ناجون من «مذبحة المصلين» في سيناء يصوتون أملاً في التخلص من «داعش»

{الشرق الأوسط} تحدثت مع عدد من أهالي «الروضة»

استنفار أمني أمام إحدى لجان الاقتراع الرئاسي في اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)
استنفار أمني أمام إحدى لجان الاقتراع الرئاسي في اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)
TT

ناجون من «مذبحة المصلين» في سيناء يصوتون أملاً في التخلص من «داعش»

استنفار أمني أمام إحدى لجان الاقتراع الرئاسي في اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)
استنفار أمني أمام إحدى لجان الاقتراع الرئاسي في اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

سجل من تبقى من أهالي قرية «الروضة» الأحياء في شمال سيناء بصمة حضورهم ومشاركتهم في الإدلاء بأصواتهم في مشهد لافت، يعكس بحسب وصفهم رغبتهم في الثأر لمن قتل من أبنائهم.
وشهدت القرية التي تقع على بعد 20 كم غرب العريش، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حادثاً إرهابياً استهدف مسجدها، وأسفر عن مقتل 311، بينهم 27 طفلاً في أثناء صلاة الجمعة، في حادث هو الأبرز من سلسلة الأعمال الإرهابية التي شهدتها سيناء على مدار السنوات الماضية.
وتشير أصابع الاتهام في العملية إلى تنظيم «أنصار بيت المقدس»، الذي بايع «داعش» الإرهابي عام 2014، وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء». ويخوض الجيش معارك القضاء عليه بعمليات عسكرية، كان آخرها العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018»، التي لا تزال جارية.
«ودنا نتريح منهم»، بثلاث كلمات عكست رغبته في البحث عن أمان لقريته لخص سالم محمود، أحد أبناء قرية الروضة، مشهد مشاركته في انتخابات الرئاسة المصرية، ويعني في كلماته التي قالها أن نتيجة الانتخابات هي إحدى معارك حسم الإرهاب والقضاء عليه في سيناء، ليستريح الأهالي من عناء وجودهم على أرضهم.
وأشار سالم إلى أنه فقد والده وشقيقه في حادث الروضة، ولا يزال في نفسه غصة، فكل أموال العالم لن تعوضه عنهم، وعوضه هو الخلاص ممن قتلوا أهله وهم يصلون الجمعة، لافتاً إلى أنه رافقته والدته الأرملة، في إصرار من جانبها، ومشاركتها لأول مرة في عملية انتخابية.
وقال «سليمان شميط»، أحد رموز قرية الروضة ومن بين الناجين من حادث المسجد والذي فقد ابنه الوحيد، لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة انتخاب الرئاسة عقدت في مدرسة القرية الابتدائية، وهناك من بين أهالي القرية من كان خارجها وعاد إليها للإدلاء بصوته، كما أن هناك أهالي بحكم حياتهم البدوية يتنقلون في مناطق بعيدة، وقطعوا مسافات مشياً على الأقدام وصولاً للجنة الانتخابية، ومن بين المشاركين سيدات فقدن أبنائهن في حادث المسجد.
وأشار إلى أن المؤشرات الأولية تبين مشاركة نحو 650 من المقيدين في الجدول الانتخابي، وعددهم 1500 ناخب من أبناء القرية، لافتاً إلى أنهم تعاونوا فيما بينهم لنقل سكان القرية في 3 سيارات نقل، لتقل السيدات وكبار السن للإدلاء بأصواتهم.
وقال منصور القديري، أحد شباب قرية الروضة، إن «الانتخابات في قريتهم كانت منظمة للغاية وهادئة، واستقبل الأهالي طاقم اللجنة المشرفة على الانتخابات»، وأضاف: «الشباب كانوا حريصين على الإدلاء بأصواتهم، وهم كغيرهم من أبناء القرية، وهى رسالة من قريتهم لكل العالم، بأن الإرهاب لم ولن ينتصر عليهم، وهم كأي مكان آخر في مصر يؤدون دورهم في مشهد الانتخابات المصرية».
وتضم لجنة قرية الروضة الانتخابية، وفقاً لقاعدة معلومات انتخابات محافظة شمال سيناء، الناخبين من قرية الروضة والتجمعات السكانية التابعة لها، وهي: سبيكة وغريف الغزلان ومزار، وهى من بين 11 لجنة في مركز بئر العبد التابعة له القرية، ويضم المركز24 مركزاً انتخابياً، و24 لجنة فرعية، وإجمالي عدد الناخبين 56844 ناخباً، من بين 250605 ناخب بعموم شمال سيناء.
وكانت محافظة شمال سيناء قد شهدت أمس في ثاني أيام الانتخابات الرئاسية هدوءاً بمختلف اللجان الموزعة في مدن العريش، والشيخ زويد وبئر العبد والحسنة ونخل. وتراجعت نسبة إقبال المشاركين قياساً باليوم الأول، وبدت لجان وسط سيناء التي تضم مركزي الحسنة ونخل الأكثر حضوراً، بعد أن قام شيوخ القبائل ورموز العائلات بحشد ذويهم ونقلهم من القرى البعيدة وتوصيلهم للجان الانتخابات.
وسيرت محافظة شمال سيناء 6 حافلات نقل ركاب نقلت أهالي نزحوا من قرى مركزي الشيخ زويد ورفح لمناطق غرب ووسط مدينة العريش بسبب وقوع قراهم في مناطق تشهد عمليات أمنية وملاحقة قوات الأمن لمجموعات إرهابية.
وأعلن اللواء السيد عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، في تصريحات صحافية في أثناء تفقده للجان داخل مدينة العريش، أنه تم نقل الأهالي من أبناء هذه المناطق الراغبين في الإدلاء بصوتهم للجان مقيدين فيها في مدينة الشيخ زويد، باعتبار هذا حقاً لهم، وأضاف أن مشاركة أبناء شمال سيناء في الانتخابات هي رسالة للعالم بأن الدولة المصرية بخير وسيناء بخير، وأن المواطن يخرج من بيته ويدلي بصوته.
وقال محمد مسلم، أحد الأهالي، إنهم فوجئوا باتصال رموز قبلية بهم تخبرهم بأنه تم تجهيز أتوبيسات تنقلهم للجانهم، موضحاً أنه واحد من بين مئات نزحوا من نيران الحرب ضد الإرهاب من قرى جنوب الشيخ زويد، وهو يقيم في العريش، لافتاً إلى أن الطريق من العريش حتى الشيخ زويد يصعب السير عليه في الأيام العادية، وأنهم تحركوا في 6 حافلات، وكان عددهم نحو 80 شخصاً.
وتجرى الانتخابات في ظل استمرار العملية الأمنية الشاملة سيناء 2018، واتخاذ سلطات الأمن إجراءات أمنية مشددة، من بينها إغلاق الطرق المؤدية لمدن العريش والشيخ زويد والحسنة ونخل، والسماح بدخول هذه المناطق والخروج منها بتصاريح مسبقة. وحول مقرات اللجان، انتشرت قوات بكثافة من الجيش والشرطة، وأغلق محيط كل لجنة، وسمح بالوصول للجان عبر ممرات آمنة تخللها الخضوع للتفتيش والمرور على أجهزة الكشف على المفرقعات لكل ناخب يدلي بصوته.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.