أرابيلا دورمان ترسم بقطع ملابس اللاجئين السوريين بدلاً من الريشة والزيت

قضوا على شواطئ اليونان في رحلة البحث عن مأوى آمن

TT

أرابيلا دورمان ترسم بقطع ملابس اللاجئين السوريين بدلاً من الريشة والزيت

سمعنا الكثير عن حوادث غرق قوارب محملة باللاجئين السوريين الفارين من الحرب التي تمزق بلادهم باحثين عن مستقبل مجهول في بلدان أوروبية اختارها تجار الإنسانية الذين وعدوهم بحياة جديدة ولكنهم لم يحددوا لهم الوجهة النهائية، فشاء القدر أن تكون في الأبدية، لتنتهي قصة الهروب من مأساة وتتحول إلى كارثة إنسانية أعظم، راح ضحيتها الشباب والشيب والنساء والأطفال... ولم يميز القدر ما بين أعمارهم ودينهم ولكنه شتتهم حتى في مقابر متفرقة في 70 موقعاً مختلفاً في أرجاء تركيا واليونان وإيطاليا.
حسب الأرقام المستقاة من المنظمة الدولية للهجرة فقد أكثر من 8 آلاف شخص حياتهم منذ عام 2014 وهم في طريقهم إلى العبور إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط. وهناك أكثر من 1252 رجلاً وامرأة وطفلاً مجهولي الهوية دُفنوا في قبور من دون شواهد، فذهبوا كأنهم لم يكونوا.
ولكن الإنسانية لا تزال موجودة على الرغم من قساوة الحرب والبغض والضغينة، ولا يزال هناك من يؤمن بالإنسانية تماماً مثل الفنانة البريطانية أرابيلا دورمان الملقبة بـ«فنانة الحروب»، ولكن وبعد رؤية عملها الفني الرائع المعروض حالياً في كنيسة «سانت جيمس» في منطقة بيكادييللي بلندن، لا بد من تغيير لقبها إلى «فنانة الإنسانية»، لأنها تقوم بما يقوم به الإنسان الحقيقي الذي يرفض أن يتحول اللاجئون السوريون الذين قضوا على شواطئ ليزبوس اليونانية إلى مجرد أرقام وإحصائيات، وجعلتهم ذكرى خالدة من خلال عملها الفني المبدع الذي يهز الضمير.
عمل الفنانة أرابيلا دورمان يحمل اسم «ساسبيندد» Suspended ويعني «معلق»، ومن خلاله قامت دورمان برسم مشاعرها بقطع ملابس اللاجئين السوريين الذين لفظهم البحر وخسروا أرواحهم على الشاطئ بدلاً من الألوان الزيتية وريشة الرسم.
وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط» قالت الفنانة دورمان إنها زارت الكثير من البلدان التي دمّرتها الحروب مثل العراق وأفغانستان، كما زارت فلسطين وتعرفت على أناس تناستهم الإنسانية في عالم يميل إلى الضبابية والحقد، ولطالما تأثرت بمآسي اللاجئين في البلدان التي زارتها، وأمضت فيها أوقاتاً طويلة ترصد خلالها معاناة الأبرياء ولكنها تقول إن زيارتها خلال شهري سبتمبر (أيلول)، وأكتوبر (تشرين الأول)، من عام 2014، لجزر ليزبوس في اليونان زرعت بداخلها شعوراً لم تعهده من قبل على الرغم من المآسي التي رأتها من ذي قبل.
