الأوبرا والشاي والأحفاد يجمعون ترمب وشي جينبينغ

الرئيس الأميركي واصل في الصين تحذيراته لكوريا الشمالية

الرئيس الأميركي ونظيره الصيني وزوجتاهما خلال زيارة «المدينة المحرّمة» في بكين أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي ونظيره الصيني وزوجتاهما خلال زيارة «المدينة المحرّمة» في بكين أمس (رويترز)
TT

الأوبرا والشاي والأحفاد يجمعون ترمب وشي جينبينغ

الرئيس الأميركي ونظيره الصيني وزوجتاهما خلال زيارة «المدينة المحرّمة» في بكين أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي ونظيره الصيني وزوجتاهما خلال زيارة «المدينة المحرّمة» في بكين أمس (رويترز)

خصص الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الأميركي دونالد ترمب استقبالاً حافلاً، تخلّله عرض أوبرا «جميل»، كما وصفه ترمب في المدينة المحرمة أمس.
وقد أعد الرئيس شي استقبالاً لزيارة «هي أكثر من زيارة دولة» لترمب الذي خفف لهجته المعادية للصين في فترة الانتخابات، منذ لقائهما الأول في منتجع ترمب مارا - لاغو في فلوريدا في أبريل (نيسان) الماضي. ورغم الخلافات على التجارة وكوريا الشمالية، علت الابتسامات وجهي الزعيمين وزوجتيهما أثناء تجولهما في القصر الإمبراطوري السابق، الذي شيّد في القرن الخامس عشر، كما أورد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي توقف وجيز لشرب الشاي في «قاعة الكنوز»، أخرج ترمب جهاز كومبيوتر لوحياً ليعرض على شي وزوجته بينغ ليوان تسجيلات فيديو لحفيدته، أرابيلا كوشنر، وهي تغنّي بلغة المندارين وتلقي أبيات شعر بالصينية القديمة، بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية. وقال شي: إن الفتاة تستأهل درجة «إيه +»، بحسب «شينخوا».
ولدى وصوله في وقت سابق أمس، كان في استقبال ترمب فرقة من حرس الشرف وأطفال يلوحون بأعلام صينية وأميركية لدى نزوله من الطائرة الرئاسية «إير فورس وان». وبذلت كل من كوريا الجنوبية واليابان، المحطتين الأوليين لترمب في جولته التي تستمر 12 يوماً، كل ما بوسعهما للتودد إلى ترمب. ففي اليابان، وضع مع رئيس الوزراء شينزو آبي توقيعيهما على قبعات متشابهة كتب عليها «لنجعل التحالف أكبر» ورسخا صداقتهما بمباراة غولف.
وسعت الصين إلى إبهاره بتاريخها العريق.
ورافق شي وزوجته ضيفيهما في القاعات الثلاث الرئيسية في المدينة المحرمة، حيث كان أباطرة سلالة مينغ وتشينغ يقيمون المراسم الاحتفالية مثل التتويج. وفي ورشة في الموقع، أثنى ترمب على أعمال ترميم خزانة عمرها 300 سنة من خشب الورد، كان يستخدمها أحد الأباطرة، وأبدى إعجابه ببراعة صنع ساعة قديمة، وقال: «لا تصدق». وجلسوا جميعاً في «قاعة صقل الشخصية»، حيث استمتعوا بعروض مميزة افتتحت بمجموعة من الأطفال بملابس ملونة يرقصون حاملين ريش طاووس. وضحك ترمب للعرض البهلواني، ثم استمتع بأصوات مغنّيي أوبرا صينيين بملابسهم المبهرجة.
وفي عرض لقصة عن إحدى خليلات الإمبراطور، رمت إحدى الممثلات بالزهور والقصاصات الورقية، في حين رفعت أخرى مروحة صفراء عليها رسوم أزهار الكرز. وخلال الانحناء أمام الضيوف، هتف الأطفال «أهلاً بكم في الصين! أحبكم»، قبل أن يقف ترمب لالتقاط الصور مع الفرقة ويهتف «جميل». وقال وهو يمر أمام الصحافيين «إننا نستمتع بوقتنا كثيراً، شكراً».
وبعد إطلاقه تحذيرا لنظام بيونغ يانغ الذي وصفه بـ«الديكتاتوري» في خطاب من سيول، التقى ترمب والسيدة الأولى ميلانيا بالرئيس الصيني وزوجته بينغ ليويان لتناول الشاي في «المدينة المحرمة» التي كانت القصر الإمبراطوري سابقا، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان من المتوقع أن تتبع الاجتماع الودّي محادثات تتناول قضايا شائكة، حيث سيحاول ترمب دفع نظيره الصيني إلى القيام بالمزيد لتشديد الخناق اقتصاديا على كوريا الشمالية والتعامل مع مسألة الفائض التجاري الصيني الضخم مع الولايات المتحدة.
ويعتبر البيت الأبيض الصّين بمثابة مفتاح لضبط سلوك كوريا الشمالية التي تعتبر بكين شريانها الحيوي الاقتصادي، وتعتمد عليها في 90 في المائة من تجارتها. وهنّأ ترمب الرئيس الصيني على فوزه بولاية جديدة مدتها خمس سنوات على رأس الحزب الشيوعي الصيني وبالتالي البلاد، وكتب الرئيس الأميركي عبر «تويتر»: «أنتظر بفارغ الصبر لقاء الرئيس شي الذي حقق للتو نصرا سياسيا عظيما».
ورأى محللون في استخدام ترمب لمصطلح «نصر سياسي» في حديثه عن نتائج مؤتمر الحزب الشيوعي الشهر الماضي محاولة لإرضاء شي قبل المحادثات الصعبة المقبلة بشأن التجارة وكوريا الشمالية.
