مقتل مغني الراب أبو طلحة الألماني في غارة أميركية في سوريا

أحد أشهر المقاتلين الأجانب في {داعش}... وظهر حاملاً رؤوساً مقطوعة في تسجيلات دعائية

أبو طلحة الألماني («الشرق الأوسط»)
أبو طلحة الألماني («الشرق الأوسط»)
TT

مقتل مغني الراب أبو طلحة الألماني في غارة أميركية في سوريا

أبو طلحة الألماني («الشرق الأوسط»)
أبو طلحة الألماني («الشرق الأوسط»)

بعد تقارير عدة غير مؤكدة في السنوات السابقة عن مقتل الداعشي الألماني دينيس كوسبيرت، ومغني الراب السابق، الملقب بـ«أبي طلحة الألماني»، عبّرت دوائر أمنية ألمانية عن قناعتها بصحة الخبر عن مقتله في غارة جوية في سوريا يوم أول من أمس.
واعتمدت هذه الدوائر تحليل الصور المنشورة عن جثته، وغيرها من المعلومات، في تصريحها إلى وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) يوم أمس (الجمعة). وأضافت الوكالة: إن ما ينقص الدوائر الأمنية الألمانية حالياً هو عينة من الحمض النووي لكوسبيرت تثبت مقتله بشكل لا يقبل الشك.
ولم يصدر أمس أي تصريح عن الجهات الأمنية الألمانية يؤكد خبر مقتل أحد أخطر «الداعشيين» الألمان في سوريا أبرز المقاتلين الأجانب في التنظيم الإرهابي حامل الرؤوس المقطوعة ظهر في تسجيلات دعائية.
ويفسر هذا الامتناع على أساس تقارير سابقة تحدثت عن مقتله في سنتي 2014 و2015 ثم ثبت العكس.
وكانت مصادر عدة أعلنت مقتل كوسبيرت، من بينها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، التي قالت: إنه قتل في غارة جوية على سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، إلا أنها اعترفت بعدها بأن كوسبيرت نجا على ما يبدو. وقالت مصادر مقربة من مواقع الإرهابيين في أبريل (نيسان) 2014: إن كوسبيرت قُتل في سوريا، لكنها تراجعت بعدها.
واكتفت وزارة الخارجية الألمانية يوم أمس بتصريح مقتضب يقول: إن الوزارة ستبذل جهدها للتحقق من موت مغني الراب البرليني السابق من أصل غاني.
قتل مغني الراب الألماني، الذي كشفت تقارير سابقة عن أنه تزوج مترجمة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي)، التي كُلفت التجسس عليه، في غارة جوية على سوريا، بحسب ما أفاد موقع «سايت» الأميركي لمتابعة المواقع المتطرفة.
ولقي «ديزو دوغ»، المولود في ألمانيا، في غارة جوية الأربعاء الماضي على بلدة الغرانيج في محافظة دير الزور (شمال غربي سوريا)، بحسب بيانات موقع «سايت»، نقلاً عن مؤسسة الوفاء الإعلامية المؤيدة للتنظيم. ونشرت المؤسسة ثماني صور على تطبيق «تلغرام» قالت: إنها لجثمانه مضرجاً بالدماء، بحسب موقع «سايت».
وكان دينيس كوسبيرت، المعروف باسم الشهرة ديزو دوغ، أحد أشهر المقاتلين الأجانب في التنظيم، وظهر في تسجيلات دعائية عدة على موقع «الحياة»، المقرب من تنظيم داعش، وكان يحمل في يده ما يبدو أنه رأس مقطوع في أحد هذه الأشرطة.
وتشير وثائق قضائية أميركية إلى أن دانييلا غرين المترجمة الفيدرالية التي تحمل تصريحاً أمنياً عالياً، تسللت إلى سوريا في يونيو (حزيران) 2014 لتتزوج كوسبيرت بعد أن انجذبت إليه.
واعتقلت غرين عند عودتها إلى الولايات المتحدة بعد أقل من شهرين على توجهها إلى سوريا، وأقرت بأنها «قدمت تصريحات كاذبة حول إرهاب دولي»، وقضت بعدها عقوبة بالسجن لمدة عامين.
وكان كوسبيرت من أبرز مجندي التنظيم المتطرف. وقال مسؤولون أميركيون إن كوسبيرت هدد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وشجع مسلمين غربيين على شن هجمات مستلهمة من التنظيم.
وذكر موقع «سايت» أن دينيس كوسبيرت جرح أكثر من مرة، وكان جرحاً خطيراً في إحدى المرات، في القتال الدائر حول الرقة. اعتنق دينيس محمدو كوسبيرت، من أم ألمانية، الإسلام سنة 2010، وأعلن بعد ذلك أن الموسيقى من عمل الشيطان. وصنّفته دائرة حماية الدستور الألمانية (مديرية الأمن العامة) في قائمة الإرهابيين سنة 2014.
وسافر كوسبيرت بشكل اعتيادي سنة 2012 إلى مصر، ثم اختفى بعدها ليظهر في سوريا مع الإرهابيين. انضم إلى «جبهة النصرة» المقربة من تنظيم القاعدة قبل أن ينتقل سنة 2014 إلى تنظيمداعش.
نشط كوسبيرت في تنظيم «ملة إبراهيم» المحظور في ألمانيا منذ 2012، وكان مسؤولاً عن المالية قبل سفره إلى سوريا للالتحاق بالإرهابيين. وتربط الدوائر الأمنية الألمانية بين كوسبيرت والإرهابي سامي ج. (27 سنة) الذي عمل أيضاً في تنظيم «ملة إبراهيم»، وسافر أيضاً سنة 2012 إلى مصر ليلتحق بعدها بالإرهابيين في سوريا.
وظهر اسم الألماني سامي ج. من مدينة زولنغن، في قائمة لتنظيم داعش ضمت أسماء 173 داعشياً سلمتها الشرطة الدولية (الإنتربول) إلى الشرطة الأوروبية، إلى جانب أسماء 6 أوروبيين آخرين.
وجاء سامي ج. في المرتبة الـ70 من قائمة انتحاريي «داعش»، ووضع التنظيم صورته جالساً على الأرض وهو يرتدي جاكتاً رمادياً داكناً، وأشارت أمام اسمه بأنه «انتحاري».
على صعيد الإرهاب أيضاً، طالبت الولايات المتحدة فرنسا وألمانيا بتسليم الإرهابي الألماني كريستيان غانتشاريسكي، الذي تتهمه النيابة العامة في نيويورك بالمساهمة في عمليات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية.
ويقضي غانتشاريسكي (51 سنة) فترة سجن أمدها 15 سنة في سجن باريس بعد أن أدانته محكمة فرنسية في تفجير جربة (تونس) الذي أوقع 21 ضحية، بينهم 12 ألمانياً سنة 2002.
وولد غانتشاريسكي في مدينة غيلفيتش البولندية، لكنه ترعرع في مدينة مولهايم الألمانية على نهر الرور. عمل ضمن التنظيمات المتشددة في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا بعد أن اعتنق الإسلام وهو صغير. التحق بالمجاهدين الأفغان خمس مرات بين 1999 و2001، وتتهمه السلطات الأميركية بعلاقة مباشرة مع زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن.
وتوجه النيابة العامة في نيويورك إلى البولندي الأصل تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، والعون في قتل أكثر من 3000 شخص هم ضحايا 11 سبتمبر.


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.