اختراق أمني ينقذ لبنان من هجمات حضّر لها «داعش»

المشنوق كشف عن تفاصيل تجنيد قيادي في التنظيم الإرهابي

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي أمس (رويترز)
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي أمس (رويترز)
TT

اختراق أمني ينقذ لبنان من هجمات حضّر لها «داعش»

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي أمس (رويترز)
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي أمس (رويترز)

أعلن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق عن إحباط مخطط لتنظيم داعش كان يستهدف مقرات رسمية ومراكز عبادة.
وتحدث المشنوق أمس عن عملية «لبنان الآمن» التي قامت بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي عبر تجنيد قيادي في تنظيم داعش بعد إلقاء القبض عليه في يونيو (حزيران) الماضي وتم تشغيله بعدها لمدة خمسة أشهر، ما حال دون حصول أي عملية كانت تستهدف أماكن عبادة ومقرات رسمية خاصة في فترة الأعياد الأخيرة. وقال المشنوق في مؤتمر صحافي إن «الرسالة من وراء الإعلان عن هذه العملية أن لبنان آمن، والتأكيد للبنانيين والعرب خصوصا الذين لديهم تخوف من المجيء إلى لبنان من أن هناك قدرة أمنية فاعلة وعالية وأن الوضع الأمني ممسوك في لبنان».
واستشهد الوزير المشنوق بكلام القيادي الذي تم تجنيده ويدعى «أبو جعفر العراقي»، بقوله «إن العمل في لبنان صفر» معتبرا ذلك دليلاً على فاعلية «الاستنفار الدائم لكل القوى والأجهزة الاستخبارية اللبنانية سواء في الجيش أو الأمن العام أو شعبة المعلومات». ووصف المشنوق العملية بـ«أنها ترتدي أعلى مستوى لأي جهاز استعلامي في العالم العربي»، مقدرا «المهنية العالية التي تتمتع بها هذه الشعبة وتضعها في مصاف أكبر الأجهزة الأمنية في العالم».
ورأى الخبير العسكري والعميد المتقاعد خليل الحلو، أن أهمية هذه العملية تكمن في أنها نقلت لبنان من محاربة الإرهاب عبر العمليات العسكرية إلى المعركة المخابراتية عبر خرق التنظيم وتجنيد أحد قيادييه. وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العملية هي إنجاز نوعي في حد ذاتها وتؤكد أن الأجهزة الأمنية اللبنانية قادرة على حماية لبنان وحدها رغم تشكيك البعض، من دون أن يعني ذلك أن لبنان أصبح بمنأى بشكل نهائي عن الإرهاب كما هو الحال في كل بلدان العالم».
وإضافة إلى عمليات ملاحقة العناصر الإرهابية المستمرة التي تم بموجبها توقيف المئات منهم في السنوات الأخيرة، كان لبنان خاض معركة «فجر الجرود» وحقّق انتصارا ضد تنظيم داعش في الصيف الماضي، في جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، رغم أنها انتهت بإبرام صفقة بين التنظيم و«حزب الله» والنظام السوري قضت بخروج عناصره من الجهة اللبنانية إلى منطقة دير الزور السورية.
وشرح المشنوق: «بعد الانفجارات التي شهدها لبنان وبعد انفجار برج البراجنة تحديدا، (عام 2015) درست شعبة المعلومات خريطة جديدة للسير عليها واعتمادها لمواجهة العمليات الإرهابية. وحصل تعاون بين شعبة المعلومات ومخابرات الجيش فيما عرف بالعملية الشهيرة في (مقهى الكوستا) يناير (كانون الثاني) 2017، كما جرى تعاون بين الشعبة والأمن العام وأحبطا عملا إرهابيا كبيرا». وأوضح أن «ما يميز عملية لبنان الآمن» أنه وبعد دراسة الخريطة التي يعتمد عليها تنظيم داعش الإرهابي ودراسة احتمالات الأساليب الجديدة التي يمكن أن يستند إليها، وصلت الشعبة إلى استنتاج أنه لا بد أن يكون في لبنان قيادة نائمة للتنظيم وليس خلايا فقط، وهي قادرة على التجنيد والعمل والتفجير في أماكن عامة وفي مقرات رسمية. وقد ثبت صحة هذا الاستنتاج لأنه في شهر يونيو 2017 ألقي القبض على «أبو جعفر العراقي» وبشكل سري يقيم في لبنان.
وأضاف المشنوق: «بعد إلقاء القبض على القيادي تم تشغيله لصالح شعبة المعلومات لمدة 5 أشهر من دون معرفة قيادة التنظيم أنه موقوف لدى الشعبة، كما تم التواصل مع مصدر متطوع يتصل به يوميا واستأجر له منزلا في الجبل، جهز بكل وسائل المراقبة. وكانت النتيجة أنه تم كشف كل العمليات التي كان بالإمكان تنفيذها خلال 5 أشهر وذلك من دون أن يعرف أحد من قيادة التنظيم أو عائلته حقيقة وضعه حيث كان يحادثهم بشكل طبيعي ووفق التعليمات الموضوعة، خصوصا بعد الخسارة التي مني بها التنظيم في العراق وسوريا. ورغم مقتل مسؤول الملف اللبناني في التنظيم بقي الأخير يستعمل وسائل اتصالاته عينها».
وأكد المشنوق أن «هذا الإنجاز هو من العمليات النادرة التي قامت بها الشعبة لتجنيد موقوف واستخدامه معلوماتيا، وكشف مخططات كانت ستحصل خلال فترة الأعياد الماضية في أماكن العبادة ومقرات رسمية. وتحجج الموقوف لتنظيمه بأنه لا يمكنه تنفيذ أي عملية بحجة الإجراءات الأمنية والعسكرية المفروضة من قبل الدولة اللبنانية».


مقالات ذات صلة

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» في حوض بحيرة تشاد

«الشرق الأوسط» (نجامينا)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري مقاتلو «داعش» في شمال أفغانستان (وسائل الإعلام الأفغانية)

تحليل إخباري لماذا ينتج تنظيم «داعش - خراسان» محتوى إعلامياً باللغة الطاجيكية؟

لماذا تصدر خلية «داعش» الإعلامية نشرة جديدة باللغة الطاجيكية للمواطنين في طاجيكستان والعرقيات الطاجيكية في أفغانستان؟ هل لها تأثير ناجح على الرأي العام؟

عمر فاروق (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الجيش الأميركي بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يعلن مقتل 35 إرهابياً بضربات في سوريا

قال الجيش الأميركي، اليوم (الأربعاء)، إنه نفذ ضربات أدت إلى مقتل ما يصل إلى 35 عضواً بتنظيم «داعش» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الخدمات الطبية بمخيم «الهول» محدودة أمام عدد سكانه (الشرق الأوسط)

وفاة حالة وإصابة العشرات بالكوليرا في مخيم «الهول» شرق سوريا

سُجلت بمخيم «الهول» شرق سوريا حالة وفاة بالكوليرا وعشرات الإصابات لأول مرة منذ تأسيسه قبل 10 سنوات.

كمال شيخو (الحسكة)

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.