المفاوضات السورية بانتظار ممر موسكو ـ واشنطن الآمن

النظام يستفيد من تضارب المسارات... وروسيا تسعى لقطف النصر عبر «سوتشي»

المفاوضات السورية بانتظار ممر موسكو ـ واشنطن الآمن
TT

المفاوضات السورية بانتظار ممر موسكو ـ واشنطن الآمن

المفاوضات السورية بانتظار ممر موسكو ـ واشنطن الآمن

لم يتغيّر المشهد في جولة مفاوضات جنيف الثامنة حول سوريا عن سابقتها باستثناء خرق وحيد تمثل في توحيد وفد المعارضة. وهو ما سينسحب على أي جهود للحل في الفترة المقبلة، إلا إذا بدّلت موسكو في موقفها، وأعلنت واشنطن تصوّراً أو خطّة واضحة لإنهاء الأزمة التي وصفها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بـ«الأسوأ في تاريخ الأمم المتحدة».
بيد أن هذا الخرق، الذي لطالما كان من بين أبرز حجج النظام الرئيسة، رافضاً خوض مباحثات حقيقية، ومطالباً بـ«وحدة صف المعارضة»، إضافة إلى أولوية «محاربة الإرهاب» الذي بات – على الأقل في وجهه الداعشي – في نهاية فصوله في سوريا باعتراف روسيا وإيران، لم يشكل عاملاً إيجابياً في الانتقال إلى مرحلة جديدة من المفاوضات التي قال دي ميستورا إن جولة جديدة منها ستعقد في الشهر الأول من العام المقبل.
كانت حجة الشروط المسبقة القديمة الجديدة، وتحديداً تلك المتعلقة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، التي نص عليها بيان «مؤتمر الرياض 2»، هي التي حملها وفده إلى جنيف ليغادر سويسرا ولا يعود إليها إلا بعد مرور نحو أسبوع على انطلاق القسم الثاني من الجولة الثامنة. وهي الجولة التي كانت تدرك المعارضة مسبقاً نتائجها، معتبرة أن أقصى ما قد يتحقّق خلالها هو المفاوضات المباشرة، وهو ما لم يجد طريقه إلى التنفيذ نتيجة تعنّت النظام.
وبعدما كان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا قد أعلن أنه سيحدّد الجهة المعطلة للمفاوضات، فإنه حمّل في نهاية الجولة الثامنة الخميس الماضي، بشكل واضح وصريح، النظام هذه المسؤولية «عبر رفضه التحاور» مع المعارضة. ومن ثم، وحثّ موسكو على الضغط عليه، معتبراً أن ما حصل «إضاعة فرصة ذهبية». وأردف «رغم الجهود الكبيرة لم نحصل على مفاوضات حقيقية. لكننا أنجزنا مباحثات ثنائية»، موضحاً «لكن مع النظام لم نتباحث، للأسف، إلا في موضوع واحد (...) الإرهاب».
وأوضح المبعوث الدولي أن المعارضة تناولت من جهتها الموضوعات الأربعة التي حددتها الأمم المتحدة في جدول أعمال المباحثات، أي الحكم، والدستور، والانتخابات بإشراف المنظمة الأممية، والإرهاب. وكان قد أدرج ثلاثة من هذه العناوين ضمن القرار 2254 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في 2015، في حين أضيف العنوان الرابع حول الإرهاب في 2017 بناءً على إلحاح النظام.

جنيف في خطر
من جهته، حذر الدكتور نصر الحريري، رئيس وفد الهيئة العليا التفاوضية للمعارضة، مما وصفه بـ«الخطر الحقيقي» على عملية جنيف، مشيراً إلى أن الوفد منذ الأيام الأولى طالب بمفاوضات مباشرة، وقدَّم أكثر من 25 ورقة، لكن في المقابل النظام يرفض المفاوضات ولم يقدم أوراقاً ذات فاعلية، بل جاء إلى جنيف لاغتيال السلام. وتابع الحريري «الانتخابات المحلية والرئاسية والبرلمانية حق لنا معترف به بالقرار 2254، وهي ليست شرطًا مسبقًا، ولن نتنازل عنه».
وتجدر الإشارة إلى أنه في بداية «جنيف 8» كان دي ميستورا قد أعلن أن هذه الجولة لن تناقش مصير الرئاسة، بل ستركز على العملية الدستورية والانتخابات التي ستشرف عليها الأمم المتحدة. وقدّم في مرحلتها الأولى وثيقة المبادئ العامة المعدّلة من 12 بنداً، طالباً من النظام والمعارضة وضع ملاحظتهما عليها. وبين الشائعات والمعلومات المتناقضة، في بعض الأحيان، التي خيّمت على أجواء جولة جنيف الثامنة، يبقى من المؤكد أن الأمور لم تصل إلى خواتيمها بين روسيا وأميركا بشأن الحل السياسي في سوريا، وهذا في وقت تحاول موسكو قطف ثمار «النصر» – الذي ترى أنها حققته –، ثم الدفع باتجاه إحياء مسار تفاوضي جديد متمثل بـ«مؤتمر سوتشي» الذي استضافته موسكو في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود. وهذا الأمر ترى فيه المعارضة سبباً إضافياً لتعمد موسكو إفشال «جنيف»، والامتناع عن الضغط على وفد النظام للدخول في مفاوضات جدية رغم قلة وضوح الصورة النهائية التي سيكون عليها هذا المؤتمر.

2018 عام الحل؟
وفي حين يرى البعض أن هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحقيق تقدم في الأزمة السورية قبل الانتخابات الروسية في شهر مارس (آذار)، وهو ما ليس بالأمر السهل، يلفت الدكتور خطار بو دياب، الباحث في شؤون الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، إلى أن موسكو «تأمل أن يكون عام 2018 عام الحل في سوريا. وهي تحاول لتحقيق ذلك، الدفع باتجاه سوتشي في موازاة عدم حسم واشنطن تصورّها أو خطتها حيال الأزمة، وتحديداً، حول مصير رئيس النظام بشار الأسد».
في المقابل، تجد المعارضة أن أفق الحل لا يزال مسدوداً، وهو ما يعبّر عنه الدكتور يحيى العريضي، المتحدث الرسمي باسم المعارضة، إلى جنيف بالقول «... لا نتوقّع شيئاً ما لم تحسم روسيا خيارها بتطبيق القرارات الدولية». ويتابع العريضي: «إن الكرة اليوم في ملعب موسكو والأمم المتحدة بشكل رئيس»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، شارحاً «كل جولات المفاوضات باءت بالفشل نتيجة تعنّت النظام، وإذا ما بقي الوضع على ما هو عليه فإننا لا نرى أي تقدم في المدى القريب. هناك واجب على الأمم المتحدة ودي ميستورا يتمثل في وضع النقاط على الحروف، وتحديد الجهة التي تقف خلف التعطيل الذي يساهم في تفاقم المأساة السورية وجلب الإرهاب وإعادة تفعيله (أي الإرهاب) ليستفيد منه النظام. كما أن على موسكو، للإيفاء بوعودها وبالقرارات التي وقّعت عليها، للضغط على حليفها وحثه على التفاوض».

موسكو تدفع نحو «سوتشي»
الباحث بو دياب ينطلق في كلامه عن المعطيات التي ترافق الأزمة السورية ومفاوضاتها، شارحاً أنه «منذ (جنيف 2) يرفض النظام التفاوض لأنه يعارض منطق التسوية، ويعمل وفق مبدأ كل شيء أو لا شيء. وبالتالي لم ينجح دي ميستورا حتى في تحقيق على الأقل، مطلب المفاوضات المباشرة». ويستطرد: «من هنا يبدو واضحاً أن النظام لا يبدو جاهزاً لخوض العملية السياسية رغم الكلام الطيب والدبلوماسي الذي نسمعه وتسمعه المعارضة من موسكو... وهو بذا يراهن على تضارب مسارات المفاوضات، وتحديداً عبر مسار جنيف، الذي يدور منذ جولته الثانية في حلقة مفرغة، ومسار آستانة، الذي وأن نجح في تخفيف التصعيد في بعض المناطق، فإنه كان غطاءً له للتوسّع وسيطرته على مناطق إضافية... وأخيراً يضاف إليها اليوم محاولة موسكو إحياء مسار سوتشي الذي تريد جعله محطة لشبه حل للأزمة وإن كان الحل النهائي في جنيف». ويشير بو دياب إلى أن جانب المعارضة مع تأكيده وتمسكه بـ«جنيف» يربط المشاركة في سوتشي بأهدافه، موضحاً «لن نعترض على المشاركة فيه إذا كان هدفه، مع تشديدنا على هذا الأمر، إيجاد حل وتحقيق انتقال سياسي يمكّن السوريين من ممارسة حقّهم وإيقاف الحرب».
في هذا السياق، كان قد أُعلن عن النية بعقد «مؤتمر وطني سوري» في سوتشي سيضم ممثلين عن النظام والمعارضة من دون تحديد الموعد، بعد القمة التي عقدت في المدينة الروسية، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر «الرياض 2»، وحضر القمة الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني.
وفي وقت لاحق أعلنت موسكو عن تأجيل عقد المؤتمر إلى الشهرين المقبلين، من دون أن تحدد موعده النهائي لغاية الآن. وفي حين تنظر إليه روسيا بوصفه «فرصة حقيقية» لتسوية الأزمة المستمرة منذ عام 2011، يؤيده النظام ويرى أنه «سيرسم الحل السياسي لطرحه لاحقاً في جنيف».
مع العلم، أن روسيا وإيران وتركيا ترعى مفاوضات آستانة بين النظام والمعارضة العسكرية التي أتاحت إقامة أربع مناطق «خفض توتر» في إدلب (شمال غربي سوريا) وحمص (وسط البلاد) والغوطة الشرقية المتاخمة لدمشق، وكذلك في الجنوب، ساعدت في تراجع العنف في معظمها باستثناء بعض المناطق، ولا سيما الغوطة التي تعاني من حصار خانق وحملة عسكرية عنيفة.

