ملامح خطة غريفيث لليمن: مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات

محللون يعتبرون السلام أصعب على الحوثيين من الحرب... ويستبعدون نضج الجماعة سياسياً

الرئيس اليمني أثناء لقائه المبعوث الأممي لليمن في الرياض أمس (سبأ)
الرئيس اليمني أثناء لقائه المبعوث الأممي لليمن في الرياض أمس (سبأ)
TT
20

ملامح خطة غريفيث لليمن: مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات

الرئيس اليمني أثناء لقائه المبعوث الأممي لليمن في الرياض أمس (سبأ)
الرئيس اليمني أثناء لقائه المبعوث الأممي لليمن في الرياض أمس (سبأ)

كشفت مصادر رفيعة لـ«الشرق الأوسط» 3 ملامح من أبرز ما تحمله خطة المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث، وقالت إنها تتمثل في «سحب السلاح، ومرحلة انتقالية تشمل مشاركة الحوثيين في الحكومة، وتنتهي بانتخابات».

ولفتت المصادر التي فضلت حجب هويتها إلى أن المفاوضات المزمعة ستكون «بين حكومة وانقلاب، ويُترَك بعد ذلك الأمر لليمنيين للحوار بينهم لحل القضايا الأخرى بما في ذلك القضية الجنوبية، وأن المبعوث أكد التزام الأمم المتحدة بحلها في إطار الحفاظ على وحدة اليمن».

كما أكدت المصادر ذاتها أن المبعوث الأممي أجَّل زيارة كانت مجدولة إلى صنعاء بسبب مقتل صالح الصماد، وسيذهب عوضاً عن ذلك إلى سلطنة عمان، ومن المرجح أن يلتقي هناك المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام.

وقال مسؤولون وناشطون التقوا المبعوث إنهم فهموا من توجه غريفيث «عدم التركيز على مسألة تسليم السلاح»، وهي العملية التي يصفها الناشط السياسي اليمني البراء شيبان بأنها استحضار لنموذج «(حزب الله) اللبناني في اليمن»، محذراً من تجاهلها خلال المشاورات. إلا أن السياق الذي أوردته المصادر أمس يفيد بأن المبعوث «أكد التزامه بالوصول إلى حل وفقاً لمبدأ سحب سلاح الميليشيات».

وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب سحب السلاح والانسحاب من المدن (في سبيل تحقيق الحل اليمني)، ولا مانع من وجود حكومة شراكة، ولكن بعد تسليم السلاح، وغير ذلك، لن يكون إلا شرعنة للانقلاب لن نقبلها، ولا أعتقد المجتمع الدولي سيطرح مثل هذا الطرح، لأنه يخالف الشرعية الدولية ويخالف قراراته، ولذلك، لا أعتقد أن المبعوث ولا المجتمع الدولي سوف يذهب إلى مخالفة الأسس التي قامت عليها قرارات الشرعية الدولية».

ويشدد المخلافي على أن أي حوار مستقبلي «سيكون حواراً بين حكومة شرعية وانقلابيين، وفقاً للقرار الأممي (2216) من أجل إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، ولا توجد إمكانية لقبول أي نوع من إخراج الحوار من هذه الدائرة إلى حوار شامل أو خلط الأوراق، لأن ذلك يعني مباشرة دعم الانقلاب وإنهاء الوضع الذي يعترف به المجتمع الدولي، الذي يرى أن هناك حكومة شرعية وأن هناك انقلابيين انقلبوا على الحكومة الشرعية واستولوا على سلاح الدولة»، مضيفاً: «يجب أن يكون هناك حوار بين الحكومة الشرعية والانقلابيين من أجل إعادة الأوضاع بشكل طبيعي».

وريثما تكتمل أفكار المبعوث وخططه، وبعدما شهدت جبهات القتال ميلاً في صالح الشرعية، توّجه مقتل الرجل الثاني في قائمة المطلوبين من الجماعة، تجدر الإشارة إلى سؤال يصب في عمق الحل، وهو «هل نضجت جماعة الحوثيين سياسيا»؟.

هذا السؤال طرحه السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر في حديث سابق مع «الشرق الأوسط» عندما سئل عن إمكانية الحل السياسي لليمن.

وبناء على محادثات هاتفية ورسائل نصية مع محللين ودبلوماسيين سابقين وحاليين، تذهب الآراء إلى أن السلام صعب على الحوثيين من الحرب، معتبرين العمل العسكري في أصله طريقاً إلى الحل السياسي.