وقال المختص في سياسات الصين بجامعة «هونغ كونغ بابتسيت يونيفرستي» جان - بيير كابيستان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن ترمب يضع شي في مزاج جيد، تحضيرا لمحادثات صعبة. وأعدّ شي زيارة دولة رفيعة المستوى لترمب الذي استقبله أطفال لوحوا بالعلم الصيني في المطار، فيما حضر عرض أوبرا في «المدينة المحرمة». وقال شي خلال الجولة إنه يتوقع أن تسفر زيارة ترمب عن نتائج «إيجابية وهامة».
ويرافق ترمب وفد من الشخصيات المؤثرة في مجال المال والأعمال، حيث تم التوقيع على اتفاقيات تبلغ قيمتها تسعة مليارات دولار أمس. وأكّد وزير التجارة الأميركي ويلبور روس أن «التعاطي مع عدم التوازن في التجارة مع الصين كان محور النقاشات بشأن التعاون بين الرئيسين شي وترمب».
وقبل ساعات وفي خطاب أمام البرلمان الكوري الجنوبي، رسم ترمب صورة قاتمة عن بيونغ يانغ، واصفا نظامها بأنه «قمعي واستبدادي». وقال: «وسط ما يشبه نظام عبادة لدى العسكريين، يكمن اعتقاد واهم بأن مصير القائد هو الحكم كوالد حام لشبه الجزيرة الكورية المحتلة والشعب الكوري المستعبد». وصفّق النواب الكوريون الجنوبيون للرئيس الأميركي، الذي تعهد بأنه لن يخشى تهديدات بيونغ يانغ، داعيا إياها إلى عدم اختبار عزم بلاده.
وأجرت كوريا الشمالية اختبارها النووي السادس والأقوى في سبتمبر (أيلول)، فيما أطلقت عشرات الصواريخ خلال الأشهر الأخيرة.
وحلق صاروخان فوق حليفة الولايات المتحدة، اليابان، فيما أشارت بيونغ يانغ إلى قدرتها على تحميل صاروخ بإمكانه بلوغ الأراضي الأميركية برأس نووي. وقال ترمب: «لن نسمح بتعريض أميركا أو حلفائنا للابتزاز أو الهجوم»، أو «بأن تكون المدن الأميركية مهددة بالدمار».
ولمح ترمب لما سيطلبه من بكين حيال كوريا الشمالية عبر قوله: «لا يمكنكم تقديم الدعم ولا الموارد (لكوريا الشمالية) ولا القبول» بذلك، فيما حث الصين وروسيا على تطبيق العقوبات الأممية بحق بيونغ يانغ كاملة وخفض العلاقات الدبلوماسية وقطع جميع الارتباطات التجارية والتكنولوجية بنظام كيم.
وألغى الرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقت مبكر أمس، زيارة كان يعتزم القيام بها للمنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين بسبب سوء الأحوال الجوية، بحسب ما أعلن البيت الأبيض. وبقي الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي – إن، الذي توجه إلى المنطقة قبل أن تزداد كثافة الضباب، بانتظاره عند الحدود حيث توجد أسوار كهربائية وحقول ألغام وحواجز مضادة للدبابات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وخلال خطابه، وصف ترمب المنطقة منزوعة السلاح بـ«الخط الفاصل حاليا بين المضطهدين والأحرار»، وحيث «ينتهي الازدهار وتبدأ بكل أسف الدولة السجن الكورية الشمالية».
وحكمت عائلة كيم كوريا الشمالية، الدولة الفقيرة والمعزولة بيد من حديد لثلاثة أجيال حيث أظهرت عدم تسامحها مع أي معارضة سياسية. واتّهم النظام الكوري الشمالي على مدى عقود بارتكابه سلسلة من الانتهاكات الحقوقية، بينها التعذيب والاغتصاب وإعدام كل من يظهر علامات معارضة أو من يحاول الفرار من البلاد. ويُعرف عنه كذلك أنه يدير معسكرات اعتقال حيث يعمل مئات الآلاف بشكل قسري. ويحرم كذلك سكانها البالغ تعدادهم 25 مليونا من الاتصال بالعالم الخارجي عبر وسائل مثل التلفزيونات الأجنبية أو الإنترنت.
وبينما دان ترمب السلطات في بيونغ يانغ، إلا أنه أظهر كذلك انفتاحا حيال كيم الذي أشرف على التطور السريع الذي شهدته تكنولوجيا السلاح في بلاده. وقال فيما وصفها بأنها رسالة مباشرة إلى زعيم الدولة الشاب: «كوريا الشمالية ليست الجنة التي تخيلها جدك. إنها جحيم لا يستحقه أحد». وأضاف: «على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبتها بحق الله والإنسان، سنعرض عليك طريقا نحو مستقبل أفضل بكثير». ولكن على ذلك أن يبدأ عبر وقف كوريا الشمالية تطوير صواريخها الباليستية و«نزع تام وقابل للتحقق منه بشكل كامل لسلاحها النووي»، بحسب ترمب.
وحذّر محللون من أن الخطاب قد يترك أثرا سلبيا في بيونغ يانغ، التي تُعدّ غاية في الحساسية حيال أي انتقادات لقادتها.


مقالات ذات صلة

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

من دون شروط مسبقة... بوتين جاهز للتحاور مع ترمب

أعلن الكرملين، اليوم (الجمعة)، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهز للتحاور مع دونالد ترمب دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ رسم توضيحي لجلسة محاكمة ترمب، في نيويورك 7 مايو 2024 (رويترز)

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

رفضت المحكمة العليا الأميركية الخميس محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اللحظة الأخيرة وقف نطق الحكم بحقه في قضية شراء سكوت ممثلة الأفلام الإباحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.