«بيتكوين» حديث العالم... حتى بالنسبة لمعارضيها

البعض يراها «عملة ديمقراطية»... وآخرون يخشون «خطأً تقنياً» يطيح كل شيء

«بيتكوين» حديث العالم... حتى بالنسبة لمعارضيها
TT

«بيتكوين» حديث العالم... حتى بالنسبة لمعارضيها

«بيتكوين» حديث العالم... حتى بالنسبة لمعارضيها

خلال السنوات القليلة الماضية، أصبح في مقدور مستخدمي الإنترنت في العالم شراء عدد لا حصر له من السلع والخدمات باستخدام العملة الرقمية «بيتكوين»؛ بدءا من شراء قطعة بيتزا، وحتى الاشتراك في مواقع التعارف على الإنترنت، مرورا بحجز الفنادق وتذاكر السفر واستئجار السيارات.
وهذا التطور يأتي بعد أن كانت هذه العملة الافتراضية في وقت من الأوقات مقصورة على التعاملات المالية بين عشاق الإنترنت والكومبيوتر فقط، عندما ابتكرها شخص مجهول الهوية يعرف نفسه باسم «ساتوشي ناكاموتو» عام 2009 بوصفها وسيلة للقيام بالمعاملات المالية والتجارية عبر الإنترنت بين الأفراد والمؤسسات دون الحاجة إلى اللجوء للبنوك.
ومع الارتفاع الصاروخي لقيمة هذه العملة الرقمية خلال السنوات الأخيرة، لم يعد اهتمام العالم بها مفاجئا. ومنذ سنوات قليلة كانت عملة «البيتكوين» الواحدة تساوي 12 دولارا، في حين وصلت قيمتها إلى نحو 11 ألف دولار، قبل أن تتراجع قيمتها بشدة لتصل إلى 9 آلاف دولار، لتعاود الارتفاع مجددا في الأسبوع قبل الماضي، فوصلت يوم الأربعاء إلى 14 ألف دولار ثم إلى 15 ألف دولار يوم الخميس قبل الماضي، قبل أن تقفز إلى أكثر من 18 ألف دولار يوم الاثنين الماضي في أول أيام طرحها للتداول الرسمي في بورصة شيكاغو.
وقد بدأ عدد كبير من الشركات التي يديرها في الغالب أشخاص مقتنعون بالعملة الرقمية، يقبل التعامل بـ«البيتكوين». ففي ضاحية نيوكويلن جنوب شرقي العاصمة الألمانية برلين، يوجد مقهى «ليوشتشتوف» المليء بالأرائك المترهلة، والذي يرتاده الشباب المنكبون أغلب الوقت على أجهزتهم «المحمولة».
وقد بدأ صاحب المقهى نايلز غويتش قبول «البيتكوين» في سداد قيمة طلبات العملاء عام 2013. وبحسب ما قاله اثنان من عمال المقهى، وهما موريتس غايبل وديفيد كراوس، لوكالة الأنباء الألمانية، فإن فكرة قبول هذه العملة كانت على سبيل الفكاهة في المقام الأول.
يقول كراوس: «الأمر كان مجرد فكاهة... مجرد بداية للكلام»، مشيرا إلى أن العملاء كانوا «يستخدمون هذه العملة في المقهى بصورة نادرة للغاية لا تزيد على مرة واحدة في الشهر تقريبا، وقد كان الأمر مجرد بدعة».
وعندما يقوم أحد العملاء بسداد قيمة مشروباته باستخدام «البيتكوين»، فإنه يفعل ذلك من خلال هاتفه الذكي؛ حيث يستخدم أحد تطبيقات تحويل الأموال لسداد الثمن. ويقوم العميل بإرسال المبلغ الصحيح إلى محفظة «البيتكوين» الخاصة بصاحب المقهى، التي تعادل الحساب المصرفي لصاحب المقهى.
وبمجرد وصول تحويل «البيتكوين» إلى حساب صاحب المقهى، فإنه يتم تسجيلها في السجلات، مع وجود إشارة إلى أنه تم سداد القيمة باستخدام «البيتكوين» وتخضع للضرائب مثل أي دخل.
وخلال العامين الماضيين، بدأ عدد من شركات التجارة الإلكترونية الكبرى مثل «أمازون» و«إي باي» قبول المدفوعات باستخدام «البيتكوين».
وبالنسبة لكثيرين من مصدري عملة «البيتكوين»، فإن الأمر يتعلق بأفكار تركز على التكنولوجيا أكثر مما تركز على كسب الأموال.
