وفاة حالة وإصابة العشرات بالكوليرا في مخيم «الهول» شرق سوريا

مديرته تحذر من دخول الوباء مرحلة الخطر

أسواق مخيم «الهول»... (الشرق الأوسط)
أسواق مخيم «الهول»... (الشرق الأوسط)
TT

وفاة حالة وإصابة العشرات بالكوليرا في مخيم «الهول» شرق سوريا

أسواق مخيم «الهول»... (الشرق الأوسط)
أسواق مخيم «الهول»... (الشرق الأوسط)

حذّرت إدارة مخيم «الهول» شرق سوريا من خطر انتشار الكوليرا في هذا المخيم المكتظ بعوائل «داعش»، بعد تسجيل حالة وفاة وعشرات الإصابات لأول مرة منذ تأسيسه قبل 10 سنوات.

وكشفت جيهان حنان، مديرة المخيم، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن «أول حالة أصيبت بالكوليرا توفيت الأسبوع الماضي، مع تسجيل 28 إصابة» بهذا الوباء ثبتت إصابتهم بعد اختبارات تشخيص بواسطة «منظمة الصحة العالمية»، وأضافت أن الحالات تتراوح بين «الشديدة» و«المتوسطة» وسط غياب نقاط عزل طبي ومراكز مختصة للفحص.

جيهان حنان مديرة مخيم «الهول»... (الشرق الأوسط)

وتحدثت جيهان حنان، من مكتبها، عن بداية ظهور الكوليرا في مخيم «الهول» بعد إجراء الطواقم الطبية اختبارات يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لحالات مشتبه فيها، وقالت: «كانت الأعراض إسهالاً وقيئاً شديدين، وأرسلت كوادر (منظمة الهلال الأحمر الكردية) العينات إلى (منظمة الصحة العالمية)»، لترسلها الأخيرة إلى مركز مختص في العاصمة السورية دمشق للتأكد من التشخيص.

وتابعت: «بعد أيام وصل إلينا الجواب بأن 4 حالات كانت إيجابية، وقتها اكتشفنا انتشار الوباء بالمخيم». وذكرت أن 28 حالة أخرى إيجابية سُجلت حتى اليوم مصابة بالكوليرا يقطنون المخيم، وأنه توجد عشرات حالات الاشتباه.

يقع مخيم «الهول» على بُعد نحو 45 كيلومتراً شرق محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي لسوريا، ويقطنه أكثر من 40 ألفاً: 16 ألف نازح سوري، و18 ألف لاجئ عراقي، ونحو 6800 ألف مهاجرة يتحدرن من 60 جنسية غربية وعربية برفقة أطفالهن.

وعن معالجة الحالات «الشديدة» و«المتوسطية» المصابة بالكوليرا، ذكرت مديرة المخيم أنهم نُقلوا إلى مستشفى طبي داخل المخيم يتبع جهة دولية بالتعاون مع «منظمة الهلال الأحمر الكردية»، ويعالجون تحت إشراف منظمتَي «أطباء بلا حدود» و«الصحة العالمية»، مشيرة إلى أنه «كانت هناك حالة شديدة توفيت ظهر الأربعاء الماضي. أما الحالات المشتبه في إصابتها فتقدم لها الأدوية اللازمة وسلة معقمات للوقاية».

تنتظر دورها لدخول المركز الصحي في مخيم «الهول»... (الشرق الأوسط)

ويعزو القائمون على إدارة مخيم «الهول» ظهور الوباء في الآونة الأخيرة إلى اكتظاظه الكبير، وازدحام اللاجئين والنازحين في مواقع التجمّع، كالسوق المركزية، ونقاط توزيع المعونات الغذائية، ونقاط المراجعة الطبية... فضلاً عن محدودية الإمدادات الصحية، ونقص العاملين، وتدهور الظروف الإنسانية، إلى جانب تهالك البنية التحتية الصحية، وانعدام مصادر مياه الشرب، وسوء شبكات الصرف الصحي، وتراجع الاهتمام بالنظافة الذي يتأثر مع بقاء هذا العدد الكبير من قاطنيه دون حلول جذرية.

وتابعت حنان أن إدارة المخيم أخطرت الجهات الدولية الإنسانية بعد تسجيل الحالات الإيجابية، وعقدت اجتماعاً نهاية الأسبوع مع منظمات: «الصحة العالمية» و«أطباء بلا حدود» و«الصليب الأحمر الدولي»، ونوهت بأن «الاستجابة كانت ضعيفة في البداية، لكن تداركنا الموضوع سريعاً، ووضعنا خطة عاجلة في حال استمر هذا الوباء في الانتشار».