ولا يرى الدبلوماسي اليمني عبد الوهاب طواف أن الحوثيين يستطيعون العيش والبقاء دون الحرب واختلاق أعداء لتحشيد الناس معهم، ولا يمتلكون مشاريع بناء، ويؤكد أن تفكيرهم ينصب دوماً على أن ما حصلوا عليه بالقوة لن يتخلوا عنه إلا بالقوة، وأن السلام لن يكتب لهم أي حياة أو تطور؛ فمنذ الحروب الأولى كانوا مجرد عصابة، والآن سيطروا على موارد دولة.

يقول طواف: «هناك أمران لا ثالث لهما في اليمن؛ إما هزيمة الحوثيين، أو أن يتحول الحوثيون إلى نموذج مقلق وإرهابي، كـ(حزب الله) في لبنان».

يعود البراء شيبان هنا باللقول إن «جماعة الحوثي ما زالت تستمد وجودها من بقاء السلاح وتجنيد مقاتلين، وليس من برنامجها السياسي، والتجربة التي خاضتها الجماعة في الحوار الوطني لم تنضجها سياسياً، حيث شنت حربها على اليمنيين بعد الحوار مباشرة». وزاد: «في آخر خطاب لصالح الصماد أمام جمع من أنصار الحوثي في ميدان السبعين لم يذكر السلام أو العملية السياسية ولو لمرة واحدة، لأن الجماعة لا ترى أنها تستمد شرعيتها من هذه المفردات».

من جانبه، يجيب أحمد بارون الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي على سؤال نضج الحوثيين سياسياً بالقول: «أعتقد أنه يمكن القول إنهم نضجوا إذا ما اعتبرنا أنهم بدأوا من الصفر، لكن مع ذلك، فإنهم يظلون ضعفاء في السياسة، وهو أمر يمكن ربطه بمقتل كثير من القادة السياسيين الأكثر تعليماً مثل عبد الكريم جدبان وأحمد شرف الدين». ويضيف الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي إن حكمهم «غير متوازن إلى حد كبير»، مرجعاً ذلك إلى «اعتمادهم على حليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو أمر لم يعد بإمكانهم القيام به منذ انهيار هذا التحالف»، ويتابع بأن «المبعوث الأممي الجديد حريص على دفع محادثات السلام إلى الأمام، وفي نهاية المطاف يصعب تصور أي حل للنزاع قد يحدث نوعاً من التسوية السلمية... يقال إن التسوية السلمية من دون التزامات حقيقية لا تستحق ثمن الورقة التي طبعت عليها». وشدد بارون على أن قضية تسليم الأسلحة تعد «واحدة من أكثر المسائل الحاسمة والشائكة، حتى لو لم يتم ذكر هذه المسألة الآن؛ فمن المرجح أن تسيطر على أي جولة من محادثات السلام».

من ناحيته، يعتقد السياسي والكاتب اليمني عبد الله إسماعيل أن «جماعة الحوثي الإيرانية تعيش أسوأ وأضعف لحظاتها على الإطلاق»، ويعلل ذلك بأن الجماعة «منذ غلطة قتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح مروراً بالانكسارات العسكرية والفشل الاقتصادي وخساراتها المتلاحقة لقيادات مهمة على المستوى العسكري، وأخيراً مقتل الصماد؛ خسرت الكثير من خياراتها». ويقول «إن الجماعة تحاول تكريس واقع سيطرتها وتفردها في بقية مناطق سيطرتها، وإبقاء المجلس السياسي بعد فقده لمعناه بعد فك الارتباط مع صالح واحدة من محاولات التماسك الداخلي والخارجي».
ولا يرى إسماعيل أن المجلس السياسي يكتسب أي معنى واقعي، باعتبار أن القرار هو قرار الجماعة لكنه يظل المظلّة السياسية الممكنة لتسويق أن الجماعة تتشارك مع آخرين الحكم.

وحول الخطوات التي تسبق الجلوس على طاولة المفاوضات، يعلق الدبلوماسي مصطفى نعمان الوكيل الأسبق للخارجية اليمنية قائلا: «الأصل أن كل الأطراف عليها تقديم تنازلات يمكن وصفها بالتاريخية من أجل حماية البلد من الانزلاق نحو الهاوية. وأن التمسك بِمَا صار يعرف بالمرجعيات هو في رأيي نقطة بداية تعثرت عندها كل الجهود السابقة. أنا هنا لا أقول إنها غير جيدة ولكنها كانت صالحة حين تمت صياغتها والموافقة عليها»، مكملا أنه «من المؤكد أن التفكير يجب أن يخرج عن إطار المألوف وعلى الكل إدراك أن الوقوف عند هذه المرجعيات والتشبث بها لن يسمح إلا بمسار واحد هو مسار الحل العسكري».
يضيف نعمان بأنه «على الحوثيين الاعتراف بأن السلاح لا يجب أن يكون بيدهم خارج سيطرة الدولة وتسليم مؤسساتها وفِي المقابل على الحكومة المعترف بها دوليا إبداء الاستعداد لمراجعة كافة القضايا التي أدخلت البلد والإقليم في هذا المستنقع وأن يتم ذلك بحضور المملكة كوسيط وشاهد وضامن». وتابع قائلا إن «الحسم العسكري لا بد أن يكون هدفه الحل السياسي ولا أتصور أن أحدا يظن أن الحلول العسكرية الغرض منها تصفية الآخرين واستئصالهم لأن هذا منطق عدمي وتفكير عبثي مدمر».

