عراقيل على طريق انتخابات «الأمر الواقع» في ليبيا

انقسام حول توقيتها... وتوافق على أهميتها

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ورئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا خلال مؤتمر صحافي بطرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ورئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا خلال مؤتمر صحافي بطرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

عراقيل على طريق انتخابات «الأمر الواقع» في ليبيا

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ورئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا خلال مؤتمر صحافي بطرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ورئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا خلال مؤتمر صحافي بطرابلس الأسبوع الماضي (رويترز)

زاد إعلان المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، العام المقبل، من حدة الجدل بين الأطراف السياسية، وأيقظ لديها مخاوف من احتمالية تكرار سيناريوهات قديمة تسببت في تقسيم البلاد، وسط رأي عام دولي بعضه مؤيد لإجرائها سريعاً، وآخر يرى أنه «من السابق لأوانه الحديث عنها الآن»، واستغراب عبّر عنه البعض بقوله: «الانتخابات المقترحة بهذه الوضعية كمن يحاول جمع الماء في غربال»!
وبدا أن التعهدات التي قطعها رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، على نفسه، خلال مؤتمر عُقد في طرابلس، السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحضور سلامة، بإجراء انتخابات «نزيهة وذات مصداقية»، غير مقنعة لبعض الأطراف، أو حتى كافية للرد على أسئلة، من نوعية: هل الأمم المتحدة مستعدة لإرسال مراقبين إلى كل المناطق الليبية للإشراف على الاستحقاق الانتخابي؟ أم أنها «ستجرى في مناطق دون سواها»؟ وعلى أي قانون ستتم؟ وأين «الاتفاق السياسي» من هذه الدعوة؟
وفي حين يرى البعض، ومن بينهم عبد الرحمن السويحلي رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن الليبيين «سيكونون محظوظين حال إجراء انتخابات عامة في البلاد»، ذهب البعض الآخر إلى ضرورة توافر شروط عدة قبل إجرائها.
ولوحظ أن غالبية الأطراف المتنازعة تبدي الموافقة على إجراء الانتخابات، لكن «حسب شروطها، وترتيب أولوياتها، ومكاسبها من الاتفاق السياسي»، وهو ما تجلى في تصريح فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، الذي فضّل الإعلان عنها، خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، مطلع الشهر الحالي، قائلاً إن بلاده «ذاهبة إلى الانتخابات العام المقبل».
أبلغ السويحلي، وكالة الأنباء الألمانية، يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أن «الليبيين سيكونون محظوظين إذا تمكنت البلاد من التوجه لانتخابات عامة»، لكنه عاد وقال إن «أي تقييم واقعي للموقف في ليبيا الآن سيوضح أن الظروف الراهنة لا تساعد على إجراء انتخابات ينتج عنها تطور إيجابي في الوضع الراهن».
ومضى السويحلي يقول في بيان نشره مكتبه: «هناك الكثير من التحديات، أهمها استكمال تعديل الاتفاق السياسي، وهو ما سيفتح الطريق لتوفير الظروف الضرورية لإنجاز الاستحقاق الدستوري، والاستحقاقات الانتخابية التي تنبع من ذلك».
وسبق للسويحلي التلويح مرات عدة في وجه معارضيه بالإعلان عن انتخابات فورية خلال 6 أشهر، وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة لإدارة شؤون البلاد.
يأتي ذلك، فيما اتجه مجلس النواب، منتصف الأسبوع الحالي، إلى مناقشة الإعلان الدستوري، وبحث كيفية تضمينه «الاتفاق السياسي»، وهي الخطوة التي رفض القيام بها منذ توقيع الاتفاق قبل عامين.
وقال سياسيون ليبيون لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات «فرصة حقيقية لإخراج البلاد من حالة الاقتتال والتشظي»، لكنهم لفتوا إلى أن إجراءها الآن يعد «قفزاً على الاتفاق السياسي، الذي لا تزال مواده محل خلاف بين لجنتي مجلس النواب و(الأعلى للدولة)، دون وجود إجابة واضحة من سلامة على (المقترح) الذي سبق وطرحه لحلحلة الجمود الذي اعترى العملية السياسية عقب تعثر الحوار في تونس»، وفيما رأى بعضهم أن «الأزمة دستورية بالأساس»، تساءل آخرون عن «كيفية إجراء انتخابات في البلاد، والبندقية لا تزال تحكم وتسيطر في بعض المناطق».
رغم ذلك، مضي سلامة قدماً نحو الاستحقاق الانتخابي، طارحاً وراء ظهره خلافات الأفرقاء حول اتفاق «الصخيرات» التي لم تتوقف منذ التوقيع عليه في المغرب قُبيل عامين، وأكد على ذلك في اجتماع بمدينة مصراتة (شمال غربي البلاد)، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع ممثلين عن الهيئات الوطنية، والمجتمع المدني، والمنظمات الشبابية، قائلاً: «حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن السلطة التنفيذية، ستجري الانتخابات عام 2018».
ورداً على إصرار سلامة، يرى فوزي النويري عضو مجلس النواب عن مدينة صرمان (غرب طرابلس) أن «فكرة الانتخابات لن تكلل بالنجاح ما لم تسبقها خطوات عملية على الأرض، من بينها تحسين الظروف الأمنية في جميع الأنحاء، وسن قانون للانتخابات، والاتفاق على الجهة التي ستصدره».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ندرك قيمة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لأنها ستعود بالنفع على البلاد»، لكن «البيئة المطلوبة لإجرائها غير متوافرة الآن»، مبدياً تخوفه «من إعادة إنتاج الأجواء السابقة، التي تسببت في تقسيم البلاد».

الأهداف الشخصية
وفنّد النويري، دفع البعض باتجاه الانتخابات، في ظل تعثر محادثات تعديل «الصخيرات» في الحادي عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتونس، وقال إن سلامة «يعزز موقفه، ويستخدم الانتخابات ورقةَ ضغط على المعرقلين لتعديلات الاتفاق»، في إشارة إلى الأطراف الفاعلة؛ السويحلي، والسراج، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب.
واستكمل النويري حديثه متسائلاً عن عدم سعي السراج لإجراء انتخابات المجالس البلدية «وهو يملك من الأدوات ما يؤهله لإجرائها».
غير أن المجتمع الدولي الذي أشار إليه النويري، منقسم حيال الانتخابات الليبية، ففرنسا من جهتها انضمت إلى صف الولايات المتحدة، وتأمل في إجرائها خلال أسابيع «في ظل احترام الدستور»، وعلى العكس من ذلك، تعتبر روسيا أنه من السابق لأوانه الحديث عن تنظيم انتخابات في البلاد، وقال رئيس فريق الاتصال الروسي المكلف ملف ليبيا في وزارة الخارجية الروسية ومجلس الدوما، ليف دينغوف، إنه من «المستحيل الحديث عن موعد للانتخابات في ليبيا، ومن السابق لأوانه مناقشة المسألة قبل موافقة رسمية مسجلة من جميع الأطراف».
وجاء الاعتراض الروسي رداً على إعلان سلامة أمام المؤتمر الدولي للحوار المتوسطي الذي عقد في روما، وقال فيه إن «الانتخابات قد تكون ممكنة في عام 2018»، ومضي دينغوف يقول: «إذا كانت الموافقة موثقة وليست شفوية فقط، سنكون بصدد حديث جدي عن إجراء الانتخابات، لكن حتى الآن ما لدينا مجرد كلمات بأنه تلقى موافقة من خليفة حفتر وفائز السراج، ومن مجلس الدولة والبرلمان، لكننا لم نر وثيقة موقعة».

