معرض الرياض للكتاب يستقطب الزوار بمنصات معرفية واسعة

«ماراثون الترجمة» فيه يعرّف الزوّار بثقافة السعودية وحضارتها

جناح الطفل في المعرض الذي حمل عنوان «ابنِ طفلا تبنِ أمة»
جناح الطفل في المعرض الذي حمل عنوان «ابنِ طفلا تبنِ أمة»
TT

معرض الرياض للكتاب يستقطب الزوار بمنصات معرفية واسعة

جناح الطفل في المعرض الذي حمل عنوان «ابنِ طفلا تبنِ أمة»
جناح الطفل في المعرض الذي حمل عنوان «ابنِ طفلا تبنِ أمة»

تشبعت أجواء معرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الحالية بمزيج من شغف المعرفة والتطلع إلى الجديد في عالم العناوين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والتراثية والفلكلورية، فضلاً عن وجود القارئ الصغير بشكل لافت في جناح كتب الأطفال المتنوعة، وهو يتابع ويتذوق نطق العبارات التي تستثيره، في بادرة «ماراثون الترجمة» التي أطلقها المعرض لتعرّف الزوّار بثقافة وتراث وفنون وتقاليد المملكة.
معرض الرياض للكتاب وفرّ هذا العام، لزوّاره من مختلف البلدان والجنسيات، فرصة التعرف على مكنونات الحضارة السعودية وما تحمله من دلالات باللغتين الإنجليزية والفرنسية، حيث يسعى «ماراثون الترجمة» إلى ترجمة أكثر من 200 مقال من اللغة العربية إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، رغبةً في تفعيل وتنشيط حركة الترجمة في مجالات وثيقة الصلة بالثقافة السعودية وتراث المملكة وفنونها وتقاليدها.
وخصص جناح الطفل في المعرض الذي حمل عنوان «ابنِ طفلاً تبنِ أمة»، عدة أركان منها ركن «شهبندر التجار»، وركن «الحكواتي»، وركن «ملك القراءة» وركن «ساحة العلوم»، و«ركن المعرفة»، إضافة إلى «مسابقة القارئ الصغير» لتشجيع وتحفيز الأطفال على القراءة ومواصلة التعلم، واكتساب مهارات متنوعة.
الدكتور عبد الله المغلوث، المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة والإعلام السعودي، اعتبر أنّ معرض الرياض للكتاب الأعلى مبيعاً من بين المعارض العربية المماثلة، إذ تشارك فيه أكثر من 500 دار نشر عربية وعالمية، ويشهد 80 فعالية تتناول قضايا متنوعة في الشأن الثقافي بمشاركة أكثر من 250 منظما. ونوه إلى أن استراتيجية وزارة الثقافة والإعلام، تضطّلع بتعزيز المكانة الثقافية للمملكة، حيث يُعد تكريم المبادرات القرائية هذا العام، أحد الأساليب الحديثة في دعم قطاع الثقافة في المملكة، لتحفيز وتطوير العادات القرائية وتقديم صورة ثقافية مشرّفة عن أبناء الوطن وجهودهم المميزة في إثراء المجتمع عبر نشر ثقافة القراءة.
ولفت إلى أنّه اشترطت المعايير الجديدة، أن تكون المبادرة الشبابية قائمة ومستمرة لأكثر من ثلاثة أعوام، وأن يكون العمل فيها جماعياً وليس مقصوراً على فرد واحد، وأن تملك منصات رقمية فعّالة، وبرامج ميدانية تسهم في تحقيق أثر ملموس.
وقال طارق خواجي أمين مكتبة مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء»، المشارك في جناح بمعرض الرياض للكتاب، لـ«الشرق الأوسط»: إن «إثراء» تشارك بـ50 ألف نسخة لكتب متنوعة، وقدمت المكتبة 10 كتيبات جديدة عن مدينة الظهران وجسر الملك فهد بالظهران ومكة المكرمة وعن القهوة والشاي في حين أن التوجه العام للقراء يتفاوت بين سياسي وثقافي واجتماعي ومعرفي وتنمية المواهب والقدرات.
ولفت خواجي إلى النشاط الثقافي الثري الذي يشهد المعرض هذا العام، متوقعا أن يقدم في هذه الدورة عناوين جديدة مثيرة للاهتمام ومواكبة للتطلعات، لشرائح القراء من أطفال وشباب وكبار من الجنسين كافة، مشيراً إلى أن برنامج «إثراء المعرفة» التابع لأرامكو السعودية، يشارك بكتب لكتّاب محليين وإقليميين ودوليين في شتى ضروب المعرفة.
وتقول القارئة الزائرة للمعرض، فدوى الطعيمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «علاقة الكتاب بالقراء أقوى من تحديات الزمن»، منوهة أن للكتاب نكهة خاصة وعلاقة خاصة بالقارئ، لا توفرها الكتب الرقمية والإلكترونية، مشيرة إلى أن هذا التهافت على المعرض يؤكد ذلك، معتقدة أنّ الجفوة بين الكتاب والقراء مفتعلة بحكم الظروف التي شغلت الكثير من الناس بمعاشهم في ظل واقع جيوسياسي، عنوانه الدمار والموت والخوف والمرض في أنحاء كثيرة من العالم.


مقالات ذات صلة

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».