تيلرسون يستبق زيارته إلى بيروت بـ«ليونة» حيال «حزب الله»

لبنان منفتح على أي مبادرة تكفل حقه في حدوده البرية والبحرية

TT

تيلرسون يستبق زيارته إلى بيروت بـ«ليونة» حيال «حزب الله»

استبق وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون زيارته إلى لبنان اليوم، بالإشارة إلى «حزب الله» اللبناني بوصفه «جزءا من العملية السياسية في لبنان» حسبما نقلت وكالة «رويترز»، أمس، فيما يتجه لبنان لإبلاغ تيلرسون بموقفه المتمسك بترسيم الحدود البرية الجنوبية على أساس الحدود المرسومة في عام 1923. كما يبلغه الموقف الثابت بأن البلوك البحري لاستخراج النفط رقم «9» هو «أرض لبنانية»، لكنه لن يغلق باب المفاوضات بوجه أي مبادرة إذا كانت على أساس هذه المعطيات.
وقال تيلرسون من عمان أمس: «ندعم لبنان ديمقراطيا وحرا وخاليا من التدخلات الخارجية. نعلم أن (حزب الله) متأثر بإيران وهذا لا يصب في مصلحة لبنان ومستقبله على المدى البعيد، لكن علينا أن نعترف بالواقع وأن الحزب جزء من العملية السياسية اللبنانية». وأعرب تيلرسون عن اعتقاده بأن لبنان «اتخذ خطوات إيجابية في النأي بنفسه خلال العام الماضي، وبعث برسالة واضحة بأنه لا يريد أن يرى (حزب الله) متورطا في أي صراعات».
ويزور تيلرسون لبنان اليوم (الخميس) ضمن جولة إقليمية بدأها يوم الأحد الماضي، ويلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري.
وبينما لم تعلن وزارة الخارجية الأميركية عن أن تيلرسون سيناقش ملف النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل، واكتفت في وقت سابق بالإعلان عن أن الزيارة «ستركز على دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية»، تأتي الزيارة في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين لبنان وإسرائيل على خلفية النزاع الحدودي البري في 13 نقطة حدودية ومساعي لبنان لمنع إسرائيل من تشييد جدارها العازل على الحدود الجنوبية، في النقاط المتنازع عليها، إضافة إلى نزاع حول الحدود البحرية؛ حيث يشدد لبنان على حقه في سيادته على كامل حدوده البحرية، ومن ضمنها البلوك البحري رقم «9» الذي تزعم إسرائيل أنه يقع داخل حدودها البحرية.
وفي حين يتكتم الرؤساء اللبنانيون الثلاثة على طبيعة الاتفاق الذي تمخض عن لقاءين عقدا بينهم في القصر الجمهوري، إضافة إلى اجتماع ثالث بين بري والحريري، أكدت مصادر مواكبة لاجتماعات الرؤساء أن الاجتماعات أفضت إلى تظهير الموقف اللبناني الواضح والصريح حول حق لبنان في سيادته على كامل أراضيه ومياهه، مشيرة إلى أن هناك موقفاً رسمياً سيتم إبلاغه إلى وزير الخارجية الأميركي حول هذا الملف، نافية أي انقسام لبناني حول موقف لبنان من الملف، فيما تحدثت مصادر أخرى عن «وجهات نظر متعددة حول الملف، لكن الموقف اللبناني في النهاية موحد حول حق لبنان في سيادته على أرضه».
وتحدثت معلومات عن اتجاه لبناني لتجديد رفضه مبادرة حملها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، تعرض على لبنان القبول بثلثي المنطقة البحرية المتنازع عليها والبالغة 860 كيلومترا مربعا، وهو المقترح الذي حمله السفير فريدريك هوف في عام 2011 ورفضه لبنان آنذاك.
وأكدت مصادر رسمية لبنانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف اللبناني «محدد ومعروف وواضح حول تمسكنا بترسيم الحدود البرية وفق ترسيم عام 1923 بين لبنان وفلسطين، وليس وفق الخط الأزرق (خط الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان) الذي يتضمن 13 نقطة متنازعا عليها»، أما في البحر «فإننا نعتبر أن البلوك البحري رقم (9) هو (أرض لبنانية)».
لكن المصادر أكدت أن لبنان «لن يغلق الباب أمام أي مفاوضات إذا كانت ضمن هذه المعطيات والثوابت اللبنانية، ويرحب بأي مبادرة تكفل حق لبنان بأرضه ومياهه، ولن نغلق الأبواب أمام أي مبادرة». وقالت المصادر: «إذا تعمق تيلرسون بتفاصيل المبادرة، فإن لبنان سيقدم مقترحات بديلة عن مقترح السفير هوف، لا تتناقض مع موقف لبنان الثابت بالتمسك بحقوقه وبسيادته على أراضيه ومياهه». وقالت المصادر: «تحت العنوان الكبير المتمثل بحق لبنان، فإننا حاضرون للمفاوضات التي دائماً تثمر بتحقيق نتائج إذا تخلت إسرائيل عن تعنّتها».
وكان لبنان رفض مقترح السفير هوف منذ عام 2011 حول ترسيم الحدود البحرية، وأكد حقه بكامل حدوده. ونُقِل عن بري قبل أيام قوله: «إننا تخطينا الطرح الذي حكى عن (خط فريدريك هوف)، وهذا الأمر أبلغناه للموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد».
وبموازاة زيارة تيلرسون، تُعقد جلسة للجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، برئاسة النائب محمد قباني، لمتابعة موضوع التهديدات الإسرائيلية وتعدياتها على حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.