من الرياض... «منتدى مسك» متعة البحث في عالم الإبداع والابتكار

تشديد على دور الشباب لصنع الريادة والمعرفة

الملكة رانيا لدى إلقائها كلمة في منتدى مسك العالمي
الملكة رانيا لدى إلقائها كلمة في منتدى مسك العالمي
TT

من الرياض... «منتدى مسك» متعة البحث في عالم الإبداع والابتكار

الملكة رانيا لدى إلقائها كلمة في منتدى مسك العالمي
الملكة رانيا لدى إلقائها كلمة في منتدى مسك العالمي

اجتمعت في العاصمة السعودية، الرياض، أمس، أفكار وقصص الموهوبين في عالم الإبداع والابتكار، الذين حولوا أحلامهم إلى ريادة حقيقية في سماء الأعمال والتقنية والتكنولوجيا واقتصاد المعرفة، بشكل أثار متعة البحث عن الجديد بين روّاد الابتكار والتكنولوجيا المشاركين في منتدى مسك العالمي الذي أطلق فعالياته في العاصمة السعودية أمس وتنظمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية».
وقال عبد الله السواحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، خلال مشاركته في جلسة افتتاح المنتدى: «اليوم لدينا فرصة ذهبية كبيرة لا بد من اغتنامها، ففي مفهوم التحول الوطني، التنافسية لا تعني الاعتماد على حجم الأصول والخبرات بل تعتمد على الشباب وما يتحلى به من الريادة والمعرفة والابتكار، ويمكن أن ندّعي أن الأجيال القادمة لن تغفر لنا إن لم نستغل هذه الفرصة بشكل جيد ونخدم بها هذا البلد المعطاء».
إلى ذلك أكد ماجد القصبي، وزير التجارة والاستثمار، خلال كلمته في المنتدى، أن بلاده تسعى بخطى حثيثة لبناء خطوات راسخة واقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا، ما من شأنه أن يؤدي إلى تنويع الاقتصاد بشكل عام بما يحقق «رؤية 2030».
وقال القصبي: «اليوم نحتفي ونهنئ الـ11 الأوائل رواد الأعمال الحرة في بلادنا، حيث تمتعوا بروح الابتكار والإبداع، الأمر الذي مكنهم من استثمار فرصهم في السعودية، وسيتمكنون من الحصول على تأشيرة رواد أعمال حرة من خلال منصة المنتدى، فالسعودية ترحب برواد الأعمال الشباب من أنحاء العالم كافة، الذين يمكنهم أن يضيفوا قيمة لهؤلاء في السعودية ومشاركتهم في هذا المنتدى».
- الاستعداد للتغيير
وأظهر استطلاع جرى الكشف عن نتائجه في منتدى مسك العالمي أمس، أنّ الشباب في جميع أنحاء العالم ليسوا على وعي تام بالتغيرات والتحديات الاقتصادية لاقتصاد المعرفة التي باتت تحدّد كيفية العيش والتعلم والعمل. وتوصل الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة بوبيولاس نيابة عن «مسك الخيرية»، أنّ 57 في المائة من الشباب في جميع أنحاء العالم لا يعرفون مفهوم اقتصاد المعرفة. وعلاوة على ذلك، يخشى أكثر من نصفهم ألا يكونوا متمتعين بما فيه الكفاية بالمهارات التكنولوجية للوصول إلى الفرص التي ستنشأ عن التقدم التكنولوجي في مجالات مثل استخراج البيانات، والتعلم الآلي. ومع ذلك، فإن عالم التكنولوجيا هو محور حياة الشباب: فعلى الصعيد العالمي 88 في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و35 سنة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، ويعتبرون محدودية الوصول إلى الإنترنت من المشكلات التي تواجههم، بمثل ما يعتبرون الإدمان على الإنترنت أو التسلط عبر الإنترنت.
ومع ذلك، أظهر الاستطلاع أيضاً أن غالبية واضحة من الشباب (59 في المائة) إيجابية بشأن تأثير التكنولوجيا على العمل، و4 في المائة فقط يعتقدون أن التغيير التكنولوجي يمثل تحدياً لجيلهم.
وفي هذا السياق، قالت الشيماء حميد الدين المديرة التنفيذية في مؤسسة مسك مديرة مشروع منتدى مسك العالمي: «هذا البحث يبرز أهمية تطوير وتمكين الشباب في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في السعودية. إن مواجهة التحدي المتمثل في التغيير الذي أحدثته الثورة الصناعية الرابعة لن يكون سهلاً، لكن الشباب في جميع أنحاء العالم يتمتعون بإمكانات وطموح لمواجهتها».
