«كريستيز» يعيد الاعتبار للفن العراقي الحديث

لوحتا جواد سليم ومحمود صبري الأغلى ثمناً

لوحة «أسى» لمحمود صبري  -  لوحة «بائع الرقّي» لجواد سليم
لوحة «أسى» لمحمود صبري - لوحة «بائع الرقّي» لجواد سليم
TT

«كريستيز» يعيد الاعتبار للفن العراقي الحديث

لوحة «أسى» لمحمود صبري  -  لوحة «بائع الرقّي» لجواد سليم
لوحة «أسى» لمحمود صبري - لوحة «بائع الرقّي» لجواد سليم

نظّمت دار كريستيز بلندن فعالية فنية هي الأولى من نوعها في هذه المضارب تحمل عنوان «مزاد فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة» الذي انعقد يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وقد سبقه عرض خاص للصحافة والإعلام تحدثت فيه خبيرات الدار عن بعض الأعمال الفنية المُشاركة التي بلغ عددها 57 لوحة وعملاً نحتياً لـ42 فناناً تشكيلياً يمثلون تسع دول عربية وشرق أوسطية، وهي مصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والكويت والإمارات العربية المتحدة وإيران وتركيا. وقد واظبت «كريستيز» على عقد مزادات الفنون شرق الأوسطية في مدينة دبي، منذ 11 عاماً، لكنها أرادت أن تُعزز الفن التشكيلي في تلك المنطقة، لذلك منحت المزاد منصة عالمية مرموقة تؤمّها الشخصيات المُولَعة باقتناء الأعمال الفنية أو المُتاجِرة بها في كبريات العواصم العالمية.
لم يتوقع المتابعون لهذا المزاد أن تتضاعف الأسعار التخمينية لبعض الأعمال الفنية إحدى عشرة مرة مثل لوحة «أسى» للفنان التشكيلي العراقي محمود صبري التي بيعت بمبلغ 668.750 ألف جنيه إسترليني، بينما كان السعر التخميني الأعلى لها هو 60 ألف جنيه، وهذا الأمر ينطبق على لوحة «بائع الرقّي» لجواد سليم التي تضاعف سعرها ثلاث مرات، وقفزت من ربع مليون جنيه إلى نفس السعر الذي بيعت به لوحة الفنان محمود صبري. كما حققت أعمال فنية لشفيق عبود، ومحمود سعيد، ورمسيس يونان أسعاراً باهضة جاوزت ربع المليون جنيه إسترليني، فيما بيعت اللوحات والمنحوتات الأخرى بأسعار معقولة تتناسب مع القيمة الفنية لكل عمل على انفراد.
يمكن تقسيم المزاد إلى ستة محاور رئيسة، بحسب البلدان التي انتظم فيها الفنانون التشكيليون، أولها مصر التي حضرت بقوة من خلال 11 فناناً، أبرزهم محمود سعيد، ورمسيس يونان، وعبد الهادي الجزّار، وجورج حنّا صباغ، وأحمد عسقلاني، لكنهم جميعاً لم يتجاوزوا السعر الذي حققته اللوحتان العراقيتان المُشار إليهما سلفاً، مع أن لوحة محمود صبري هي لوحة تشخيصية بامتياز، ويمكن أن توضع ضمن كلاسيكيات الفن العراقي، والمعروف عن صبري حداثته الفنية، وولعه بالرسم الهندسي، ونظرية الكمّ التي تكشف عن العلاقة العميقة بين العلم والفن. وتنوعت التيارات والمدارس الفنية التي انضوى تحت لافتتها الفنانون المصريون بدءاً من الواقعية والانطباعية والتشخيصية، مروراً بالتعبيرية والرمزية، وانتهاء بالسريالية، والتجريد، وهي ذات المدارس التي مرّ بها معظم الفنانين العرب إذا أضفنا إليها التجريد الهندسي الذي برع فيه محمود صبري، ومهدي مطشر.
كل الأنظار كانت متجهة إلى اللوحات الفنية الثلاث لمحمود سعيد (1897 - 1964) الذي يُعتبر واحداً من أبرز مؤسسي الفن الحديث في مصر، وحقق شهرة واسعة خلال رحلته الفنية الطويلة التي لم يتفرغ لها كلياً إلاّ بعد سن الخمسين، حينما طلب الإحالة على التقاعد، ليكرّس كل وقته لمشروعه التشكيلي الذي تتوّج ببيع لوحة «الدراويش» التي أنجزها عام 1929 في مزاد دبي عام 2010 كـ«أغلى لوحة تشكيلية لفنان عربي بالعالم» إذ بلغ ثمنها 2.536.500 دولار أميركي، ليُنهي الخرافة القائمة بأن الفنانين الأوروبيين والأميركيين هم الذين تفرّدوا ببيع لوحاتهم بأسعار فلكية. وهذه التحف الفنية الثلاث لمحمود سعيد هي «عارية مع الستارة الرمادية» و«ذات العينين الخضراوين» و«هانم» وقد بيعت الأخيرة بمبلغ 320.750 جنيه إسترليني، بينما توقع النقاد والخبراء أن تتصدر لوحاته الفنية أعلى الأسعار في المزاد الذي تفوقت فيه لوحتا محمود صبري وجواد سليم مُحققة أرقاماً قياسية تدلل على أهمية الفنانين العراقيين الذين أعادوا للفن التشكيلي العراقي هيبته ومكانته الإبداعية في العالم.
وكذلك حظيت لوحة «La passion Sauvage» للفنان المصري الراحل رمسيس يونان (1913 - 1966) باهتمام المتنافسين على اقتنائها في المزاد، وتُعتبر هذه اللوحة الأكثر تعقيداً في منجزه الفني، وهي تمثل ذروة الصراع الذي يدور بين الوعي واللاوعي. يعدّ يونان مؤسس السريالية والتجريد في مصر، وقد بيعت لوحته بنحو ربع مليون جنيه إسترليني، بينما لم يتجاوز سعر لوحته الثانية «قواقع» سقف العشرين ألف جنيه.
أما الفنان المصري الثالث الذي اشترك عمله في المزاد فهو النحات أحمد عسقلاني (1978) الذي ينطلق دائماً من شعار «البساطة فلسفتي»، وتتمحور تجربته النحتية على رؤوس صغيرة جداً مثبتة على أجسام ضخمة، وربما يكون عمله النحتي الموسوم بـ«المفكّر» هو خير دليل لما نذهب إليه في تكثيف الدلالة، وإدهاش المتلقي.
تستحضر «كريستيز» العديد من نتاجات الفنانين العرب، من بينهم الفنان الواقعي السريالي السوري فاتح المدرِّس الذي كان يرسم شخصيات مجهولة لا يعرفها المتلقي، غير أن اللوحتين المعروضتين في هذا المزاد تضم وجهين مألوفين. ففي اللوحة الأولى غير المعنونة التي أنجزها المدرِّس عام 1974 نرى فيها شخصية سورية معروفة، وهي أمل الغازي التي تحتضن طفلاً، وتعكس من خلاله معنى الأمومة. فيما نرى في اللوحة الثانية شقيقها غيث الغازي، وهو يحتضن عدة أطفال مُجسِّداً أبوّته الحانية.
أما الفنان السوري الثاني فهو مروان قصاب باتشي (1934 - 2016) الذي عرف برسم البورتريهات أو «الرؤوس» كما يسمّيها. ولوحته غير المعنونة التي رسمها عام 1976 تستحوذ على سطح العمل برمته، وهي تعكس منحى تعبيرياً واضحاً يتجاوز المعالم الخارجية للوجه، ويغوص في أعماق الشخصية المرسومة التي تكاد تلتهم الفضاء الذي يحيط بها.
يُحيلنا الفنان اللبناني شفيق عبود (1926 - 2004) إلى الأزياء الصينية، فيما تأخذنا هيلين خال (1923 - 2009) إلى عالمها الفني الذي يتكامل فيه التشخيص مع التجريد كما في لوحة الصبي الصغير الذي يرتدي شورت سباحة وخلفه مجموعة من الأشكال الهندسية التي يتسيّد فيها اللون الأزرق.
احتفى المزاد بأعمال فنية لاثني عشر فناناً إيرانياً، بينهم بهمن مُحصص (1931 - 2010) الذي حُطمت أعماله بعد الثورة الإسلامية. وكدأب الفنانين الأصلاء كان مُحصص يخشى من المستقبل، ويحاول قراءته جهد الإمكان. ففي أواخر عام 1976 عانت إيران من أزمة حادّة، وتضخم مالي، وبلغت التناقضات الاجتماعية ذروتها فرسَم المستقبل المتخيل باللون الأسود على سطوح تصويرية دموية، وبأسلوب مؤثر يستدعي أسطورة تيريسياس الذي يمثل الفنان نفسه، فلا غرابة أن نجده مفزوعاً بعينيه المفتوحتين عن آخرهما، وهو يقف وسط حيوانات مهجّنة تبث الرعب في عيون المتلقين. ثمة لوحة مهمة للفنانة منير شاهرودي فرمانفرمائيان تحمل عنوان «نبضات القلب» التي تُذكِّرنا بالصور البيانية الكهربائية لعمل القلب لكنها مُنفذة على الموزائيك العاكس طبقاً للأسلوب القاجاري الذي كان شائعاً في إيران قبل قرن أو يزيد. ثمة فنانون إيرانيون آخرون حققوا حضوراً لافتاً سواء بلوحاتهم أو بمنحوتاتهم مثل منحوتة «العاشقان» لبرويز تناولي، ولوحة «الإناء العائم» لفرهاد مشيري، و«المنمنمة الزرقاء» لشيشه كَران وسواها من الأعمال الفنية القيّمة التي أثارت شهية المتنافسين على الاقتناء.
لا بد من الإشارة في خاتمة المطاف إلى الفنانين الأربعة الآخرين الذين مثلوا الإمارات والكويت وفلسطين وتركيا، وكانت أعمال البعض منهم تتوفر على لمسات فنية ربما لم تصل إلى أذهان المُقتنين، وخصوصاً لوحة «العارية المتكئة» للكويتية - السعودية منيرة القاضي التي موّهت ملامح الوجه، لكنها ركزت بالمقابل على المواصفات الجسمانية التي قدّمتها للمتلقي بطريقة احترافية لافتة للنظر.



تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
TT

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)

تصدّرت أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت تامر حسني ورامي صبري في «ديو غنائي» للمرة الأولى في مشوارهما، «تريند» موقع «يوتيوب»؛ وخطفت الأغنية الاهتمام مُحقّقة مشاهدات تجاوزت 600 ألف مشاهدة بعد طرحها بساعات. وهي من كلمات عمرو تيام، وألحان شادي حسن. ويدور الكليب الغنائي الذي أخرجه تامر حسني حول علاقات الحب والهجر والندم.

وتعليقاً على فكرة «الديوهات الغنائية» ومدى نجاحها مقارنة بالأغنيات المنفردة، قال الشاعر المصري صلاح عطية إن «فكرة الديو الغنائي بشكلٍ عام جيدة وتلقى تجاوباً من الجمهور حين يكون الموضوع جيداً ومُقدماً بشكل مختلف».

تامر حسني ورامي صبري في لقطة من كليب «فعلاً ما بيتنسيش» (يوتيوب)

ويؤكد عطية أن «الديو» ينتشر أولاً بنجومية مطربيه وجماهريته، ومن ثَمّ جودة العمل. وفي ديو «فعلاً ما بيتنسيش» للنجمين تامر ورامي، قُدّم العمل بشكل يُناسب إمكاناتهما الصّوتية ونجوميتهما، كما أنه خطوة جيدة وستكون حافزاً لغيرهما من النجوم لتقديم أعمالٍ مشابهة.

وشارك تامر حسني فيديوهات كثيرة لتفاعل الجمهور مع ديو «فعلاً ما بيتنسيش»، عبر حسابه الرسمي في موقع «فيسبوك»، وكتب تعليقاً عبر خاصية «ستوري» لأحد متابعيه بعد إشادته بالديو جاء فيه: «منذ 10 أشهرٍ وأنا أعمل وأفكر مع رامي لتقديم عملٍ يليق بالجماهير الغالية السَّمّيعة».