يقول لينرات، وهو طالب هندسة إنشائية ويستثمر 500 يورو في عملة البيتكوين منذ يونيو (حزيران) الماضي إن «الاهتمام بالربح ليس العامل الحاسم في قراره»، مضيفا أن تكنولوجيا السلسلة المغلقة، والتي تعني أن كل المعاملات المالية يتم تخزينها في وقت واحد على كل أجهزة الكومبيوتر على شبكة الإنترنت من خلال دفتر حسابات يمكن للجميع رؤيته، تجعل من «البيتكوين» عملة أكثر أمنا من العملات التي تسيطر عليها البنوك. كما أن تعاملات «البيتكوين» غير قابلة للاختراق من قبل قراصنة الإنترنت، حيث لا يوجد هيكل مركزي يمكن اختراقه لأن كل شيء فيها مفتوح.
في الوقت نفسه لا يوجد شخص واحد ولا جهة واحدة تتحكم في «البيتكوين» كما هي الحال في العملات التقليدية التي تخضع لسيطرة البنوك المركزية.
ويقول لينرات إن «البيتكوين» نظام «ديمقراطي للغاية حيث لا توجد أي عقبات تحول دون انضمام أي شخص إليه. ويمكن لأي شخص الحصول على محفظة (بيتكوين) خلال ثوان معدودة، وأن يقوم بمعاملاته دون الحاجة إلى مساعدة أي بنك».
وفي حين يرى البعض أنها جديرة بالثناء، يرى آخرون أن عملة «البيتكوين» خطيرة بسبب إمكانية استخدامها في تمويل أنشطة إجرامية نتيجة سرية هوية المستخدمين. وبالفعل فقد حظرت الصين وكوريا الجنوبية استخدامها.
في المقابل، فإن بنيامين كيرشباوم، المحامي في برلين المتخصص في ملف العملة الافتراضية، قال لوكالة الأنباء الألمانية إن الاستثمار في هذه العملة أبعد ما يكون عن الأمان.
وقال كيرشباوم إن «أي شخص يريد الاستثمار في (بيتكوين)، يجب أن يكون واعيا لطبيعة المضاربة في هذا الاستثمار. ويمكن القول إن هذه العملة أقرب إلى المقامرة في أندية القمار في لاس فيغاس، أي لا يجب استثمار مبالغ فيها أكبر مما يمكن احتمال خسارته».
وأضاف أنه «في الماضي كان يمكن تحقيق أرباح كبيرة من الاستثمار في (بيتكوين)، ولكن أسعارها اليوم مرتفعة بالفعل، وبالتالي من الصعب القول إن الاستثمار فيها يمكن أن يكون مجديا».
في الوقت نفسه، فإن الطبيعة غير المختبرة لعملة «البيتكوين» والغموض الذي يحيط بها يجعلها شديدة التقلب.
وقال كيرشباوم: «أنا أشك في قدرة أي شخص على التنبؤ بالسعر الذي ستصل إليه (البيتكوين) خلال 5 سنوات مقبلة. يمكن أن تصبح وسيلة دفع مقبولة في العالم... كما يمكن أن تصبح بلا قيمة بسبب خطأ تقني».
ويضيف أنه «في حين يزداد اهتمام الشركات بالعملات الافتراضية، فإن أغلب الاهتمام يتجه نحو تكنولوجيا السلسلة المغلقة أو العملات الافتراضية الأخرى مثل العملات البديلة؛ وليس بعملة (البيتكوين) نفسها».
ويقول كيرشباوم إن هذا التطور يتيح آفاقا محتملة مهمة لمعالجة عمليات الدفع بالنسبة للشركات في الاقتصاد الرقمي، من دون الطبيعة المتقلبة لسوق «البيتكوين».
وقد تحول لينرات على سبيل المثال، إلى العملات البديلة «التكوينز». ويعتقد بإخلاص أن العملات الرقمية ستكون جزءا من المستقبل، لكنه يعتقد أن التكهنات التي تحيط بعملة «البيتكوين» تجعلها متقلبة.
ويشعر جمهور «البيتكوين» مثل كراوس وغايبل بالحزن، لأن «البيتكوين» أصبحت أكثر احترافية وتجارية رغم كل شيء، في حين كان مؤسس هذه العملة يستهدف تطوير وسيلة لتجاوز المؤسسات المالية التقليدية.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

