتنويه باقتراحها بتسمية دولها بدول التنوع الديني والثقافي، وفئتها الأقل عدداً بفئة الخصوصية الدينية والثقافية، باعتبار وصفها بالأقليات مسيئاً لكيانها وهضماً لحقها الوطني ومؤثراً على برامج اندماجها الإيجابي.
«مؤتمر السلام» للأديان يطالب بالتصدي لمشاريع الصراع والتطرف
عقدته رابطة العالم الإسلامي في لندن بحضور قيادات دينية
«مؤتمر السلام» للأديان يطالب بالتصدي لمشاريع الصراع والتطرف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة