المسنون في المغرب يعانون العزلة والهشاشة والأمراض المزمنة

عددهم أكثر من ثلاثة ملايين... وأطباء الشيخوخة عشرة فقط

مسنون في المغرب يقضون يومهم في الحديث عن الزمن الجميل ({الشرق الأوسط})
مسنون في المغرب يقضون يومهم في الحديث عن الزمن الجميل ({الشرق الأوسط})
TT

المسنون في المغرب يعانون العزلة والهشاشة والأمراض المزمنة

مسنون في المغرب يقضون يومهم في الحديث عن الزمن الجميل ({الشرق الأوسط})
مسنون في المغرب يقضون يومهم في الحديث عن الزمن الجميل ({الشرق الأوسط})

كشفت ندوة «واقع المسنين في المغرب في ظل التحولات القيمية المجتمعية» التي نظمتها وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، في المعرض الدولي للنشر بالدار البيضاء، عن الظروف التي تعيشها هذه الفئة الاجتماعية بسبب العزلة والهشاشة والأمراض المزمنة.
وقد كان مبرمجاً أن تفتتح بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، هذه الندوة، إلّا أنّ مسؤولاً بالوزارة اعتذر عن حضورها، بدعوى أنّ لها بعض الانشغالات في البرلمان، لكنّ بعض الحاضرين تهامسوا فيما بينهم، في تلميح إلى أنّ غيابها ربما يتعلق بخشيتها من مواجهة الجمهور، بصفة مباشرة، بعد تصريحاتها الأخيرة بشأن معيشة المواطنين، التي أثارت حولها عاصفة من الاحتجاج في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
واتضح من خلال المعطيات التي قدمها عبد القادر تيطو، رئيس قطب الدراسات بـ«المرصد الوطني للتنمية البشرية»، حول موضوع «شيخوخة السكان في المغرب»، أنّ معدلات الظاهرة ستعرف في السنوات المقبلة مزيداً من الارتفاع.
وقال تيطو، إنّه إذا كان عدد الأشخاص المسنين حالياً يقدّر بثلاثة ملايين وثلاثة وخمسين ألف شخص، حسب الإحصاء الرسمي الأخير الذي جرى في المملكة سنة 2014، فإنّ التوقعات تذهب إلى الوصول إلى ستة ملايين ومائة وثمانين ألف مسن سنة 2030.
واستناداً إلى دراسة أُنجزت بشراكة بين وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية وصندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية، أبرز المتحدث نفسه أنّ هناك مجموعة من المشكلات تطرح بكثرة، بارتباط مع الجوانب الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، وضمنها الهشاشة التي تمس المرأة المسنة أكثر من الرجل.
ومن المفارقات التي تطرّق إليها تيطو في عرضه، أنّ المرأة لا تتزوج في غالب الأحيان بعد رحيل زوجها، بينما يهرع الرجل للزواج بعد موت شريكته في الحياة.
ودافع عبد الكريم بلحاج، أستاذ علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، في مداخلة له بعنوان «واقع المسنين بين التمثلات والتحولات المجتمعية»، عن المسنين اليوم، باعتبارهم هم الرواد الذين ساهموا بالأمس في صنع أسس المغرب الحديث، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ورياضياً، وبعضهم انتقل إلى رحمة الله.
ولدى حديثه عن المراحل العمرية، أوضح أنّ السن المحدد للمسن هو بلوغه الستين من عمره للتقاعد، وفق المعيار الدولي الذي حددته المنظمة الصحية العالمية، على الرّغم من أنّ هناك فئة كبيرة من المسنين تمارس عملها بكل همة ونشاط.
ولاحظ بلحاج أنّ هناك تأثيرات قد تصيب الوظائف الذهنية لبعض المتقاعدين؛ ما يؤدي بهم إلى اضطرابات في السلوكات، وبخاصة نساء ورجال التعليم الذين تلتهمهم الأمراض: «كما لو أن العمل هو الذي كان يؤجلها».
واستعرض بعض مظاهر الإقصاء والعزلة والهشاشة التي تطبع الحياة اليومية للمتقاعدين، ولا سيما في المجتمع الحضري، أي وسط المدن، حيث يصبح التساكن بمثابة معاناة، متسائلاً: هل الأمر مرتبط بانفراط التماسك الأسري، أم هو بفعل ضغوطات الحياة؟
وانطلاقاً من عملها اختصاصية في طب الشيخوخة، أوردت الدكتورة منى معمر، أنّ هناك أولويات صحية لا بد من توافرها قصد النهوض بالمسنين اجتماعياً، مشيرة إلى أنّ هناك ثلاث فئات، هي «الشيخوخة السليمة»، و«الشيخوخة العادية»، و«الشيخوخة المريضة». وقالت: إن الهشاشة الاجتماعية وسوء التغذية والتقدم في السن، كلها عوامل تؤدي إلى الإصابة بعدد من الأمراض المزمنة.
ومن جملة المطالب التي عبّرت عنها معمر للتعايش مع الشيخوخة بكرامة، تعميم الضمان الصحي لجميع المواطنين، وتوفير التقاعد لهم بشكل مريح، وخلق الشباك الوحيد للمسنين في المرافق العمومية كالمستشفيات وغيرها، وإنشاء مراكز نهارية يقضون فيها أوقاتهم للترفيه، بعيداً عن الإحساس بالعزلة والاكتئاب.
ومن خلال تجربتها، لاحظت أنّ هناك نقصاً كبيراً في أطباء الشيخوخة؛ إذ لا يتعدى عددهم في المغرب 10 فقط؛ ولذلك ألحّت على إنشاء مراكز لهذا التخصص، لتستجيب للحاجيات المطروحة على الصعيد الوطني.
آخر المتدخلين من المشاركين في الندوة هو الدكتور توفيق لحلو، باعتباره فاعلاً جمعوياً، حيث سجل تزايداً ملحوظاً في عدد المسنين، وتغييرات في القيم المجتمعية بفعل مجموعة من تحولات المجتمع المغربي الذي انتقل من الأسرة الموسعة إلى الأسرة النووية. ونتيجة لذلك، طرأت إكراهات كثيرة، أدّت إلى حصول ضغط متزايد على مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي يعاني نزلاؤها من محدودية المواكبة الصحية والنفسية، وأغلبهم كانوا عمالاً كادحين أو باعة الأرصفة، وليس لهم أي دخل مادي، ولا تغطية صحية.
مقابل هؤلاء، كشف لحلو عن أنّ بعض النزلاء في مؤسسات الرعاية الاجتماعية، قد يكون لهم سند عائلي، وقد يكونون ميسورين، لكن عائلاتهم استولت على ثرواتهم وأصبحوا عرضة للتشرد في الشارع.
وطالب بتوفير الدعم المادي اللازم لمؤسسات الرعاية الاجتماعية وإنشاء المزيد منها لمواجهة الضغط المتواصل عليها من طرف المسنين الذين «يجب أن يعاملوا بكل إنسانية».
في ختام الجلسة، أوضح مسيرها محمد أيت عزيزي، مدير مديرية حماية الطفولة والأشخاص المسنين بوزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، أنّ هدف الوزارة من وراء فتح فضاءات للنقاش، هو إبداء الآراء والاقتراحات لبناء التصورات والبرامج لضمان «حياة إنسانية للمسنين»، تليق بهم وتحفظ كرامتهم، مذكراً بالحملة التي أطلقتها الوزارة تحت شعار «الناس لكبار كنز فكل دار»، أي أنّ كبار السن بمثابة كنز في كل بيت.


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.