الدولار الأميركي «سيد الموقف» في كمبوديا

على الرغم من جهود الحكومة

TT
20

الدولار الأميركي «سيد الموقف» في كمبوديا

من أول الغرائب التي يلاحظها زائرو كمبوديا هو وجود العملة الأميركية في كل مكان، سواء كان ذلك في المقاهي أو محلات السوبر ماركت أو المطاعم، حيث يتم عرض معظم الأسعار في العاصمة الكمبودية بنوم بنه بالدولار.
ويبدو أن الدولار قد حل محل العملة المحلية «الريال»، الذي يستخدم الآن فقط للمعاملات البسيطة، مثل شراء المواد الغذائية في الأسواق المحلية.
وبالنسبة لكل شيء آخر، بما في ذلك واردات كمبوديا المتعددة، يتم التعامل بالدولار.
وتقول وكالة الأنباء الألمانية إن كمبوديا تحاول الابتعاد عن اقتصاد يعتمد على الدولار وتعزيز استخدام الريال لسنوات، ولكن ذلك التحول الكامل ما زال بعيدا.
ووفقا للبنك الأهلي الكمبودي (البنك المركزي الكمبودي)، الذي تم تكليفه بتعزيز استخدام العملة المحلية، فإن 84 في المائة من اقتصاد كمبوديا يعتمد على استخدام الدولار.
وقالت نيف تشانثانا، نائبة محافظ البنك الأهلي الكمبودي، إن دولرة الاقتصاد تجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب القضاء على المخاطر المرتبطة بأسعار الصرف.
لكن تشانثانا حذرت في حديثها لوكالة الأنباء الألمانية من أنه في ظل «نمو كمبوديا كدولة ذات دخل متوسط منخفض، فإن التركيز بدرجة كبيرة على الدولرة يجعل كمبوديا عرضة للصدمات الخارجية ويمكن أن يهدد المكاسب الاقتصادية التي تحققت بصعوبة».
كما أن هذا يعوق صادرات كمبوديا مثل الملابس والأحذية، حيث يجعلها أقل تنافسية مقارنة مع تايلاند أو ميانمار المجاورتين.
وأضافت تشانثانا «عندما تزيد قيمة الدولار، فإنه يضع صادرات كمبوديا في وضع سلبي مقارنة بالدول المصدرة الأخرى».
ووفقا لتقرير للبنك الدولي لعام 2015، فقدت كمبوديا ما يتراوح بين مليار وملياري دولار في سنغافورة، وهي الأرباح التي تجنيها الحكومة عندما تطرح تكلفة إنتاج وتوزيع عملة من قيمتها الاسمية.
ولكن التخلي عن الدولار يبدو أيضا مسألة فخر وطني. وقالت تشانثانا إن الكمبوديين يجب أن يشعروا بالالتزام باستخدام عملتهم الخاصة لأنها «تظهر الوحدة الوطنية والهوية».
ولم تستخدم كمبوديا دائما الدولار. فبعد استقلالها عن فرنسا في عام 1953. أنشأت السلطات أول مصرف مركزي، وأصبح الريال العملة الوطنية.
وانتهى ذلك بشكل مفاجئ في عام 1975، مع وصول الخمير الحمر، الذين ألغوا حقوق الملكية وحظروا التعامل بالنقود.
وفي عام 1980. بعد سقوط الخمير الحمر، عاد الريال. وقد تعطلت هذه المحاولة لفرض السيادة النقدية مرة أخرى مع وصول سلطة الأمم المتحدة الانتقالية في كمبوديا، وهي بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام التي كلفت بتنظيم انتخابات عام 1993.
وذكرت تشانثانا أن مبلغ الملياري دولار الذي أنفقته سلطة الأمم المتحدة الانتقالية في كمبوديا، بجانب محدودية القدرة المصرفية وطباعة العملة، قد حسما مصير الريال المؤسف.
وقالت تشانثانا «لم تكن هناك خيارات سوى قبول المعاملات بالدولار الأميركي في النظام».
وردا على سؤال حول كيفية محاولة البنك الأهلي تعزيز استخدام الريال، أوضحت تشانثانا أن الاستراتيجية هي تشجيع استخدامه بدلا من «إجبار السوق على التوقف عن استخدام الدولار».
من جانبه، قال نجيث تشو، كبير المستشارين في استشارات الأسواق الناشئة، إن الريال لن ينتصر إلا إذا قامت السلطات بحملة جيدة لتوعية وتثقيف الشعب.
وقال للوكالة الألمانية «نحن بحاجة إلى الكثير من التعليم العام».
وأوضح تشو أن كمبوديا تحتاج إلى جهاز مؤسسي فعال قادر على تطبيق اللوائح القائمة بالفعل.
وقال إن هذا لا يبدو أنه الحال حتى الآن.
وفي يوليو (تموز) 2017. أصدرت السلطات الكمبودية مرسوما يجبر الشركات على عرض أسعارها بالريال. ولكن وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية، تم تجاهل هذا الأمر إلى حد كبير.
وبصرف النظر عن التحديات، لا يزال تشو متفائلا.
وأضاف: «إذا لم تكن هناك مؤسسات مناسبة أو آليات للتنفيذ أو تثقيف عام فإن الأمر قد يستغرق 10 سنوات».
وليس كل الخبراء بهذا التفاؤل. فقد وصف إير صوفال، مؤلف كتاب «الاعتماد على المعونة في كمبوديا: كيف تقوض المساعدات الخارجية الديمقراطية»، التحول إلى اقتصاد يعتمد على الريال بأنه «مهمة ضخمة».
واعتبر أن الافتقار إلى ثقة الجمهور في العملة المحلية هو العقبة الرئيسية.
وقال لوكالة الأنباء الألمانية إن «الناس يثقون في الريال بقدر ثقتهم في قادتهم، وهذا يعني، أن ثقتهم ليست بدرجة كبيرة».
وأضاف: «كل شخص لديه إحساس بالمرارة من آخر تجارب الهندسة الاجتماعية عندما حظر الخمير الحمر التعامل بالنقود... الجميع يعرف أن الريال سوف يصبح بلا قيمة قبل أن يصبح الدولار بلا قيمة».



