عدّت الأوساط الثقافية والفكرية في العراق أن رحيل الأديب العراقي المعروف سعد محمد رحيم أمس الإثنين في أحد مستشفيات مدينة السليمانية خسارة كبيرة للأدب والثقافة والسردية العراقية بصورة عامة. وكان رحيم مؤلف رواية «مقتل بائع الكتب» التي وصلت العام الماضي إلى القائمة القصيرة للنسخة العربية من جائزة بوكر، والتي نالها الكاتب السعودي محمد حسن علوان عن روايته «موت صغير» قد توفي إثر أزمة قلبية حادة، تاركا وراءه إرثا أدبيا وثقافيا يجمع بين القصة والرواية والنقد الأدبي. وفي هذا السياق يقول أستاذ الفلسفة في جامعة بغداد الدكتور طه جزاع لـ«الشرق الأوسط» إن «وفاة سعد محمد رحيم وهو في ذروة تألقه الإبداعي حيث حاز على جائرة الإبداع وجائزة كتارا ثم نافس بقوة على البوكر إنما تمثل صدمة لنا كمثقفين عراقيين مثلت أعمال المرحوم سعد أحد المرتكزات الأساسية في حقول الإبداع والفكر، لا سيما أن رحيم متعدد المواهب والطاقات». وأضاف جزاع: «آخر لقاء جمعني مع المرحوم سعد هو في معرض الكتاب الأخير الذي عقد على أرض معرض بغداد، حيث شارك في ندوة حوارية أدارها الكاتب العراقي الشاب علي وجيه وضمت إلى جانبه عددا من الروائيين العراقيين المعروفين مثل أحمد السعداوي مؤلف رواية (فرنكشتاين في بغداد) التي كانت فازت بجائزة البوكر عام 2015، وعلي بدر مؤلف عدد من الروايات الهامة والحائز على عدة جوائز عربية وعالمية، وضياء الجبلي حيث كانت للروائي الراحل عدة مداخلات في الندوة الحوارية». وفي السياق نفسه، يقول الناقد العراقي المعروف علي حسن الفواز عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين إن «رحيل سعد محمد رحيم يعد خسارة كبيرة لمشروع روائي جديد، حيث إن سعد يعمل في فضاء سردي مختلف عما هو سائد بالقياس إلى الفضاءات السردية المعروفة سواء لجهة الواقعية أو الحكائية حيث دائما في أعماله هناك جريمة وضحية»، مبينا أن «سعد يريد أن يقول لنا إن هؤلاء هم ضحايا الاستبداد والاحتلال والصراع الأهلي، حيث إنه اشتغل على هذه الثيمة بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003». ويتابع الفواز: «شخصيات سعد محمد رحيم هي دائما شخصيات مثقفة ودائما ضحيته يموت بطريقة عشوائية، وكأنه يريد أن يصور لنا عبثية الموت المجاني»، مشيرا إلى أن «سعد كان مشروع مثقف نقدي كبير، حيث كانت بحوثه ودراساته الفكرية تعبر عن فضاء آخر يشبه الفضاء الذي يشتغل عليه إمبرتو إيكو الذي يقول ما لم تستوعبه الراوية يمكن أن يكون مجاله الفكر والنقد». أما الكاتب العراقي محمد غازي الأخرس فيصف وفاة سعد محمد رحيم المفاجئة بأنها «خسارة بكل المعايير، حيث إنه من الأصوات النقدية المهمة التي بدأت توا عطاءها الحقيقي والمتنوع، وبدأ يضع بصمته النهائية، حيث بدأت مشاريعه الكبرى تعطي أجوبتها النهائية، لا سيما أنه يكاد يكون بين قلة من المثقفين والكتاب العراقيين ممن يشتغل على مناهج ما بعد الحداثة». ويضيف الأخرس أن «سعد روائي موهوب حصل على جوائز مهمة، ونافس بقوة على جوائز أخرى منها البوكر العربية التي وصلت إليها روايته (مقتل بائع الكتب) التي تعد من أجمل الروايات العراقية التي كتبت في السنوات الأخيرة».
ويروي مازن محمد لطيف صاحب دار نشر «موزوبتاميا» لـ«الشرق الأوسط» اللحظات الأخيرة لوفاة رحيم قائلا: «كنا مدعوين إلى مهرجان كلاويش في مدينة السليمانية وفي اليوم الأخير حيث كان موعد عودته بالطائرة الساعة السابعة مساء لكنه في تمام الساعة الرابعة أحس ألماً في قلبه. نقلناه إلى المستشفى ووضع تحت العناية المركزة ولم تنفع كل محاولات إنقاذه، حيث توفي في تمام الساعة الثانية ليلا».
وللراحل الذي غادر الحياة عن 61 عاما، العديد من الروايات مثل «غسق الكراكي» التي حصلت على جائزة الإبداع الروائي العراقي عام 2000، و«ترنيمة امرأة»، و«مقتل بائع الكتب» التي وصلت إلى القائمة القصيرة لبوكر العربية، كما له كتاب فكري هو «استعادة ماركس». وكان حصل على جائزة كتارا عن روايته غير المنشورة «ظلال جسد... ضفاف الرغبة».
العراق ينعى مؤلف «مقتل بائع الكتب» سعد محمد رحيم
العراق ينعى مؤلف «مقتل بائع الكتب» سعد محمد رحيم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة