تركيا تتهم «جهات متآمرة» بـ«الإرهاب الاقتصادي»

استنكرت تصنيف «ستاندرد آند بورز»... والليرة تتراجع مع ارتفاع التضخم

تركيا تتهم «جهات متآمرة» بـ«الإرهاب الاقتصادي»
TT

تركيا تتهم «جهات متآمرة» بـ«الإرهاب الاقتصادي»

تركيا تتهم «جهات متآمرة» بـ«الإرهاب الاقتصادي»

رفضت الحكومة التركية إعلان وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني الديون السيادية التركية، معتبرة أنه «قرار سياسي بامتياز» يستهدف الإضرار بحزب العدالة والتنمية الحاكم قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في 24 يونيو (حزيران) المقبل، وفي الوقت نفسه عاودت الليرة التركية تراجعها إلى مستوى قياسي في تعاملات الأمس، وكشفت إحصاءات رسمية عن استمرار معدل التضخم في الارتفاع ما يشكل ضغطا على العملة المحلية.
وانتقد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم تخفيض الوكالة لتصنيف تركيا، قائلا إن «هذا القرار لا يعكس الواقع ولا يمكن قبوله». وأضاف يلدريم، في كلمة أمام اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي أمس (الخميس): «دون أي مبرر تقوم إحدى وكالات التصنيف بخفض تصنيف تركيا الائتماني... هذا قرار سياسي بامتياز، وهو سيناريو يهدف إلى إلحاق الضرر بحزب العدالة والتنمية قبيل الانتخابات المبكرة».
وتابع أن ما سماه بـ«الجهات التي تتآمر على تركيا»، تحاول ضربها «عن طريق الإرهاب الاقتصادي، بعد أن فشلت في محاولاتها الرامية لزعزعة استقرار تركيا عن طريق التنظيمات الإرهابية». وواصل أن محاولات هذه «الجهات المتآمرة» ستبوء بالفشل، وأنّ تركيا ستواصل تعزيز قوتها الاقتصادية وتمكين أُطر ديمقراطيتها خلال الفترة القادمة.
ولفت يلدريم إلى أنّ حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة منذ مطلع الألفية الثالثة، استطاعت مضاعفة حجم نمو الاقتصاد التركي 3.5 مرة، وأنّ حكومته ماضية في هذا النهج بكل عزيمة وإصرار.
وأعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني خفض تصنيف الديون السيادية لتركيا، مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأوضحت أن ثمة اختلالات اقتصادية تعاني منها مالية البلاد، بما في ذلك ازدياد التضخم، مشيرة إلى أن هذه العوامل السلبية تتراكم، في حين أن حصة الديون تتزايد.
وقالت الوكالة الدولية، في بيان صدر الثلاثاء، إنها خفضت درجة الديون السيادية التركية طويلة الأجل من «بي بي» إلى «بي بي سالب»، والديون قصيرة الأجل من «بي بي موجب» إلى «بي بي سالب» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وردا على إعلان الوكالة، اعتبر محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية، أن تحليلات وكالة «ستاندرد آند بورز» غير كافية لاتخاذ قرار خفض تصنيف الديون السيادية لتركيا، ورأى شيمشك أن توقيت الإعلان مثير للتعجب، لا سيما أنّ الوكالة أعلنت في وقت سابق أنها ستقيّم تصنيف تركيا في أغسطس (آب) المقبل.
وتساءل عن التطورات التي دفعت الوكالة لخفض تصنيف الديون السيادية لتركيا، معتبراً أنها اتخذت قرارها بعد الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في تركيا. وقال إن «البنك المركزي التركي اتخذ التدابير اللازمة لضبط تضخم العجز الحاصل في الميزانية، وهذا التضخم مؤقت، وسببه زيادة أسعار النفط واستيراد الذهب، ولا ننسى أنّ قطاع السياحة يشهد انتعاشاً كبيراً في هذه الآونة».
في الوقت ذاته، أظهرت بيانات رسمية أن تضخم أسعار المستهلكين في تركيا ارتفع أكثر من المتوقع في أبريل (نيسان) الماضي إلى نحو 11 في المائة على أساس سنوي، ما دفع الليرة إلى التراجع لمستوى قياسي منخفض بفعل مخاوف بشأن عجز البنك المركزي عن السيطرة على ارتفاعات الأسعار.
ويشكل التضخم الذي يسجل معدلا في خانة العشرات وانخفاض الليرة بنحو 10 في المائة مقابل الدولار منذ بداية العام الحالي، مصدرين لقلق متصاعد لدى الحكومة في الوقت الذي تستعد فيه لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في 24 يونيو المقبل.
وقالت هيئة الإحصاء التركية، في بيان أمس الخميس، إن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 1.87 في المائة على أساس شهري وهو ما يتجاوز التوقعات، التي أشارت إلى ارتفاع نسبته 1.6 في المائة، وزاد المؤشر 10.85 في المائة على أساس سنوي، وسجل التضخم الأساسي ارتفاعا بنسبة 12.24 في المائة على أساس سنوي.
وأشار خبراء إلى أن معنويات المستثمرين تأثرت سلبا جراء خفض وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف السيادي لتركيا، إضافة إلى ما أظهرته دراسة نشرت أول من أمس من انكماش نشاط قطاع الصناعات التحويلية لأول مرة منذ 14 شهرا، إلى جانب الكشف عن حزمة حوافز حكومية بقيمة 6 مليارات دولار.
وانخفضت الليرة، التي تعد واحدة من أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة منذ بداية العام، إلى مستوى قياسي عند 4.2487 ليرة مقابل الدولار، من المستوى البالغ 4.1785 عند الإغلاق أول من أمس الأربعاء.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.