بوتين: الأمر لي في سوريا
وفي موازاة تضارب المسارات «تغيب الإرادة الدولية»، بحسب بو دياب، وتحديداً تلك المتعلقة «بغياب خطة واضحة لواشنطن التي تلعب دوراً سلبياً أيضا، وهو ما تستفيد منه موسكو الذي كان تأثيرها واضحاً من خلال زيارة بوتين إلى قاعدة حميميم منافساً على انتزاع النصر... وقائلاً.. الأمر لي».
من هنا وأمام هذا الواقع، يؤكد بو دياب «قبل التوافق بين موسكو وواشنطن لن تجد المفاوضات السورية ممراً آمناً للطريق التي باتت أكثر تعثّرا وصعوبة، بعدما لم تعد تقتصر على مصير الأسد، إنما باتت تتعلق بمستقبل سوريا المفكّكة أو الموحّدة أو الفيدرالية، وكذلك بمصير الجيش ومستقبله». ويضيف «لغاية الآن يمكن القول إن عدم سقوط مسار جنيف هو دليل على أن هذا المسار هو النقطة الوحيدة المشتركة بين الأميركيين والروس الممسكين بورقة النظام، ولا يعدو إعلان بدء انسحابهم العسكري إلا سياسياً». ثم يوضح «هذا الانسحاب ليس أكثر من رسالة طمأنة للرأي العام الروسي، ودعوة إلى الأميركيين للانسحاب أيضاً من سوريا، مع العلم، أن قواعد موسكو العسكرية تشكل نقطة ارتكاز لها في سوريا والشرق الأوسط... وهي لن تتخلى عنها بعدما جعلت من بوتين يتعامل مع الساحل السوري على أنه مقاطعة روسية».

مصير الأسد هل بات محسوماً؟
هذه الورقة السياسية تمتلكها موسكو في سوريا نتيجة تدخلها العسكري الذي ساهم خلال سنتين في إعادة سيطرة النظام على نحو نصف المساحة التي كان قد خسرها منذ بدء الأزمة عام 2011، وهي اليوم تشكل الدعم الأبرز للنظام. ولذا؛ فهذا الأخير يتمسك بموقفه مستفيداً من اللعب على الوقت والمماطلة، إلا أنه سرعان ما سيجد نفسه مجبراً على التراجع عنه في اللحظة التي يتفق فيها بوتين مع واشنطن، بحسب ما يرى بو دياب.
لكن، هل سيشمل هذا التراجع بقاء الأسد في السلطة، ليس فقط في المرحلة الانتقالية إنما حتى في الانتخابات المقبلة عام 2021؟ وللعلم، هذا ما أشارت إليه مجلة «النيويوركر» بعدما كان دي ميستورا قد دعا المعارضة إلى أن تكون واقعية وتدرك أنها لم تكسب الحرب.
وهل الضغوط التي تتعرض لها المعارضة ستؤدي إلى تخليها عن مطلب رحيل رأس النظام؟ الإجابة عن هذا السؤال بالنسبة إلى البعض هي أن بقاء الأسد في السلطة بات شبه محسوم، وهو ما يلفت إليه بو دياب بالقول: «قراءة الأمور كما هي تجعلنا نتأكد بأنه بعد كل هذه السنوات لا يمكن للأسد أن يتزحزح من مكانه إلا بإرادة شخص واحد وهو الرئيس الروسي... الذي إذا اكتشف أن رحيله يسهّل علاقته مع واشنطن قد يتخذ هذا القرار في الوقت واللحظة المناسبة».
في المقابل، يرفض مصدر في «الائتلاف الوطني السوري» التعليق عن معلومات المجلة الأميركية قائلاً: «لطالما أصدر الأميركيون تصريحات من هذا النوع وتراجعوا عنها لأنها غير واقعية وغير حقيقية، وبالتالي فإننا لا نرد على تسريبات وأوهام من هذا النوع».
هذا، وكانت مجلة «النيويوركر» الأميركية قد نقلت الثلاثاء الماضي عن مصادر أميركية وأوروبية وصفتها بـ«المسؤولة»، أن الرئيس دونالد ترمب لا يمانع في بقاء بشار الأسد في السلطة حتى عام 2021، وهي معلومات تختلف عن تصريحات وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي أكد أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا.
وفي حين كانت التقارير قد أشارت إلى أن رحيل الأسد هو الذي كان السبب في الخلافات بين أعضاء الهيئة العليا التفاوضية واستقالة منسقها العام الدكتور رياض حجاب، وعدد من الأعضاء قبل مؤتمر «الرياض 2» الذي نتج منه توحيد وفد المعارضة. ينفي العريضي ادعاء عدد من أعضاء المعارضة تعرضها للضغوط «ومحاولات خفض سقف الثورة وإطالة أمد النظام»، واعتبار البعض هذا تراجعاً في خطاب المعارضة أو مطلب تنحي الأسد، ويؤكد العريضي «المطلب هو إسقاط كامل المنظومة، وعلى رأسها الأسد وكل من قتل الشعب السوري».
ثم يوضح «عند حصر مطالب السوريين وإصرارهم على التغيير بتغيير شخص واحد يعني ذلك تصغير القضية السورية، لأنها ليست صراعاً على كرسي سلطة، بل ثورة للحرية وحق تقرير المصير وممارسة الانتخابات». ويضيف «وهذا الأمر يستلزم الانتقال السياسي وتغيير كل من كان موجوداً في السلطة وثبت مسؤوليته عن الإجرام».

ضغوط على المعارضة...
وبعد الكلام عن ضغوط تتعرض لها المعارضة، نقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر وصفتها بـ«الموثوقة» الثلاثاء أن الاجتماع الذي عقد في جنيف يوم الاثنين بين وفد المعارضة والمبعوث دي ميستورا في إطار الجولة الثامنة من جنيف كان عاصفاً. وبحسب تلك المصادر، فإن المبعوث الدولي اعتبر أن «المعارضة فقدت دعمها الدولي»، وأنها إذا ما شاركت في مؤتمر سوتشي المقبل من دون تحقيق تقدم في سلة الدستور خلال اجتماعات جنيف الحالية، فإنها «ستتلاشى وتضيع هناك»، وسيكون «سوتشي بديلاً لجنيف».
ولفتت المصادر ذاتها أن دي ميستورا قال: إن «المعارضة تحلل القرار الدولي 2254، وبيان (جنيف1) (2012) بشكل خاطئ، وتدلي بتصريحات ترفع من سقفها دون أساس واقعي».
في هذا الإطار، يرى بو دياب، أنه لا يمكن «جلد المعارضة» وتحميلها أكثر مما تحتمل، قائلاً: «المشكلة ليست عند المعارضة التي تخلّى عنها العالم في وقت أراد النظام خلق معارضة على مثاله»، متابعاً «إن كان خطأها الدخول في لعبة الأدلجة وغياب قوى طليعية في أوساطها».
وأتى ذلك بعدما كانت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) قد أشارت إلى أن ضغوطاً دبلوماسية تحاصر وفد المعارضة في جنيف لـ«تجميد» مطلب تنحي رئيس النظام السوري. ونقلت الوكالة عن عضو في وفد المعارضة - رفض نشر اسمه – قوله: «يكرر معظم الدبلوماسيين الذين زارونا الدعوة ذاتها، عليكم التحلي بالواقعية إذا كنتم تريدون تسوية النزاع». وأضاف: «يريدون منا تجميد مطلب تنحي الأسد، وليس التخلي عنه تماماً». وذكر هذا المصدر أن الوسطاء الغربيين يقولون للمعارضة إن فكرة «تجميد» مطلب تنحي الأسد هي من باب «إحراج وفد النظام» ودفعه للقبول بمفاوضات مباشرة معها.
ختاماً، يشكل مصير الأسد العقبة الرئيسية التي اصطدمت بها جولات المفاوضات كافة بين النظام ومعارضيه، مع رفض النظام المطلق النقاش في هذا الموضوع، وفي المقابل، تمسك به المعارضة كمقدمة للانتقال السياسي، وأكدت عليه في بيان «الرياض 2».