الملكة رانيا: الأولوية لتكنولوجيا لها قلب لا بامتلاك آخر صيحاتها
دعت الملكة رانيا العبد الله، إلى إعادة النظر في دوافع اقتناء التكنولوجيا، مؤكدة أن الأولوية ليست سباق القلة إلى القمة بامتلاك آخر صيحاتها، بل تكنولوجيا لها قلب تمد يديها لترفع المجتمعات بأكملها، وقلبها عليهم، مشيرة إلى أنّ الحاجة إلى تكنولوجيا لا تقاس سعتها وسرعتها بالبت والبايت، بل بقدرتها على ردم الفجوات التي تقف بين الشعوب، وتحقيق ذواتهم، وتعالج فجوة الأمان؛ وفجوة التعليم؛ وفجوة الأمل.
وقالت الملكة رانيا التي كانت تخاطب المشاركين في منتدى مسك العالمي الذي انطلقت فعاليته أمس من العاصمة السعودية الرياض: «سعيدة بوجودي معكم اليوم، وسماء المملكة مضاءة برؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. تلك الرؤية الجريئة التي تحمل تقديرا ودعما للابتكار والعلوم، وفرصا يطمح لها الشباب السعودي. والشكر الموصول لولي العهد على جمع هذه الكفاءات العالية والرياديين من شتى المجالات».
ودعت إلى أهمية «التبني من التقنية ما يزيد من قيمتنا الإنسانية ويبقي الأمل حيا في نفوس شبابنا. لأنّ شبابنا العربي مفخرة، فكثيرة هي الأمثلة التي ألتقيها لشباب لمعوا بابتكاراتهم وبرزوا في مجالات علمية وأدبية وأتوا من أقسى الظروف، فلنفتح لهم الآفاق ونوفر لهم الفرص ليحققوا ذاتهم وطموحاتنا لهم، ولنشعرهم بأن المستقبل ملكهم، ونؤمن لأنفسنا ولأبنائنا أرضا خصبة نغرس فيها أحلامنا فتثمر».
وشددت على الحاجة إلى التواصل وتبادل الخبرات وآفاق الابتكار، إذ إن العالم اليوم يعيش حالة من شح الأمل. وتابعت: «كم هي كبيرة فجوة الأمل التي بين هذه القاعة وحيث كنت قبل أسابيع زرت مخيما للروهينغا المسلمين الفارين بحياتهم وأعراضهم في بنغلاديش، إذ تحدثت مع أجساد تبدو جوفاء من الصدمة، ورأيت في عيونهم حفر الموت التي ألقي فيها أبناؤهم؛ والنيران التي أضرمت فيهم. استباحت الحرب حياتهم كما استباحت حياة الملايين في منطقتنا العربية». وتابعت: «لا أخفي عليكم... شعرت بالسخط على عالم تمتهن فيه الكرامة؛ وتهان فيه الحياة وكأنّها لا شيء، حين أستمع إلى الأطفال اللاجئين وغيرهم ممن قست عليهم الحياة، أرى كيف يجد الصغار لأحلامهم آفاقا واسعة حتى وإن كانوا في أضيق الأماكن. يشنون بالأحلام حربا على واقعهم؛ وسلاحهم الوحيد هو الخيال. الأحلام جسرهم للعبور فوق فجوة الأمل، تنقلهم إلى مكان لهم فيه قيمة ومستقبل».
واستدركت الملكة رانيا: «لكن كلما كبروا ضاق الأفق في أعينهم، أغلقه الخوف من العالم ومن المعوقات وقلة الحيلة، فالعقل الذي يملؤه الخوف لا متسع فيه للأحلام. إن واقع هؤلاء وغيرهم ممن يحاربون المرض والفقر والجهل والإقصاء في عالمنا العربي لم تغيره التقدمات العلمية ولا التقنية ولم ترفع الابتكارات مأساتهم».
وتحدثت عن المفارقة بين أن يتضور الناس جوعاً في عصر الوفرة، وأن يوجد ملايين الأطفال خارج المدارس في عصر التعليم المجاني، وأن يفقد الاتصال بالقضايا الإنسانية الأهم في عصر التواصل، وأن يجري إقصاء الاختلاف ومحاربته بدلاً من نسج مجتمعات متعايشة وآمنة، متسائلة: «هل نحن جاهزون لتوظيف مكاسب الثورات العلمية والصناعية التي يشهدها العالم، وكيف سنتكيّف مع الثورة الصناعية الرابعة التي تضرب بكثير من الصناعات التقليدية، ولدينا اليوم من أعلى نسب البطالة في العالم؟ وكيف سنواكب التغييرات في أنماط التعليم ونرتقي به في مدارسنا إن كان 13 مليون طفل عربي محرومين من المدارس أصلاً، وغالبية الباقي يتلقون تعليما عفا عليه الزمن؟».


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».