30 طاهياً يضعون المطبخ الشرق أوسطي تحت المجهر في بيروت

الطهاة في صورة تذكارية مع مدير عام «كمبنسكي سمرلاند» دانييل فاستولو ({الشرق الأوسط})
الطهاة في صورة تذكارية مع مدير عام «كمبنسكي سمرلاند» دانييل فاستولو ({الشرق الأوسط})
TT

30 طاهياً يضعون المطبخ الشرق أوسطي تحت المجهر في بيروت

الطهاة في صورة تذكارية مع مدير عام «كمبنسكي سمرلاند» دانييل فاستولو ({الشرق الأوسط})
الطهاة في صورة تذكارية مع مدير عام «كمبنسكي سمرلاند» دانييل فاستولو ({الشرق الأوسط})

ثقافة المطبخ العالمي بكل ما تجمعه من حداثة وأصالة وعناوين أطباق أنيقة ملونة بنكهة لبنانية، استضافتها بيروت ضمن تظاهرة طهاة عالميين اختاروا «ست الدنيا» لإبراز مهاراتهم المطبخية فيها.
في فندق «كمبنسكي - سمرلاند» أحد الفنادق العريقة في بيروت، اجتمع 30 طاهياً واختصاصيَ طعام وشرابٍ ينتمون إلى عائلة «كمبنسكي» في العالم، لتقديم أطباق مميزة دمغوها بمكونات لبنانية أصيلة. فكما السماق والكمون والرمان الحامض التي نكهت أطباق الريزوتو وكانيلوني الأفوكادو وسمك السلطان إبراهيم، كذلك حضرت الكنافة لتؤلف مع جبنة الريكوتا الإيطالية حلوى «ميل فوي» الفرنسية.
أمّا المدعوون الذين تألفوا من شخصيات لبنانية وأخرى أجنبية دعتها إدارة الفندق للتعرف إلى مهارات طهاتها في العالم أجمع، فقد أمضوا ليلتهم وهم يحلّلون مذاق كل طبق وحلّ ألغاز مكوناته، خصوصاً أنّ طهاة من الأردن وسويسرا وإيطاليا وغيرها شاركوا في هذه التظاهرة المطبخية، كلّ على طريقته، بعد أن اتخذوا من المطبخ الشرق أوسطي عامة، واللبناني خاصة عنواناً رئيسياً لتحضيراتهم.
من جانبه، أشار مدير عام الفندق دانييل فاستولو إلى أنّهم اختاروا بيروت لتنظيم هذا الحدث، نظراً للأهمية التي تحتلها اليوم على الخريطة السياحية العالمية، وكونها واحدة من المدن العربية التي تبتكر النزعات الاجتماعية، ويلحق بها الآخرون.
الجميع التقوا في مطبخ واحد ضمن تجربة تعد الأولى من نوعها بالنسبة لهم، إذ لم يسبق أن التقوا قبلاً. فتعرفوا إلى الثقافات التي تميّز أصول كل مطبخ ينتمون إليه، وتشاركوا في تقديمها بنكهة لبنانية. «إنّها تجربة فريدة من نوعها وقد تعاونا جميعاً على تطبيع كل طبق حضّرناه مع مدينة بيروت. لقد كانت سهرة مميزة خرجنا فيها نحن وأطباقنا من الكواليس فأمضى الجميع ليلة بيروتية من العمر»، حسبما قال الشيف السويسري ستيفان تراب في حديث لـ«الشرق الأوسط».
أمّا لائحة الطعام التي اندرجت على برنامج هذه السهرة، وقد أقيمت على شرفة الفندق المطلة على منظر البحر من ناحية ومسبح الفندق وأجنحته الراقية من ناحية ثانية، فقد تألفت من مجموعة أطباق تنوعت ما بين المقبلات والأطباق الرئيسة وأخرى من الحلويات التي شكلت مسك ختام هذه السهرة، وقد رافقها عزف على الساكسفون لأغاني فيروز.
جاءت هذه التظاهرة المطبخية بامتياز، مناسبة للاحتفال أيضاً بحصول «كمبنسكي سمرلاند»، على جائزة «أفضل شركة لبنانية للضيافة» لعام 2017 من قبل مؤتمر «بيزنيس وارييرس» في نسخته الرابعة عشرة الذي أُقيم في لبنان. وبين سلطات الأفوكادو مع الكانيلوني أو مع الحمص، تألفت لائحة المقبلات إضافة إلى حساء الكمأة مع البندورة ولفافات لحم السلطعون. أمّا الأطباق الرئيسية، فتضمنت السمك (سلطان إبراهيم) مع الكيناوا وسرطان البحر و«تورندو واغي» أحد أشهر أنواع لحوم البقر في العالم. فيما اقتصرت لائحة الحلويات على «كريم بروليه» و«ميلفوي كنافة مع جبن ريكوتا» و«مانغو تارتار» وطبق «الشوكولاته الوهم» اللذيذ الطعم.
«اعتبر هذه التجربة من الأهم التي قمنا في مشوار مهنتنا»، أكد الشيف الأردني صدقي نداف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وهو يشغل منصب المدير الإقليمي لمطابخ «كمبنسكي» في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأضاف: «لمجرد أنّنا عملنا جميعاً في مطبخ واحد، وتشاركنا الأفكار كان بمثابة تحدّ نخوضه لأول مرة. فمهما بلغ اختلافنا أو اتفاقنا في عملية تحضير طبق ما، استطعنا في النهاية أن نخرج إلى النور قطعا فنية من نوع آخر».
وأنهى الشيف الأردني حديثه بالقول: «لا شك في أنّ المطبخ الغربي غني بأصوله وشهرته، ولكنّنا اليوم أبرزنا أهمية المطبخ الشرق أوسطي الذي هو برأيي يملك مكونات ونكهات لا يضاهيها أي مطبخ آخر، وقد نجحنا في تأكيد ذلك».
ولعل الطبق الذي تفاجأ بعض المدعوين بطبيعته كان حساء الكمأة مع البندورة الذي قدّم بارداً بدل أن يكون العكس، كما هو متعارف عليه في أطباق الشوربة عادة. «إنّ عنصر المفاجأة يلعب دوراً أساسياً في مطاعم اليوم، فقد لا يتذكّر الزبون طعم طبق لذيذ تناوله، ولكنّه من دون شك، سيحفظ في ذهنه ذلك الطعم الذي فاجأه خلال تناوله طبقا معيناً ممّا يدفعه لزيارة هذا المطعم مرة جديدة لاكتشاف مذاقات أخرى لا يتوقعها»، يوضح الشيف صدقي نداف.
أسلوب خدمة مختلف يميل إلى تلك التي نقرأها في قصص خيالية لمشهديتها الأنيقة والمحترفة في آن، مارسها على الأرض الطهاة الضيوف من عناصر فريق العمل المتخصص والمستقدم من كل أنحاء العالم، فترجم تلقائياً أسباب حصول هذا الفندق العريق على جائزة «أفضل شركة لبنانية للضيافة».


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».