ماكرون يشكك في إمكان تحقيق هدف إسرائيل من الحرب على غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يشكك في إمكان تحقيق هدف إسرائيل من الحرب على غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيتوجه إلى قطر، في محاولة للعمل على هدنة جديدة بين إسرائيل و«حماس» قد تفضي إلى وقف إطلاق النار. ومن المقرر أن يجري زيارة خاطفة، مساء السبت، إلى الدوحة، التي تقود مفاوضات الهدنة والإفراج عن الرهائن، حيث يتناول العشاء مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ودعا ماكرون في مؤتمر صحافي في دبي، حيث يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28)، يوم السبت، إلى «مضاعفة الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار» في قطاع غزة الذي يتعرّض مجدّداً للقصف الإسرائيلي عقب انتهاء الهدنة مع حركة «حماس».

وأضاف ماكرون، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية»: «من الواضح جداً أن استئناف القتال في قطاع غزة هو موضوع مثير للقلق، وقد شكّل محور العديد من النقاشات». وحذر ماكرون، إسرائيل، من أن «القضاء على (حماس) بالكامل» سيؤدي إلى «10 سنوات» من الحرب. وعدَّ أن «هذا الوضع يتطلب مضاعفة الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وللإفراج عن جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى (حماس)، وتزويد سكان غزة بالمساعدات التي يحتاجون إليها بشكل عاجل، ولجعل إسرائيل واثقة من استعادة أمنها».

دخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة يوم السبت (أ.ف.ب)

لهجة مشددة

وكان الرئيس الفرنسي يأمل في البناء على «ديناميكيات» الهدنة بين إسرائيل و«حماس» للترويج لمواقف بلاده وبدء رسم مشهد ما بعد الحرب، لكنّ وصوله إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في دبي تزامن مع استئناف القتال في غزة. من ثم شدد لهجته على نحو غير معهود إزاء استراتيجية إسرائيل المعلنة «للقضاء» على حركة «حماس»، خلال زيارة جسّدت الصعوبة التي يواجهها الرئيس الفرنسي، لإيجاد طريقة للتأثير على هذه الأزمة الدولية الكبرى.

وتساءل مراقبون: هل محتوى محادثاته على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ وعدد من القادة العرب، هو الذي دفعه إلى تشديد لهجته على نحو لم يسبق له مثيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي تصريح أدلى به بعد الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر داخل إسرائيل، دافع بنفسه عن حق إسرائيل في «القضاء» على «حماس»، ولكن بشرط تجنب المدنيين، لكنه الآن يشكك علناً في «هدف» الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة.

ورداً على سؤال في مؤتمر صحافي، قال ماكرون: «ماذا يعني القضاء على (حماس) بالكامل؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟... إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب ستستمر عشر سنوات». وأضاف: «لذا يجب توضيح هذا الهدف» من جانب «السلطات الإسرائيلية»، محذراً من «حرب لا تنتهي».

أطفال من غزة يحاولون الحصول على الغذاء (رويترز)

استياء الرأي العام

وبينما استأنف الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة بعد أسبوع من الهدنة، أصر ماكرون على أنه من الضروري «مضاعفة الجهود لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار»؛ لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، و«إطلاق سراح جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى (حماس)»، ومن بينهم أربعة فرنسيين على الأرجح.

وشدد ماكرون على أن «الرد الصحيح على منظمة إرهابية ليس في القضاء على منطقة بأكملها أو قصف البنى التحتية بأكملها»، مؤكداً أن «الأمن المستدام» لا يمكن ضمانه لإسرائيل إذا «كان ذلك على حساب أرواح الفلسطينيين ومن ثم إثارة استياء الرأي العام في المنطقة ككل».

وكان يُفترض أن يقوم ماكرون بجولة أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، لكن في نهاية المطاف اعتبر الإليزيه أن حضور عدد كبير من المعنيين بالنزاع بين إسرائيل و«حماس» إلى دبي، سيجعل من المؤتمر لقاءً مناخياً دبلوماسياً في آن.

طفل فلسطيني يتلقى العلاج بأحد مستشفيات غزة (أ.ب)

إحباط التوقعات

لكن التوقعات من الزيارة أُحبطت جزئياً؛ إذ لم يتسنَّ عقد اجتماع بين ماكرون وعدد من القادة العرب في الوقت نفسه، علماً أن الرئيس الفرنسي كان يأمل بذلك، لأن لقاءً من هذا النوع يتيح له إيصال رسالته بشكل أقوى.

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فلم يحضرا إلى دبي. ولا يتضمن برنامج ماكرون زيارة إلى تل أبيب أو رام الله.

ترى أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات بشأن البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، أن «فرنسا وماكرون، غير قادرَين على إيجاد مكانتهما فعلياً في هذه الأزمة». وتشير إلى أن ماكرون فقد بعضاً من مصداقيته عندما أطلق نهاية أكتوبر من القدس، من دون أن يمهد الطريق لذلك، فكرة ضمّ دول عربية إلى تحالف دولي لمحاربة (حماس). وأشارت إلى أنه، وبعد تعرضه لانتقادات بسبب انحيازه الواضح لصالح إسرائيل، قد تكون دعوته إلى «التوقف» عن قصف المدنيين قد أدت إلى توتير علاقته مع نتنياهو. وتعد الباحثة أن البحث عن التوازن «بناءً على ردود الفعل» يربك استراتيجيته.

السيسي وماكرون توافقا خلال لقاء في دبي على أهمية إيجاد حلول عاجلة لحرب غزة (الرئاسة المصرية)

ماكرون يواجه صعوبتين

على الجانب الإسرائيلي، لا يخفي دبلوماسيون فرنسيون قلقهم إزاء العمليات العسكرية التي تستهدف أيضاً مناطق جنوب قطاع غزة، خلافاً لتعهّد تل أبيب بأن تكون هذه مناطق «آمنة» للمدنيين. وفي موازاة ذلك، تبحث فرنسا عن صيغة لتعزيز السلطة الفلسطينية المتعثرة حتى تتمكن عندما يحين الوقت من إدارة شؤون غزة.

لكن في كلتا الحالتين، لا تملك باريس وسائل ضغط. أما بالنسبة لحلّ الدولتين الذي دافعت عنه بشدة، فلا أحد يرى فعلياً الطريق التي تؤدي إلى تحقيقه. وتؤكد لوفالوا أن «إيمانويل ماكرون لا يستطيع تحقيق ذلك بمفرده». وتضيف: «في المقابل، لدى أوروبا وسائل تأثير قوية، وهناك ورقة حقيقية بيد أوروبا يمكن أن تطرحها»، معربةً عن أسفها لعدم استخدامها في هذه المرحلة.


الآثار اليمنية... نزيف مستمر عبر المزادات العالمية

قطعة أثرية نادرة هُربت وبيعت بمزاد علني خارج اليمن (فيسبوك)
قطعة أثرية نادرة هُربت وبيعت بمزاد علني خارج اليمن (فيسبوك)
TT

الآثار اليمنية... نزيف مستمر عبر المزادات العالمية

قطعة أثرية نادرة هُربت وبيعت بمزاد علني خارج اليمن (فيسبوك)
قطعة أثرية نادرة هُربت وبيعت بمزاد علني خارج اليمن (فيسبوك)

كشف خبير يمني متخصص في مجال الآثار عن عرض عدد من القطع الأثرية اليمنية في مزادات علنية بدول غربية، خلال أسبوعين، بعد أن جرى تهريبها عبر سماسرة وعصابات متخصصة في سرقة وتهريب الآثار إلى خارج البلاد.

ووفقاً للمتخصص اليمني في تتبع ورصد الآثار المهربة عبد الله محسن، فإن من ضمن الآثار التي عُرضت للبيع بمزادات عالمية في الفترة من 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحتى 27 من الشهر نفسه، وَعْلاً برونزياً يعود للقرن الخامس قبل الميلاد، ومجسماً نسائياً نادراً مع نقش بخط المسند، و«شاهدة» نادرة يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقطعة «كيوبيد» نادرة، إضافة إلى مجموعة تحف وتماثيل وقطع أثرية يقدر عمر بعضها بنحو 5 آلاف عام.

عرض وعل برونزي يمني نادر للبيع بمزاد علني في لندن (فيسبوك)

الباحث اليمني عبد الله محسن كشف عن نقل «قبر أثري» قبل أيام من محافظة الجوف، شمال شرقي صنعاء، إلى مطار منشأة الغاز المسال في شبوة، ومنه جواً إلى فرنسا، مؤكداً أن ذلك يعد نموذجاً حقيقياً لمدى سهولة تهريب الآثار إلى خارج اليمن، كما يعزز أيضاً فرضية بيع الآثار من مواقع اكتشافها بالجملة وليس بالتجزئة.

متحف مفتوح للنهب

يتحدث الخبير اليمني عبر سلسلة منشورات في «فيسبوك» عن بيع «شاهدة نادرة» لقبر «أوس» من الحجر الجيري في تورونتو بكندا، في 17 نوفمبر الماضي، موضحاً أن تاريخ القطعة يعود إلى فترة ما قبل الميلاد، وهي من آثار اليمن من سبأ أو قتبان محفوراً بمنتصفها كلمة «أوس»، وهو من الأسماء الشائعة في حضارات اليمن القديم.