«الدستور أولاً»
وذكر عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ضو المنصوري، في بداية حديثه إلى «الشرق الأوسط»، بأن هيئته انتهت من إقرار مسودة الدستور الليبي نهاية يوليو (تموز) الماضي، وقال: «لا شرعية لأي انتخابات من دون الاستفتاء على الدستور أولاً».
واتفق المنصوري مع النويري، وزاد طرح الشكوك إزاء إجراء انتخابات، في ظل عدم وجود دستور للبلاد، وقال: «الغموض ما زال سيد الموقف، فلم يوضح المبعوث الأممي الأسس التي ستجري عليها الانتخابات من دون قانون يحدد شروط الترشح، وحدود اختصاصات ومسؤولية الرئيس المنتخب، وتوزيع الدوائر الانتخابية».

دور السلاح
وفيما يتعلق بالمخاوف لدى البعض من «تحكّم البندقية» في العملية الانتخابية المقبلة، حذر رئيس تحالف القوى الوطنية، محمود جبريل، في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» من أن «إقامة الانتخابات في ظل الوضع الحالي، ستؤدي إلى تحكم السلاح والمال والإعلام في مسارها، ولن تكون هناك فرصة للتنافس بين برامج انتخابية حقيقية يختار من بينها المواطن ما يرى أنه ينقذ الوطن».
وربط جبريل إجراء انتخابات بتحقق ثلاثة أشياء رئيسية، وهي إيجاد إطار مرجعي تتم على أساسه الانتخابات، وميثاق وطني، وهو ما قد يُنجز في المؤتمر الجامع، أو بالاستفتاء على صيغة الدستور التي أكملتها الهيئة التأسيسية للدستور، أو بصدور قانون انتخاب من مجلس النواب، ثم ثالثاً وهي النقطة الأهم، توافر البيئة الآمنة لإقامتها».
وزاد جبريل من تحذيراته: «أخشى أن الإقبال على الانتخابات سيكون ضعيفاً لأن أحلام المواطن، في كل مرة، تتبخر ولا تتحول إلى حقيقة مع تحوّل صندوق الاقتراع إلى أكذوبة».

اعتداءات مبكرة
جانب من مخاوف جبريل تحقق مبكراً، الأحد الماضي، بعد الاعتداء على بعض مراكز تحديث سجلات الناخبين في المنطقة الشرقية، وتمزيق لافتاته الدعائية، الأمر الذي دفع المتحدث السابق باسم الحكومة المؤقتة عبد الحكيم معتوق، إلى وصف المعتدين بـ«الغوغاء»، وقال في مداخلة تلفزيونية: «هؤلاء لم يمزقوا اللافتات بعفوية، بل حَرَّكتهم جهة ما».
وكان سلامة تقدم بـ«مقترح» في الخامس من نوفمبر الماضي، لتحريك المياه الراكدة - بعد تعثر تعديلات «الصخيرات» - إلى الأطراف السياسية في البلاد، وتضمن 14 بنداً، تمحورت حول صيغة موحدة لتعديل مواد السلطة التنفيذية في الاتفاق السياسي، فوافق عليه مجلس النواب (في طبرق) بغالبية أعضائه، في حين انقسم المجلس الأعلى للدولة (في طرابلس) حوله، وانتهي إلى رفض بعض بنوده، وتحفظه عن البعض الآخر.
غير أن مجلس النواب، رأى أن موافقته على «مقترح» سلامة، ليس لها أي مردود على الأرض، وقال إنه «سيضطر لاتخاذ خطوات» لم يفصح عنها.
لكن وبعد نحو خمسة أيام من الإعلان عن فتح باب تسجيل الناخبين في ليبيا، عاد سلامة وقال في لقائه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، من العاصمة الرباط، السبت، 9 ديسمبر، إنه لا يزال يأمل في توافق طرفي النزاع في ليبيا على تعديل اتفاق الصخيرات، ورأى أن الأمر يتطلب «مثابرة وصبراً من جانب الليبيين، الذي لا يريدون المرور من مرحلة انتقالية إلى مرحلة انتقالية جديدة... إنهم يريدون مؤسسات مستقرة».
وفي كل الأحول لم يَسلم المبعوث الأممي من الانتقادات والاتهامات من أطراف عدة في (شرق البلاد وغربها)، من بين هؤلاء المستشار السياسي لمجلس الدولة أشرف الشح، الذي قال إن سلامة «يتبع أسلوب من سبقوه»، وهو ما قد يقود إلى «فشله وتغييره واستمرار الأزمة من دون حل».
وأضاف الشح في مداخلة تلفزيونية، أن «سلامة يغير كلامه في كل مرحلة فهو يتحدث مرة عن الانتخابات، وأخرى عن (المؤتمر الوطني الجامع) وتحديد موعد له مرات عدة ثم إرجائه»، متابعاً: «الحديث عن الانتخابات عبارة عن دغدغة للمشاعر، وفي كل الأحوال لن تتم العام المقبل».
وسار عضو مجلس النواب زياد دغيم، على درب الشح، وقال إن «مقترح» سلامة استهدف خلط الأوراق وضمان بقاء الوضع يراوح مكانه، وهو ما اتضح لاحقاً من إشارته إلى استمرار الحال على ما هو عليه بعد الـ17 من ديسمبر الحالي.
واقترح دغيم في مداخلة تلفزيونية «عدم الذهاب إلى الانتخابات إلا بعد إقرار الدستور الدائم، وفقاً لما نص عليه الإعلان الدستوري، أو انتظار تحقق نصاب ثلثي أعضاء مجلس النواب لتعديل الإعلان، وهو أمر صعب، ما يحتم التوافق بين البرلمان ومجلس الدولة لتعديل الاتفاق السياسي وتضمينه في الإعلان الدستوري، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتوفير الأرضية القانونية والدستورية والأمنية لإجراء الاستحقاق الانتخابي، وضمان قبول الأطراف كافة بنتائجه».