فتقول: «عندما وقفتُ على الشاطئ التي كسته قطع ملابس (فارغة)، شعرتُ بشيء بداخلي يدعوني إلى الانتفاضة على هذا الظلم، وكم تألمت لرؤية ملابس الأطفال، فأنا أمٌّ لطفلين، وشعرت بألم لا يمكن وصفه بكلمات، أنا فنانة تترجم مشاعرها من خلال عملها ورسمها ولوحاتها، ولكن بعد رؤية تلك الملابس المبددة على الشاطئ لأشخاص لم يبقَ منهم سوى قطع بالية ومبللة كان لا بد أن أقوم بعمل قوي، عمل يحبس الأنفاس، ومن تلك الشواطئ ومن تلك المشاهد المأساوية أتتني فكرة تجميع قطع الملابس وتحويلها إلى لوحة فنية تعكس الإنسانية في العالم أجمع».
العمل الفني يتوسط سقف الكنيسة على شكل دائرة عملاقة وضعت أرابيلا داخلها مصباحاً يتحول النور فيه من قويّ إلى خافت ليختفي بعدها تماماً، وعن الفكرة تقول الفنانة إنها اختارت الشكل الدائري لتعكس حال «الكرة الأرضية»، ومن خلال النور الذي يتبدل بالداخل، أرادت أن تبين «الأمل»، وتبدُّل درجة النور يعني «النور الذي بداخلنا كبشر»، وعندما ينطفئ النور يتحول العمل إلى عتمة، وهذا يعكس الروح القاتمة والظلم والمأساة الإنسانية.
وعن مشوارها منذ بدايته إلى أن تحول عملها الفني إلى حقيقة، تروي أرابيلا لنا زيارتها إلى الشواطئ وكيف أرادت أن تجمع أكبر عدد ممكن من قطع الملابس لتحولها إلى عمل فني، فاستعانت بمؤسسة خيرية تُعنى بأحوال اللاجئين يطلق عليها اسم «ستارفيش»، وبمساعدة المؤسسة وعدد كبير من أصحاب القلوب البيضاء من المتبرعين حصلت أرابيلا على نحو 1400 قطعة ملابس لنساء ورجال وأطفال واختارت من بينها 800 قطعة، وكانت عملية تهيئة القطع صعبة بعض الشيء، حيث تَعيّن على الفنانة إرسالها للتنظيف في مصابغ كبرى ومن ثم كلفت شركة في الـ«ميلدلاندز» شمال إنجلترا بوضع مادة تجعلها غير قابلة للاشتعال لكي تتمكن بعدها من عرضها في أماكن عامة لتفادي حصول أي مكروه للزوار.
العمل الفني «ساسبندد» عُلِّق في فناء الكنسية بلندن في الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسيبقى هناك حتى الثامن من فبراير (شباط) المقبل. وتقول أرابيلا إنها تأمل أن يُنقل العمل بعدها إلى كاتدرائية كانتربري في إنجلترا، وهذا العمل سيتطلب الكثير من الجهد من قبل المتبرعين الذين وصل عددهم في العرض الأول في لندن إلى 20 متبرعاً ومتبرعة شاركوا الفنانة في عميلة تعليق القطع بشكل معبر جداً، وهذا ما أرادت إيصاله، صورة قطعة ملابس خالية من صاحبها المجهول، وقد تكون هناك قطعة ملابس من بين الـ800 قطعة ستهز الضمائر، وهو قميص لرضيع كُتب عليه «عيد الميلاد الأول لي». وتشعر بالقشعريرة عندما ترى هذه العبارة خصوصاً أن الطفل لم يكن يعرف أنه سيكون «عيد الميلاد الأول والأخير له».
وتم اختيار كنيسة «سانت جيمس» لعرض العمل الفني منذ ديسمبر الماضي، لثلاثة أسباب: الأول، هو أن معنى عيد الميلاد تغير ولم يعد روحياً وأصبح مادياً، وهذه اللوحة -حسب القسيسة في الكنيسة لوسي وينكد- تعكس روح أعياد الميلاد الحقيقية، والتوقيت كان مناسباً جداً. والسبب الثاني، هو تسليط الضوء من جديد على أزمة اللاجئين السوريين الذين فقدوا بيوتهم، وبعضهم فقدوا أرواحهم في سبيل البحث عن حياة أفضل. والسبب الثالث، هو مساهمة العمل الفني في تأمين أكبر قدر ممكن من التبرعات لجمعية «ستارفيش» لمساعدة اللاجئين.

