روحاني يخشى «غرق سفينة النظام»

المتحدث باسم الحكومة ينتقد «سخافات» إعلام «الحرس الثوري»

روحاني يخشى «غرق سفينة النظام»
TT

روحاني يخشى «غرق سفينة النظام»

روحاني يخشى «غرق سفينة النظام»

حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من «غرق سفينة النظام» إذا ما تواصل إضعاف الحكومة مقابل دعم أجهزة أخرى غير حكومية في بلاده.
وجدد روحاني لدى ترؤسه الاجتماع الوزاري، صباح أمس، هجومه على منتقدي حكومته بنبرة أخف من خطابه الأخير، إذ اتهمهم بـ«قلة العقل»، مشدداً على أن «البعض» ينال من حكومته ويضعف دورها «من أجل دعم أجهزة أخرى». وحذر من «نتيجة مقلوبة تؤدي إلى إغراق سفينة تحمل اليوم جميع الأطراف» في إيران.
وأشار إلى أن «البعض يعتقد أنه إذا ضعفت الحكومة، فسيدعم ذلك الأجهزة الأخرى. الأمر ليس كذلك. نحن جميعاً في سفينة واحدة، وإذا دُمر جزء من السفينة تغرق بمن فيها»، وفق ما نقلت عنه وكالة «إيسنا». وكان الرئيس الإيراني وصف قبل ثلاثة أسابيع النظام بـ«القطار»، وقال إن «بعض من شاركوا في الثورة أبعدوا من القطار». وقال في موقف نادر إن «جميع الأجهزة والقوى وأركان النظام والمؤسسات مسؤولة تجاه الشعب»، مشدداً على «وجوب مساءلة الجميع» و«العمل بالدستور».
ورد روحاني هو الثالث للحكومة بعد أقل من 24 ساعة على موقفين مماثلين لنائبه الأول إسحاق جهانغيري والمتحدث باسم الحكومة محمد رضا نوبخت، وذلك بعدما أعلن البرلمان الإيراني، أول من أمس، عن توجيه دعوة إلى وزير العمل علي ربيعي ووزير الطرق عباس آخوندي لجلسة استجواب قد تؤدي إلى سحب الثقة منهما، قبل أن يعلن البرلمان أمس عن استدعاء وزير ثالث هو وزير الزراعة محمود جنتي، بسبب «مشكلات المزارعين واستيائهم»، وفقاً لوكالات أنباء إيرانية.
وطالب البرلمان روحاني بالتوجه إلى مقر البرلمان للدفاع عن أداء الوزير. ويرى كثيرون في إيران أن حضور روحاني في البرلمان واستجوابه يشكلان «ضربة لدور حكومته سياسياً واقتصادياً، لا سيما وعوده في الانتخابات الرئاسية الأخيرة».
وأكبر المتخوفين من تعطل وعود روحاني الانتخابية هم حلفاؤه في التيار الإصلاحي والمعتدل الذين يعدون للانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد عامين، قبل التفكير بالمرشح المتحمل لخلافة روحاني في انتخابات 2021.
في سياق منفصل، تداولت وكالات إيرانية، أول من أمس، مقطعاً مصوراً للمتحدث باسم الحكومة يوجه فيه انتقادات شديدة اللهجة للمشككين بالإحصائيات الاقتصادية للحكومة. واعتبر أن ما تنشره وسائل إعلام منتقدة لإدارة روحاني «سخافات»، مهدداً بملاحقات قضائية. واستند نوبخت إلى إحصائيات «مركز الإحصاء الإيراني» للدفاع عن أداء الحكومة، مشدداً على أن «إحصائيات المركز تمثل النظام ولا تقتصر على الحكومة».
كما وجه سهام انتقاداته الحادة إلى وسائل إعلام التيار المحافظ و«الحرس الثوري»، مشيراً إلى أن «وسائل إعلام تدعي الثورة تشوه أوضاع البلد وتنشر سخافات».
وكان مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية رحيم صفوي، قال، الشهر الماضي، إن الحكومة تقدم «إحصائيات مغلوطة وغير واقعية» حول النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، لافتاً إلى أن «الإيرانيين يرون أن ذلك لم يترجم على موائدهم، أو يذكرون أعداداً للوظائف، بينما نرى أن كل أسرة فيها عاطلون عن العمل من بين خريجي الجامعات».
ووجه نائب الرئيس إنذاراً لخصوم إدارة روحاني، رداً على مواقف الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وكشف عن مطالب وُجِّهت إليه لوقف سلسلة انتقادات لأطراف سياسية أثناء حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وأعلن جهانغيري عن استعداده لـ«تشغيل ماكينة الانتخابات» في حال لم تلق اتهامات وجهها أحمدي نجاد رداً من «الجهات العليا».



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».