الإعلان الدستوري
في مقابل ذلك رأى صالح إفحيمة عضو مجلس النواب أن «أي انتخابات ستجري وفقاً لاتفاق الصخيرات سيكون مصيرها البطلان»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» يمكننا إجراء انتخابات وفقاً للإعلان الدستوري المؤقت، حال عدم تمكننا من الاستفتاء على الدستور»، مطالباً باستثناء بعض المناطق لدواعٍ أمنية.
وانتهي إفحيمة إلى أن السرّاج «لا يملك الدعوة إلى الانتخابات لأن مجلسه المنبثق عن الاتفاق السياسي، وُلِد ميتاً، قبل عامين من الآن، وبالتالي فإن الانتخابات التي ستنتج عنه غير شرعية، وستزيد من الفوضى، ودعوات مقاطعتها».
وكان سياسيون ليبيون وقعوا في السابع عشر من ديسمبر عام 2015، اتفاقاً سياسياً برعاية أممية في مدينة الصخيرات بالمغرب، يقضي بتشكيل حكومة وفاق وطني تقود مرحلة انتقالية لعامين، وتنتهي بانتخابات. لكن السويحلي يرى أن هذا التاريخ يتعلق بولاية حكومة الوفاق الوطني فقط، ولا يتعلق بشرعية الاتفاق.
وأمام تعقد المشهد السياسي في البلاد، أعلن المبعوث الأممي عن «خريطة أممية» في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، تتضمن ثلاث مراحل رئيسية، تشمل تعديل الاتفاق السياسي، وعقد مؤتمر وطني يهدف إلى فتح الباب أمام «المهمشين والمنبوذين» من جولات الحوار السابقة، يعقبه استفتاء لاعتماد الدستور، وانتخابات برلمانية ورئاسية.

موافقون دون شروط
ولوحظ أن جزءاً كبيراً من نقاط اعتراض بعض القوى السياسية على إجراء انتخابات تتمحور حول غياب الدستور والقانون، الذي يسير عملية الانتخابات، وهو ما نقله عدد من النواب إلى «الشرق الأوسط»، حيث قالت عضو المجلس الأعلى للدولة أمنة امطير: «طبعاً نحن مع الانتخابات، ولكن لمرحلة دائمة، وليست انتقالية... المراحل الانتقالية لا تبني دولاً، والأولى بالمبعوث الأممي الضغط باتجاه الاستفتاء على الدستور لترسية قواعد دولة»، وهو ما أكد عليه عضو مجلس النواب عن مدينة أوباري (جنوب البلاد) إبراهيم كرنفودة، لكن محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء، الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أظهر موافقة على إجراء الانتخابات في التوقيت المقترح.
غير أن رئيس الهيئة القيادية لـ«تكتل الاتحادي الوطني الفيدرالي» بالقاسم النمر قال: «حتى لا يختلط الأمر على البعض من المبكر الحديث عن الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل اعتماد البرلمان لقانون انتخابات منصف يرتضيه أهل برقة (شرق البلاد) وإعلان الأمم المتحدة عن ضمانات بنزاهة وشفافية الانتخابات».
وطالب النمر في «تدوينة» على الصفحة الرسمية للتكتل عبر «تويتر» بضرورة المسارعة للتسجيل بسجل الناخبين، لأن «هذه الخطة واجب ملزم من أجل برقة وحقوق أهلها».

الأطراف المتصارعة
إلا أن الإعلامي الليبي الحسين المسوري، رأى أن المبعوث الأممي يستهدف من وراء طرح فكرة الانتخابات العام المقبل «محاولة للضغط على الأطراف المتصارعة من أجل القبول بتعديل الاتفاق السياسي، خصوصاً بعد الفشل في تعديله خلال اجتماعات لجنة الصياغة المشتركة بين مجلس النواب ومجلس الدولة في تونس الشهر الماضي»، مشيراً إلى أن «سلامة لمس لدى بعض أطراف الصراع خوفها من إجراء الانتخابات ومحاولتها البقاء في السلطة عبر الوصول إلى مواقع في المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق من خلال الاتفاق السياسي، وأن حديثها عن الانتخابات لا يعدو كونه مناورة لا أكثر».
وأضاف المسوري لـ«الشرق الأوسط»: «رغم إعلان سلامة عن الانتخابات، فإنه في الوقت ذاته تحدث عن إمكانية عدم إجرائها، لأسباب أمنية وعسكرية تعيشها البلاد». وهو الأمر الذي حذر منه سليمان البيوضي، الذي يعرف نفسه بـ«السياسي المستقل»، وقال إن «أي عملية انتخابية تجرى في ظل هذه الأوضاع، سيترتب عليها فوضى مركبة، ولن تحقق أي نتائج ملموسة».
وانتهي المنصوري إلى التحذير من خطورة عدم اتباع القواعد الديمقراطية خلال عبور المراحل الانتقالية إلى المرحلة الدائمة وفقاً للدستور، معتبراً أن الإخفاق في ذلك من شأنه «صناعة ديكتاتور بُحلة ديمقراطية».



«هجوم سوشيالي» على «كوشنر» بعد دعوته لإخراج الفلسطينيين من غزة

فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
TT

«هجوم سوشيالي» على «كوشنر» بعد دعوته لإخراج الفلسطينيين من غزة

فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من رفح (إ.ب.أ)

أثارت تصريحات صهر وكبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، جاريد كوشنر، حول تهجير أهالي غزة إلى صحراء النقب أو مصر، «هجوماً سوشيالياً» على المسؤول الأميركي السابق، بعد انتشار مقاطع فيديو خاصة بمحاضرة ألقاها في جامعة «هارفارد» الشهر الماضي.

وقال كوشنر إن «ممتلكات الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة... إذا تمكن الناس من التركيز على بناء سبل العيش»، فيما تحدث عن أهمية «أن تبذل قصارى جهدها لنقل الناس من المنطقة وتنظيف القطاع».

واقترح كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق، «تجريف شيء ما في النقب وإخراج أكبر عدد من المدنيين من غزة، وإنشاء منطقة آمنة هناك، ومن ثم الدخول وإنهاء المهمة»؛ في إشارة لرفضه جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار، معتبراً أنه من خلال «الدبلوماسية الصحيحة قد يكون من الممكن إدخال الفلسطينيين إلى مصر».

ورفضت مصر في أكثر من مناسبة تهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخلياً أو بالتهجير خارج أراضيهم، لا سيما الأراضي المصرية في سيناء، مع التأكيد على أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة.

ولاقت تصريحات كوشنر التي نشرتها وسائل إعلام أميركية مؤخراً من بينها «سي إن إن»، ردود فعل غاضبة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتفاعل معها عدد من الشخصيات العامة من بينهم علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك عبر منصة «إكس».

ووصف مبارك الابن تصريحات المسؤول الأميركي السابق بـ«الصادمة والمستفزة والخسيسة»، وعَدّ كوشنر «مراهقاً سياسياً يتحدث عن فرص استثمارية بغزة في ظل جرائم القتل والتدمير والإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين».

وأبرز علاء مبارك في حديثه عبر «إكس» تصريحات تلفزيونية للنائب الديمقراطي عن ولاية فيرجينا، جيري كونولي الذي وصف حديث كوشنر بأنه «بغيض لأبعد من الخيال» ويعبر عن «تطهير عرقي»، خاصة مع حديثه عن «استغلال الواجهة البحرية في غزة وكأنها قطعة أرض في ولاية أميركية يريد تطويرها، في حين أن هناك 31 ألف فلسطيني قتلوا».

وشارك حساب باسم الدكتور حسام الدجني عبر «إكس» منتقداً موقف كوشنر، مُعِدّاً أن الحديث يأتي «منفصلاً عن أي منطق وحق إنساني».

فيما انتقد حساب باسم أحمد عادل في تدوينة عبر «إكس» حديث مختلف الأطراف عن غزة، بينما لم يضع الشعب الفلسطيني في الاعتبار عند الحديث عن أرضه.