ثقة المستهلك الأميركي تهبط لأدنى مستوى منذ 2020

أشخاص يتسوقون في متجر «ميسيز هيرالد سكوير» في نيويورك (رويترز)
أشخاص يتسوقون في متجر «ميسيز هيرالد سكوير» في نيويورك (رويترز)
TT
20

ثقة المستهلك الأميركي تهبط لأدنى مستوى منذ 2020

أشخاص يتسوقون في متجر «ميسيز هيرالد سكوير» في نيويورك (رويترز)
أشخاص يتسوقون في متجر «ميسيز هيرالد سكوير» في نيويورك (رويترز)

تراجعت ثقة المستهلك الأميركي في مارس (آذار) إلى أدنى مستوياتها خلال ما يقرب من خمس سنوات، وسط تصاعد المخاوف بشأن الرسوم الجمركية وتأثيرها على التوقعات الاقتصادية.

وأعلن مجلس المؤتمر، يوم الثلاثاء، أن مؤشر ثقة المستهلك انخفض بمقدار 7.9 نقطة ليصل إلى 86.0 نقطة هذا الشهر، مسجلاً أدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2020. وكان اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا انخفاض المؤشر إلى 87.5 نقطة.

كما تراجع مؤشر الوضع الحالي، الذي يقيس تقييم المستهلكين لأوضاع الأعمال وسوق العمل الراهنة، بمقدار 0.9 نقطة إلى 133.5 نقطة. في حين انخفض مؤشر التوقعات - الذي يستند إلى توقعات المستهلكين قصيرة الأجل بشأن الدخل والأعمال وظروف سوق العمل - بواقع 12.5 نقطة ليصل إلى 54.4 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2011. ويقل هذا الرقم بكثير عن عتبة 80 نقطة، التي غالباً ما تُشير إلى اقتراب حدوث ركود اقتصادي.

وقالت ستيفاني جيشارد، كبيرة الاقتصاديين في قسم المؤشرات العالمية بمجلس المؤتمر: «انخفضت ثقة المستهلك للشهر الخامس على التوالي في أبريل (نيسان)، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ بداية جائحة كوفيد-19».

ومن المتوقع أن تُعلن الحكومة، يوم الأربعاء، عن تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي خلال الربع الأول من العام، في ظل ارتفاع الواردات مع تسارع الشركات إلى استيراد السلع لتجنّب تكاليف الرسوم الجمركية المرتفعة.

كما يُرجَّح أن يتباطأ إنفاق المستهلكين بشكل ملحوظ، متأثراً بارتفاع التضخم المستمر، والمخاوف المتزايدة بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد، مما دفع العديد من الأسر إلى تقليص الإنفاق للحفاظ على مدخراتهم.

وتوقعت نتائج استطلاع أجرته «رويترز» أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو سنوياً قدره 0.3 في المائة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس، وهو ما يُعد الأضعف منذ الربع الثاني من عام 2022.

وتشير التوقعات إلى ميل المخاطر نحو الاتجاه الهبوطي؛ بحيث توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتالانتا انكماش الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 0.4 في المائة بعد تعديل البيانات الخاصة بواردات وصادرات الذهب.

وكان الاقتصاد الأميركي قد سجّل نمواً بمعدل 2.4 في المائة خلال الربع الرابع من العام الماضي.