لا أحد يحمل هموم حمّالي السكة الحديد في مصر

«الشرق الأوسط» رصدت طبيعة عملهم وطموحاتهم

{شيالو} السكة الحديد ينتظرون زبائنهم أمام «محطة مصر» بالقاهرة  -  حمّال حقائب
{شيالو} السكة الحديد ينتظرون زبائنهم أمام «محطة مصر» بالقاهرة - حمّال حقائب
TT

لا أحد يحمل هموم حمّالي السكة الحديد في مصر

{شيالو} السكة الحديد ينتظرون زبائنهم أمام «محطة مصر» بالقاهرة  -  حمّال حقائب
{شيالو} السكة الحديد ينتظرون زبائنهم أمام «محطة مصر» بالقاهرة - حمّال حقائب

خارج المحطة المزدحمة، كان يجُر عربة حديدية عليها مجموعة من الحقائب والأمتعة، ثم تنقل بها من رصيف إلى آخر داخل «محطة مصر»، قبل أن يصل في النهاية إلى عربة المسافر، وقد أنهكه التعب، بعد إنزال الحقائب والأمتعة ووضعها داخل القطار، إن لزم الأمر، ثم يشكره المسافر ويأخذ «المعلوم» بنفس راضية. إنّها حال الشيالين (حمّالي الحقائب) في «محطة مصر» بالقاهرة. رزقهم غير محدد، يخضع للعرض والطلب يومياً، لا يطلبون مقابلاً من أحد، وإنما ينتظرون «تقدير الآخرين» مع كلمة شكر.
«الشرق الأوسط»، تجولت داخل محطتي مصر والجيزة، لرصد أوضاع الشيالين وأسرار مهنتهم، والتقت مع كبيرهم صابر أبو رضا (70 سنة)، فرغم وضوح علامات تقدم السن على جبينه، فإنه لا يزال يمارس عمله في المحطة. التحق الرجل السبعيني بتلك المهنة الشاقة عندما كان صبياً لا يتعدى سنه الـ15 سنة، أي أنّه يمارس المهنة منذ ما يزيد عن نصف قرن، تنقل خلالها بين محطتي الجيزة ومصر، موضحاً أن مهنته كلها «صدقات»، وتشمل خدمة المسافرين ونقل أمتعتهم وحقائبهم، بجانب إرشادهم إلى مواعيد القطارات ومكان الرصيف، ورقم العربة.
ويحكي عم صابر أبو رضا، شروط وإجراءات التحاقه «شيالاً» للحقائب بالسكة الحديد، قائلاً: «تقدمت بطلب عمل إلى مسؤولي محطة السكة الحديد، و(فيش وتشبيه) من قسم الشرطة، ثم اجتزت اختبار القراءة والكتابة والكشف الطبي، لضمان عدم وجود أمراض معدية، ثم جرى بحث جنائي وسياسي عني، قبل أن أُبلَّغ بالتحاقي بالعمل»، وأضاف: «تسلمت عملي و(عدة الشغل) المتمثلة في ثلاث بدل زرقاء اللون و(سير) و(حزام) للمساعدة في حمل الحقائب، بالإضافة إلى كارنيه السكك الحديدية، والرخصة النحاسية التي تحمل رقمي، ثم وقّعت على إقرار بعدم مطالبة هيئة السكك الحديدية براتب ثابت أو أي حقوق اجتماعية، من معاش وتأمين صحي، طوال فترة عملي».
يوضح عم صابر أن استمرار العمل بهذا الإقرار حتى الآن، أضاع حقوق الشيالين؛ لا سيما أن رزقهم غير ثابت: «هناك زبون يدفع مبلغاً كبيراً نظير نقل حقائبه، وآخر يدفع مقابلاً بسيطاً، وراكب ثالث قد لا يدفع لأنّه لا يملك نقوداً».
المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، أول من ألقى الضوء على الشيالين في محطات القطار، في فيلم «باب الحديد» سنة 1958. وذلك من خلال شخصية «أبو سريع»، زعيم الشيالين، التي جسدها الفنان فريد شوقي، حيث سعى أبو سريع إلى تأسيس نقابة للشيالين تحافظ على حقوقهم وتحلّ مشكلاتهم، وبعد مرور ثلاث سنوات على إنتاج الفيلم، تحقق حلم «أبو سريع»، فقد تأسست رابطة للشيالين في محطتي مصر والجيزة، في مطلع الستينات، هذا ما كشف عنه حسن صابر (63 سنة) المتحدث باسم الرابطة، الذي ناب عنهم مع مجلس الرابطة لنقل مطالبهم للدكتور إبراهيم الدميري وزير النقل الأسبق، عام 2002، وأهمها إدراجهم فعلياً ضمن العاملين بالسكك الحديدية، فيصبح لهم دخل ثابت، ويجري علاجهم في مستشفى الهيئة بشارع الجلاء، وتخصص لهم غرفة في داخل كل محطة لوضع أمتعتهم.