ويرى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد سيد أحمد أن تصريحات كوشنر تعكس «وجود تيار سياسي داخل الولايات المتحدة يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويسعى لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بشكل قسري، عبر استغلال أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) لتنفيذ المخطط القديم بتفريغ قطاع غزة من السكان وتحويله لمكان لا يمكن العيش فيه، بوصفه جزءاً من مخطط تصفية القضية الفلسطينية وتغيير التركيبة الديموغرافية للسكان».

وأضاف أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن مخططات التهجير القسري في نظر القانون الدولي بمثابة «جريمة حرب» ولا يمكن القبول بها تحت أي شكل من الأشكال، وهو الموقف الذي تمسكت به مصر والدول العربية بشكل واضح من اللحظة الأولى، لافتاً إلى أن هذه المخططات التي عبر كوشنر عن جزء منها باتت تبحث اليوم عن مسارات بديلة هدفها الرئيسي تصفية القضية الفلسطينية بإخراج أهالي غزة من أراضيهم.

ووصف حساب باسم إيمي كمال تصريحات كوشنر بـ«الإجرامية المثيرة للاشمئزاز»، مع التنديد بالحديث عن التوطين في سيناء بوصفه «أمراً واقعاً يسهل تحقيقه».


«لحوم الخيول» تعود للواجهة في مصر مع ارتفاع أسعار «البلدي»

أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
TT

«لحوم الخيول» تعود للواجهة في مصر مع ارتفاع أسعار «البلدي»

أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)
أسعار اللحوم البلدية في مصر شهدت ارتفاعات متتالية (الشرق الأوسط)

وسط ارتفاع أسعار اللحوم حالياً في مصر، عادت «لحوم الخيول» إلى الواجهة من جديد، لتثير حالة من الجدل والهلع بين المصريين، بعد واقعة القبض على جزارين في إحدى قرى محافظة المنوفية (في دلتا النيل) بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها على أنها لحوم بلدية، حيث لم تكن هي الواقعة الأولى التي تشهدها مصر، بعد أن تكررت وقائع مماثلة خلال الأشهر الماضية.

وشهدت مصر خلال الأشهر الفائتة ارتفاعات متتالية في أسعار اللحوم البلدية الحية والمذبوحة، ليتخطى لحم العجول البقري المذبوحة 400 جنيه (الدولار يساوي 47.40 جنيه مصري).

وتسجل أسعار اللحوم الكندوز ما بين 400 و450 جنيهاً، والجملي ما بين 300 و350 جنيهاً للكيلوغرام. ويشهد شهر رمضان زيادة في أسعار اللحوم تقدَّر بنحو 10 في المائة، متأثرةً بارتفاع وزيادة الطلب على الشراء، حسب شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة.

وكشفت تفاصيل الواقعة الأخيرة، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية، قيام جزارَين باستئجار منزل داخل قرية علام بمدينة قويسنا (57 كم شمال القاهرة)، وإحضار الخيول وذبحها وبيع لحومها، ومع شك أهالي القرية بعد ملاحظاتهم تكرار إحضار الخيول إلى المنزل ثم اختفاءها أبلغوا الشرطة التي تمكنت من ضبط الجزارَين متلبسَين، وأكدا أنهما من القاهرة، مدافعَين عن نفسيهما بأن «ذبح الخيول حلال».

كانت دار الإفتاء المصرية قد أكدت في فتوى سابقة، رداً على البعض المتسائلين، أن أكل لحم الحصان يجوز شرعاً، مؤكدةً أنه لا يوجد في الدين ما ينهى عن أكل لحم الحصان.

ومع ما أثارته الواقعة الأخيرة من اهتمام، إلا أنها لم تكن الأولى من نوعها؛ ففي يوليو (تموز) عام 2022، ضُبط محل جزارة في مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية يذبح الخيول ويسلخها ويفرم لحومها ويوزعها على محال بيع الأكلات السريعة، وهي الواقعة التي وصلت إلى البرلمان المصري، حيث تقدم أحد النواب بطلب إحاطة، مطالباً الحكومة بتكليف جميع المحافظين على مستوى الجمهورية بتكثيف حملات التفتيش على مختلف محلات الجزارة والمطاعم للتأكد من سلامة اللحوم والأكل داخل المطاعم.

تلا ذلك في مارس (آذار) 2023 ضبط مواطن أجنبي في مدينة المنصورة كان يبيع لحوم الخيول على أنها لحوم جاموس، وبسعر زهيد، حيث استغل ارتفاع أسعار اللحوم واستطاع أن يجذب الناس إليه ببيع كيلوغرام اللحم بـ160 جنيهاً فقط، فيما كان يباع في الأسواق بما بين 220 و250 جنيهاً.

وفي مايو (أيار) 2023 ألقت الأجهزة الأمنية بمحافظة الجيزة، القبض على جزار داخل محل جزارة بمنطقة الطالبية متلبساً في أثناء قيامه بذبح حصان داخل المحل استعداداً لبيعه للمواطنين على أنه لحوم بلدية، والحصول على أرباح من وراء ذلك، والطريف أن الجزار مارس ذبح الخيول نحو عامين، أوهم خلالها أهالي المنطقة بعمل عروض وتخفيض أسعار اللحوم، وكان دائماً ما يردد: «عشان الغلابة تاكل»!

ومن بعدها في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، ألقت الأجهزة الأمنية بمدينة بنها، عاصمة محافظة القليوبية، القبض على شخصين في أثناء قيامهما بإنهاء حياة أحد الخيول، حيث تم التحفظ على بقايا لحوم الحصان المضبوط وهيكل عظمي آخر، قبل أن يُخلى سبيلهما بعد ذلك بكفالة مالية.

ويرى رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» في مصر، محمود العسقلاني، أن تكرر تلك الوقائع خلال الفترات الماضية يعود إلى الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار اللحوم في مصر بشكل مبالغ فيه على مدار عام مضى، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عام كان سعر كيلوغرام اللحوم 200 جنيه، لكن الآن يصل إلى ضعف هذه القيمة ويزيد، لذا جاء تكرار وقائع بيع لحم الخيول ردَّ فعل من جانب بعض الجزارين بحثاً عن وسيلة لتحقيق المكسب السريع، حيث يحاولون بطرق ملتوية تقليل التكلفة، لأنه عند زيادة السعر يُحجم الجمهور عن الشراء، مما يعني ضَعف البيع وبالتالي خسارة الجزار، وهو ما دعا بعض الجزارين إلى إغلاق محالهم».

ويلفت العسقلاني إلى أنه في الأغلب تكون الخيول التي يلجأ إليها هؤلاء الجزارون كبيرة في السن أو مريضة، مما يقلل من سعرها ويسلط الضوء أيضاً على خطورة ذلك على صحة المواطنين الذين ينخدعون بشراء تلك اللحوم.

ولتجنب تلك الوقائع، يطالب رئيس «مواطنون ضد الغلاء» الحكومة بالتوسع في طرح اللحوم للجمهور، وكذلك دعم وزارتي التموين والزراعة الجزارين بتوفير رؤوس الماشية لهم بسعر مناسب، حتى لا يُضطر بعضهم إلى اللجوء إلى البدائل.


