«ذا ترافالغار دايننغ رومز»... عصرية في نقطة تاريخية

يستمد من معركة الطرف الأغر نجاح أطباقه

مطعم «برايم ريب» الأنيق
مطعم «برايم ريب» الأنيق
TT

«ذا ترافالغار دايننغ رومز»... عصرية في نقطة تاريخية

مطعم «برايم ريب» الأنيق
مطعم «برايم ريب» الأنيق

زيارة لندن لا تكتمل إلا بالولوج إلى ميدان الطرف الأغر ويسمى بالإنجليزية: Trafalgar Square؛ لأسباب عدة، أولها أن هذه الساحة تعتبر من بين أهم نقاط الجذب السياحي في لندن، وثانيها موقعها المناسب للذواقة لأنها تحيط بها أهم عناوين الأكل، الذي انضم إليها منذ نحو الأسبوعين عنوان عصري للطعام في نقطة تاريخية مهمة جدا في العاصمة البريطانية تذكّر بالنصر الذي حققه الإنجليز في معركة الطرف الأغر البحرية، التي دمر فيها الأسطول البريطاني أسطولي فرنسا وإسبانيا عام 1805. واليوم يتوسط الساحة تمثال ضخم للأدميرال اللورد نيلسون محاطاً بأربعة أسود مصنوعة من البرونز تحرس النوافير الجميلة.
والعنوان الأحدث ل لالك جار ميدان الطرف الأغر هو «ذا ترافالغار دايننغ رومز» The Trafalgar Dining Rooms في فندق «ذا ترافالغار سانت جيمس» التابع لشركة كوريو الواقعة تحت مظلة هيلتون العالمية، وما يميز هذا العنوان القديم الجديد، ناهيك عن الموقع والإطلالة الجملية على الساحة، هو الإبداع في الديكور العصري الذي حافظ في الوقت نفسه على فخامة المبنى القديم وقيمته التاريخية.
يفتح هذا المطعم أبوابه من الساعة السادسة والنصف صباحا حتى ساعة متأخرة من الليل، وهذه ميزة رائعة في لندن؛ لأن غالبية مطاعمها تغلق أبوابها في وقت مبكر من المساء، والميزة الأخرى هي أن المطعم يقدم الفطور أيضا، ولائحة الطعام فيه غير معقدة، وتضم أطباقا متوسطية بنمط عصري، لكن بتصرف، استطاع الطاهي الرئيس في المطعم الشيف غريغ أولياركا وضع بصمة مختلفة تتناغم من الديكور التي صممته ونفذته شركة «أفروكو» ليكون مكانا مريحا وغير رسمي، وهذا ما ترنو إليه شريحة كبرى من الذواقة.
المقاعد مريحة يكسوها الجلد الطبيعي، والطاولات بعيدة عن بعضها بعضا، ويغلب عليها طابع الخصوصية فتشعر وكأنك في ناد خاص للأعضاء فقط في وقت أن المطعم يفتح أبوابه أمام النزلاء والزبائن من خارج الفندق أيضا، ويمكن الدخول إليه عبر مدخل خاص لتفادي الدخول إلى بهو الفندق، وهذا ما يفضله كثيرون، بحسب إحصائية دولية أجريت أخيرا.
المكونات طازجة، وهذا ما يشدد عليه الشيف أولياركا، كما أن الأطباق تعتمد على وصفات كلاسيكية مع نفحة عصرية تعتمد على نكهات المتوسط وطريقة التقديم الأنيقة.
ولم يمر أكثر من ثلاثة أسابيع على افتتاح المطعم، إلا أن الأصداء على مواقع مهمة مثل تريب أدفايزر وسكوير ميل تبشر بنجاح هذا العنوان ليليق بنجاح الإنجليز بمعركتهم التي تمثل الساحة المقابلة للمطعم نصرها.
هذا المطعم ليس الوحيد في الفندق؛ لأنه يوجد في الطابق السفلي مطعم آخر تحت اسم «بيبليو» Biblio لا يقل أناقة عن «ذا ترافالغار دايننغ رومز»، لكنه يركز على الخصوصية التامة فتراه أشبه بغرف طعام المنازل الخاصة بديكورات جميلة تعكس الأناقة الإنجليزية عندما يأتي الأمر على الديكور. وفي الخلفية موسيقى حية. هذا المطعم يفتح أبوابه غالبية أيام السنة أمام نزلاء الفندق فقط مما يزيده رونقا وخصوصية.
ولمحبي الأماكن العالية المطلة على معالم المدينة يوجد في الفندق في طابقه السابع مطعم «ذا روف توب» The Rooftop الذي يقدم هو الآخر المأكولات البريطانية العصرية والمتوسطية في قالب مختلف مع إطلالة على الميدان وعين لندن وساعة بيغ بن، وأجمل ما تذخر به لندن من أماكن سياحية رائعة.
من الأطباق التي جربناها كانت سلطة الطماطم مع جبن البوراتا الإيطالية، وطبق سمك السي باس «ستون باس» مشوي مع الطماطم وطحالب البحر مع الخضراوات، وبالنسبة للحلوى فوقع اختيارنا على الأناناس المشوي مع السوربيه.
وما لفتنا في المطعم الخدمة إلمام النادل في المطعم بلائحة الطعام وما تضمه، وهذه ميزة مهمة جدا، وبخاصة عندما يقدم النادل نصائح مفيدة بدلا من إجبارك على اختيار طبق دون سواه بمجرد أنه موجود بكثرة ويرغب الطاهي في التخلص منه بسرعة.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.