وأضاف صابر الذي يحمل بطاقة نحاسية رقم 3، قائلاً: «وافق الوزير الدميري على مطالبنا، وكادت أن تتحقق لولا رحيله بعد حريق قطار الصعيد في عام 2002، فعادت مطالبنا إلى نقطة الصفر من جديد». موضحا أنّ عدد أعضاء الرابطة في تراجع، وهو يبلغ حاليا 80 شيالاً فقط في القاهرة والجيزة، بعد أن كان عددهم 250. وأمّا الشيالون في باقي المحطات على مستوى الجمهورية، فليسوا أعضاء بالرابطة؛ ولكنّهم يحملون الهموم والمشكلات نفسها.
أخبرنا حسن عن أن أول رصيف عمل عليه، وكان رصيف نمرة 5 في محطة مصر، وأول «بقشيش» حصل عليه، وكان خمسة جنيهات، من الفنان الراحل صلاح نظمي، في مطلع الثمانينات. فيما ورث إبراهيم عبد الله (شيال بمحطة مصر رقم 48) المهنة عن أبيه. لم ينس الرجل الفنان الراحل أحمد زكي، عندما كان يحمل حقائبه في محطة مصر: «كان سخياً».
وأضاف إبراهيم قائلاً: «والدي ظل يعمل شيالاً حتى توفي وهو في سن الـ87. وكان صديقاً لشيخ الشيالين الشهير الريس رفاعي، وقد مثل كلاهما في فيلم (باب الحديد)».
من جهته قال أنور محمد سليمان (شيال رقم 51 بمحطة مصر)، إن بناته الثلاث يفتخرن به، وإن ابنته الكبرى خريجة كلية التجارة، كانت تأتي للمحطة ومعها زميلاتها، وتتفاخر أمامهن قائلة: «هذا أبي الذي علمنا وربانا بالحلال». وأضاف أنهم لا يتقاضون معاشاً من الرابطة، وإنما مصاريف الجنازة والوفاة فقط، وتبلغ 3 آلاف جنيه. وجدير بالذكر أن أنور سليمان، ومعه حسن صابر، المتحدث باسم الشيالين، ظهرا في فيلم «محطة مصر» للفنان كريم عبد العزيز.
في السياق نفسه، طالب محمد علي إبراهيم (43 سنة) أحد شيالي محطة مصر، بإعادة تخصيص البدل الزرقاء التي كانوا يحصلون عليها في الماضي وتوقفت هيئة السكك الحديدية عن منحها للشيالين منذ سنوات طويلة، وهو ما دعاهم وجميع الشيالين إلى شراء القماش وتفصيلها على نفقتهم الخاصة بتكلفة 300 جنيه، وأشار إلى أنّ العربة التي يستخدمونها في نقل حقائب وأمتعة المسافرين، ثمنها ألف جنيه، ويبلغ طولها مترين، وعرضها وارتفاعها 70 سنتيمتراً.
إلى ذلك، اعتبر محمود حسن، رئيس مبادرة حماية العمالة غير المنتظمة، الشيالين في محطات القطارات، ضمن العمالة غير المنتظمة، وهي عمالة في حاجة إلى دعم الحكومة لها، لا سيما المهن التي تحتاج إلى بحث أمني وجنائي، مثل الشيالين في السكك الحديدية. وأضاف أن عددهم القليل الذي لا يتعدى 600 فرد في جميع المحطات الرئيسية والفرعية على مستوى الجمهورية، يسهّل إدماجهم في العمالة المنتظمة، بدلاً من غير المنتظمة، بعدة ضوابط وشروط، وتكلفة مالية لا تتعدى عشرة ملايين جنيه في السنة رواتب، وتأمينات؛ خصوصاً أنّ منهم من يتعرض للوفاة نتيجة حادث قطار أو بتر للساقين والذراعين، مطالباً لجنة القوى العاملة في البرلمان بسرعة سن تشريع يحمي العمالة غير المنتظمة في مصر.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.