وعُرضت «الشاهدة النادرة» للبيع في المزاد بعد شرائها من معرض «دونالد إليس» بنيويورك في 15 مايو (أيار) 2008، بنحو 40 ألف دولار، بينما تجاوز ثمنها في المزاد الحالي بين 8 و12 ألف دولار، ما أثار الشك حول مصدرها.

يأتي ذلك في وقت تؤكد فيه مصادر يمنية استمرار أعمال النهب والتنقيب العشوائي بعدد من الأماكن والمواقع الأثرية المنتشرة بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بحثاً عن آثار ونقوش قديمة من قبل عصابات ومافيا الآثار المدعومة من قبل كبار قادة الجماعة.

«شاهدة» نادرة عُرضت للبيع مؤخراً في مزاد علني في كندا (فيسبوك)

ويُعدّ اليمن متحفاً مفتوحاً، ولا يكاد يخلو موقع أو منطقة فيه من تاريخ محكي أو آثار مطمورة أو حضارة ازدهرت وبُنيت، في حين تعرض نحو 12 متحفاً من أصل 20، وفق مسؤول سابق في الهيئة العامة للآثار والمتاحف بصنعاء، للنهب والتدمير والخراب المنظم على يد الجماعة الحوثية.

قطع نادرة

ضمن عملية التتبع والرصد، كشف خبير الآثار اليمني عبد الله محسن عن استعدادات أجريت لعرض «وعل برونزي» يمني بأحد مزادات لندن في 30 نوفمبر الماضي.

كما يُعرض في مزاد «آرتيميشن» للجواهر القديمة والآثار تمثال برونزي من القرن الميلادي الأول من آثار اليمن. ويصف محسن ذلك التمثال بأنه يقف على أرجله الأربع مع ذيل قصير منتصب وعينين لوزيتين محفورتين بعمق وقرون عالية مقوسة مع أطراف ملتوية، وتستقر على الرأس.

وتضم معظم المتاحف العالمية والإقليمية كثيراً من تماثيل الوعول البرونزية والذهبية أغلبها سبق أن هُربت عبر عصابات من اليمن، حيث يعد أشهرها قلادة الوعل «الذهبي» بمتحف لندن، ووعل «مريمة» في دار الآثار الإسلامية في الكويت، ووعل مجموعة آل ثاني في فرنسا.

وسبق لدار «سوذبيز» للمزادات في لندن أن عرضت بمثل هذه الأيام من العام الماضي إحدى أشهر جداريات اليمن الأثرية والتي كانت من مقتنيات متحف «فيتزويليام كامبريدج» للبيع في مزاد علني.

مجسم نسائي نادر عُرض مؤخراً للبيع بمزاد خارج اليمن (فيسبوك)

ويكشف خبير الآثار ضمن عملية التتبع والرصد عن قيام 3 مزادات عالمية بمنتصف نوفمبر الماضي، بعرض قطع أثرية يمنية نادرة يقدر عمر بعضها بـ5 آلاف عام، وتوازى ذلك مع استمرار تصاعد وتيرة عمليات الحفر والتنقيب العشوائي على أيدي عصابات متخصصة في مناطق يمنية تخضع أغلبها تحت سيطرة الحوثيين.

واستهدفت الجماعة الحوثية منذ انقلابها على السلطة كل مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارةً بالنهب والتهريب والبيع خارج اليمن، وأخرى بالتفجير والقصف والتحويل لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية.

ويحمّل المهتمون بالآثار والتراث اليمني قادة الجماعة مسؤولية ما يجري من أعمال عبث ونبش وسرقة وتهريب واتجار غير قانوني ومستمر بالآثار اليمنية، وسط مطالب رسمية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة (اليونيسكو) والمنظمات المهتمة بالتراث في أوروبا، وغيرها من أجل التدخل لمنع تداول الآثار اليمنية المهربة بالأسواق التجارية والمزادات العالمية، والعمل على إعادتها.


انتهاكات انقلابية ومقررات مفخخة في جامعات يمنية

يتحكم الحوثيون في مفاصل التعليم العالي كافة في مناطق سيطرتهم خدمةً لأجندتهم الفكرية (فيسبوك)
يتحكم الحوثيون في مفاصل التعليم العالي كافة في مناطق سيطرتهم خدمةً لأجندتهم الفكرية (فيسبوك)
TT

انتهاكات انقلابية ومقررات مفخخة في جامعات يمنية

يتحكم الحوثيون في مفاصل التعليم العالي كافة في مناطق سيطرتهم خدمةً لأجندتهم الفكرية (فيسبوك)
يتحكم الحوثيون في مفاصل التعليم العالي كافة في مناطق سيطرتهم خدمةً لأجندتهم الفكرية (فيسبوك)

ارتكبت الجماعة الحوثية موجة جديدة من التعسفات والانتهاكات ضد جامعات يمنية في العاصمة المختطفة، صنعاء، ومحافظة إب ضمن السلوك الممنهج للعبث بقطاع التعليم العالي في جميع المناطق تحت سيطرة الجماعة.

وتحدثت مصادر أكاديمية يمنية عن أن الجماعة الحوثية استحدثت أخيراً مقررات دراسية جديدة وفرضتها على طلبة الجامعات تحوي بين طياتها الطابع التعبوي، ولا تخضع لأدنى المعايير العلمية، إلى جانب عبثها بحق الاعتماد الأكاديمي الطبي، وارتكاب قادتها جرائم دهم واعتداء بحق أكاديميين ومنازلهم في صنعاء.

البوابة الرئيسية لجامعة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضحت المصادر أن الجماعة استحدثت قبل أيام مقرراً دراسياً جديداً ضمن ما تُسمى «الثقافة الإسلامية» في جامعة إب، وتسعى إلى تعميمه على بقية الجامعات في محافظة إب، والمناطق الواقعة تحت سيطرتها.

وبحسب المصادر، فإن المقرر الدراسي المفخخ الذي لاقى اعتراضاً من قبل أكاديميين بجامعة إب لكونه يعد مخالفاً للقوانين واللوائح المنظمة للتعليم العالي، أعده أحد الموالين للجماعة، ويدعى ميون فيروز، والذي لا يحمل أي مؤهل علمي يخول له القيام بإعداد برامج ومقررات دراسية جامعية.

وسبق للقيادي الحوثي ميون أن قضى سنوات عدة بأحد سجون محافظة إب على ذمة اتهامه، من قبل حكومات سابقة، بانتمائه لتنظيم «القاعدة» الإرهابي قبل أن ينخرط في صفوف الجماعة، من خلال عملية مقايضة بالإفراج عنه مقابل موافقته على العمل معها والترويج لأفكارها في أوساط اليمنيين.

معايير مزدوجة

في صنعاء، حرمت الجماعة الحوثية طلبة جامعة صنعاء (كبرى الجامعات الحكومية) من حق الاعتماد الأكاديمي البرامجي الطبي، في وقت سمحت فيه بذلك في جامعات مستحدثة تابعة لها منها ما تُسمى «جامعة 21 سبتمبر».

مجلس حوثي يعتمد 4 برامج طبية في جامعة تديرها الجماعة (فيسبوك)

واستنكر طلاب وأكاديميون في جامعة صنعاء ذلك الإجراء، معبرين عن رفضهم القاطع له، كما اتهموا قيادة الجامعة الموالية للجماعة بتعمد حرمانهم وجامعتهم من الاعتماد الأكاديمي.

وبمقابل الحرمان الحوثي للطلبة في جامعة صنعاء ومؤسسات تعليمية أخرى من ذلك الحق، تحدّثت مصادر أكاديمية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تسلُّم ما يسمى «مجلس الاعتماد الأكاديمي»، الخاضع للجماعة بصنعاء طلب اعتماد 4 برامج طبية في «جامعة 21 سبتمبر» الحوثية.

وسبق ذلك توقيع المجلس نفسه اتفاقية مع الجامعة ذاتها تتعلق بتقديم الدعم الفني لضمان ما أسماه «جودة تنفيذ البرامج الأكاديمية في الجامعة» بمجالات الصيدلة السريرية، والطب المخبري، والتمريض العالي، والإدارة الطبية.

شكاوى من تعسف

شكا أكاديميون وطلبة في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من أن جامعتهم لا تزال حتى اللحظة تعاني من عمليات ابتزاز وفساد ناتجة، في معظمها، عن استمرار صراع أجنحة الجماعة في كليات وأقسام الجامعة، مطالبين بالكف عن تلك الممارسات، ورفع القيود التعسفية المفروضة على الجامعة ومنتسبيها، التي أدت إلى تراجع جودة التعليم خلال السنوات الماضية.

كما ناشدوا الجهات الدولية، المعنية بدعم التعليم في اليمن، الضغط على الجماعة؛ لكي تعمل على تحسين جودة التعليم الجامعي بعيداً عن التمييز السلالي والطائفي، ومن أجل توفير بيئة ملائمة تحفّز الطلبة اليمنيين على الالتحاق بالجامعات لمواصلة تعليمهم العالي.