العليمي: تصعيد الحوثيين بحرياً مزايدة بأوجاع الفلسطينيين

تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
TT

العليمي: تصعيد الحوثيين بحرياً مزايدة بأوجاع الفلسطينيين

تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)
تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يستغلون الحرب في غزة لتبييض جرائمهم بحق المدنيين (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأميركي تدمير أربع طائرات مسيّرة حوثية فوق البحر الأحمر، وذلك في أحدث عملية تصدٍ للهجمات التي تنفذها الجماعة المدعومة من إيران للشهر الخامس على التوالي.

جاء ذلك في وقت وصف فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تصعيد الجماعة الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن بأنه مجرد مزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني بدعم إيراني، داعياً القوات الأمنية إلى رفع اليقظة تحسباً لأي احتمال.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس» أن قواتها نجحت بين الساعة 2:00 و2:20 صباحاً (بتوقيت صنعاء) في 27 مارس (آذار)، في الاشتباك وتدمير أربع طائرات من دون طيار بعيدة المدى أطلقها «الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران».

وبحسب البيان، كانت هذه الطائرات من دون طيار تستهدف سفينة حربية أميركية، حيث شاركت السفينة في الدفاع عن النفس فوق البحر الأحمر، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار للسفن الأميركية أو قوات التحالف.

وأضاف البيان أنه «تقرر أن هذه الأسلحة تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً».

الإعلان الأميركي عن صد الهجمات جاء قبل ساعات عن عبور سفن حربية روسية عدة مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر، حيث نقلت «رويترز» عن الإعلام العسكري الروسي قوله إن الطراد «فارياج» والفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» يشاركان في الرحلة.

وكانت تقارير أفادت بأن الحوثيين أرسلوا تطمينات إلى موسكو وبكين بشأن سلامة سفنهما في البحر الأحمر وخليج عدن؛ وهو الأمر الذي كان الكرملين علق بأنه «لم يسمع عنه شيئاً».

مسيّرة حوثية فوق البحر الأحمر دمّرتها سفينة فرنسية (أ.ف.ب)

وفي ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، كان إعلام الجماعة الحوثية، أقرّ، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذ الغارة، إلا أنه يشنّ منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي يشارك فيها الأوروبيون.

وتأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تشن الجماعة منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن، وهدّدت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

يتخوف اليمنيون من عودة الحرب في ظل جمود عملية السلام (رويترز)

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

ويشارك الاتحاد الأوروبي - من جهته – في التصدي للهجمات عبر مهمة «أسبيدس»، التي أطلقها في منتصف فبراير الماضي، وتشارك فيها فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

رفع اليقظة الأمنية

على وقع تصعيد الحوثيين البحري، عقد رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في عدن اجتماعاً موسعاً بقيادة وزارة الداخلية ورؤساء المصالح الأمنية ومديري عموم الشرطة في المحافظات، داعياً إلى رفع اليقظة لمواجهة أي احتمالات.

وأشار العليمي إلى أن اللقاء مع قادته الأمنيين يأتي وسط ظروف محلية وإقليمية معقدة وغير مسبوقة، حيث يواجه اليمن تحديداً أكثر من غيره من البلدان، انعكاسات أمنية واقتصادية خطيرة مع استمرار تصعيد الحوثيين على مختلف الجبهات، أو من خلال تداعيات هجماتهم التي وصفها بـ«الإرهابية» على المنشآت النفطية والأمن البحري.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً في عدن مع القادة الأمنيين (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي عن رئيس مجلس الحكم اليمني قوله: «إن التداعيات الاقتصادية على الأوضاع الإنسانية، ضاعفت من عبء المؤسسة الأمنية في حماية السلم الاجتماعي؛ لأنه كلما توافرت الظروف المعيشية المعقولة للمواطنين، انعكس ذلك في سلوكيات المجتمع، واهتماماته، وبالتالي تحسين أمنه وفرص رقيه وتقدمه».

وأوضح العليمي أن الموقف الرئاسي والحكومي كان منحازاً على الدوام إلى جانب مصالح الشعب اليمني، وتخفيف معاناته وتحسين ظروفه المعيشية، «بينما اختارت الميليشيات الحوثية الذهاب إلى تصعيد جديد عبر البحار والمزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني بغطاء ودعم من النظام الإيراني».

وأضاف: «حين نتحدث عن هذه الانعكاسات المدمرة للتطورات الإقليمية فإنما نشير أيضاً إلى التهديدات الإرهابية المتزايدة في الداخل المتمخضة عن هذه المزايدة والتعبئة المفضوحة باسم القضية الفلسطينية العادلة».

وفي حين شدد العليمي على أن فرص استقرار العمل من الداخل مرهون دائماً بدور المؤسسة الأمنية والأجهزة الاستخبارية المختلفة، دعا إلى رفع اليقظة الدائمة تحسبا لأي تهديدات.

وقال إن الرهان على المؤسسة الأمنية: «لن يتزعزع لإحداث الفارق في إطار مجتمعاتنا المحلية وفي سياق معركتنا المركزية لاستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الإرهابية».


مصر تكشف موعد عمل «الضبعة النووية»

تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
TT

مصر تكشف موعد عمل «الضبعة النووية»

تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)
تركيب مصيدة قلب المفاعل في نوفمبر الماضي (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر)

كشفت مصر عن موعد تشغيل أول محطة نووية، تدشنها في مدينة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالتعاون مع روسيا.

وقال الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر، في تصريحات له، نشرت (الخميس)، إن التشغيل التجريبي للمفاعل الأول بالمحطة سيبدأ خلال النصف الثاني من 2027، بينما ينتظر أن يبدأ التشغيل التجاري للمفاعل في سبتمبر (أيلول) 2028، على أن يتبعه تدشين باقي وحدات المفاعل.

وتتألف «محطة الضبعة» من 4 مفاعلات نووية، قدرة الواحد منها 1200 ميغاواط، بإجمالي قدرة 4800 ميغاواط.

وأوضح الوكيل، على هامش منتدى «Atom expo 2024» الذي يعقد في مدينة سوتشي بروسيا الاتحادية، أن المشروع سيوفر بين 7.2 و7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً عقب تشغيل كامل وحدات المحطة النووية.

وأشار المسؤول المصري إلى أن من عقود مشروع محطة الضبعة النووية المبرمة مع الجانب الروسي عقد التعامل مع الوقود النووي المستنفد، الذي بموجبه سيتم تخزين الوقود النووي في حاويات خاصة لذلك، والتي تصل مدة التخزين بها لأكثر من 60 عاماً.

وكانت مصر، وقّعت في عام 2015، مع شركة «روساتوم» الحكومية الروسية اتفاق تعاون لإنشاء المحطة بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار، قدمتها موسكو قرضاً حكومياً ميسّراً للقاهرة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017 وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي العاصمة المصرية.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، شهد السيسي وبوتين، مراسم صب الهيكل الخرساني لوحدة الكهرباء بمحطة الضبعة، عبر شبكة «الفيديو كونفرنس».