- الفنانة أرابيلا دورمان في سطور
لقبها «فنانة الحروب» لأنها عملت إلى جانب القوات البريطانية في جنوب العراق عام 2006، وعملت في أفغانستان ما بين عامي 2009 و2014، وفي عام 2005 عملت في جزر اليونان، وتوجهت إلى مخيمات اللاجئين في كاليه ودانكيرك عامي 2015 و2016.
أرابيلا مدرجة على لائحة الإذاعة البريطانية لأهم 100 امرأة لعام 2014، واختارتها مجلة «سولت» من بين أكثر 100 امرأة تأثيراً عام 2015.
تعمل مع كثير من المؤسسات الخيرية وتترجم أحاسيسها الإنسانية في لوحات وأعمال فنية هدفها مساعدة اللاجئين حول العالم.
تعمل أرابيلا في استديو الرسم الخاص بها في منطقة تشيلسي بلندن، وشاركت في الكثير من المعارض المحلية والعالمية.
للفنانة رسومات زيتية، فهي متخصصة في رسم البورتريه لأفراد العائلة المالكة في بريطانيا وبلدان عربية. وتُعرض رسومات لها في الكثير من الأماكن العامة.



أمل طالب... تجدّد مسيرتها مع «والله لنكيّف» على شاشة «الجديد»

مع أحد ضيوفها في «خلّي عينك عالجديد» (أمل طالب)
مع أحد ضيوفها في «خلّي عينك عالجديد» (أمل طالب)
TT

أمل طالب... تجدّد مسيرتها مع «والله لنكيّف» على شاشة «الجديد»

مع أحد ضيوفها في «خلّي عينك عالجديد» (أمل طالب)
مع أحد ضيوفها في «خلّي عينك عالجديد» (أمل طالب)

بعد طول انتظار، تُحقّق الممثلة الكوميدية أمل طالب أمنيتها، وتجدّد مسيرتها بعد افتراقها عن فريق هشام حداد لبرنامج «كتير هالقدّ» على شاشة «إم تي في» اللبنانية. وقبله كانت قد انطلقت مع الفريق نفسه في برنامج «لهون وبس» عبر محطة «إل بي سي آي». ومن خلال برنامجها الكوميدي الساخر «والله لنكيّف» على شاشة «نيو تي في» (الجديد)، تنطلق أمل طالب في مشوارها الخاص. وضمن 3 فقرات منوعة، تستضيف 3 شخصيات مشهورة، يتألف «والله لنكيّف».

تقدّم جديدها «والله لنكيّف» على شاشة «الجديد» (أمل طالب)

اختارت أمل طالب الشيف أنطوان الحاج ليشاركها تجربتها هذه، فيرافقها في تقديم البرنامج ضمن ثنائية تصفها بـ«خفيفة الظل». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لأول مرّة سأطرق باب النقد السياسي الكوميدي، وأقدم فقرات ترتكز على النقد والضحك في آن واحد. ضيوفي باقة من الممثلين والفنانين، إضافة إلى مؤثرين على (السوشيال ميديا)».

قدّمت أمل طالب لهذه النقلة التلفزيونية من خلال برنامج «خلّي عينك عالجديد» في آخر أيام 2024. فتقول: «التجربة كانت رائعة رغم صعوبتها. والمطلوب مني كان إحياء فقرات متتالية على مدى يوم كامل. أحاور ضيوفي وأتلقى اتصالات المشاهدين مباشرة على الهواء، وأقدم لهم الجوائز والهدايا».

لجوء شاشة «الجديد» للاستعانة بمواهب أمل طالب فاجأها. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي، خاطرت المحطة عندما اختارتني لإحياء هذا اليوم الطويل. أعطتني فرصةً لم أتوقعها، لا سيما أني لا أملك خبرةً سابقةً في هذا المجال. التجربة صقلتني وزادت الثقة في نفسي. واكتشفتُ من خلالها مدى حبّ الناس للتقديم العفوي والطبيعي».

انفصالها عن فريقٍ عَمِلت معه لنحو 6 مواسم متتالية جرى بهدوء. وتوضح في سياق حديثها: «في الحقيقة لطالما ردّدت على مسامع الفريق أني أُفكّر بالانطلاق لوحدي. وكما في كلّ عامٍ جديد كنت أُعلِمهم بأنه آخر موسم أشارك فيه معهم. ولكن هذه السنة كان الأمر جدّياً، لا سيما أن (الجديد) تواصلت معي وأصرّت على هذا التعاون».

تقول إن انفصالها عن فريق حداد جرى بهدوء (أمل طالب)

لم يكن الانفصال عن عائلتها الفنية أمراً سهلاً كما تذكر. «هناك علاقة وطيدة تربطنا. وعندما انتقلنا جميعنا إلى (إم تي في) المحلية زادت هذه العلاقة صلابة».