مخيم «الهول» مكتظ بسكانه (الشرق الأوسط)

وعن جنسية المصابين بالكوليرا، أوضحت أنهم من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين، موزعين على القطاعات: الأول والثاني والثالث والخامس، نافية تسجيل حالة كوليرا في قسم المهاجرات الأجنبيات.

يذكر أن سوريا سجّلت في عامي 2008 و2009 آخر موجات تفشي الكوليرا في محافظتَي دير الزور والرقة، وفق «منظمة الصحة العالمية»، وعاد الوباء للظهور في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد تسجيل وزارة الصحة السورية الحكومية وفاة شخصين، وإصابة 26 آخرين. في حين سجلت سلطات «الإدارة الذاتية» بدورها آنذاك 3 وفيات وإصابات بالعشرات بمناطق سيطرتها في الرقة (شمال) والريف الغربي لدير الزور (شرق).


مقالات ذات صلة

تدريبات مشتركة بين «التحالف» و«قسد» استعرضت القدرة القتالية

المشرق العربي أرشيفية لقاعدة «التنف» شرق سوريا

تدريبات مشتركة بين «التحالف» و«قسد» استعرضت القدرة القتالية

صعّد مسلحون محليون بأوامر من الميليشيات الإيرانية هجماتهم على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» بالقرب من ضفاف نهر الفرات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية القوات التركية تتحرك على محاور التماس مع «قسد» في شمال وشرق سوريا (المرصد السوري)

الفصائل الموالية لتركيا ترفع استعداداتها بعد تلويح إردوغان بعملية

رفعت فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا من درجة استعدادها، في ظل احتمال شن عملية تركية موسعة في شمال وشرق سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية القصف التركي على مواقع «قسد» يركز على حقول النفط ومحطات الكهرباء والبنى التحتية (الإدارة الذاتية- إكس)

تركيا مستمرة في تصعيد ضرباتها على «قسد» وتدفع بتعزيزات إلى شرق سوريا

دفعت القوات التركية بتعزيزات لقواعدها في شمال محافظة الرقة، شمال سوريا، في ظل استمرار ضرباتها الجوية لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أهالي القامشلي يشيعون في موكب مهيب 7 موظفين ضحايا جراء القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)

أكراد سوريون يخشون هجوماً تركياً جديداً ضد «الإدارة الذاتية»

يشعر غالبية سكان مدينة القامشلي بالقلق على مستقبل «الإدارة الذاتية» ومناطق سيطرتها بعد 10 سنوات على تأسيسها.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي رجلان على دراجة نارية وخلفهما منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركية في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)

عشرات الضحايا بغارات تركية مكثفة على شمال شرقي سوريا

جدّدت تركيا غاراتها الجوية المكثفة على مناطق متفرقة في إقليم «شمال شرقي سوريا» منذ فجر الجمعة.

كمال شيخو (القامشلي)

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)
سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)
TT

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)
سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

بالتوازي مع المخاوف الكبيرة من الحرب الإسرائيلية التدميرية المتواصلة على لبنان، وأهدافها المعلنة وغير المعلنة، تتفاقم الهواجس من فتنة داخلية قد تعمد إسرائيل إلى إذكائها في مرحلة من المراحل، في ظل توافر معظم عناصرها، بخاصة لجهة التوتر المسيطر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين.

ففيما يعاني النازحون من ضغوط نفسية هائلة نتيجة دمار منازلهم وتركهم قراهم وبلداتهم للمكوث في مراكز إيواء، معظمها غير مجهزة بشكل لائق، يبدو قسم كبير من أهالي المناطق المضيفة متوجسين على أمنهم ويخشون أن يفاقم طول الأزمة الإشكالات مع ضيوفهم.

إشكالات يومية

وعمدت إسرائيل في الأسابيع الماضية على زيادة الهوة بين الطرفين من خلال استهدافها مناطق وبلدات تُصنف «آمنة»، منفذةً عمليات اغتيال بحق مسؤولين في «حزب الله»، ما جعل أبناء هذه المناطق يستشعرون الخوف من وجود عناصر ومسؤولين في المباني التي يسكنونها.

