في يوم الكتاب العالمي... بريطانيا تغري أطفالها بالقراءة بالمسابقات والاحتفالات

بمشاركة متاحف ومؤسسات ثقافية ومدارس والمجموعة الملكية

غرد قصر باكينغهام بصورة للملكة إليزابيث مع شقيقتها مارغريت - تغريدة من المكتبة البريطانية
غرد قصر باكينغهام بصورة للملكة إليزابيث مع شقيقتها مارغريت - تغريدة من المكتبة البريطانية
TT

في يوم الكتاب العالمي... بريطانيا تغري أطفالها بالقراءة بالمسابقات والاحتفالات

غرد قصر باكينغهام بصورة للملكة إليزابيث مع شقيقتها مارغريت - تغريدة من المكتبة البريطانية
غرد قصر باكينغهام بصورة للملكة إليزابيث مع شقيقتها مارغريت - تغريدة من المكتبة البريطانية

رغم أنه يقع في الثالث والعشرين من شهر أبريل (نيسان) كل عام، فإن بريطانيا وحدها تحتفل بيوم الكتاب العالمي في أول مارس (آذار) من كل عام. اليوم العالمي أقرته اليونيسكو منذ 21 عاماً، ويهدف لتشجيع القراءة والتوعية بحقوق النشر الفكرية، وقد اختارت له 23 أبريل لأنه يصادف ذكرى وفاة اثنين من أهم الكتاب في التاريخ، وهما الكاتب الإسباني ميغيل دي سرفانتس والشاعر البريطاني ويليام شكسبير.
وأمس، احتفلت المدارس والمتاحف ووسائل الإعلام بيوم الكتاب العالمي في بريطانيا، ولكن موجة الصقيع التي جلبتها عاصفة «الوحش القادم من الشرق» أثرت في خطط كثير من المدارس التي اضطرت لإقفال أبوابها لليوم الثاني على التوالي.
وقد اعتاد الأطفال في هذا اليوم على ارتداء ملابس لأبطال رواياتهم المحبوبة، غير أن إغلاق عدد كبير من المدارس أحبط الأطفال المتطلعين لاستعراض ملابسهم التنكرية، وبادر أولياء أمورهم لعرض صور أطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وأشار آخرون إلى أنهم أقاموا احتفالات يوم الكتاب العالمي في المنزل، بإضافة أنشطة ترفيهية للأطفال، مثل التلوين والرسم. وغردت مكتبات مختلفة بجمل تحث الأطفال على القراءة في المنزل، إذا لم يتمكنوا من الاستمتاع في الاحتفال به في المدرسة.
غير أن المتاحف لم تغلق أبوابها، وبادرت بالدعاية ليوم الكتاب بالإعلان عن فعاليات خاصة، بينما نظمت مسابقات تحت رعاية «بطاقات الكتب الوطنية»، شاركت فيها مدارس مختلفة، وقدمت فيها آلاف الكتب كجوائز.
وقد جذب هاشتاغ «WorldBookDay» مختلف المؤسسات الثقافية والتعليمية، وأيضاً الجهات الرسمية التي بادرت بالتغريد بمقتطفات من كتب شهيرة أو بمعلومة أو بصورة تاريخية. فغرد حساب «قصر باكنغهام» بصورة للملكة إليزابيث الثانية وهي في صباها مع أختها الأميرة مارغريت تطالعان أحد الكتب، بينما غردت المكتبة البريطانية بصورة لأرفف الكتب داخل المكتبة العريقة، مع تعليق طريف: «في يوم الكتاب العالمي، بدلاً من التقاط صور (سيلفي)، ما رأيكم بصورة (شيلفي) (أرفف الكتب)، هذه صورة من مكتبتنا، نريد أن نرى صوركم». وغرد متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بعرض صفحات من كتاب أثري مزخرف من أرشيفها.
وحتى أهل السياسة كانت لهم مساهمات في هذا اليوم، فبادر وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون بالتغريد بكلمة مصورة، تحدث فيها عن أهمية التعليم، بينما غرد جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال المعارض، بصورة له أثناء الانتخابات الأخيرة وهو يجلس على الأرض مع الأطفال يقرأ لهم من كتاب مفضل عنده.
أما الصحف والمواقع البريطانية، فاحتفل كل بالمناسبة على طريقته، فأفردت صحيفة «الغارديان» تقريراً عن مكتبات تقاوم الإغلاق في عدد من دول العالم، منها المكتبة الوطنية في العراق.
وبادرت صحيفة «إيفننغ ستاندرد» بالتنويه عن «بينستالك»، وهي مؤسسة خيرية تهتم بتشجيع الأطفال على القراءة بإرسال متطوعين لزيارة المدارس وقراءة القصص للأطفال.
وذكر موقع «ويندسور إكسبرس» أن قلعة ويندسور تعرض مجموعة من الكتب التاريخية النادرة من المكتبة الملكية، التي تضم 200 ألف كتاب. وتعرض المكتبة 24 كتاباً، منهم كتاب ألفه الملك هنري الثامن في عام 1521، وأيضاً المجلد الثاني لأعمال شكسبير، الذي يحمل كتابات بخط الملك تشارلز الأول الذي سجن بقلعة ويندسور قبل إعدامه عام 1649، ومنها جملة تقول: «ما دمت على قيد الحياة، سيظل لديّ أمل».


مقالات ذات صلة

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

ثقافة وفنون جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

في حوار «الشرق الأوسط» مع الدكتور علي بن تميم، رئيس «مركز أبوظبي للغة العربية»، في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الذي يتبع له مشروع «كلمة» للترجمة....

ميرزا الخويلدي (الشارقة)
ثقافة وفنون مائة عام على صدور كتاب الريحاني «ملوك العرب» (دارة الملك عبد العزيز)

الرياض تحتفي بالريحاني وبكتابه «ملوك العرب» في مئويته الأولى

استعرض المشاركون في الندوة إسهامات الريحاني بوصفه كاتباً متعدد المجالات وأكدوا أهمية توثيق تاريخ المنطقة ومجتمعاتها.

عمر البدوي (الرياض)
ثقافة وفنون أمين الريحاني

«ملوك العرب» في مئويّته: مُعاصرنا أمين الريحاني

قيمة كتاب «ملوك العرب» كامنة في معاصرتها لحياتنا ولبعض أسئلتنا الحارقة رغم صدوره قبل قرن. ولربّما كانت قيمة الريحاني الأولى أنه لا يزال قادراً على أن يعاصرنا.

حازم صاغيّة
كتب مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات

مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات

يتجاوز الصحافي أنتوني لونشتاين، الخطوط المحلية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في كتابه الاستقصائي «مختبر فلسطين: كيف تُصَدِّر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم»

عبد الرحمن مظهر الهلّوش (دمشق)
كتب سردية ما بعد الثورات

سردية ما بعد الثورات

لا تؤجل الثورات الإفصاح عن نكباتها، هي جزء من حاضرها، وتوقها إلى التحقق، وتلافي تكرار ما جرى، بيد أنها سرعان ما تصطنع مآسيها الخاصة، المأخوذة برغبة الثأر

شرف الدين ماجدولين

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».