ختام الدورة العاشرة لمهرجان «سماع» الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية

بمشاركة فرق من 22 دولة عربية وأجنبية

جانب من حفل ختام الدورة العاشرة من المهرجان الذي شاركت فيه 22 دولة عربية وأجنبية
جانب من حفل ختام الدورة العاشرة من المهرجان الذي شاركت فيه 22 دولة عربية وأجنبية
TT

ختام الدورة العاشرة لمهرجان «سماع» الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية

جانب من حفل ختام الدورة العاشرة من المهرجان الذي شاركت فيه 22 دولة عربية وأجنبية
جانب من حفل ختام الدورة العاشرة من المهرجان الذي شاركت فيه 22 دولة عربية وأجنبية

بابتهالات وترانيم وأناشيد تسمو بالروح والوجدان بمختلف اللغات، وبالتزامن مع احتفالات رأس السنة الهجرية، تصاعدت الابتهالات الإسلامية والمسيحية من على مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين الأيوبي، لتشق عنان السماء تنشد السلام لأهل الأرض، مسدلة الستار على مهرجان «سماع» الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية، ودورته العاشرة التي اختتمت أول من أمس. وغادرت الفرق إلى جنوب سيناء للمشاركة في صلاة جماعية بدير سانت كاترين في مؤتمر السياحة الدينية «سانت كاترين ملتقى الأديان».
حلت فلسطين ضيف شرف الدورة، مشاركة بـ4 مؤذنين ومنشدين من المسجد الأقصى، وشاركت فرق من 22 دولة عربية وأجنبية، وكان من بين الدول المشاركة: الهند، واليونان، والصين، ونيجيريا، والجزائر، والسودان، ورومانيا، وجزر القمر، وتتارستان، وسوريا ممثلة في عدد من الفرق السورية المقيمة بمصر.
وكرم المهرجان اسم المنشد الراحل الشيخ إبراهيم فتح الله الإسكندراني، واسم الكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن، وكورال زكريا الكاهن وإليصابات للمرضى والمسنين بمطرانية ملوي، والمنشد الإندونيسي نور أخياري. كما كرم د. حاتم ربيع الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، السفير الفلسطيني بالقاهرة جمال الشوبكي، الذي ألقى كلمة قال فيها إن «اختيار فلسطين ضيف شرف المهرجان جاء تعبيراً عما تعنيه فلسطين للشعب المصري وقياداته والقائمين على قطاع الثقافة، وإن دعم القضية الفلسطينية في هذه المرحلة له مردود إيجابي لدى المواطن الفلسطيني»، مؤكداً أن «الثقافة والفنون هما الرابط الأهم بين الشعوب، وأن مناصرة فلسطين من قلب قلعة صلاح الدين الأيوبي لها رمزية كبيرة، حيث مر منها القائد العظيم إلى القدس، تلك المدينة التي أعطى أهلها دروساً في الصمود والتشبث بالحقوق والدفاع عن الأرض».
وأعلن الفنان انتصار عبد الفتاح، مؤسس ورئيس المهرجان، سعادته بمرور 10 سنوات على تأسيس المهرجان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أقمنا 126 حفلاً على مدار الأسبوع الماضي، واليوم نصلي على أرض مصرنا الحبيبة في سانت كاترين ملتقى الأديان من أجل السلام»، مضيفاً: «تزداد سعادتي بهذا المهرجان مع زيادة إقبال الدول من كل القارات على المشاركة، وهذا العام شاركت دولة سيراليون من أفريقيا». وأضاف عبد الفتاح: «أتمنى أن يجوب مهرجان (سماع) جميع دول العالم التي تتميز بمعالم روحانية وتاريخية، خصوصاً أن رسالة المهرجان هي نشر المحبة والتسامح والسلام بين الثقافات والأديان والشعوب المختلفة، ونحن في أمس الحاجة في عالمنا اليوم لنبذ العنف والتطرف وأفضل سلاح هو الفن ولا سيما الإنشاد».
وأكد أن الكرنفال الشعبي المصاحب للمهرجان الذي يحتضنه سنوياً شارع المعز التاريخي أصبح من أهم الأحداث السياحية والثقافية التي تشهدها مصر، حيث شاركت جميع الفرق بعروضها سيراً على الأقدام من بداية شارع المعز لنهايته.
قدمت عروض الفرق المشاركة في أجواء روحانية وتاريخية بين جدران عدد من المواقع الأثرية في القاهرة، هي: شارع المعز، وقلعة صلاح الدين، وقبة الغوري، ومجمع الأديان في مصر القديمة. وتضمنت فعاليات المهرجان هذا العام ندوة بعنوان «مهرجان سماع وحوار الثقافات»، تحدث فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين بالمجالين الفني والثقافي.
من جانبه، أكد حاتم ربيع، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بمصر، أن «مهرجان سماع الذي يحمل الشعار الروحاني هو غذاء للروح الذي لا يقل أهمية عن غذاء العقل، وأن كل إنسان يحتاج إلى لحظة يتصالح فيها مع نفسه والآخر للتعايش في سلام»، مشيراً إلى أن «المهرجان حقق كثيراً من النجاح ويحظى بشعبية جماهيرية كبيرة وإقبال جماهيري كثيف، ويهدف إلى نشر التسامح والمعرفة والتواصل مع الآخر»، مؤكداً أن وزارة الثقافة بقطاعاتها المختلفة تعاونت على إنجاح هذا المهرجان وخروجه بالشكل الذي يليق بسمعة ومكانة مصر.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».