كذلك تسجل يومياً عشرات الإشكالات، سواء داخل مراكز الإيواء بين النازحين أنفسهم أو بينهم وبين الأجهزة الأمنية، وكذلك مع بعض أبناء المناطق التي تستضيفهم.

ولعل أبرز الإشكالات مؤخراً تلك التي تمثلت بإقدام قوى الأمن على محاولة إخراج نازحين من أملاك خاصة، أو إزالة تعديات على أملاك عامة.

توزيع الملابس على النازحين في أحد مراكز الإيواء (أ.ف.ب)

ووصف مصدر سياسي مطلع الوضع على الأرض بـ«غير المطمئن»، مشيراً إلى أن «إقدام إسرائيل على إشعال فتنة داخلية هو سيناريو متقدم لإشغال (حزب الله) عن جبهة الجنوب ومواصلة إضعافه وتفكيكه».

ولفت المصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «نتنياهو يعتبر أن لديه مهلة زمنية حتى منتصف ديسمبر (كانون الثاني) المقبل، حتى استلام الإدارة الأميركية الجديدة مهامها فعلياً، كي ينفذ خططه دون حسيب أو رقيب، ولذلك يفترض استنفار المسؤولين اللبنانيين في الداخل لقطع الطريق أمام هذه الخطط».

واعتبر المصدر أن «التفاهمات التي حصلت بين 48 نائباً في مجلس النواب، الاثنين، على تنظيم وجود النازحين أساسية جداً ويمكن النظر إليها باعتبارها خطوة أولى لتحصين الوضع الداخلي».

حادثة الدكوانة

ولفت الاثنين ما حذّر منه عضو تكتل «الجمهورية القوية»، رازي الحاج، لجهة إدخال شاحنتين تحملان أكياساً من «الترابة الجاهزة» إلى مهنية الدكوانة (الواقعة في محافظة جبل لبنان وذات الغالبية المسيحية)، التي تحولت مركز إيواء.

وسأل: «هل المطلوب تحويل مركز الإيواء في الدكوانة إلى تحصينات؟ وما الحاجة إلى مواد بناء فيه؟»، مطالباً الأجهزة الأمنية «بوضع حد لكافة التجاوزات التي تحصل في مهنية الدكوانة وفي ثانوية الدكوانة أيضاً، حيث حصل إطلاق نار منذ بضعة أيام».

وأوضح مصدر أمني أن «مخابرات الجيش كشفت على الأكياس التي تبين أنها تحوي مواد تساعد على تثبيت ورفع خزانات المياه، وهي تقدمها إحدى الجمعيات، ولكن طُلب التخلص منها لمنع حصول إشكالات».

ولفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجيش يقوم بدوريات حول مراكز الإيواء باستمرار، لتفادي وقوع إشكالات، خصوصاً وأن التشنج موجود بين بعض النازحين وبعض أبناء البلدات المضيفة».

إِشكالات يومية

وأوضح النائب الحاج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بغض النظر عن وجهة استخدام هذه الأكياس، فإنه من المرفوض تحويل مراكز مؤقتة للإيواء إلى مراكز دائمة»، مشيراً إلى «إشكالات يومية تحصل بين بعض المسؤولين الحزبيين عن المراكز وأبناء المناطق»، مضيفاً: «أي وجود داخل المناطق لا يحترم قانون الملكية الخاصة والعامة يجب التعامل معه من قبل الأجهزة والسلطات المحلية والأجهزة الأمنية. فكل ما نطلبه الانتظام تحت سقف القانون، ولا نية لنا أن يشعر أحد أنه مستهدف».

وضع خطير

وتصف الناشطة السياسية الدكتورة منى فياض الوضع داخل المجتمعات المضيفة بـ«الدقيق والخطير»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «النازحين المهجرين من قراهم لا يزالون تحت وقع الصدمة الكبيرة، وهم لا شك لن يتأقلموا بسهولة مع هذا الوضع الجديد».

وتشدد فياض، أستاذة علم النفس، على وجوب استعجال الحلول، لأن كل تأخير يهيئ لمشكلة كبيرة، حتى ولو لم نكن بصدد حرب أهلية، إنما سنكون بصدد عنف أهلي، خصوصاً وأن التوترات لا تنحصر أصلاً بين النازحين والمجتمعات المضيفة، إنما هي باتت داخل العائلات التي تحتاج دعماً نفسياً».