جوليان مور لـ«الشرق الأوسط»: الأهم ماذا أفعل وليس إلى أين أتجه؟

التنويع ليس جديداً عليها لكنّه ملحوظ اليوم أكثر من السابق

جوليان مور - جوليان مور في لقطة من «كينغزمن: الحلقة الذهبية»
جوليان مور - جوليان مور في لقطة من «كينغزمن: الحلقة الذهبية»
TT

جوليان مور لـ«الشرق الأوسط»: الأهم ماذا أفعل وليس إلى أين أتجه؟

جوليان مور - جوليان مور في لقطة من «كينغزمن: الحلقة الذهبية»
جوليان مور - جوليان مور في لقطة من «كينغزمن: الحلقة الذهبية»

هناك ثلاثة أفلام جديدة للممثلة جوليان مور لكن ليست هي ذاتها في كل واحد من هذه الأفلام. هي ممثلة من العهد الصامت في «ووندرسترك» لتود هاينز الذي تقع أحداثه في السبعينات من القرن الماضي. وهي الشقيقة التوأم التي أسهمت في قتل شقيقتها لكي ترث زوجها ومالها في «سبوربيكون». أمّا في «كينغزمن: الحلقة الذهبية»، فهي الشريرة الأولى التي تختطف المغني إلتون جون لكي يخفف عنها وحدتها. لكن هذا ليس كل ما تقوم به في هذا الفيلم إذ هي تملك في بلد أفريقي تجارة مخدرات رائجة.
هذا التنويع ليس جديداً عليها، لكنّه ملحوظ اليوم أكثر من السابق خصوصاً بعد نجاح سلسلة «ألعاب الجوع» الذي شاركت في تمثيله.
لا يبدو على وجهها أي أثر للسنوات التي تحملها، إلّا إذا اختارت أن تبدو كذلك كما في «ووندرسترك». لكنّها ولدت بالفعل سنة 1960 في بلدة صغيرة اسمها فورت براغ في «نورث كارولاينا». ولدت باسم جوليا سميث (نسبة لأبيها بيتر مور سميث) وكان اسمها يكتب مفرقاً: جولي آن سميث. لكن عندما بدأت العمل في التلفزيون والسينما في منتصف الثمانينات اكتشف وجود ممثلة أخرى بذلك الاسم فغيرت اسمها إلى جوليان مور.
القول بأنّها موهوبة أمر بدهي لا يكفي لتحليل كنيته. هي واحدة من الممثلات اللواتي يستطعن بسهولة النفاذ إلى أي دور تريد النفاذ إليه من دون أن ترتكب هفوة المبالغة أو الادعاء. ومنذ البداية فرضت على عملها مستوى مثيراً للاهتمام بسبب ملامحها من ناحية وبسبب موهبتها من ناحية مماثلة.
على ذلك فإن دخولها العمل السينمائي لم يحمل الكثير لا من الجمال ولا من الموهبة. الفيلم كان «حكايات من الجانب الداكن» (فيلم تألف من ثلاثة فصول قصيرة وأنتج سنة 1990) وكل ما قامت به كان لعب دور فتاة تسقط ضحية هجوم للمومياء. بعد عامين ارتقت إلى أدوار مساندة في «اليد التي تهز المهد» ثم في «الهارب» أمام هاريسون فورد. في النصف الثاني من التسعينات تبلورت كممثلة درامية جادة في أعمال عدة من بينها «فانيا الشارع 42» للفرنسي لوي مال. المخرج الأميركي تود هاينز اعتاد على إشراكها في أفلامه منذ 1990 (وأول فيلم لها تحت إدارته كان Safe) والمخرجون المماثلون في قدراتهم الفنية تبعوه ومن بين أبرز أفلامها في هذا الاتجاه «بوغي نايتس») لبول توماس أندرسن، و«حظ الحلوى» لروبرت ألتمن و«مانغوليا» لأندرسن أيضاً وصولاً إلى «الساعات» لستيفن دولدري و«أطفال الرجال» لألفونسو كوارون.
في عام 2015 فازت بالأوسكار عن دورها في «ما زالت أليس» (Still Alice) وعنه أيضاً نالت جائزة «غولدن غلوبس».