البوابة الرئيسية لجامعة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)

وعلى صعيد جديد الانتهاكات الحوثية ضد الأكاديميين، اعتدى قيادي حوثي يدعى محمد الروضي، يعمل في قطاع الأشغال والطرق، على الدكتور علي مطهر العثربي أستاذ العلوم السياسية بكلية الإعلام في جامعة صنعاء، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس دائرة الفكر والثقافة بحزب «المؤتمر» جناح صنعاء وعضو أمانته العامة، كما شرع القيادي في الجماعة باقتحام منزل الأكاديمي العثربي والعبث بمحتوياته.

وفي رسالة تقدم بها الأكاديمي العثربي، شكا من الظلم والجور الحوثي الذي وقع عليه وطال منزله، الأمر الذي أثار موجة استياء في أوساط أعضاء هيئة التدريس وطلبة كلية الإعلام بجامعة صنعاء، حيث طالبوا بسرعة محاسبة القيادي الحوثي، وكل المتورطين في الجريمة، مهددين بالإضراب عن الدراسة وتنفيذ وقفات احتجاجية حال تجاهل مطالبهم.


إسرائيل تركّز قصفها على خان يونس... وتدعو السكان للفرار جنوباً

TT

إسرائيل تركّز قصفها على خان يونس... وتدعو السكان للفرار جنوباً

تتفاعل أخت فلسطيني توفي خلال غارات جوية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة، بينما يتجمع أقاربه خارج مستشفى ناصر في خان يونس (إ.ب.أ)
تتفاعل أخت فلسطيني توفي خلال غارات جوية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة، بينما يتجمع أقاربه خارج مستشفى ناصر في خان يونس (إ.ب.أ)

واصلت إسرائيل قصفها على وسط وجنوب قطاع غزة في ثاني أيام القتال بعد انقضاء الهدنة، فيما أفادت تقارير إعلامية بأن الجيش الإسرائيلي شن موجة ضخمة من الهجمات ضد أهداف تابعة لحركة «حماس» وجماعات أخرى في جنوب قطاع غزة ليل الجمعة، حسبما نقلت «وكالة الأنباء الألمانية».

وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم قصف «أكثر من 400 هدف إرهابي» في قطاع غزة منذ انتهاء الهدنة، حسبما نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية».

وأكد الجيش مشاركة قوات جوية وبحرية وبرية في الضربات مضيفا أن الطائرات الحربية قصفت «أكثر من 50 هدفا في هجوم مكثف في منطقة خان يونس» بجنوب القطاع.

وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن «معارك برية واسعة النطاق» اندلعت في وقت مبكر من اليوم (السبت) حول مدينة خان يونس في الجزء الجنوبي من القطاع. وقال الجيش الإسرائيلي إن بعض قيادات حماس كانت موجودة في المنطقة.

من جانبه، ذكر المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية في قطاع غزة أن إطلاق نار وصفه بالمكثف وقصفا مدفعيا طالا المناطق الشرقية لمحافظة خان يونس. وأشار المكتب، في بيان مقتضب، إلى أن الزوارق الحربية الإسرائيلية شنت أيضا قصفا مكثفا على ساحل المحافظة.

وذكرت الصحيفة نقلا عن سكان قطاع غزة، أن الجيش الإسرائيلي أسقط منشورات في مدينة خان يونس تدعو السكان إلى الفرار إلى رفح في الجنوب، لأن المنطقة خطيرة. كما وردت أنباء عن هجمات للجيش الإسرائيلي على رفح.

وقال شهود عيان لـ«وكالة أنباء العالم العربي» اليوم، إن القصف الإسرائيلي الذي يستهدف مناطق جنوب قطاع غزة لم يتوقف منذ نحو 24 ساعة.

وأشار الشهود إلى أن القصف يتركز على مدينة خان يونس جنوبي القطاع وبلدة القرارة المحاذية لها، وأن الجيش الإسرائيلي أقام أحزمة نارية في مناطق سكنية استهدفها بالقصف بشكل متتابع.

ويخشى أهالي قطاع غزة من أن يكون القصف المكثف على المناطق الجنوبية هو بداية لعملية عسكرية برية قد تبدأ في جنوب القطاع.

وقتل نحو 240 فلسطينيا وفق إعلانات رسمية في قطاع غزة منذ استئناف القتال إثر انهيار التهدئة صباح الجمعة.

وما يثير القلق في جنوب قطاع غزة هو اكتظاظ هذه المناطق بمئات آلاف النازحين، الذين هربوا من المعارك في شمال القطاع. وكانت إسرائيل قد حددت جنوب القطاع كمناطق آمنة يمكن للنازحين الذهاب إليها.

وتم استئناف القتال بين إسرائيل و«حماس» يوم الجمعة بعد وقف إطلاق نار استمر سبعة أيام.

وتزعم إسرائيل بأن «حماس» انتهكت شروط الاتفاق بإطلاق صواريخ باتجاه أراضيها خلال الليل. ودوت صفارات الإنذار في البلدات الإسرائيلية جنوب إسرائيل بالقرب من غزة بعد ظهر الجمعة.


«حرب غزة»: مصر تواصل اتصالاتها لاستعادة التهدئة

وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
TT

«حرب غزة»: مصر تواصل اتصالاتها لاستعادة التهدئة

وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر خلال لقاء وزيرة الصحة الفلسطينية في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)

تواصل مصر اتصالاتها لاستعادة التهدئة في قطاع غزة. وشدد مصدر أمني مصري، الجمعة، على أن «القاهرة تسعى حالياً إلى استعادة الهدوء، وإقرار الهدنة ثانية، والعمل على إعادة الأوضاع لتمهيد الطريق لإعادة إحياء عملية السلام من جديد». في حين طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«ضرورة وقف إطلاق النار، والتوسع في إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، فضلاً عن الجهود المصرية لاستقبال المصابين الفلسطينيين، وإجلاء الرعايا الأجانب». وأكد السيسي، الجمعة، ضرورة «توفير الحماية اللازمة للمدنيين، مع السعي إلى إيجاد الأفق السياسي الملائم للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية».

وخلال الأيام الماضية ازدادت وتيرة زيارة مسؤولين أوروبيين إلى القاهرة، إذ استقبل السيسي نظيرته المجرية كاتالين نوفاك، ووزيري خارجية سلوفينيا والبرتغال، ورئيسي الوزراء الإسباني والبلجيكي، ووفق بيانات سابقة للرئاسة المصرية، ركزت تلك اللقاءات على «جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والمساعي لإطلاق حلول سياسية للقضية الفلسطينية».

السيسي وماكرون توافقا خلال لقاء في دبي على أهمية إيجاد حلول عاجلة للأزمة (الرئاسة المصرية)

وتوافق السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال لقاء جمعهما، الجمعة، على هامش أعمال «الدورة الـ28 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المُتحدة الإطارية لتغير المناخ» في دبي، على «أهمية إيجاد حلول عاجلة للأزمة الجارية، والتحرك لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، مع تأكيد أهمية البدء في عملية سياسية شاملة بهدف الوصول إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية ذات الصلة». كما توافق السيسي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال لقاء جمعهما في دبي، على خطورة الوضع الحالي، لا سيما في ظل التبعات غير المحسوبة لتوسيع دائرة الصراع على استقرار المنطقة.

ومن جهته، قال مصدر أمني مصري، الجمعة، إن «مصر أجرت اتصالات عاجلة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني فور تجدد الهجمات الإسرائيلية». ووفق وكالة الأنباء الألمانية نقلاً عن المصدر المصري، الجمعة، فإن «مصر وقطر نسقتا بعد بدء الهجمات الإسرائيلية مباشرة، وأُجريت اتصالات مع كل الأطراف المعنية بتطبيق الهدنة ومراقبتها والتوسط فيها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي انضمت إلى مصر وقطر في التوسط، بطلب التوقف الإسرائيلي عن الهجمات، والعمل على إعادة الالتزام بالهدنة التي كانت معلنة، والتي كانت تسير بصورة جيدة في كل الالتزامات من كل الأطراف في الهدنة». وأكد المصدر أن «الاتصالات التي كانت تجرى حتى مساء الخميس كانت في إطار تجديد الهدنة لأيام أخرى، أو على الأقل يومين بنفس شروط تبادل الأسرى بين الجانبين، ودخول المساعدات الإنسانية والوقود إلى قطاع غزة».

ناقلة جنود مدرعة إسرائيلية تشق طريقها إلى قطاع غزة (إ.ب.أ)

إلى ذلك، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر، نيفين القباج، أن «موقف مصر ثابت وواضح إزاء الأوضاع في قطاع غزة والتضامن الكامل مع القضية الفلسطينية»، مشددة على أن الحقيقة أصبحت واضحة أمام العالم أجمع «إزاء ما يحدث على الأراضي الفلسطينية من جرائم ترتكب ضد الإنسانية»، جاء ذلك خلال لقاء القباج مع وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، بمقر وزارة التضامن الاجتماعي بالعاصمة الإدارية الجديدة، الجمعة، بحضور عدد من المسؤولين الفلسطينيين. ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري» شهد اللقاء مناقشة المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمة للجانب الفلسطيني، واحتياجات الفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، وكذلك آليات التعاون بين الجانبين المصري والفلسطيني إزاء ما يشهده قطاع غزة من تردٍّ للأوضاع الإنسانية في ضوء الاحتياجات والمعطيات القائمة.

وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر أن «إجمالي المساعدات التي دخلت القطاع تزيد على 40 ألف طن، تمثل مساعدات الجانب المصري النسبة الكبرى بها، حيث قدمت مصر منها نحو 22 ألف طن من مساعدات إغاثية وإنسانية وطبية لأهالي قطاع غزة، وهي أكبر دولة قدمت مساعدات لأهالي قطاع غزة منذ اندلاع الأزمة، تليها المنظمات الدولية، ثم مساهمات بقية الدول، حيث تتضمن المساعدات المواد الغذائية والإغاثية والأدوية والوقود... وغيرها». وأضافت أن «مصر استقبلت الجرحى والمصابين القادمين من قطاع غزة لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، كما استقبلت مستشفيات العريش والقاهرة أطفال غزة حديثي الولادة لتلقي العلاج».


ما فُرص الوساطة المصرية - القطرية في استئناف الهدنة؟

مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

ما فُرص الوساطة المصرية - القطرية في استئناف الهدنة؟

مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون فلسطينيون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى بعد القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

بالكاد صمدت «الهدنة الإنسانية» الأولى في غزة التي تم التوصل إليها بوساطة مصرية - قطرية – أميركية لأسبوع، وبعد رفض إسرائيل تمديداً جديداً للهدنة، استأنفت قوات الاحتلال قصفها للقطاع الفلسطيني، الجمعة، ورغم ذلك أكدت القاهرة والدوحة أن المفاوضات بشأن تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة «متواصلة».

وحذر خبراء من خطورة انتقال الحرب الإسرائيلية على غزة لمراحل «أكثر تقدما وخطورة» بوصولها إلى جنوب القطاع المتكدس بسكانه والنازحين إليه من المناطق الشمالية، ما يستوجب - بحسبهم - ممارسة «ضغوط أكبر عربيا وأميركيا لدفع تل أبيب إلى التجاوب مع جهود التهدئة».

وكانت الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، قد دخلت حيز التنفيذ الساعة السابعة من صباح الجمعة 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولمدة أربعة أيام؛ حيث جرى تمديدها لثلاثة أيام إضافية، بعد عدوان إسرائيلي متواصل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأسفر عن استشهاد أكثر من 15 ألف فلسطيني، بينهم 6150 طفلاً، وأكثر من 4 آلاف امرأة، إضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح، في حصيلة مرشحة للزيادة عقب استئناف أعمال القتال. وقد سمحت الهدنة بتبادل عشرات المحتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والوقود للقطاع المحاصر.

من جانبها، أعربت قطر عن أسفها الشديد «لاستئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة» إثر انتهاء الهدنة دون التوصل لاتفاق على تمديدها، وأكدت استمرار الجهود بهدف العودة إلى حالة الهدنة. وقالت الخارجية القطرية، في بيان لها الجمعة، إن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مستمرة بهدف العودة إلى حالة الهدنة، كما أوضحت أن قطر ملتزمة مع شركائها في الوساطة باستمرار الجهود التي أدت إلى الهدنة الإنسانية، ولن تتوانى عن القيام بكل ما يلزم للعودة إلى التهدئة. وشدد البيان على أن استمرار القصف على قطاع غزة في الساعات الأولى بعد انتهاء الهدنة «يعقد جهود الوساطة ويفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع»، ودعا المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك لوقف القتال.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، الجمعة، إن «(حماس) خرقت الاتفاق وقامت بإطلاق القذائف نحو الأراضي الإسرائيلية»، معلنا أن الجيش الإسرائيلي «قام بإعادة تفعيل النيران في مواجهة حماس في قطاع غزة».

من جانبها، حمّلت حركة «حماس» إسرائيل مسؤولية استئناف الحرب. وقالت في بيان، الجمعة، إن الاحتلال «يتحمل مسؤولية استئناف الحرب والعدوان النازي على قطاع غزة، بعد رفضه طوال الليل التعاطي مع كل العروض للإفراج عن محتجزين آخرين».

وقال الدبلوماسي الفلسطيني السابق، بركات الفرا، إن نهج الهدن المؤقتة «لم يعد مجديا» في ظل التكلفة الإنسانية الباهظة التي يتسبب فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، والمتوقع أن تزداد مع استهداف الاحتلال لمناطق جنوب القطاع المكتظة بالسكان والتي تضاعفت الأعداد بها جراء حركة النزوح إليها من الشمال. وأكد الفرا لـ«الشرق الأوسط» أن الإسرائيليين كانوا «مُصرين منذ البداية على خرق الهدنة، رغم أن أهدافهم في القطاع غامضة، وليس لديهم تصور واضح لليوم التالي لوقف الحرب». وعدّ الفرا أن «إصرار اليمين المتطرف في إسرائيل على الذهاب بعيدا في مشروعه الدموي سيضع مزيدا من العراقيل أمام جهود الوساطة المصرية - القطرية».

من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، لـ«الشرق الأوسط»، أن استئناف الحرب يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، عادّا الهجوم على غزة «الورقة الأخيرة» بيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحفاظ على صمود الائتلاف الحكومي والبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، حتى لو كان الثمن سفك مزيد من دماء الفلسطينيين. ويرى هريدي أن هناك تراجعا ملحوظا في الدعم الأميركي للمواقف الإسرائيلية وبخاصة رغبة عناصر اليمين في استئناف العدوان على غزة، وتحذيرات مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية من أن الاستمرار في الحرب لا يخدم سوى «حماس»، وذهب الفرا إلى أن الموقف الأميركي لا يتجاوز كونه «مسكنات خطابية» للحفاظ على المصالح الأميركية مع الدول العربية.

في السياق، اتفق الفرا وهريدي، الجمعة، على أن المرحلة المقبلة «تتطلب تحركا عربيا مغايرا، ومنسوبا أعلى من الضغط على الولايات المتحدة ومن ثم على إسرائيل». ويرى الفرا أهمية «التلويح بورقة المصالح الاقتصادية»، مؤكداً أن لدى الولايات المتحدة مصالح اقتصادية وأمنية كبرى مع الدول العربية يجب أن تؤخذ في الاعتبار. فيما أشار هريدي إلى أهمية أن «تدعم الضغوط العربية جهود الوساطة المصرية - القطرية، ومن بين تلك الضغوط التزام الدول العربية التي لديها علاقات بإسرائيل بمخرجات القمة العربية - الإسلامية الطارئة في الرياض، عبر التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب في حالة الاستمرار في العدوان على غزة ورفض وقف إطلاق النار».

كانت القمة العربية - الإسلامية المشتركة الطارئة التي استضافتها الرياض الشهر الماضي، شددت على ضرورة «وقف العدوان وكسر الحصار على قطاع غزة». وتبنت القمة ضمن قراراتها دعوة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية «لممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية».


هيئات حوثية تنفق 70 مليون دولار لدعم الأتباع وتغذيتهم

مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)
مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)
TT

هيئات حوثية تنفق 70 مليون دولار لدعم الأتباع وتغذيتهم

مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)
مؤسسات حوثية مستحدثة تطلق حزمة مشروعات لمصلحة الأتباع (إعلام حوثي)

أنفقت هيئات حوثية ما يعادل 70 مليون دولار على تنفيذ حزمة مشروعات تغذوية وصحية ونقدية تستفيد منها عائلات القتلى والجرحى والمفقودين وبقية أتباع الجماعة، دون غيرهم من اليمنيين، وفق ما أكدته مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».

جاء ذلك بالتوازي مع تحذيرات أممية من ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في اليمن مع حلول الأشهر الأولى من العام المقبل، وتوقع تسجيل إضافة نحو مليون شخص إلى قائمة الأشخاص الأشد احتياجاً لمختلف المساعدات بحلول مايو (أيار) المقبل.

الجماعة دشنت مشروعات متنوعة ذهب الجزء الأكبر منها للموالين (إعلام حوثي)

وحسب المصادر اليمنية في صنعاء، خصصت الجماعة الحوثية عبر ما تسمى هيئات «الزكاة» و«الأوقاف» و«رعاية أسر الشهداء» خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، سلسلة برامج يستفيد منها الأتباع دون غيرهم من اليمنيين الفقراء والنازحين.

وذكرت المصادر أن هيئة رعاية أسر قتلى الجماعة خصصت أخيراً ما يعادل 4 ملايين و193 ألف دولار لعدد 55.590 شخص من ذوي القتلى والمفقودين تحت مسمى «الكفالة النقدية» لشهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، إضافة إلى توزيع مبالغ نقدية أخرى بالتزامن مع احتفال الجماعة بما تسمى ذكرى «أسبوع الشهيد».

