علماء يحذرون من خطر البلاستيك على المحيطات

يشكل تهديداً شديداً للحوت والقرش وشيطان البحر

مخلفات بلاستيكية ومواد أخرى جرفتها مياه المحيطات على الشواطئ
مخلفات بلاستيكية ومواد أخرى جرفتها مياه المحيطات على الشواطئ
TT

علماء يحذرون من خطر البلاستيك على المحيطات

مخلفات بلاستيكية ومواد أخرى جرفتها مياه المحيطات على الشواطئ
مخلفات بلاستيكية ومواد أخرى جرفتها مياه المحيطات على الشواطئ

يحذر العلماء من أن جزيئات البلاستيك والمواد الكيميائية السامة في المحيطات تشكل خطراً شديداً على الكائنات العملاقة، مثل أسماك الحوت والقرش وشيطان البحر، التي تتغذى على العوالق عبر الترشيح. وجاء في دراسة علمية نشرت في مجلة «ترندس إن إيكولوجي آند إيفولوشن» العلمية، أن مثل هذه الكائنات تبتلع آلاف الأمتار المربعة من مياه البحر يومياً للحصول على العوالق الحية، وهو ما يعرضها لابتلاع جزيئات البلاستيك مباشرة من المياه الملوثة بها أو بشكل غير مباشر عبر ابتلاع فرائس ملوثة بهذه الجزيئات، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).
وأشارت الدراسة إلى أن المواد الكيميائية والملوثات المرتبطة بالبلاستيك يمكن أن تتراكم على مدى عقود من الزمن وتغير في العمليات الحيوية للكائنات، ما يؤدي إلى ضعف النمو والتطور والتناسل، بما في ذلك تقليل الخصوبة.
وقالت إليتزا جرمانوف، رئيسة فريق الباحثين الذي أعد الدراسة، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إنه «رغم أنه لم يتأكد بعد وجود ارتباط واضح بين ابتلاع جزيئات البلاستيك وتعرض الكائنات التي تتغذى بطريقة الترشيح للتسمم، خلصت الدراسات المتعلقة بطيور البحر والأسماك الصغيرة إلى وجود ارتباط».
كما تواجه الكائنات البحرية خطراً بسبب تداخل أماكن وجودها مع بؤر للتلوث بجزيئات البلاستيك مثل خليج المكسيك والبحر المتوسط وخليج البنغال والمثلث المرجاني، وهي منطقة تمتد من ماليزيا إلى جزر سليمان في المحيط الهادي.
يشار إلى أن جزيئات البلاستيك هي قطع البلاستيك الصغيرة التي يقل أكبر أبعادها عن 5 ملليمترات، وتضر بالحياة البحرية.
وقالت جرمانوف إن كثيراً من الكائنات البحرية، مثل أسماك شيطان البحر، هي من الأنواع المهددة، ولذلك فإنه من الصعب تقييم تركيزات البلاستيك عبر الطرق التقليدية مثل فحص المعدة.
وأشارت إلى أنه «لذلك فإننا نلجأ لأخذ عينات صغيرة بشكل غير قاتل من الأنسجة، والتي نفحصها لتتبع المواد الكيميائية باستخدام أدوات تحليل متطورة وحساسة». ويعمر كثير من الكائنات التي تتغذى عبر الترشيح لحياة طويلة، ولكنها لا تنتج سوى قليل من النسل على مدار حياتها.
وقالت ماريا كريستينا فوسي، من العلماء المشاركين في الدراسة، إن دراسة أخرى قادتها حول أسماك قرش الحوت التي تعيش في خليج كاليفورنيا وحول الحوت الزعنفي في البحر المتوسط أكدت تعرض هذه الكائنات للمواد الكيميائية السامة.
وأشارت إلى أنه «نظراً لأن هذه المناطق تعد من بؤر الجزيئات البلاستيكية، فإن نتائجنا يمكن أن تشير إلى أن الكائنات المتغذية عبر الترشح تبتلع الجزيئات البلاستيكية مع تغذيتها».
وأخيراً، أشار عدد كبير من التقارير والدراسات المتعلقة بالحياة البحرية إلى خطر وجودي من جانب ملايين الأطنان من المخلفات البلاستيكية التي ينتهي بها الحال في المحيطات سنوياً.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».