«اليونيفيل» قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

«اليونيفيل» قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

عبرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، اليوم الخميس، عن قلقها البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف عبر الخط الأزرق، مما أودى بحياة عدد كبير من المدنيين.

وحثت «اليونيفيل»، عبر منصة «إكس»، جميع الأطراف على وقف التصعيد على الفور، و«بدء العمل نحو حل سياسي ودبلوماسي مستدام».

وأكدت القوة التابعة للأمم المتحدة أنها على استعداد لدعم هذه العملية بأي طريقة، بما في ذلك من خلال عقد «اجتماع ثلاثي، بناء على طلب الأطراف».

ووفق «وكالة أنباء العالم العربي»، في وقت سابق، اليوم، أفادت وزارة الخارجية اللبنانية بأن بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة ستقدم شكوى إلى مجلس الأمن ضد «المجازر» الإسرائيلية في قرى الجنوب، ولا سيما الهبارية والناقورة وبعلبك، والتي راح ضحيتها أكثر من 18 شخصاً بين مدنيين ومسعفين، خلال أيام.

ويتبادل الجيش الإسرائيلي وجماعة «حزب الله» اللبنانية القصف، بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب بقطاع غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن «استعادة الهدوء على طول الحدود أمر في غاية الأهمية بالنسبة للرئيس بايدن وللإدارة، ونعتقد أن ذلك يجب أن يكون أيضا الأولوية القصوى لكل من لبنان وإسرائيل».


«الأمم المتحدة» تندد بالهجمات «غير المقبولة» على العاملين الصحيين في جنوب لبنان

قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
TT

«الأمم المتحدة» تندد بالهجمات «غير المقبولة» على العاملين الصحيين في جنوب لبنان

قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)
قلق أممي بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة في لبنان (إ.ب.أ)

أعربت «الأمم المتحدة»، اليوم (الخميس)، عن قلقها جرّاء الهجمات المتكررة و«غير المقبولة» على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم في جنوب لبنان، وذلك غداة مقتل 10 مسعفين في غارات إسرائيلية.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال منسق «الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا، في بيان: «أدت الأحداث المروعة التي وقعت خلال الـ36 ساعة الماضية إلى خسائر كبيرة»، مضيفاً: «قُتل ما لا يقل عن 11 مدنياً في يوم واحد، من بينهم 10 مسعفين».

وتابع: «أشعر بقلق بالغ بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة الطارئة لمجتمعاتهم المحلية».

مساء الأربعاء، نعى «حزب الله» 4 من مقاتليه واثنين من مسعفي «الهيئة الصحية الإسلامية» التابعة له، فيما نعت «حركة أمل» اثنين من عناصرها، بينهم مسعف في «جمعية كشافة الرسالة الإسلامية» المرتبطة بها، قضوا في ضربات على بلدَتي الناقورة وطير حرفا.

وأعلن «حزب الله» اللبناني قصف مدينتَي غورن وشلومي الإسرائيليتين «بالأسلحة الصاروخية والمدفعية» رداً على «اعتداءات العدو الإسرائيلي المدنية، خصوصاً مجزرة الناقورة، والاعتداء على بلدة طير حرفا والطواقم الطبية فيها».

وقضى 7 مسعفين آخرين، ليل الثلاثاء - الأربعاء، في غارة إسرائيلية على مركز إسعافي تابع لـ«الجماعة الإسلامية» في بلدة الهبّارية، جنوب لبنان.

ولعديد من الأحزاب والفصائل في لبنان جمعيات صحية وإسعافية تابعة لها.

وأشار ريزا إلى أن «الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تنتهك القانون الإنساني الدولي، وهي غير مقبولة».

ويجري قصف متبادل بشكل شبه يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين «حزب الله» اللبناني، حليف «حماس»، والجيش الإسرائيلي، منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وتشنّ إسرائيل منذ أسابيع غارات جوّية أكثر عمقاً داخل الأراضي اللبنانيّة تستهدف مواقع لـ«حزب الله»، ما يزيد المخاوف من اندلاع حرب مفتوحة.

وذكّر المسؤول الأممي بأن قواعد الحرب تشمل «حماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في مجال الرعاية الصحية».

وشدّد على ضرورة «حماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية».

ومنذ بداية تبادل القصف بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، قُتل في لبنان 346 شخصاً على الأقلّ، معظمهم مقاتلون في «حزب الله»، إضافة إلى 68 مدنياً، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.


«الكوليرا» يتفشى في صنعاء ويهدد حياة المعتقلين لدى الحوثيين

تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
TT

«الكوليرا» يتفشى في صنعاء ويهدد حياة المعتقلين لدى الحوثيين

تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)

مع تأكيد منظمة دولية عدم قدرتها على السيطرة على تفشي مرض الحصبة في ضواحي مدينة تعز، كشفت مصادر طبية يمنية وسكان عن انتشار وباء الكوليرا في العاصمة اليمنية المختطَفة صنعاء، وقالت إن الوباء امتد إلى سجون مخابرات الجماعة، وهو ما يعني تهديداً لحياة المئات منهم.

المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ذكرت أن القائمين على إدارة سجون الحوثيين أبلغوا عائلات المعتقلين خلال الأسبوع الحالي بمنع الزيارات أو إدخال الطعام لذويهم، بسبب تفشي وباء الكوليرا داخل المعتقلات، بينما أكَّدت مصادر عاملة في القطاع الطبي تسجيل آلاف الإصابات، وقالت إن الجماعة تتكتَّم على الأمر، فيما تستقبل المستشفيات العامة والخاصة عشرات الحالات يومياً.

ملايين الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين عرضة للأمراض الفتّاكة (أ.ب)

وكانت «منظمة الصحة العالمية» أكدت، في تقرير لها، نهاية العام الماضي، تسجيل أكثر من 7 آلاف حالة مشتبَه في إصابتها بالكوليرا في اليمن خلال عام 2023، وقالت إن إجمالي الوفيات المبلَّغ عنها 9 حالات وفاة مرتبطة بالمرض، مع معدل إماتة للحالات يبلغ أكثر من 1 في المائة، فيما تبلغ معدلات الإصابة 23 حالة لكل 100 ألف شخص.

وأعادت «منظمة الصحة العالمية» السبب الرئيسي لانتشار الوباء إلى الإجهاد الشديد الذي تعاني منه البنية التحتية للرعاية الصحية، وتدهور الظروف الاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى الانخفاض المتزايد في تغطية التحصين الشاملة وقيود الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، وقالت إن هذا كله جعل البلاد وسكانها عرضة بدرجة كبيرة لتفشي الأمراض، خصوصاً تلك التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة وشلل الأطفال.

خوف من التصفية

أفادت مصادر في عائلات المعتقلين في سجون الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» بأنها أوقفت إرسال الأطعمة لأقاربها في المعتقلات حتى لا تترك للحوثيين ذريعة لتصفيتهم تحت مبرر أنهم تناولوا أطعمة ملوَّثة أُرسلت لهم، أو أنهم أُصيبوا بأمراض وبائية نتيجة تناولهم تلك الأطعمة.