كانت هيئة رعاية ذوي القتلى أعلنت عن الانتهاء من تجهيزاتها لإطلاق مشروعات جديدة يستفيد منها آلاف الأشخاص من ذوي القتلى المفقودين، في حين أكدت المصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم عائلات قتلى الجماعة المستفيدة من كل الامتيازات هي مِن المنتمين إلى السلالة الحوثية، ومن العقائديين المنتمين إلى محافظة صعدة.

إلى ذلك قامت الهيئة الحوثية نفسها بتدشين «مشروع تغذوي واسع» يستهدف الأتباع دون غيرهم من اليمنيين، بالشراكة مع هيئتي الزكاة والأوقاف بتكلفة تصل إلى 3 ملايين و132 ألف دولار لتوفير 69 ألفاً و372 سلة غذائية مخصصة للأتباع.

مبنى فرع هيئة الزكاة المستحدثة حوثياً في محافظة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وحسب وسائل إعلام الجماعة، ساهمت هيئة الزكاة بذلك المشروع المزعوم بنسبة 60 في المائة، أي بنحو 40 ألف سلة غذاء، في حين ساهمت مؤسسة القتلى بنسبة 15 في المائة بعدد 10 آلاف سلة، كما ساهمت هيئة أوقاف الجماعة بنسبة 6 في المائة لعدد 4 آلاف سلة، بينما تكفلت مؤسسات حوثية أخرى مستحدثة بتمويل ما تبقى من المشروع.

الإنفاق الحوثي على الأتباع جاء بالتوازي مع اتهامات وجهها عاملون إغاثيون في صنعاء لقادة الجماعة بمواصلة سرقة المساعدات المقدمة من منظمات ومن فاعلي خير للفقراء والنازحين بمناطق سيطرتها، إلى جانب استمرار فرق ميدانية تتبع هيئة الزكاة المستحدثة بشن حملات ميدانية تستهدف ملاك شركات قطاع خاص وعقارات وأراضٍ من أجل جباية مزيد من الأموال.

حرمان من الغذاء

لم يقف مسلسل استئثار الجماعة الحوثية بالأموال والموارد لمصلحة الأتباع عند هذا الحد فحسب، إذ سبق للقيادي في الجماعة ورئيس ما يسمى المجلس الأعلى مهدي المشاط، أن افتتح في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، في صنعاء، حزمة مشروعات تغذوية ونقدية جديدة مقدمة من «هيئة الزكاة» الحوثية، وتم توزيع معظمها على الأتباع بقيمة تصل إلى نحو 64 مليوناً و160 ألف دولار.

وتشمل هذه المشروعات، وفق القيادي الحوثي أبو نشطان المعين رئيساً لهيئة الزكاة، توفير سلال غذاء ومساعدات نقدية، حيث يذهب الجزء الأكبر منها لمصلحة أتباع الجماعة في محافظات صعدة وصنعاء وإب والضالع وذمار وتعز.

تخفف مساعدات التجار من الحالة الإنسانية الصعبة لآلاف اليمنيين (الشرق الأوسط)

وكانت تقارير يمنية كشفت في أوقات سابقة عن تنامي حجم الفساد والعبث الذي تمارسه الجماعة داخل أروقة ما تُسمى «هيئة الزكاة» وهيئات مستحدثة أخرى.

واتهمت التقارير قيادات في الجماعة تتولى مهام إدارة شؤون تلك الهيئات المستحدثة وغير الشرعية بالتورط بشكل مباشر وغير مباشر في ارتكاب سلسلة من المخالفات المالية وجرائم فساد وعبث كبرى.

وفي تقرير حديث لها، توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في اليمن مع حلول الأشهر الأولي من العام المقبل.

وأفادت الشبكة بأن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن ستزداد تفاقماً في العام المقبل، بزيادة نحو مليون شخص إلى قائمة المحتاجين للمساعدات الغذائية بحلول مايو 2024.

وأشارت الشبكة إلى أنه مع حلول مايو 2024، سيصبح ما بين 18 - 19 مليون شخص يمنية بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة، مقارنة بـ17 - 18 مليون شخص في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.


أعضاء نادي المعلمين في صنعاء مهددون بالسجن رداً على تصعيدهم النقابي

تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
TT

أعضاء نادي المعلمين في صنعاء مهددون بالسجن رداً على تصعيدهم النقابي

تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)
تجبي الجماعة الحوثية أموالاً ضخمة لكنها ترفض صرف رواتب الموظفين (إ.ب.أ)

‏هدّدت الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، قيادة نادي المعلمين والمعلمات بالسجن إذا لم يتوقفوا عن قيادة الاحتجاجات المطالبة بصرف رواتب المعلمين المقطوعة منذ ما يزيد على 7 أعوام، كما اعتقلت نجل نائبة رئيس النادي حياة منصر وساوموها بين إطلاق سراحه وترك موقعها في النادي الذي يتولى قيادة الاحتجاجات منذ بداية العام الدراسي الحالي.

ووفق مصادر في النادي، فإن الحوثيين اختاروا مواجهة تصعيد المعلمين احتجاجاتهم المطالبة بصرف المرتبات وإطلاق رئيس النادي والأمين العام وقياديين في محافظتي المحويت وريمة.

اعتقل الحوثيون نجل نائبة رئيس نادي المعلمين لإرغامها على الاستقالة إلا أنها رفضت (نادي المعلمين)

وتولت أجهزة أمن الجماعة مهمة تهديد قيادة النادي والمعلمين المشاركين في الإضراب العام، حيث اعتقل بعضهم كما تلقى آخرون تهديدات بالسجن إذا استمروا في نشاطهم، وتلقت المعلمات تهديدات باعتقال أقاربهن إذا لم يتوقفن عن المشاركة في قيادة النادي وفروعه والدعوة للإضراب.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه وبينما كانت قيادة النادي تطالب بالإفراج عن رئيسه عبد القوي الكميم والأمين العام وبقية القيادات الذين اعتقلوا على خلفية مطالبتهم برواتبهم، فوجئوا بتزايد الضغوط والملاحقات واعتقال أقارب بعض القيادات النسائية في النادي لحمل أمهاتهم وأقاربهم على التخلي عن مطالبهم وإجبارهم على الاستقالة من عضوية النادي.

‏وأكدت المصادر أن مخابرات الحوثيين اعتقلت عبد الخالق الحماطي نجل حياة منصر نائبة رئيس النادي، لإرغامها على التخلي عن قيادة النادي، والكف عن المطالبة برواتب المعلمين.

تعهد بمواصلة الإضراب

‏ تعهدت نائبة رئيس نادي المعلمين حياة منصر بالاستمرار في موقعها والمشاركة في الإضراب، وأكدت في رسالة وجهتها إلى كل قيادات وأعضاء نادي المعلمين والمعلمات أن انتماء أي معلم للنادي ليس جريمة، وأن تهديد المعلمات بشكل شخصي أو عبر أزواجهن وأبنائهن عمل يجرمه القانون اليمني، وطالبت من النائب العام الحوثي التحقيق في التهديدات التي يتعرض لها المعلمون. ‏

اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين والمعلمات اليمنيين في أحد اجتماعاتها (نادي المعلمين)

ودعت نائبة رئيس النادي المعلمين والمعلمات إلى إرسال الأرقام والأسماء التي قامت بتهديدهم أو استدعتهم إلى مقر جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تتمكن قيادة النادي من متابعة ذلك بشكل جماعي لدى الجهات المختصة.

وجدّدت التأكيد على مشروعية مطالب المعلمين، وقالت إنهم مستمرون في مطالبة النائب العام الحوثي بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين ومن معه من القيادات وبقية المعلمين الذين تم اعتقالهم بسبب المشاركة في الاحتجاجات المطالبة بصرف الرواتب المقطوعة منذ ما يزيد على 7 أعوام.

وذكرت منصر أن النائب العام الحوثي نفى وجود تكليف لأجهزة أمن الجماعة لتهديد أعضاء نادي المعلمين ومطالبتهم بالانسحاب منه، واتهمت هذه العناصر بالعمل لصالح من وصفتهم بـ«بعض المتنفذين» وأكدت أنه إذا كان لديهم تكليف من جهة عملهم لتهديد أعضاء نادي المعلمين والمعلمات فإن ذلك جريمة وفقاً للقانون اليمني لأن انتماء أي معلم أو معلمة إلى النادي ليس جريمة.

وكشفت عن استدعاء بعض المعلمين إلى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي ورأت في ذلك «تكميماً للأفواه وابتزازاً وتهديداً علنياً» وقالت إن جميع أعضاء اللجنة التحضيرية للنادي في كل المحافظات تلقوا تهديدات وطلب منهم الاستقالة.

وجددت منصر مطالبتها بالتحقيق مع الأشخاص الذين اتصلوا بالمعلمين وأعضاء اللجنة التحضرية وهددوهم بسبب عضويتهم في النادي وجزمت أن المعلمين «أسسوا جهة اعتبارية قانونية مشروعة».