وخلال تقديمها برنامجها في مناسبة عيد رأس السنة، شاءت أن تقدّم نموذجاً جديداً له، في نسخة خاصة بالعيد. ولاحظ المشاهد وجود عناصر فنّية تُشبه تلك التي يرتكز عليها هشام حداد في برنامجه. «تقصدين الفرقة الموسيقية؟ الفكرة كانت خاصة بهذا اليوم الطويل. ولا أعتقد أن الأمر أزعج حداد وفريقه. فالفِرق الموسيقية باتت عُنصراً موجوداً في برامج النقد السّاخر. لم أقم بأي أمر من تحت الطاولة، وكنت صريحة وواضحة. ودّعت الجميع عندما أخبرتهم بهذه النقلة. فالرِّزق على رب العالمين، ولا أحد يستطيع سحب بساط النجاح من تحت قدمَي أي شخص آخر. وأتمنى أن يبقى هذا الفريق سنداً داعماً لي».

بيد أن كلام أمل طالب قابله تعليقٌ مُبهمٌ من هشام حداد في اليوم التالي لعرضها الطويل. فقد نشر عبر خاصية «ستوري» على حسابه في «إنستغرام» تعليقاً يقول فيه: «حضرت شي هلّق... يا تعتيري شو هاي». وبقي معنى كلامه غامضاً مجهولَ الهدف.

يُعرض برنامج «والله لنكيّف» في الوقت الذهبي، أي بَعد نشرة الأخبار المسائية على شاشة «الجديد». «أتولّى مهمة كتابة نص الـ(ستاند أب كوميدي)، ويكون بمثابة الافتتاحية لكل حلقة التي تستغرق نحو 7 دقائق. ويساعدني في باقي فقرات البرنامج فريق إعداد خاص».

تقول أمل طالب إنها تعلّمت كثيراً من تجربتها مع فريق هشام حداد. «تزوّدتُ بخبرات جمة لفترة 6 مواسم متتالية. تعلّمتُ كيف ومتى أقول النكتة؟ وكيف أتحكّمُ بنَفَسي وأنا أتكلّم. وأدركت أن الجمهور هو مَن يصنع شهرة الفنان. وتميّزتُ عن غيري من المقدمين الكوميديين بأسلوبي. كنت أشاركهم قصصي الحقيقية بقالب ساخر ومضحك. فكل ما أتلوه عليهم هو من أرض الواقع. وشعرتُ في الفترة الأخيرة أنه بات عليّ البحث عن موضوعات أخرى. لقد استنفدتها جميعها، فقرّرت قلب صفحة والبدء بأخرى جديدة. لقائي مع الجمهور يخيفني، ويشعرني برهبة الموقف. أُعدّ نفسي اليوم أكثر نضجاً من السابق. وهذا الأمر يتبلور في أسلوبي وحبكة نصّي، وحتى في نبرة صوتي».

يوم طويل في آخر أيام عام 2024 زوّدها بالخبرة (أمل طالب)

اليوم صارت أمل طالب تُطلب بالاسم لتفتتح عرضاً لشخصية كوميدية معروفة. وفي هذا الإطار تنقّلت بين أكثر من بلد عربي وغربي؛ ومن بينها العراق وأربيل وفرنسا وأمستردام. كما ستُرافق باسم يوسف في أحد عروضه في مدينتَي هامبورغ الألمانية، وغوتنبرغ في السويد. وتطلّ مع الكوميدي نمر بونصار في حفل له في قطر.

أما في لبنان فقدّمت عرض «طالب بصيص أمل» على مسرح «بلاي بيروت». وهو من نوع «ستاند أب كوميدي»؛ تناولت فيه مواقف من حياتها بطريقة ساخرة، في حين شاركت ستيفاني غلبوني بعرض من النوع نفسه على مسرح «ديستركت 7» في بيروت.

حالياً تتوقّف أمل طالب عن المشاركة في أعمال درامية. وتوضح: «قرّرت أن أتفرّغ لبرنامجي التلفزيوني الجديد. ولدي عروض كثيرة خارج لبنان، فلا وقت للتمثيل الدرامي. أما أحدث ما نفّذتُه في هذا الإطار فهو عمل كوميدي أردني من المتوقع أن يُعرض في موسم رمضان».