«أسبوع التصميم» في دبي... مساحات للإبداع والفن

لقطات متنوعة من حي التصميم («الشرق الأوسط»)
لقطات متنوعة من حي التصميم («الشرق الأوسط»)
TT

«أسبوع التصميم» في دبي... مساحات للإبداع والفن

لقطات متنوعة من حي التصميم («الشرق الأوسط»)
لقطات متنوعة من حي التصميم («الشرق الأوسط»)

في مباني «حي التصميم» بدبي «دي3»، تسيطر التيارات الفنية والتصميمات على المباني والطرقات ما بينها، ففي كل مساحة بين المباني نجد تصميما أو أكثر تتنوع في وظائفها؛ فهي إمّا تتخذ أشكال خيام معدنية، أو مقاعد صغيرة ومستديرة وملونة تدور بالجالس أو حتى ممتدة لتسمح لأكثر من شخص باستخدامها محطة التقاط أنفاس قبل الانطلاق مرة أخرى لمعاينة صالة عرض أو رؤية مبتكرات أعدها طلاب تصميم من جامعات محلية وعالمية.
في المؤتمر الصحافي الذي أقيم لإطلاق «الأسبوع»، حاول ويليام نايت، رئيس قسم التصميم في «آرت دبي»، جمع الفعاليات المتنوعة في جمل محدودة، ولكن الأمر متروك للزائر الذي يجب أن يتبع ما يريد رؤيته من خلال مائتي فعالية على مدى مدينة دبي تعد انعكاسا لـ«قيمة التصميم في دبي» حسب ما ذكر نايت.
«هذا العام يعكس برنامج (أسبوع للتصميم)، (دبي ديزاين ويك)، روح الابتكار والتجديد التي تتمتع بها دبي»، مضيفا أن «(الأسبوع) يعكس تعاونات ثنائية مع أشخاص وشركات، مما يجعله أكبر منصة للتصميم في المنطقة». البرنامج يتيح للزائر معاينة تيار مختلف من المحتوى يمكنه من استكشاف آخر الصيحات في التصميم العالمي والمشهد المتطور للتيارات الفنية في دبي.
العالمي والمحلي يتضافران بشكل لافت في مختلف المنصات هنا، فعلى سبيل المثال في معروضات جناح «الخريجين العالميين» وفي الجناح التجاري لـ«الأسبوع» أيضا، يبرز ذلك التنوع، كما برز في وجود التصميمات المحلية إلى جانب العالمية في الأجنحة الأخرى.
يذكر أنّ معرض «الخريجين العالميين» يضم أعمال أكثر من مائتي مصمم ناشئ من 92 جامعة من 42 بلدا.
الرئيس التنفيذي للعمليات في «حي دبي للتصميم»، محمد سعيد الشحي، أعرب عن سعادته بالشراكة مع «أسبوع دبي للتصميم»، وبالاحتفال بالتصميم من جميع أرجاء المنطقة، مشيرا إلى أن خطة «أسبوع التصميم» تتمثل في ربط مراكز التصميم العالمية بالمواهب الصاعدة المحلية في المجال نفسه.
أما روان قشقوش، رئيسة البرمجة في «أسبوع دبي»، فاستعرضت للحضور أهم الفعاليات في الأسبوع، قائلة إنها متنوعة «كتنوع مدينة دبي نفسها»، فيعرض 500 فنان ومصمم أعمالهم على مدى 6 أيام.
ومن أهم وأبرز الفعاليات المصاحبة لـ«أسبوع التصميم» في دورته الثالثة، فعالية «أبواب» التي تقدم أعمال أكثر من 47 مصمما ناشئا من 15 بلدا في المنطقة، لتقدم للزوار منظورا لاستخدام التقنيات والمواد الحديثة.
أمّا معرض «المدينة الأيقونية» الذي يتخذ من مدينة الدار البيضاء موضوعا، فيستعرض أعمال 5 مصممين مغربيين في عرض بعنوان: «جاري التحميل... كازا» بإشراف القيمة الفنية سلمى لحلو التي عملت مع مجموعة من مصممي الغرافيك والمصورين والمعماريين لإنتاج أعمال تصور مدينتها؛ الدار البيضاء. وتشمل المعروضات أعمال المصممة المعمارية زينب آندريس أراكي، ومصممة الغرافيك عائشة البلوي، وفنان المرئيات مصطفى مفتاح، والمخرج السينمائي هشام لسري، ومقتني الفنون محمد طنجي.
وعلى الجانب التجاري، يقام في مساحة عرض ضخمة في «داون تاون ديزاين» في «حي التصميم»، معرض لمنتجات 150 علامة تجارية في المجال من 28 دولة، إلى جانب عدد من المعارض والفعاليات الحية والتركيبات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».