ضغوط وتهديدات

كان مكتب التربية والتعليم في العاصمة المختطفة قد استدعى قبل ذلك القيادية حياة منصر وتم اتهامها بالعمل على شق صفوف العاملين في قطاع التعليم بسبب مطالبتها بصرف رواتبهم المقطوعة منذ سنوات، وذكرت اللجنة الإعلامية بنادي المعلمين أنها حوّلت جلسة التحقيق إلى محاكمة لقيادة المكتب لأن المطالبة بالمرتبات حق قانوني لا يمكن التخلي عنه، ورفضت تحرير تعهد بعدم العودة للعمل في قيادة النادي.

أدى الإضراب المتواصل إلى تعطل العملية التعليمية في المدارس العامة الخاضعة للحوثيين (نادي المعلمين اليمنيين)

ووفق المصادر، فإنّ قيادة المكتب هدّدت منصر بإلغاء قرار تعيينها موجهة في قطاع التوجيه، إلا أنها ردت وقالت إنها ستلجأ إلى القضاء لإلغاء أي قرار تعسفي يصدر بحقها، بينما وجّه معلمون انتقادات حادة لهذه الإجراءات.

وذكر منصور، وهو معلم في صنعاء، أن الحوثيين قطعوا المرتبات وينعمون بالخيرات ويستحوذون على الأموال العامة ويغدقون على أنفسهم وأتباعهم ومن ثم يتهمون المطالبين برواتبهم بالارتزاق.

ويتفق معه في ذلك علي، وهو معلم في محافظة إب، ويقول إنه بدلاً من الاستجابة لمطالب المعلمين والموظفين عموماً بصرف رواتبهم المقطوعة منذ ما يزيد على 7 أعوام، ذهبوا لادعاء بطولات واختطاف سفينة تجارية، واعتبروا ذلك انتصاراً يمنع معه على الجوعى الحديث عن رواتبهم.

وأضاف: «خلال أكثر من 15 سنة منذ تمرد الحوثيين وجميع ضحاياهم من اليمنيين الذين دُمرت مساكنهم ونُهبت ممتلكاتهم وشُردوا من مناطقهم ومن تبقى في مناطق سيطرتهم قُطعت رواتبهم ويواجهون الموت جوعاً أو بالأمراض الفتاكة».

ومنذ أربعة أشهر يقود المعلمون اليمنيون انتفاضة موظفي القطاع العام لمطالبة الحوثيين بصرف رواتبهم أسوة بالقيادات والتشكيلات التي تحكم في تلك المناطق، مثل ما يسمى «المجلس السياسي» ومكتب رئاسة الجمهورية أو الحكومة غير المعترف بها وما يسمى مجلس النواب ومثله ما يسمى مجلس الشورى، بينما الموظفون، وبينهم عشرات الآلاف من المعلمين، ملزمون بالعمل دون الحصول على المرتبات.


«سرايا القدس» تؤكد مقتل اثنين من قيادييها في الضفة الغربية

جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

«سرايا القدس» تؤكد مقتل اثنين من قيادييها في الضفة الغربية

جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببته غارة إسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلنت «كتيبة جنين» التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم الخميس مقتل اثنين من قيادييها في الضفة الغربية.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»)، أوضحت «كتيبة جنين» في بيان أن القياديين هما محمد الزبيدي ووسام حنون اللذان أعلنت إسرائيل أمس قتلهما في عملية أمنية بمخيم جنين.


«هدن متوالية» في غزة... لماذا لا تتوقف الحرب؟

نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)
نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)
TT

«هدن متوالية» في غزة... لماذا لا تتوقف الحرب؟

نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)
نتنياهو يستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الخميس (إ.ب.أ)

يبدو أن توالي «الهدن» اليومية في غزة، لا يزال غير كافٍ للإعلان عن اتفاق نهائي بوقف الحرب، إذ ثمة «عراقيل إسرائيلية»، و«لاءات حمساوية»، تُبعد الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، الذي يعاني دماراً واسعاً ومأساة إنسانية، جراء قصف وحصار إسرائيلي، دام نحو شهر ونصف، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولا يعد إنهاء الحرب في غزة هدفاً إسرائيلياً راهناً، حسب مراقبين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، عدّوا مثل هذا الإعلان قد يوصف داخلياً في إسرائيل بأنه «هزيمة»، بينما صيغة «الهدن»، هو التعبير «الأكثر ملاءمة» لجميع الأطراف.

وفي الساعات الأولى من صباح الخميس، توصلت إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) إلى اتفاق على تمديد وقف إطلاق النار ليوم سابع. فيما لا يزال مفاوضون مصريون وقطريون يضغطون من أجل تمديد جديد، سيصبح الرابع من نوعه، ويشمل الإفراج عن مزيد من المحتجزين، وزيادة إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، حسب «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر.

ومنذ بداية الهدنة يوم الجمعة الماضية، أطلق مقاتلو «حماس» حتى الآن سراح 97 رهينة، منهم 70 امرأة وطفلاً إسرائيلياً، في مقابل إطلاق سراح ثلاث نساء وفتيات فلسطينيات لكل رهينة إسرائيلية، بالإضافة إلى 27 من الرهائن الأجانب الذين أُطلق سراحهم في اتفاقيات موازية مع حكوماتهم.

ووفق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي وصل إسرائيل، الخميس، فإن الهدنة، بين إسرائيل و«حماس»، «تؤتي نتائج»، وأعرب عن أمله في أن «تستمر».

وتضغط مصر، ومعها قطر، من أجل التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار في غزة، يعقبه بدء ترتيبات أكبر من أجل إحلال السلام، لكنَّ هذه المساعي «تتعارض مع أهداف إسرائيل»، حسب السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، الذي أكد لـ«لشرق الأوسط»، أن «إعلان وقف إطلاق النار حالياً في الداخل الإسرائيلي، هو بمثابة إعلان الهزيمة».

ويوضح العرابي أن «الهدن المتوالية تمنح الجيش الإسرائيلي فرصة لالتقاط الأنفاس، كما تخفف الضغط الشعبي عليه بالإفراج عن الأسرى، وفي نفس الوقت تحميه من ردة فعل غاضبة لدى المتشددين الذي يرفضون وقف الحرب».

واستضافت العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء الماضي، اجتماعات أمنية رفيعة بمشاركة رئيس الموساد ديفيد برنياع، ومدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل. ونقلت «وول ستريت جورنال»، عن مسؤولين مصريين قولهم إن هدف المباحثات كان «نقل المناقشات إلى ما هو أبعد من تمديد اتفاق الهدنة»، لكن يبدو أن الهدف تعذر تحقيقه حتى الآن.

وخلال المحادثات أُثير مقترح يقضي بإطلاق سراح كل الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح عدد ضخم من الأسرى الفلسطينيين، ووقف طويل لإطلاق النار في قطاع غزة. لكنَّ الرد الإسرائيلي جاء علنياً، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، بعدما حدد غلعاد إردان، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، شروط إنهاء الحرب في غزة، قائلاً إن «السلام يمكن تحقيقه في قطاع غزة على الفور إذا أطلقت (حماس) سراح جميع المحتجزين وسلَّمت جميع المشاركين في هجوم 7 أكتوبر».

ولا يستبعد العرابي، وهو وزير خارجية وسفير أسبق لمصر في تل أبيب، أن «تستأنف إسرائيل الحرب من جديد في غزة عقب انتهاء الهدن، التي ما زالت حالياً في مصلحة الجميع، لكن كلما اقتربت قوائم الأسرى من التقلص زادت فرص اشتعال الحرب مرة أخرى».

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انتقادات داخلية شديدة في ما يتعلق بوقف إطلاق النار. حيث هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بحل الحكومة في حال التوصل لوقف شامل للحرب في غزة. كما عدّ وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وقف الحرب مقابل إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة «خطة للقضاء على إسرائيل»، مؤكداً ضرورة «القضاء على (حماس)».

وتسعى «حماس» إلى الحفاظ على بعض «الأسرى العسكريين» كورقة رابحة في المفاوضات، فيما قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إنه إلى جانب «حماس» فإن «ما يُعقّد أي صفقة هو وجود أسرى أيضاً لدى حركة الجهاد الإسلامي، التي لديها مطالب أكثر تشدداً من (لاءات حماس) تتعلق بإنهاء الاحتلال».

ووفق المصدر، ترفض الفصائل الفلسطينية مطالب إسرائيلية بتفكيك قدراتها العسكرية من أجل وقف الحرب، حيث تخشى تل أبيب من تكرار هجوم 7 أكتوبر الماضي.

والخميس، طلب الجناح العسكري لحركة «حماس» من مقاتليه في غزة، الاستعداد لاستئناف المعارك مع إسرائيل إذا لم تُمدَّد الهدنة المؤقتة. وقالت الحركة في بيان، إن «كتائب القسام تطلب من قواتها العاملة البقاء على جاهزية قتالية عالية في الساعات الأخيرة من التهدئة».

وسمحت الهدن المتتالية بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة، ويواجه «كارثة إنسانية ملحمية»، حسب أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الذي طالب –ومعه آخرون- بأن «يحل وقف إطلاق النار محل الهدنة المؤقتة».