ورغم أن السجناء يشكون بشكل دائم من تردّي نوعية الوجبات الغذائية التي تُقدَّم لهم وعدم كفايتها، رأت المصادر في موت التربوي صبري الحكيمي أكبر دليل على استهتار الحوثيين بحياة المعارضين، لأنهم أَمِنوا العقاب.

يتجاهل الحوثيون الوضع الصحي المتردي وينفقون الأموال على التعبئة والاستقطاب (إ.ب.أ)

وذكرت المصادر أن الجماعة رفضت حتى الآن تسليم جثمان الحكيمي، وهو كبير مسؤولي التدريب في وزارة التربية والتعليم الذي فارق الحياة في أحد السجون إلى أسرته، رغم أن الجماعة أبلغت عائلته بوفاته قبل عدة أيام، وطلبت حضور مَن يمثلهم لتسلم الجثمان، دون أن تكشف أسباب الوفاة، بحجة عدم استكمال الإجراءات.

من جهته، وصف النائب المعارض أحمد سيف حاشد ما يجري فيما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الحوثي بأنه «مريع وفظيع»، ودعا إلى إخضاع السجون والمعتقلات للجهات التي تراقب تنفيذ القوانين، والتي لم يُسمَح لها بالنزول وزيارة المعتقلات سوى مرة واحدة خلال 9 أعوام. وقال إنه عرف محامياً تم حبسه في زنزانة انفرادية خمسة أشهر، دون أن يتم توجيه تهمة له أو يُحال للمحاكمة.

وأكد النائب المعارض أن معتقلاً آخر أمضى 4 سنوات في سجن مخابرات الحوثيين، قبل أن ينتهي به الحال إلى قرار من النيابة بأنه لا وجه لإقامة الدعوى ضده». وجزم بأن ما يصل إلى الناس من انتهاكات سوى النادر، ويمثل واحداً في الألف من قضايا الانتهاكات.

الحصبة تتمدد

ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن مستشفى تديره في مناطق سيطرة الحوثيين بضواحي مدينة تعز سجل 1500 حالة إصابة بمرض الحصبة بين أطفال أعمارهم دون سن الرابعة، رغم مضي 7 أشهر على افتتاح وحدة العزل الخاصة بالمرض.

وأوضحت المنظمة أن وحدة العزل الخاصة بمرض الحصبة التي افتتحتها في أغسطس (آب) الماضي، بمستشفى الأم والطفل في منطقة الحوبان، بضواحي مدينة تعز استقبلت، حتى فبراير (شباط)، 1552 حالة إصابة بالحصبة، أغلبها لأطفال دون سن الرابعة.

يعاني الأطفال في اليمن من سوء التغذية إلى جانب الأمراض التي تهدد حياتهم (رويترز)

ونبَّهت المنظمة في تقرير لها إلى أن حالات الإصابة بمرض الحصبة بدأت تشهد ارتفاعاً مقلقاً بين الأطفال في النصف الثاني من العام الماضي، حيث استقبلت وحدة العزل بين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول) الماضي 1332 طفلاً مصاباً بالمرض، 85 في المائة منهم دون سن الرابعة، وفي شهر فبراير الماضي استقبلت الوحدة 220 إصابة جديدة.

وبحسب المنظمة، فإن الحصبة مرض متوطّن في المنطقة التي تعمل فيها، وكان فريقها الطبي يعاين في العادة ما معدله 8 مرضى كل شهر في مستشفى الأم والطفل بمنطقة الحوبان التي يسيطر عليها الحوثيون «إلا أن هذا النمط بدأ بالتغير في يونيو (حزيران) الماضي، وفجأة بدأت الأعداد تتزايد بشكل مقلق، مع وصول أطفال من مختلف مديريات المحافظة».

وقالت رئيسة الفريق الطبي لمنظمة «أطباء بلا حدود» في المستشفى، إي إي خاي، إنهم يستقبلون كثيراً من الأطفال الذين يعانون من حالات معقدة من الحصبة «وهو عدد لم أشهده من قبل في حياتي»، ورغم أن هذا المرض يمكن الوقاية منه، فإن نسبة التطعيم بين الأطفال الذين يُعالجون من الحصبة لا تتجاوز 16 في المائة. وحذرت الطبيبة من أنه إذا لم يتم احتواء انتقال الحصبة، فإن الأطفال في هذه المنطقة سيعانون من كثير من الأمراض التي قد تصبح قاتلة.

يعيش ملايين اليمنيين على المساعدات المقدَّمة من المنظمات الإغاثية (أ.ف.ب)

وذكرت خاي أن الأطفال دون سن الخامسة يتأثرون بشكل خاص بالحصبة، لأن أجهزتهم المناعية ليست متطورة بما يكفي لمقاومة العدوى. وتوقعت استمرار المرض في الانتشار، لأنه، وبعد مرور ستة أشهر على افتتاح وحدة العزل لتجنب خطر انتقال الفيروس، لا يوجد انحسار في طفرة حالات الإصابة.

وأضافت أن جهود معالجة العدوى واحتوائها يبدو أنها محدودة للغاية، ولا تشير التوقعات إلى انخفاض بالإصابات في وقت قريب.


سفن حربية روسية تدخل البحر الأحمر

الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
TT

سفن حربية روسية تدخل البحر الأحمر

الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)

قال أسطول المحيط الهادي الروسي، اليوم (الخميس)، إن عدة سفن حربية روسية عبَرت مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر، وذلك وسط الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن تجارية.

ونقلت قناة «زفيزدا» التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، عن الأسطول قوله إن الطراد «فارياج» والفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» يشاركان في الرحلة، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.


«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
TT

«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)

تحدث إعلام الجماعة الحوثية في اليمن عن تلقي ضربة في صعدة، الأربعاء، وصفها بالأميركية والبريطانية، وذلك غداة تبني الجماعة مهاجمة ست سفن غربية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين شدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني - من جهته - على أهمية الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد وتكافؤ الفرص، صدر قرار رئاسي قضى بتعيين شائع الزنداني وزيراً للخارجية وشؤون المغتربين، خلفاً لأحمد عوض بن مبارك الذي كان تم تعيينه في وقت سابق رئيساً للحكومة اليمنية.

وشغل الزنداني حتى تعيينه، منصب سفير اليمن لدى السعودية، وهو أكاديمي من الجيل المخضرم في الدبلوماسية اليمنية، حيث شغل منصب السفير في دول عربية وأوروبية، كما سبق له أن شغل منصب نائب وزير الخارجية في حكومات يمنية سابقة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عقد اجتماعاً برئاسة رشاد العليمي، وبحضور أعضاء المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني، بينما غاب بعذر عضوا المجلس سلطان العرادة وطارق صالح.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اجتماع مجلس الحكم وقف أمام تطورات الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية، والسياسية، والأمنية والعسكرية، والإجراءات التنفيذية المطلوبة لمواصلة وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية خلال المرحلة المقبلة.

