«بانوراما الفيلم الأوروبي» في مصر... 10 سنوات من الثقافة السينمائية

تسلط الضوء على غموض لندن وتعرض 55 فيلماً بينها أعمال للأخوين لوميير

TT

«بانوراما الفيلم الأوروبي» في مصر... 10 سنوات من الثقافة السينمائية

منذ 10 سنوات مضت، أخذت المنتجة السينمائية المصرية ماريان خوري على عاتقها نشر الثقافة السينمائية بشكل مستقل عبر نافذة «بانوراما الفيلم الأوروبي» في محاولة منها لفتح آفاق الشباب المصري على عالم السينما الأوروبية، التي لا تجد مكاناً لها في دور العرض السينمائي بسبب الغزو الهوليوودي.
هذا العام تنطلق الدورة العاشرة من البانوراما في الفترة من 8 إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) بمشاركة 26 دولة أوروبية وتعرض وجبة دسمة لعشاق ومحبي فن السينما عبر 55 فيلماً، ما بين أفلام روائية طويلة وأخرى تسجيلية وأخرى وثائقية ورسوم متحركة، حازت مؤخراً جوائز في مهرجانات سينمائية مختلفة.
تقول ماريان خوري، رئيسة بانوراما الفيلم الأوروبي، لـ«الشرق الأوسط»: «خلال 10 سنوات أصبحت البانوراما الحدث السينمائي الأكثر ترقباً من قبل الشباب والمهتمين بالسينما، بل وأفرزت جيلاً جديداً من صناع السينما بتشكيل وعيهم وخبراتهم وثقافتهم السينمائية من خلال انفتاحهم على السينما الأوروبية بكل ثقلها وتراثها الكبير» وتضيف: «في كل عام يعمل فريق عمل البانوراما وهم جميعاً من الشباب أقل من 30 عاماً على اختيار الأفلام، وأيضاً نحرص على وجود جانب تعليمي يرتقي بكل جوانب العمل السينمائي، هذا العام سيكون هناك برنامج موازٍ يتضمن مجموعة من ورش العمل والورش الدراسية مع ضيوف من صناع السينما على مستوى العالم، وتحديداً في مجال السيناريو والصوت وصناعة الفيلم الوثائقي. أما قسم (علامات سينمائية) فقد بدأ منذ الدورة السابعة، حيث يختار 3 مخرجين مصريين أفلاماً أوروبية أثّرت في مسيرتهم لكي تُعرض في البانوراما. هذا العام طلبنا من كلٍّ من كاملة أبو ذكري، وعلي بدرخان، وتامر السعيد باختيار فيلم مفضل لكل واحد منهم لكي يتم عرضه في البانوراما».
وأوضحت خوري: «ستقدم البانوراما برنامجها كاملاً بالقاهرة، كما ستُعرض مختارات من الأفلام في 10 محافظات، هي: الإسكندرية، والإسماعيلية، وبورسعيد، بالإضافة إلى عرض واحد في كل من أسيوط، ودمياط، والمنصورة، والمنيا، وقنا، والزقازيق».
وعقدت ماريان خوري مؤتمراً صحافياً أمس (الأحد)، بسينما الزمالك مع ممثلين للمراكز الثقافية الأوروبية المشاركة بأفلام في بانوراما العام الحالي.
وحول المشاركة البريطانية في البانوراما هذا العام، قالت كاثي كوستين، مديرة البرامج الفنية بالمجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «البانوراما سوف تسلط الضوء هذا العام على مدينة لندن بغموضها في قسم (عدسة المدينة) وسوف نشارك بـ3 أفلام، من بينها فيلم (لافينج فينسينت) وهو إنتاج مشترك مع بولندا عام 2017، ويروي قصة حياة فينسينت فان جوخ المأساوية، ويعد هذا الفيلم الأول من نوعه كفيلم يقوم بالكامل على اللوحات الزيتية. وحصل هذا الفيلم على جائزة الجمهور بمهرجان (أنيسي أنيميتد) السينمائي الدولي 2017، وجائزة (أفضل فيلم رسوم متحركة) بمهرجان شانغهاي السينمائي الدولي 2017».
بينما قال فيكتور سلامة، ممثل المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «شراكتنا مع البانوراما قديمة منذ بدايتها عام 2004، وهذا العام تستعيد البانوراما التاريخ السينمائي المشترك بين فرنسا ومصر، حيث تعرض أفلاماً للأخوين لوميير التي تمثل بدايات السينما في فرنسا ومصر».
من جانبه، دعا أحمد إسماعيل، ممثلاً عن سفارة السويد بالقاهرة، حضور المؤتمر الصحافي، إلى حضور الفيلم السويدي «ذا سكوير» أو «المربع» وهو فيلم يحمل كوميديا ممزوجة بالإثارة، وحصل على جائزة في مهرجان «كان»، بينما قال باولو سباتيني، مدير المركز الثقافي الإيطالي، إن إيطاليا ستشارك هذا العام من خلال 3 أفلام، داعياً جمهور البانوراما لحضور فيلم «بريفيكت سترينجيرس» أو «غرباء مثاليون» الذي يتناول المجتمع الإيطالي المعاصر وكيف أثرت عليه التكنولوجيا والهواتف الجوالة، وتلاشي الخصوصية في حياة المجتمع.
أما السيدة يوهانا كيلر، مديرة البرامج الثقافية بمعهد جوتة الألماني بالقاهرة، فقالت لـ«الشرق الأوسط» بلغة عربية واضحة وعامية مصرية متقنة: «يدعم معهد جوتة البانوراما منذ نشأتها، وخروج البانوراما إلى 10 محافظات في مختلف أنحاء مصر هو أمر رائع حقاً. هذا العام نشارك من خلال 3 أفلام منها فيلم عن حياة كارل ماركس، وكيف أسس الشيوعية، وفيلم عن الفنان جوزيف بويز». وأضافت: «أهمية المهرجانات السينمائية أنها تقرب الثقافات والشعوب، ولدينا في برلين مهرجان سنوي بعنوان (الفيلم) وهو مهرجان للأفلام العربية يركز على جمال السينما العربية وتنوعها وأهميتها». بينما أشار فينسنت هيرلي، ممثلاً عن سفارة آيرلندا، إلى أن «السينما الآيرلندية تحتاج إلى تقديم نفسها في المهرجانات السينمائية وتعد البانوراما ذات أهمية كبرى ومكاناً مثالياً لعرض أفلامنا، كدولة صغيرة تحاول أن تستثمر في المجال الثقافي؛ لأن السينما بشكل عام والسينما المستقلة بشكل خاص لها دور كبير جداً في حوار الثقافات». وأضاف: «هذا العام نعرض فيلم (قتل الغزال المقدس) وهو من الأفلام المهمة التي تتيح مساحات واسعة للنقاش للجمهور عقب مشاهدته، كما سنعرض فيلمين آخرين أحدهما يناقش روعة الطفولة وأحلامها، والآخر عن الهجرة ومآلاتها».
وتضم البانوراما هذا العام عدة أقسام منها: «الأفلام الروائية الطويلة» يُسلط هذا القسم من البانوراما الضوء على الغنى والتنوع الذي تتميز بهما السينما الأوروبية. ويقدم مجموعة مختارة من أحدث الأفلام الأوروبية المُعترف بتميزها عالمياً من خلال مشاركتها في العديد من المهرجانات.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».