وجه وزراء سعوديون، أمس، رسالة تطمين إلى المستثمرين الأجانب، مؤكدين التزامهم بمكافحة الفساد وخلق بيئة استثمارية شفافة وعادلة. وشجع وزير المالية السعودي محمد الجدعان المستثمرين الأجانب على دخول السوق السعودية، مؤكدا أن «الجودة والثمن هما اللذان سيحددان نجاحكم».
وجاءت تصريحات الجدعان في إطار جلسة نقاش نظمها المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان «بناء اقتصاد المستقبل في السعودية»، وشاركت فيها الأميرة ريما بنت بندر وكيل الهيئة العامة للرياضة، ووزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي، ووزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، وستيفن شوارزمن الرئيس التنفيذي لشركة «بلاكستون»، بإدارة هادلي غامبل من شبكة «سي إن بي سي».
وقال الجدعان إن المستثمرين ضخوا مبالغ قياسية بسوق الأسهم السعودية في الأسابيع الأخيرة، بعد أن انخفضت مع الحملة التي قادتها المملكة ضد الفساد، مع إدراكهم أن هذه الإجراءات الداعمة للشفافية والمحاسبة إيجابية للاقتصاد وللبيئة الاستثمارية، لافتا إلى أن «حملة محاربة الفساد دقيقة الأهداف ومحددة للغاية». وأضاف أن «المملكة اليوم مختلفة، وهي ليست كما كانت قبل خمس سنوات. نعمل على إصلاح العمل الحكومي ونظام الترخيص لجعل المستثمرين يشعرون بنظام أكثر ترحيبا في الداخل السعودي، كما نسعى للتأكيد للمستثمرين أن القانون فوق الجميع، وسنقوم بتطبيق القانون بطريقة واضحة وشفافة».
وتابع معلقا على حملة مكافحة الفساد، بالقول إنها تهدف إلى خلق بيئة استثمار متكافئة، تتسم بالعدل والشفافية والوضوح. وأضاف أن «الموقوفين في الحملة مشتبهون باختلاس ما يعادل 100 مليار دولار من الأموال العامة، استعدنا جزءا منها». واستعرض الجدعان أهداف «رؤية 2030»، وقال: «إنها تبلورت لمعالجة جانبين أساسيين: تحويل السعودية إلى عامل استقرار في منطقة متقلبة، وإلى نموذج إصلاحات إيجابية تلهم الدول المجاورة وتشجعها هي الأخرى على الإصلاح. أما السبب الثاني، فهو تخفيف اعتمادنا على النفط عبر تنويع مصادر الدخل وإصلاح الاقتصاد». وتابع الجدعان أن الإصلاحات تشمل قطاعات عدة، منها المالي عبر التخطيط المتوسط وطويل المدى، والاقتصادي عبر التنويع وتخفيف الاعتماد الكثيف على الإنفاق الحكومي، والاجتماعي، والتنظيمي والقانوني عبر تحديث القوانين القديمة.
وقال الجدعان إن نتائج هذه الإصلاحات أصبحت ملموسة، مستشهدا بانخفاض العجز إلى 8.9 في المائة، وفرض ضريبة القيمة المضافة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام، وإصلاح تكلفة الطاقة وغيرها من الأمثلة. في الوقت ذاته، لفت الجدعان إلى أن الحكومة طبقت إجراءات أخرى لدعم القطاع الخاص وحماية المواطن، عبر إنشاء حساب المواطن الذي سجل فيه أكثر من 10 ملايين مواطن، فضلا عن دفع حزمات تحفيزية للقطاع الخاص بـ40 مليار ريال في منتصف العام الماضي، و72 مليارا في ديسمبر (كانون الأول)، وأكثر من 80 مليارا أخرى في الشهور المقبلة.
من جانبه، سلط القصبي الضوء على نتيجة أخرى لـ«رؤية 2030»، وهي تغيير طريقة عمل المؤسسات الحكومية، وقال: «افتقدنا في الماضي إلى ثقافة التخطيط، والنظر إلى الأمام واستباق الأحداث. أما الآن، فإن كل وزارة وضعت أهدافا تتجه إلى تحقيقها، وفق عملية مدروسة».
وتحدث القصبي كذلك عن الاستثمار، واصفا إياه بـ«رد فعل» لبيئة استثمارية مرحبة. وتابع أن «أول شيء قامت به السعودية في هذا الإطار هو إصلاح القوانين التنظيمية، واستحداث قوانين مثل قوانين الإفلاس والرهن العقاري وحق الامتياز، التي سيعلن عن اعتمادها قريبا». كما نوه بتوجه السعودية لتسهيل الاستثمار عبر تخفيف العمل الإداري، والخصخصة، ومكافحة الفساد.
ومضى القصبي قائلا: «نعمل على تحفيز القطاع الخاص والشركات المتوسطة والصغيرة»، مضيفا أن الحكومة جهزت البنية التحتية لتحقيق أهداف «رؤية 2030».
بدوره، وصف شوارزمن الإصلاحات في السعودية بـ«الاستثنائية»، لافتا إلى أن «السعودية لا تلقي خطابات فحسب، بل ترفقها بالفعل والتطبيق». وقال رجل الأعمال الأميركي إن برنامج الإصلاحات «سريع وشجاع»، ويسعى لتوفير جودة ونمط حياة أفضل، ومصادر دخل لشعب 70 في المائة منه تحت سن الثلاثين. ويرى شوارزمن أن «رؤية 2030» توسع القاعدة الاقتصادية السعودية، وتعمل على تعزيز ثقة الشباب في فرص المستقبل عبر بلورة اقتصاد يواكب التغيرات التكنولوجية التي ترافق الثورة الصناعية الرابعة.
أما التويجري فاعتبر أن أكثر من 7 آلاف موظف حكومي وطالب جامعي ومستشار ساهموا في بلورة خطة إصلاح الاقتصاد السعودي، وأن نجاح السعودية في تحقيق هذا البرنامج الطموح سيكون نجاحا للمنطقة كلها، مؤكدا: «هذا ما نسعى إليه».
في المقابل، عرف التويجري ثلاثة تحديات رئيسية أمام تنفيذ «رؤية 2030»، هي القدرة على التطبيق (الطاقات البشرية)، وحسن التواصل لشرح المشاريع للمواطن والمستثمر، والتكلفة. ولتجاوز هذه التحديات، قال وزير الاقتصاد والتخطيط إن المؤسسات الحكومية تحتاج إلى التنسيق والالتزام واحترام الأهداف الموضوعة في إطار خطط تنفيذ الرؤية.
السعودية تجدد من «دافوس» التزامها ببيئة استثمارية عادلة
رئيس «بلاكستون»: الإصلاحات التي تقودها الرياض استثنائية
السعودية تجدد من «دافوس» التزامها ببيئة استثمارية عادلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة