نوال الكويتية تطرب جمهور الرباط في أول حفل خليجي بمهرجان «موازين»

عبرت عن إعجابها بالفنانة المغربية نعيمة سميح وأدت لها أغنية «ياك أجرحي»

نوال الكويتية بـ«طلة» مغربية أمام جمهور الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
نوال الكويتية بـ«طلة» مغربية أمام جمهور الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

نوال الكويتية تطرب جمهور الرباط في أول حفل خليجي بمهرجان «موازين»

نوال الكويتية بـ«طلة» مغربية أمام جمهور الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
نوال الكويتية بـ«طلة» مغربية أمام جمهور الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)

تجمع عشاق الفن الخليجي بكثافة لحضور حفل قيثارة الفن الخليجي المطربة نوال الكويتية في أول حفل للأغنية الخليجية بالدورة الـ13 لمهرجان موازين الدولي لإيقاعات العالم بالعاصمة الرباط وتألقت فيه المطربة الكويتية بإطلالة مغربية تقليدية موشحة بقفطان مغربي لاقى إعجاب عشاقها بالمغرب.
واستهلت نوال الحفل في أولى زيارة لها للمغرب بالأغنية الشهيرة لها بعنوان «تدري ولا ما تدري»، تلتها بمجموعة من أغانيها المعروفة من قبيل «غبت عني» و«تبغي الصدق» وأغنية باللهجة المغربية «آيوا» تلتها بمجموعة من أشهر قطعها التي تجد صدى كبيرا لدى شريحة من جمهور يعشق الإيقاع الخليجي ولمسته الشعبية.
وقدمت الفنانة مفاجأة لجمهورها المغربي بأدائها للأغنية الشهيرة للمطربة المغربية نعيمة سميح بعنوان «ياك أجرحي» وكانت نوال قد عبرت قبيل الحفل عن إعجابها وعشقها لأغاني نعيمة سميح، وقالت للجمهور الذي حضر الحفل «سأقدم أغنية للرائعة نعيمة سميح وأتمنى أن تسامحوني إذا أخطأت في نطق بعض الكلمات»، إلا أن الفنانة الكويتية أبدعت في أدائها باللهجة المغربية وتفاعل معها الجمهور الذي يعشق بدوره أغاني المطربة نعيمة سميح، لكنه يسمعها هذه المرة بصوت وإحساس خليجيين.
ووصفت نوال خلال الندوة الصحافية قبيل الحفل بمناسبة مشاركتها في «موازين»، الفنانة نعيمة سميح بأنها «فنانة كبيرة»، معبرة عن افتتانها بالإيقاعات المغربية الدائمة الحضور في بيتها. كما أبدت الفنانة، في السياق ذاته، إعجابها بالأصوات المغربية التي تتميز بثقافتها الموسيقية وتشبعها بالتراث.
وعن اختياراتها الفنية، قالت إنها تصر على الاحتفاظ بطابعها الكلاسيكي لأنها لا تجد نفسها في الإيقاعات السريعة، موضحة أنها غير معنية بتقديم أغنية «قد تنجح سريعا وتنطفئ سريعا».
وتعد أمسية نوال الكويتية الليلة الخليجية الأولى ضمن حفلات المهرجان، إذ ينتظر أن يكون جمهور المنصة العربية لـ«موازين» على موعد مع «فنان العرب» السعودي محمد عبده، الذي سيختتم حفلات مهرجان «موازين» لهذه السنة في دورته الـ13.
من جهة ثانية سافر جمهور منصة الحفلات المخصصة للأغاني الغربية مع أسطورة موسيقى الروك البريطاني روبرت أنطوني بلانت رفقة مجموعته الجديدة «ذا سانسيشنال سبيس شيفترز»، إلى رحلة موسيقية متفردة عانقت فيها إيقاعات الروك أنغام المغرب وأفريقيا والشرق الأوسط بأدائه المتميز على «البندير المغربي»، عبر إدخال إيقاعات أفريقية وعربية على أغانيه.
واستمتع عشاق الروك حتى ساعة متأخرة من ليلة الحفل إذ طالبوا بلانت أكثر من مرة بالمزيد من الأغاني المختارة من سنوات مجده مع «لد زبلين»، من قبيل «فور ستيكس» و«غويين تو كاليفورنيا» و«روك أند رول»، و«لونلي تايم»، التي انتهت باهتزاز أيادي الجمهور، ورد بلانت بالعامية المغربية: «شكرا صحابي، شكرا بزاف».
وتألق عاشق المغرب ومجموعته، التي استهلت مسيرتها العالمية سنة 2012 رفقة موسيقيين كبار من بينهم «جولديه كامارا» و«سكين تايسون» و«جاستن أدامس» و«جون باكوت» و«بيلي فولر» و«ديف سميت»، استمر مع أغنية كلاسيكية أخرى من موسيقى «البلوز» هذه المرة، «سيفنث صن»، ثم «إنتش إنتر»، قبل أن يفاجئ الجمهور بإعادة أداء أغنية «ليتل ماغي» الكلاسيكية بإيقاعات مستوحاة من جبال الأطلس والمنطقة العربية.
وكان بلانت، الذي يبلغ من العمر 65 عاما قد أكد قبيل الحفل عن ولعه بالمغرب وأنغامه، موضحا أن لديه روحا كبيرة ساعدتها مسيرته الفنية الطويلة في تشرب نبضات الحياة، مبرزا أنه وجد نبضات أسرة في السوق التقليدية المغربية والمدينة القديمة وأعالي الجبال.
وعرف الموسيقى الجديدة التي أبدعها على أنها مزيج مذهل من مختلف الألوان الموسيقية التي تذوقها في سفره حول العالم، مؤكدا أن همه لم يكن يوما جني المال، ولكن فنه «نابع من القلب والروح».
وأكد أنه محظوظ للغاية بأن أتيحت له الفرصة للتعرض لألوان موسيقية أخرى غير القالب الجامد لـ«روك آند رول»، الذي سيطر على المشهد الموسيقي في سنوات طفولته، واصفا ابتعاده قليلا عن ذلك النمط بأنه «نعمة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».