علويو الشمال اللبناني يستعدون لتحالفات الانتخابات

TT

علويو الشمال اللبناني يستعدون لتحالفات الانتخابات

تتنافس القوى السياسية في شمال لبنان على استقطاب الصوت العلوي في سياق المعركة الانتخابية في مدينة طرابلس التي يمثلها نائب علوي من ضمن 8 نواب في المدينة، فيما بدا أن العلويين بدأوا التحضيرات للانتخابات على قاعدة التحالف لـ«تحسين أوضاع أبناء جبل محسن في الدولة»، رافعين شعار «استعادة حقوقهم».
والمعركة على الصوت العلوي ليست وليدة اليوم، بل بدأت في الخفاء منذ إقرار قانون النسبية الذي وضع جميع الأفرقاء في حاجة للأصوات التي يمكنها أن ترجح الكفة، علما بأن عدد الناخبين العلويين في المدينة يبلغ نحو 16 ألف صوت بحسب إحصاءات حديثة، من أصل إجمالي 224 ألف صوت من الناخبين المسلمين والمسيحيين في طرابلس.
وفي سياق التحضيرات وحشد الأصوات الانتخابية، افتتح «الوطني الحر» هيئة تابعة له في جبل محسن التي تضم أكبر قاعدة علوية في كبرى مدن الشمال، بحضور عدد من فعاليات المدينة، ما أثار امتعاض الحزب «العربي الديمقراطي» الذي يعدّ الأكبر تمثيلاً في المنطقة، وهو من مناصري النظام السوري، كما أثار المجلس الإسلامي العلوي، علما بأن «العربي الديمقراطي» لم يتمثل في البرلمان منذ انتخابات العام 2005. حيث يعد النائبان العلويان في البرلمان، من كتلة «المستقبل» النيابية.
وقال مصدر في التيار «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»، إن كل ما يهدف له التيار هو «أوسع تمثيلا للعلويين وغيرهم من أبناء مدينة طرابلس»، مشيراً إلى أن «فتح المكاتب ليس للتسلية أبدا بل لاستقبال طلبات الانتساب والاطلاع على مشاكل أبناء طرابلس وعلى العلويين الذين يشكلون نسيجا مهما بداخلها»، رافضاً الدخول في تفاصيل ما حصل أخيراً.
وفي هذا الإطار كشف الحزب «العربي الديمقراطي» أن ما حصل «غيمة صيف عابرة والموضوع انتهى عند الموقف الذي اتخذناه حين أتى الوزير باسيل لافتتاح المكتب». وقال مصدر في الحزب لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نقول ما زال التيار الوطني الحر حليفنا وكان هناك تباين وتم توضيح هذا التباين فقط لا غير».
لكن التباين، كشف تنافرا في التحالفات بين العلويين و«التيار الوطني الحر»، علما بأن حلف «العربي الديمقراطي» تاريخيا مع تيار «المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية.
واستبعد المصدر في «العربي الديمقراطي» الحديث عن أي تقارب مع «الوطني الحر» على حساب تيار «المردة»، قائلا: «الطرفان حليفان لنا والعلاقة جيدة مع المردة وما زال المردة حليفا، وهذا الأمر لم يتغير بالنسبة لنا. أما بخصوص الانتخابات فمن المبكر الحديث عن التحالفات بسبب طبيعة القانون النسبي».
وتابع أن كل ما يهم الحزب «العربي الديمقراطي» حاليا هو «تحسين أوضاع أبناء جبل محسن في الدولة»، منوها أنهم «يعانون من حرمان شديد في الوظائف خصوصا الرسمية منها». وأضاف المصدر: «قال الأمين العام للحزب إن حربنا القادمة هي استعادة حقوقنا، وطبعا الحرب هنا بالمفهوم السياسي وليس العسكري».
ويسير العلويون في هذا المسار السياسي، عشية نسج التحالفات في الانتخابات المقبلة، وكان «المجلس الإسلامي العلوي» بعث برسالة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون أخيراً تحمل هذا المضمون.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.