تصور متكامل لمشروع استيطان للقمر يتم تنفيذه على المدى البعيد

يعد أساساً لمشروعات علمية أخرى في هذا الاتجاه

TT

تصور متكامل لمشروع استيطان للقمر يتم تنفيذه على المدى البعيد

يثير القمر منذ وقت طويل اهتمام البشر وخيالهم؛ ليس فقط لأن هذا التابع للأرض يسود السماء ليلاً بأطواره المتغيرة دائماً، وليس فقط لتأثيره على ظواهر أرضية مثل المد والجذر، بل أيضاً لأنه أقرب للأرض من أي جرم سماوي آخر.
كان الشاعر والروائي الفرنسي جول فيرن يحلم عام 1865، بالفعل، في إحدى أشهر رواياته بالقيام برحلة «من الأرض إلى القمر.»
قبل نحو 50 عاماً أصبح الحلم حقيقة، وهبط أول بشريين على سطح القمر على متن المركبة الفضائية «أبوللو 11».
غير أن هذه المرحلة لم تستمر طويلاً، فبعد أكثر من 3 أعوام، وبالتحديد في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 1972، غادر رواد الفضاء القمر بالسفينة الفضائية «أبوللو 17»، وكانوا آخر من يهبط على سطح القمر.
وبعد 6 عمليات هبوط على سطح القمر إجمالاً، انتهى أمر الهبوط حتى إشعار آخر. لم تكن الجهود والتكاليف الهائلة التي تتسبب فيها عملية الهبوط متناسبة بأي حال من الأحوال مع النتائج العلمية من وراء الهبوط.
وبعد عقود ركزت فيها الرحلات الفضائية للقمر على محطات البحث في مدار الأرض، هناك الآن نقاش بشأن القيام برحلات لأهداف أبعد بكثير. وكثيراً ما يذكر المريخ في هذا السياق، وكذلك استئناف الرحلات إلى القمر. طريق العودة للقمر هو الخطوة المنطقية التالية في الطريق نحو الجهة المقابلة للأرض.
ويوضح الفيزيائي فلوريان نيبل في كتابه «استيطان القمر» كيف أن مثل هذه الخطوة ستكون مجدية؛ ليس فقط لأنها ستكون دليلاً على إمكانية تنفيذها، بل أيضاً أساساً لمشروعات علمية أخرى في هذا الاتجاه.
يطور نيبل في كتابه رؤيةً بشأن استيطان القمر، وهدفه في ذلك هو دراسة «تكاليف تأسيس مستوطنة على القمر، ومدى إمكانية تطبيق ذلك، وتقديم رؤية تقوم عليها بعثة جيلين للقمر.»
ويتبنى نيبل، الذي يعمل مهندس أنظمة في مجال الطيران والفضاء، في ذلك أسلوباً عملياً جداً؛ حيث يراعي الظروف الأساسية على سطح القمر، مثل عدم توفر الهواء والماء هناك، ويتعامل مع هذه الظروف بصفتها أطراً أساسية يجب أخذها في الاعتبار، ولكنها قابلة للحل من الناحية التقنية.
يرسم نيبل في كتابه تصوراً متكاملاً لمشروع استيطان للقمر، يتم تنفيذه على المدى البعيد.
ويبدو المشروع من خلال العرض التوضيحي قابلاً للتحقيق خطوة خطوة. كما يضع المؤلف قائمة بتكاليف هذا المشروع في حال تنفيذه، بصرف النظر عما إذا كانت هذه التكاليف اقتصادية أو قابلة للتنفيذ من الناحية السياسية.
وكما أن الشاعر الفرنسي جول فيرن لم يتوقف في حلمه عند مجرد إعمال الخيال، بل اعتمد في أفكاره بشكل أساسي على آخر ما توصل إليه العلم في عصره، فإن نيبل يوضح في كتابه أيضاً الأهداف التي يمكن من أجلها تطبيق الحقائق العلمية.


مقالات ذات صلة

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

تكنولوجيا وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد (أ.ب)

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي وزير الدفاع والدكتور أحمد الفلاسي وزير الرياضة رئيس وكالة الإمارات للفضاء وفيصل البناي مستشار رئيس الإمارات للأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة ممثل معهد الابتكار التكنولوجي خلال توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

الإمارات تطور مركبة هبوط لاستكشاف كويكب «جوستيشيا»

أُعلن في الإمارات توقيع اتفاقية تطوير مركبة الهبوط لمهمة استكشاف حزام الكويكبات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق قاعة من المرايا بأبعاد كونية (ناسا)

«قوس تنين» في الفضاء تحوَّل إلى «قاعة مرايا بأبعاد كونية»

رصد تلسكوب «ويب» القوي، التابع لوكالة «ناسا»، أكثر من 40 نجماً قديماً في مجرّة بعيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

سترسل شركة «فايرفلاي آيروسبايس» الأميركية مركبة فضائية إلى القمر في منتصف يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

نجح الذكاء الاصطناعي في تصنيع محرك صاروخي متطور بالطباعة التجسيمية.

جيسوس دياز (واشنطن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.