وطبقاً للوكالة «ناقش مجلس القيادة الرئاسي، عدداً من المقترحات والتقارير المقدمة من رئيس المجلس وأعضائه بشأن بعض الاستحقاقات المؤجلة، والتقييمات الإضافية للأداء التنفيذي خلال المرحلة الماضية ومدى الالتزام بقرارات وتوصيات وموجهات المجلس على مختلف المستويات».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد «الرئاسي اليمني» على ضرورة الالتزام الصارم باللوائح والنظم القانونية، واعتماد مبادئ الحكم الرشيد، والعدالة وتكافؤ الفرص في مؤسسات الدولة كافة بما يحقق المصلحة العامة، ويعزز من فاعلية وشفافية ونزاهة الأجهزة الحكومية، وقدرتها على مواجهة التحديات، والتخفيف من معاناة المواطنين التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

غارة في معقل الحوثيين

في ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، أقرّ إعلام الجماعة، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يشر الإعلام الحوثي إلى تفاصيل أخرى في شأن آثار الغارة، كما لم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذها، إلا أنه يشن منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي بات يشارك فيها الأوروبيون.

وإذ تأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كانت فرضت، الثلاثاء، عقوبات جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب على وسطاء ماليين وتجاريين على علاقة بجماعة الحوثي و«فيلق القدس» الإيراني و«حزب الله» اللبناني.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، استهدفت العقوبات ستة كيانات وفرداً وناقلتين، قالت إنهم شاركوا في تسهيل شحنات السلع والمعاملات المالية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان: «سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لاستهداف أولئك الذين يشحنون البضائع غير المشروعة لصالح الجماعات الإرهابية».

وتأتي هذه التطورات مع تعاظم الشكوك في الشارع اليمني حول إمكانية جنوح الحوثيين للسلام، ووسط المخاوف من عودة القتال على نطاق واسع إذا لم تتمكن المساعي الأممية من احتواء التصعيد.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، تبنى في بيان، الثلاثاء، تنفيذ ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة.

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران (إ.ب.أ)

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن وهددت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس (آذار) الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

وأطلق الاتحاد الأوروبي - من جهته - مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.


معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
TT

معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

تستعد الجماعة الحوثية لإنهاء العام الدراسي في مناطق سيطرتها بعد أيام قليلة، بالتزامن مع تحضيراتها المكثفة لإطلاق المراكز الصيفية التي تتربص بمستقبل أطفال اليمن، حيث تحشد عدداً كبيراً منهم للمشاركة في برامجها، بعدما أقدمت على تغيير التقويم الدراسي خلال الأعوام الماضية.

يبدأ العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة منتصف الصيف، لينتهي مع بدايات الربيع، لإتاحة المجال لتنظيم المراكز الصيفية التي تستخدمها الجماعة للترويج لمشروعها، وتقديم دروس ومناهج مستمدة من منشوراتها وأدبياتها ذات المضمون الطائفي.

جندت الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية آلاف المراهقين ضمن حملاتها لحشد المقاتلين بزعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

أعلن قطاع التربية والتعليم التابع للجماعة منذ ثلاثة أسابيع بدء إجراءات التحضير لاختبارات نهاية العام الدراسي الحالي. ومن المقرر أن تبدأ اختبارات الشهادتين الأساسية والثانوية بعد عيد الفطر بأسبوعين، وهي الفترة نفسها التي تعتزم فيها الجماعة إطلاق المراكز الصيفية.

تقول مصادر تربوية إن مكاتب التعليم التابعة للجماعة في محافظات صنعاء وعمران وحجة والمحويت وجهت المدارس بالبدء بتسجيل الطلاب والطالبات في المراكز الصيفية، وتتوقع أن تكون التوجيهات شملت باقي المحافظات.

التحضيرات للمراكز الصيفية هذا العام تتضمن وفق المصادر ذاتها تحديثاً للمناهج الدراسية المقدمة حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومزاعم الجماعة بمناصرة أهالي القطاع بتنفيذ هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل.

وتأتي المراكز الصيفية التي تنظمها الجماعة هذا العام بعد أن تمكنت من حشد وتجنيد آلاف الأطفال تحت اسم مناصرة غزة، وسط تحذيرات دولية وأممية من أن الخطر يحدق بجيل بأكمله في اليمن.

وتفيد تصريحات قيادات حوثية بتجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد تحت اسم مناصرة غزة، في حين تحدث زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن أن مخرجات الورش والدورات التدريبية التي نظمتها جماعته في الشأن ذاته شملت أكثر من 282 ألف متدرب، وتنظيم 350 عرضا عسكريا، و719 مناورة و652 مسيرا عسكريا.

فتيات خارج التعليم

منذ أكثر من عامين هجرت سمية بشير المدرسة وبدأت العمل ضمن مشروع إعداد طعام منزلي مع زميلات لها في العاصمة صنعاء، رغم أن والدتها تعمل معلمة، ووالدها موظف عمومي في قطاع النقل؛ لكن انقطاع رواتب الموظفين العموميين أجبر العائلة على القبول بالأمر الواقع.

يتعرض الأطفال النازحون في اليمن للحرمان من التعليم أكثر من غيرهم (أ.ف.ب)

يقول بشير والد سمية، وكلاهما اسمان مستعاران، إن عائلته اضطرت إلى القبول بالأمر الواقع بعد نقاشات كثيرة مع ولديه، فهو اضطر للعمل في محل تجاري، بينما تعمل زوجته في مدرسة خاصة بمقابل لا يساوي حتى ثلث راتبها المتوقف منذ ما يقارب الثمانية أعوام، بينما تتزايد متطلبات الحياة، ومنها مصاريف دراسة هشام في الجامعة وسمية في الثانوية.

وسمية واحدة من بين ما يقرب من مليون ومائتي ألف فتاة في سن الدراسة باليمن خارج المدرسة الآن، بسبب الفقر، والصراع، ونقص فرص التعلم، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف) أواخر العام الماضي، بينما ذكرت أخيراً أن 30 في المائة من الفتيات في اليمن يتسربن من التعليم بسبب الزواج المبكر.

اضطرت العائلة للموافقة على اقتراح سمية أن تتوقف عن الدراسة لعام أو عامين على الأكثر مقابل أن تشارك في مشروع الطعام المنزلي ريثما يكمل شقيقها دراسته الجامعية، لينتقل الدور إليه بعد ذلك في تحمل المسؤولية والعمل ومساعدتها في إكمال تعليمها.

يتسبب الزواج المبكر في حرمان الفتيات في اليمن من إكمال تعليمهن بالإضافة إلى عوامل أخرى (الأمم المتحدة)

ويخشى والدا سمية أن تغري العوائد التي تحصل عليها ابنتهما من عملها في عدم إكمال تعليمها، ويشعر الاثنان بالخجل أمام المحيط الاجتماعي لاضطرارهما قبول تحملها جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذه السن المبكرة وهجرة التعليم، خصوصاً وأن والدتها قضت ما يقارب العقدين من عمرها في التعليم.

وارتفع إجمالي الأطفال المتسربين من المدارس وفقاً لليونيسيف خلال أعوام الحرب من 890 ألف طفلة وطفل في عام 2015، إلى 2.7 طفلة وطفل خلال العام الماضي، بينما تقدر الحكومة اليمنية عدد الذين لا يذهبون إلى المدارس بـ2.6 مليون طفل وطفلة منهم 1.4 مليون من الأطفال النازحين.