أما الباحث البحريني في مركز «سمت» للدراسات عبد الله الجنيد فيرى في تعليقه على الجهد الأممي في الأزمة اليمنية أن المبعوث «في إحاطته الأولى إلى مجلس الأمن، قدم الوسيط الأممي عكست حالة العجز التي يعانيها المجلس لا الحالة اليمنية». ويقتبس الباحث الفقرة الخامسة من الإحاطة والتي طالبت بالثقة «في التأكيدات التي نسمعها حتى وإن كنا نعلم أن الاختبار النهائي لذلك يكمن فيما سوف يقدمونه عملياً. لذلك عندما أسمع كلمات إيجابية من قائد أو آخر، وغالبا ما يكون ذلك موضعاً للسخرية والتشكيك من الجانب الآخر، فإن مبدئي هو: دعونا نأخذ تلك الكلمات الجميلة ونستخدمها بنحو جيد». ويعلق الجنيد على ذلك بالقول: ما يبدو عليه الحال وما يناقض الواقع بامتياز هو القدرة على تشخيص واقع الحالة اليمنية بمعزل عن أطرافها. فنحن أمام أزمة تم احتواؤها من قبل تحالف إعادة الشرعية بناء على إرادة وطنية شرعية تمثل ما نسبته 95 في المائة من مواطني اليمن، وإذا أردنا إظهار ما يمثله الحوثيون من نسبة، فهي لن تزيد على 5 في المائة»، ويقول الجنيد إن «الوسيط الأممي يقترح حكومة توافق ونزع السلاح الثقيل من الحوثيين، ولكن غريفيث تناسى مآل تلك الحكومة بعد إصدار مجلس الأمن قرارا جديدا ملزما للجميع بتساوي طرفي الأزمة (الشرعية والحوثيين)، أو ماذا سيكون عليه الحال من المرجعيات الثلاث، أي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني وكذلك قرار مجلس الأمن 2216».
ويرى الباحث البحريني أن القبول بما يقترحه المبعوث غريفيث مدعاة لإطالة الأزمة وضمان عكس ما يطمح له من ضمانات الاستقرار وسلامة الملاحة الدولية، وأضاف: «ربما ما هو واجب لضمان إنهاء الأزمة وتأمين المرحلة الانتقالية سياسيا هو تكليف التحالف إنهاء الأزمة بحسب ما تضمنه قرار مجلس 2216، وثانيا إنفاذ الإرادة الوطنية عبر مجلس انتقالي يضمن تنفيذ المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني على أسس وطنية».


مقالات ذات صلة

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية تسعى لتجنيد مقاتلين جدد في ظل تضاعف مخاوف السكان على أبنائهم (غيتي)

الحوثيون يبتزون السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين

لجأ الحوثيون لابتزاز السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين بعد العزوف عن المعسكرات الصيفية، في حين كشف تحالف حقوقي عن تضليل إعلامي بشأن انفجار في مدرسة أطفال

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية بالقرب من عسقلان في جنوب إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله أراضي إسرائيل، ومسيّرة آتية من الجهة الشرقية.

تحليل إخباري كان ميناء رأس عيسى قبل استيلاء الحوثيين عليه يستخدم لتصدير النفط اليمني (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

بينما تسعى الولايات المتحدة لاستنزاف الجماعة الحوثية مالياً بالعقوبات وباستهداف المنشآت الاقتصادية؛ يتوقع خبراء اقتصاديون تأثيرات متفاوتة على الجماعة والسكان.

وضاح الجليل (عدن)

يهود سوريون يصلّون في «كنيس الإفرنج» بدمشق (صور)

رجل يهودي يصلي في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)
رجل يهودي يصلي في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)
TT
20

يهود سوريون يصلّون في «كنيس الإفرنج» بدمشق (صور)

رجل يهودي يصلي في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)
رجل يهودي يصلي في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)

أدى وفد من اليهود السوريين المقيمين في الولايات المتحدة، الصلاة في «كنيس الإفرنج» في دمشق القديمة، الثلاثاء، وفق مصوِّر في «وكالة الصحافة الفرنسية»، في إطار سلسلة زيارات تشهدها العاصمة السورية منذ إطاحة حكم بشار الأسد.