رامي صبري في لقطة من الكليب (يوتيوب)

وبعيداً عن الإصدارات الغنائية، ينتظر تامر حسني عرض أحدث أعماله السينمائية «ري ستارت». وبدأ حسني مشواره الفني مطلع الألفية الجديدة، وقدّم بطولة أفلام سينمائية عدّة، من بينها «سيد العاطفي» و«عمر وسلمى» و«كابتن هيما» و«نور عيني» و«البدلة» و«الفلوس» و«مش أنا» و«بحبك» و«تاج».

«ولأن الديو وغيره من الألوان مثل (الموشّحات والدور والقصيدة)، لم يعد لها في السنوات الأخيرة وجود لافت على الساحة، فإنه عندما يقدّم أحد النجوم عملاً حقيقياً وصادقاً فإنه يلمس الوتر عند الجمهور ويحقّق النجاح، وهذا ما فعله تامر ورامي»، وفق أحمد السماحي، الناقد الفني المصري.

وتابع السماحي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ديو (فعلاً ما بيتنسيش) عملٌ مناسبٌ للأجواء الشتوية، ويتضمّن كلمات هادفة وموضوعاً مهماً مثل (عدم تقدير الحبيب) والندم على ذلك». كما أشاد السماحي بأداء رامي وتامر في الكليب، خصوصاً أن قصته يعاني منها شباب كثر، وظهورهما معاً أظهر فكرة المعاناة في بعض العلاقات العاطفية.

تامر حسني (حسابه في فيسبوك)

لم يكن ديو رامي وتامر الأول في مسيرة الأخير، فقد شارك خلال مشواره في أعمالٍ غنائية مع عدد من الفنانين، من بينهم شيرين عبد الوهاب وعلاء عبد الخالق وكريم محسن والشاب خالد وأحمد شيبة ومصطفى حجاج وبهاء سلطان وغيرهم.

في حين بدأ رامي صبري مشواره بالتلحين، وقدّم بعد ذلك أغنيات خاصة به، من بينها «حياتي مش تمام»، و«لما بيوحشني»، و«أنتي جنان»، و«بحكي عليكي»، و«غريب الحب». وقبل يومين، شارك صبري في حفلٍ غنائيٍّ على مسرح «أبو بكر سالم»، جمعه بالفنانة اللبنانية نانسي عجرم ضمن فعاليات «موسم الرياض».

من جانبها، نوّهت الدكتورة ياسمين فراج، أستاذة النقد الموسيقيّ في أكاديمية الفنون، بأنه لا يمكننا إطلاق مصطلح «ديو غنائي» على أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت رامي وتامر، فهي أغنية تصلح لمطرب واحد، مشيرة إلى أن «الديو له معايير أخرى تبدأ من النّص الشعري الذي يتضمّن السؤال والجواب والحوار».

ولفتت ياسمين فراج، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مشاركة نجمين من الجيل نفسه في أغنية، تُوحي بالترابط بينهما، ووجودهما على الساحة له مردودٌ إيجابي جاذبٌ للناس نظراً لجماهيريتهما التي رفعت من أسهم الأغنية سريعاً».

تامر حسني ورامي صبري في لقطة من كليب الأغنية (يوتيوب)

ووفق عطية، فإن «فكرة الديوهات قُدّمت منذ زمن طويل وجمعت نجوماً، من بينهم محمد فوزي وليلى مراد في أغنية «شحّات الغرام»، وفريد الأطرش وشادية في أغنية «يا سلام على حبي وحبك»، وحتى في تسعينات القرن الماضي، قدّم الفنان حميد الشاعري كثيراً من الديوهات أشهرها «عيني» مع هشام عباس، و«بتكلم جد» مع سيمون.

وأفاد عطية بأن هناك ديوهات حققت نجاحاً لافتاً من بينها أغنية «مين حبيبي أنا» التي جمعت وائل كفوري ونوال الزغبي، و«غمّض عينيك» لمجد القاسم ومي كساب، حتى في نوعية المهرجانات شارك عمر كمال وحسن شاكوش في أغنية «بنت الجيران».