اتجاهات فنية

> لديك ثلاثة أفلام معروضة في وقت واحد... ما الفيلم الذي تفضلينه أكثر من سواه؟
- هذا سؤال غير سهل، ليس لأنني لا أملك جواباً له أو أي شيء من هذا القبيل، بل لأنني كنت مقتنعة بكل واحد منها عندما بدأت العمل عليه. أحببت غموض «ووندرسترك» ومعاني «سبوربيكون» وخفة «كينغزمن». أحببت كذلك العمل مع مخرجي هذه الأفلام تود هاينس وجورج كلوني وماثيو فون. ليس من بينهم من يفشل في تنفيذ الفيلم الذي يريده وهذا جيد لأن الممثل يريد أن يرى أن جهده لم يذهب في غير طريقه. النتيجة جيدة لنا جميعاً.
> يختلف «كينغزمن: ذا غولدن سيركل» عن لفيلمين الآخرين بأنه فانتازيا في مقابل فيلمين لا أقول إنهما واقعيان، لكنهما أقرب إلى الواقع. هل تؤكدين ذلك؟
- من حيث الاختلاف «نعم». هو فيلم ترفيه فيه كثير من المشاهد التي ليس من المطلوب تصديقها. في الحقيقة لا شيء فيه يستند إلى الواقع باستثناء أنّه كل يوم هناك صراع على هذه الأرض بين الأخيار والأشرار. من هذه الناحية هو مثل أفلام جيمس بوند، لأنه يستند إلى هامش عريض في الحياة، لكنّه يعالج هذا الهامش بطريقة فانتازية.
لكن في اعتقادي أنّ الفيلمين الآخرين ليسا واقعيين تماماً. «ووندرسترك» في النهاية هو قصة مرتبطة بالحياة الواقعية لكن الأحداث تميل صوب الخيال أيضاً. و«سبوربيكون» يفعل الشيء نفسه لأنه يبتكر مدينة خيالية ليروي فيها أحداثه. طبعاً المدينة رمز لمدننا اليوم، لكن الخيال موجود في الفيلم بوضوح.
> إذن هل هناك أفلام واقعية على الإطلاق؟
- نعم. لكن من الضروري تلوين الواقع في الوقت نفسه. إنه مثل الرسم الذي عليك أن تضيف إليه ربما لوناً شاحباً أو مفرحاً...
> هل تفكرين في اتجاهاتك الفنية؟ أعني هل تفكرين أين كنت بالأمس وأين أصبحت اليوم؟ أو أين ستكونين في الغد؟
- لا. ربما عندما كنت شابة صغيرة. كنت في سن السذاجة وأردت أن أصبح ممثلة وزارتني أحلام اليقظة حول أنني سأنجح في مهنتي وأصبح ممثلة ناجحة. لكن لاحقاً توقفت عن ذلك. لا يهمني أين أنا ذاهبة. الأهمية القصوى عندي هو ماذا أفعل وليس إلى أين أتجه. هذا هو أهم وأجدى من مراقبة خطواتي ووضع حسابات مختلفة لأن هذه الحسابات ليس مقياساً في اعتقادي.

سوبرمان

> أنطوني هوبكنز قال لي ذات مرّة إن الممثل عليه أن يتمتع باللحظة التي يقوم فيها بتمثيل الدور لا أن يعيش زمناً آخر.
- هذا صحيح وأؤمن به كثيراً. أقول إن على كل منا، ليس الممثل فقط، أن يسعى لإتقان ما يقوم به اليوم والآن، بصرف النظر عن وضعه بالنسبة لمرحلة حياته الحالية. هذا طبقته منذ أن عملت «غرسونة» في أحد المطاعم، وبعد ذلك في كل مرحلة من مراحل حياتي كممثلة.
> هل توافقين على أن لقب الممثل أهم أو أفضل من لقب النجم؟
- بكل تأكيد. الأول يبقى. الثاني يذهب. أو حتى لو بقي فإن نجومية الممثل لا تبقى كما هي. اسمع. تشارلي تشابلن كان نجماً في أوانه ولا يزال معروفاً لليوم، لكن هل تعتقد أنّه كان سيحقق هذه المستوى من النجاح لو لم يكن ممثلاً جيداً؟ لا أعتقد.
> في «سبوربيكون» كما في «كينغزمن» تؤدين دوراً شريراً. هل كان ذلك صدفة؟
- كان صدفة. الدور في «سبوربيكون» كان مثيراً لاهتمامي والشر فيه لا يتبدّى سريعاً. تكتشفه بعد فترة من الغموض وهذا مثير في اعتقادي وعلى عكس «كينغزمن». لكن «كينغزمن» فيلم فيه نبرة حية. عندما سُئِلت سابقاً عن وصف له قلت إنه مثل (رسومات) «رودرَنر» (Roadrunner)إنه عالم مختلف تماماً.
> أي ممثلة لعبت دور الشريرة سابقاً أثرت فيك وأنت صغيرة؟
- فاليري بيرين في «سوبرمان» الأول (نسخة 1978). لم أكن قد أصبحت ممثلة بعد، لكنّي أعجبت كثيراً بالطريقة التي مثلت فيها دورها. أعجبني أيضاً جين هاكمن في دور الشرير. إنّهما ذلك النوع المجنون من الأشرار، لكن لديه القدرة على أن يظهر طبيعياً.
> في «سبوربيكون» يختلف الوضع، إذ إن الدور أكثر جدية.
- صحيح. أكثر جدية لكن فيه لمسة كوميدية في الوقت ذاته. أعتقد أنّ الجريمة فيه جادة بينما الجريمة في الفيلم الآخر غير واقعية. إنها خيالية مفرطة في «كينغزمن».
> هل أنت امرأة جادة أكثر أم مرحة أكثر؟
- أنا ممثلة جادة، لكني في حياتي بعيداً عن الكاميرا مرحة أكثر... هكذا آمل على أي حال.
> أنت واحدة من الممثلات اللواتي بدأن التمثيل في فيلم رعب. هل تذكرين «حكايات من الجانب الداكن»؟
- نعم، لكن هل تقصد أن هناك كثيرات من الممثلات اللواتي بدأن التمثيل في أفلام رعب؟
> نعم. هناك شارون ستون وروني مارا وميشيل ويليامز وآمي أدامز.
- صحيح؟ لم أكن أعلم، لكنّني أعتقد أنّ السبب عادة ما يكون في أنه حين تكون في بداية حياتك الفنية كممثل تقبل على أي شيء وأفلام الرعب هي أول ما يُعرَض عادة... دور الممثلة عادة ما يكون صغيراً وكل ما عليها أن تقوم به هو أن تصرخ وتموت (تضحك).