الاقتصاد رسم توضيحي يحاكي عملة «الإيثريوم» المشفرة أمام رسم بياني للأسهم والدولار (رويترز)

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، رسمياً، على إطلاق صناديق تداول لعملة «الإيثريوم» المشفرة، بداية من صباح يوم الثلاثاء، لتتبع بذلك «بتكوين».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يساعده أفراد من الخدمة السرية بعد إطلاق النار خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (رويترز)

محاولة اغتيال ترمب تُشعل الأسواق.. الدولار والبتكوين في صعود

ارتفع الدولار بشكل واسع يوم الاثنين وقفزت العملات المشفرة مع ازدياد رهانات فوز الرئيس الأسبق دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية المقبلة في أعقاب محاولة اغتياله

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد نماذج للعملة المشفرة «بتكوين» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

البتكوين ترتفع بنسبة 2.7 % بعد رد فعل ترمب على محاولة اغتياله

ارتفعت عملة البتكوين إلى ما يزيد على 60 ألف دولار بعد أن أثار رد فعل دونالد ترمب المتحدي على محاولة اغتياله تكهنات بأن فرص فوزه في الانتخابات قد ارتفعت.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عملات بتكوين معروضة خلال مؤتمر "بتكوين 2023" الذي عقد في ميامي بيتش بولاية فلوريدا (رويترز)

«بتكوين» تهبط إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر

هبطت عملة البتكوين إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر يوم الجمعة وانخفضت إلى ما دون مستويات الدعم الفني.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد العملة الرقمية «بتكوين» أمام رسم بياني للأسهم (رويترز)

«بتكوين» تهبط إلى أدنى مستوى في شهرين وسط مخاوف انتخابية

انخفضت قيمة «بتكوين» إلى أدنى مستوى لها في شهرين يوم الخميس، لتواصل انخفاضها المستمر منذ شهر، حيث أثرت حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أرباح «مستشفيات سليمان الحبيب» السعودية تنمو 14 % خلال الربع الثاني

إحدى مستشفيات «مجموعة سليمان الحبيب»... (حساب الشركة على إكس)
إحدى مستشفيات «مجموعة سليمان الحبيب»... (حساب الشركة على إكس)
TT

أرباح «مستشفيات سليمان الحبيب» السعودية تنمو 14 % خلال الربع الثاني

إحدى مستشفيات «مجموعة سليمان الحبيب»... (حساب الشركة على إكس)
إحدى مستشفيات «مجموعة سليمان الحبيب»... (حساب الشركة على إكس)

نما صافي أرباح «مجموعة سليمان الحبيب» السعودية للخدمات الطبية بنحو 14 في المائة، إلى 555 مليون ريال (148 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة مع 487 مليون ريال (129 مليون دولار) في الفترة ذاتها من العام السابق.

وأرجعت الشركة الارتفاع، في بيان على موقع «سوق الأسهم السعودية الرئيسية (تداول)»، إلى زيادة الربح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء للربع الثاني من العام الحالي، حيث بلغ 683 مليون ريال، بنسبة نمو قدرها نحو 11 في المائة، إلى جانب ارتفاع الإيرادات مدفوعة بالنمو في أعداد المراجعين.

وأبانت الشركة أن الربح التشغيلي ارتفع في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 10.5 في المائة إلى 551.6 مليون ريال، مقارنة مع 498.8 مليون ريال خلال الفترة ذاتها من العام السابق.

وعلى أساس فصلي، ارتفع صافي ربح «سليمان الحبيب» مقارنة مع الربع السابق بنسبة 0.7 في المائة، حيث كان 550.9 مليون ريال (146.8 مليون دولار)، نتيجة نمو الإيرادات بنسبة اثنين في المائة، من 2.52 إلى 2.57 مليار ريال.

وأوصى مجلس إدارة الشركة، في بيان منفصل، بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين عن الربع الثاني من العام الحالي، بإجمالي 409.5 مليون ريال، لتكون حصة السهم من التوزيع 1.17 ريال، تستحق في نهاية تداول يوم 1 أغسطس (آب).