وتأتي الزيارة عقب إعلان رئيس الطائفة اليهودية في سوريا، بخور شمنطوب، أن مجهولين اقتحموا منتصف الأسبوع الماضي مقبرة اليهود؛ حيث قاموا بأعمال تخريب قرب قبر الحاخام حاييم فيتال، الذي يعدُّ من رموز التصوف اليهودي.

حاخام يحمل مخطوطة للتوراة في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)
حاخام يحمل مخطوطة للتوراة في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)

وضم الوفد الزائر شخصيات، بينهم الحاخام هنري حمرا، نجل يوسف حمرا الذي كان آخر حاخام غادر سوريا، وكان في عداد آلاف اليهود السوريين الذين سافروا منها مطلع التسعينات. وكان قد زار دمشق مع ابنه في فبراير (شباط)، وذلك للمرة الأولى منذ مغادرته.

وترأَّس هنري حمرا الصلاة صباحاً في «كنيس الإفرنج»، وهو واحد من أكثر من 20 معبداً يهودياً في سوريا، بحضور أعضاء الوفد، بينهم فيكتور كميل، من الجالية اليهودية السورية في بروكلين.

رجال يهود يصلون في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)
رجال يهود يصلون في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)

وقال كميل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الزيارة تأتي في إطار «الإعداد لزيارة وفد أكبر في وقت قريب إلى سوريا» مضيفاً: «نريد تجهيز الكنيس والمجتمع هنا لاستقبال الزوار على الأقل، ونأمل أن تتحسَّن الأوضاع هنا في البلد، فيبدأون بالتفكير أكثر في العودة أو القدوم للسياحة».

وتابع: «نحن يهود سوريون فخورون للغاية، ويعرف أولادنا أننا فخورون جداً، وسيحبون بالتأكيد هذا التراث وهذا التاريخ».

وأحيا الوفد في دمشق، الاثنين، ذكرى وفاة الحاخام فيتال، المدفون في مقبرة اليهود في دمشق، وفق ما قال كميل.

وجاء إحياء الذكرى بعدما كان مجهولون اقتحموا، الأسبوع الماضي، الغرفة التي تضم مرقده في المقبرة.

وفد من اليهود السوريين المقيمين في الولايات المتحدة يصلي في «كنيس الإفرنج» بدمشق القديمة (أ.ف.ب)
وفد من اليهود السوريين المقيمين في الولايات المتحدة يصلي في «كنيس الإفرنج» بدمشق القديمة (أ.ف.ب)

وفي منشور على «فيسبوك»، الجمعة، كتب رئيس الطائفة اليهودية في سوريا إن المجهولين «حفروا الأرض بجانب القبر بحثاً عن الآثار»، مضيفاً: «أخبرنا الهيئة المسؤولة عن المنطقة، وعاينت مكان التخريب، ووعدتنا بالبحث عن المسؤولين عن الحادثة».

وقال تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية، في بيان نشره شمنطوب الأحد، «نشعر بصدمة وحزن عميقَين إزاء تدنيس قبر الحاخام حاييم فيتال»، داعين «الحكومة السورية بإلحاح إلى تأمين (ضمان أمن) الأماكن المقدسة اليهودية والمعابد والمقابر فوراً».

وقال كميل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لا نعرف الغرض من الحادث، ونحاول معرفة ما إذا كان الهدف لمس عظام الحاخام، أو نقلها، أو تدنيسها».

وأكد أن ما حصل «لن يغيّر شيئاً. فالحاخام مهم جداً لنا، وسيبقى مهماً لنا إلى الأبد، لا سيما المكان الذي دُفن فيه».

خلال سنوات النزاع، تعرَّض كنيس عريق في حي جوبر للنهب ولدمار كبير، بعدما شكَّل محجاً لليهود من أنحاء العالم.

وتمتَّع اليهود الذين يعود وجودهم في سوريا إلى قرون قبل الميلاد، بحرية ممارسة شعائرهم الدينية خلال حكم عائلة الأسد. لكن نظام الأسد الأب قيّد حركتهم ومنعهم من السفر حتى عام 1992. وبعد السماح لهم بالسفر، انخفض عددهم من نحو 5 آلاف إلى 7 مسنّين يقيمون حالياً في دمشق.

رجل يهودي يحمل مخطوطة للتوراة في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025.
رجل يهودي يحمل مخطوطة للتوراة في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025.

وتعهَّدت السلطات الجديدة بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، بإشراك الطوائف كافة في بناء مستقبل سوريا، وضمان أمنها، وسط مخاوف لدى الأقليات مع تسجيل انتهاكات متفرقة.

وعلى هامش زيارة إلى نيويورك، التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وفداً من الجالية السورية اليهودية في نيويورك. وبحث معه «أهمية تعزيز جسور التواصل والتفاهم»، على ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية، الثلاثاء.