أفلام شعبية

> هل تختلف تقنيات عملك اليوم عما كانت عليه بالأمس؟
- كثيراً. في بداياتي كانت قراءة السيناريو هي السبيل للاجتهاد في تطبيق الشخصية التي سأقوم بتمثيلها. يمر الممثل بتجارب متعددة قبل أن يجد أنّ المهم ليس مجرد التطبيق بل معرفة كيفية التحضير للدور. هذا يعني عندي أنّه علي أن أتأكد من أنّني لا أحفظ حواري بل أربطه بالشخصية لأرى كيف يمكن لها أن تتبنى هذا الحوار. كيف تنطقه ولماذا.
> ماذا تفعلين خلال التصوير عندما لا تكونين في اللقطة التالية؟ هل تراقبين من بعيد؟
- أحاول أن أكون نفسي. أن أعود إلى جوليان التي لا تفارقني بذلك أعتقد أني أحافظ على حيويتي ونشاطي. المسألة هي مثل القفز فوق الحبل. أنت في الدور للحظات وخارجه للحظات. أجد ذلك أسهل عندي من أن أبتعد عن مكان التصوير كلياً وأعود إليه عندما يحين تصوير المشهد الذي سأظهر فيه.
> هل يشاهد أولادك أفلامك السابقة؟
- لا السابقة ولا الحالية (تضحك). عليك أن تعلم أن الأولاد عادة ما يشاهدون ما يدخل عالمهم وليس ما يوجد في عالم الآباء والأمهات. إذا كنت تقصد أن ولدي مهتمان بمشاهدتي في أفلام من نوع «خريطة العالم» و«الساعات» و«بعيداً عن السماء» لأنّها بعض الأفلام التي سعدت كثيراً بتمثيلها فأنت مخطئ. يحبون «كينغزمن» وليس لأني مثلت فيه بل لأنه ترفيه محض.
> هناك نوعان من أفلامك؛ النوع الدرامي الجاد والنوع الخفيف إلى حد ما ولا أعني التقليل من شأنه...
- لكن هذا صحيح. هذه الأفلام هي التي تنتمي إلى الثقافة الشعبية مثل «كينغزمن» و«ألعاب الجوع».
> هل تؤمين الأفلام الدرامية لحبك للتمثيل النوعي والأفلام الشعبية لأنّها أكثر نجاحاً؟
- هناك شيء من هذا، لكني لا أنظر إلى المسألة من هذا المنظار. بطبيعة الحال الأدوار الجادة التي أقوم بها تستهويني لأنها تقول الكثير حول الشخصية أو حول العالم الذي تعيش فيه أو العالم الذي نعيش نحن فيه. لكن هذه المرايا موجودة أيضاً في الأفلام المصنوعة كترفيه. «ألعاب الجوع» لا يقل تعليقاً عن حال المجتمع عن «الفتيان بخير» مثلاً. إنّه مجرد وسيلة تعبير مختلفة لجمهور أكثر عدداً.
> والتحضير هو واحد بالنسبة إليك في كلا النوعين؟
تماماً. لا آتي إلى تصوير أي فيلم بتحضير مختلف لأنه فيلم فني أو فيلم ترفيهي، بل إن هذا التقسيم ليس صحيحاً في رأيي. هناك أفلام رائعة في كلا النوعين وأفلام سيئة في كليهما أيضاً. لكن لكل نوع وسيلته الخاصة في الوصول إلى ما يقدمه للجمهور وليس من صالح الممثل أن يبني مهنته على كيف سيستقبل الجمهور هذا الفيلم أو ذاك.
> أوافقك تماماً لكن على ماذا يبنيها إذن؟
- يبنيها على قناعته بأنّه يحب مهنته كممثل وعليه أن يجيدها بصرف النظر عن النتائج.


مقالات ذات صلة

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

يوميات الشرق الممثل البريطاني راي ستيفنسون (أ.ب)

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

توفي الممثل البريطاني راي ستيفنسون الذي شارك في أفلام كبرى  مثل «ثور» و«ستار وورز» عن عمر يناهز 58 عامًا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

«إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

أثارت تصريحات الفنان المصري محمد فؤاد في برنامج «العرافة» الذي تقدمه الإعلامية بسمة وهبة، اهتمام الجمهور المصري، خلال الساعات الماضية، وتصدرت التصريحات محرك البحث «غوغل» بسبب رده على زميله الفنان محمد هنيدي الذي قدم رفقته منذ أكثر من 25 عاماً فيلم «إسماعيلية رايح جاي». كشف فؤاد خلال الحلقة أنه كان يكتب إفيهات محمد هنيدي لكي يضحك المشاهدين، قائلاً: «أنا كنت بكتب الإفيهات الخاصة بمحمد هنيدي بإيدي عشان يضحّك الناس، أنا مش بغير من حد، ولا يوجد ما أغير منه، واللي يغير من صحابه عنده نقص، والموضوع كرهني في (إسماعيلية رايح جاي) لأنه خلق حالة من الكراهية». واستكمل فؤاد هجومه قائلاً: «كنت أوقظه من النوم

محمود الرفاعي (القاهرة)
سينما جاك ليمون (يسار) ومارشيللو ماستروياني في «ماكاروني»

سنوات السينما

Macaroni ضحك رقيق وحزن عميق جيد ★★★ هذا الفيلم الذي حققه الإيطالي إيتوري سكولا سنة 1985 نموذج من الكوميديات الناضجة التي اشتهرت بها السينما الإيطالية طويلاً. سكولا كان واحداً من أهم مخرجي الأفلام الكوميدية ذات المواضيع الإنسانية، لجانب أمثال بيترو جيرمي وستينو وألبرتو لاتوادا. يبدأ الفيلم بكاميرا تتبع شخصاً وصل إلى مطار نابولي صباح أحد الأيام. تبدو المدينة بليدة والسماء فوقها ملبّدة. لا شيء يغري، ولا روبرت القادم من الولايات المتحدة (جاك ليمون في واحد من أفضل أدواره) من النوع الذي يكترث للأماكن التي تطأها قدماه.

يوميات الشرق الممثل أليك بالدوين يظهر بعد الحادثة في نيو مكسيكو (أ.ف.ب)

توجيه تهمة القتل غير العمد لبالدوين ومسؤولة الأسلحة بفيلم «راست»

أفادت وثائق قضائية بأن الممثل أليك بالدوين والمسؤولة عن الأسلحة في فيلم «راست» هانا جوتيريز ريد اتُهما، أمس (الثلاثاء)، بالقتل غير العمد، على خلفية إطلاق الرصاص الذي راحت ضحيته المصورة السينمائية هالينا هتشينز، أثناء تصوير الفيلم بنيو مكسيكو في 2021، وفقاً لوكالة «رويترز». كانت ماري كارماك ألتوايز قد وجهت التهم بعد شهور من التكهنات حول ما إن كانت ستجد دليلاً على أن بالدوين أبدى تجاهلاً جنائياً للسلامة عندما أطلق من مسدس كان يتدرب عليه رصاصة حية قتلت هتشينز. واتهم كل من بالدوين وجوتيريز ريد بتهمتين بالقتل غير العمد. والتهمة الأخطر، التي قد تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات، تتطلب من المدعين إقناع

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
سينما سينما رغم الأزمة‬

سينما رغم الأزمة‬

> أن يُقام مهرجان سينمائي في بيروت رغم الوضع الصعب الذي نعرفه جميعاً، فهذا دليل على رفض الإذعان للظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها البلد. هو أيضاً فعل ثقافي يقوم به جزء من المجتمع غير الراضخ للأحوال السياسية التي تعصف بالبلد. > المهرجان هو «اللقاء الثاني»، الذي يختص بعرض أفلام كلاسيكية قديمة يجمعها من سينمات العالم العربي من دون تحديد تواريخ معيّنة.


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».