مصادر في «14 آذار» تعد جعجع مرشح «المناصفة» إلى الرئاسة وعون مرشح «المثالثة»

اتصالات حثيثة لعقد جلسة تشريعية غدا لبحث سلسلة الرواتب

مصادر في «14 آذار» تعد جعجع مرشح «المناصفة» إلى الرئاسة وعون مرشح «المثالثة»
TT

مصادر في «14 آذار» تعد جعجع مرشح «المناصفة» إلى الرئاسة وعون مرشح «المثالثة»

مصادر في «14 آذار» تعد جعجع مرشح «المناصفة» إلى الرئاسة وعون مرشح «المثالثة»

لم تلحظ الاتصالات السياسية اللبنانية، التي تكثفت خلال اليومين الأخيرين، مسألة انعقاد جلسة الانتخاب التي يعقدها مجلس النواب اليوم، لانتخاب رئيس جديد خلفا لميشال سليمان الذي انتهت ولايته قبل أسبوعين، في ظل تمسك كل فريق بمرشحه للرئاسة. فيما انصبت الجهود على تأمين انعقاد جلسة البرلمان التشريعية المقررة غدا (الثلاثاء)، وعلى جدول أعمالها متابعة بحث سلسلة الرتب والرواتب، التي ستمنح موظفي القطاع العام والمدرسين زيادة على رواتبهم.
وإذا كان نواب «8 آذار» يتحملون مسؤولية تعطيل جلسة انتخاب رئيس جديد اليوم، مع تمسك النائب ميشال عون بالتوافق على انتخابه رئيسا للمشاركة في جلسة الانتخاب، فإن نواب «14 آذار» يتحملون مسؤولية تعطيل الجلسة التشريعية غدا، بعد أن بدلت كتلة عون موقفها نسبيا وأبدت مرونة لناحية المشاركة في الجلسة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب وتجنيب البلد أزمة جديدة مع تهديد موظفي القطاع العام بشل إدارات الدولة والمدرسين بمقاطعة امتحانات الشهادات الرسمية وتصحيحها.
وكان الفرقاء المسيحيون أعلنوا أمس مقاطعتهم لأي جلسة برلمانية بعد شغور منصب الرئاسة، باعتبار أنه لا يجوز للبرلمان التشريع بغياب الرئيس. وأيد نواب المستقبل موقف الأفرقاء المسيحيين في «14 آذار»، بعد أن أيد الأخيرون موقفهم المقاطع للبرلمان في ظل غياب الحكومة. لكن النائب في كتلة عون، رئيس كتلة المال النيابية إبراهيم كنعان، أكد أمس أنه في مشاورات مع نواب من مختلف الكتل لمحاولة «تأمين أرضية مشتركة كي تتوصل الهيئة العامة لمجلس النواب إلى قرار في مسألة سلسلة الرتب والرواتب»، موضحا أن «مشاركة التكتل هي للإنتاج وليس لتسجيل النقاط».
ومن المتوقع أن تحدد محصلة الاتصالات اليوم مصير جلسة الغد، في وقت لم يكن فيه فريق «14 آذار» قد حسم موقفه النهائي أمس، بانتظار مشاورات اللحظات الأخيرة اليوم وبالتنسيق مع رئيس البرلمان نبيه بري.
وفي ما يتعلق بجلسة انتخاب الرئيس اليوم، قالت مصادر بارزة في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إن «مصير جلسة اليوم مشابه للجلسات السابقة»، واصفة «شد الحبال القائم بين مرشحي 8 و14 آذار بأنه صراع بين اتفاق الطائف، الذي حسم المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، وبين المثالثة»، أي تقاسم السلطة مثالثة بين السنة والشيعة والمسيحيين.
وذهبت المصادر ذاتها إلى حد وصف مرشح «14 آذار» سمير جعجع بأنه «مرشح الطائف، في حين أن مرشح الفريق الآخر، أي النائب ميشال عون، هو مرشح المثالثة»، مؤكدة أن «الخلاف مع الفريق الآخر ليس خلافا شخصيا، وإنما خلاف حول مشروع، وهو ما يتطلب من القوى السيادية الاستمرار بمرشحها حتى النهاية، على الرغم من صعوبة الظروف السياسية القائمة».
وفي حين من المتوقع أن يعلن جعجع، في إطلالة تلفزيونية مقررة، مساء اليوم، سلسلة مواقف من ترشحه للرئاسة، وموقف فريق 14 آذار من الشغور الرئاسي، وإمكانية البرلمان التشريع بظل شغور الرئاسة، وأن يحدد موقفه من قنوات الحوار المفتوحة بين عون ورئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، قال مصدر مسؤول في القوات اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل بين الطرفين لا يقلق بال القوات»، مضيفا: «الحريري التقى (الرئيس السوري) بشار الأسد، ولم تهتز ثقتنا به، بل على العكس؛ فكيف إذا التقى عون؟».
وكان لافتا إعلان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أنه «لن يسحب ترشيح النائب هنري حلو، ولو توافق الرئيس سعد الحريري مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون»، في إشارة صريحة إلى معارضته وصول عون إلى سدة الرئاسة.
وفي سياق متصل، حذر البطريرك الماروني بشارة الراعي من أن «عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية انتهاك خطير للحقيقة والدستور، يتسبب في شلل المؤسسات الدستورية». وقال، في عظة الأحد أمس، إن «قيام حكومة تحل محل الرئيس لمدة غير محددة انتهاك خطير للمحبة والميثاق، إذ يقصي المكون المسيحي - الماروني عن الرئاسة الأولى. فلا المجلس النيابي يستطيع أن يقوم بوظيفته التشريعية، ولا الحكومة تجد السبيل إلى ممارسة صلاحياتها».
وكان وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، المحسوب على جنبلاط، أكد أنه «حتى اللحظة لا تقدم في موضوع رئاسة الجمهورية، ولا يبدو أن هناك حلولا تلوح في الأفق، وتضع حدا للشغور الرئاسي»، معتبرا أن «القوى السياسية تتبادل السقوف العالية والشروط والاستحالات والمواقف والمواقف المضادة، وباب التسوية السياسية لم يفتح بعد، وبالتالي دون تحميل مسؤوليات لأي من الأطراف الخارجية أو دون رمي الكرة على ما ينتظر من تفاهمات خارجية، لأن الأزمة داخلية لبنانية والقرار هو قرار داخلي».
وكشف أبو فاعور في تصريح أمس أن «هناك مداولات تجري حول الوصول إلى تفاهم على السلسلة خارج المجلس النيابي والذهاب إلى إقرارها في جلسة مجلس النواب»، آملا أن «تصل هذه المداولات إلى صيغة ما للسلسلة لا ترهق الخزينة اللبنانية ولا تحمل الوضع المالي ومعيشة المواطن مخاطر كبرى».
في موازاة ذلك، دعا نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، إلى «الاهتمام بأمور ثلاثة وإعطائها الأولوية: انتخابات رئاسة الجمهورية، وإنجاز سلسلة الرتب والرواتب، وإعداد قانون انتخابات عادل ونزيه».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.