مهرجان «الجونة» ولد ليبقى في الساحة العربية

جائزة تنتظر «شيخ جاكسون»

مهرجان «الجونة» ولد ليبقى في الساحة العربية
TT

مهرجان «الجونة» ولد ليبقى في الساحة العربية

مهرجان «الجونة» ولد ليبقى في الساحة العربية

تعلن مساء غد الجمعة نتائج مهرجان «الجونة» السينمائي الدولي في طبعته الأولى، وسط ترقب واهتمام لهذا الحدث الهام في قائمة المهرجانات، حيث تواجدت العديد من المنصات التلفزيونية العربية والأجنبية الفضائية لمتابعة هذا الحدث السينمائي الذي يرنو للعالمية، كما صرح مؤسسه رجل الأعمال المصري المعروف نجيب ساويرس إنه ولد ليبقى، وأن تلك الدورة هي فقط بداية الخيط الذهبي الممتد مع الزمن ليقتنص تلك المساحة الدائمة.
ميلاد مهرجان عربي بطموح ضخم هو في النهاية يصب في صالحنا جميعاً، أقصد كل المهتمين بالشأن السينمائي، كما أن التنافس يأتي لصالح الجمهور الذي سيجد أمامه لأول مرة أفلاماً من بلدان لم يألفها خاصة في مصر، حيث لا تعرض كأفلام أجنبية سوى فقط السينما الأميركية، وما دون ذلك خارج اهتمام موزعي السينما المصرية، بحجة أنه خارج اهتمام الجمهور.
مهرجان الجونة هو أحدث مهرجان ينضم للقائمة بين المهرجانات العربية، التي توالدت بقوة في الخمسة عشر عاما الأخيرة، حتى لو تعثر بعضها عن الاستمرار إلا أن هناك مؤشرا واضحا يؤكد أنها تزداد مع الأيام، سواء دعمتها الدولة أو تواجدت بلا دعم حكومي.
في مصر مثلاً أنشأت الدولة لجنة عليا للمهرجانات للتنسيق فيما بينها، ذلك بعد أن رصدت أموالاً، لعدد منها، برغم تعثر بعضها أو تحقيقه لنتائج سيئة، مثل ما حدث مؤخرا مع مهرجان (شرم الشيخ)، إلا أن هناك حرصا من الدولة على أن يلعب المهرجان دوره في إعادة الجذب السياحي، ومن هنا فتحت الباب الضوء الأخضر لعدد من تلك المهرجانات.
وسط حفاوة إعلامية عربية وعالمية استمرت فعاليات المهرجان وتعددت الأنشطة والورش السينمائية، ولقاءات صُناع الأفلام التي من الممكن أن تُسفر في القريب عن تنفيذ عدد منها.
الأخوان ساويرس (نجيب وسميح) قررا فتح الباب لهذا المهرجان بشقيه في هذه البقعة الجميلة المطلة على البحر الأحمر، والتي استطاعت برغم ما تعانيه السياحة المصرية من تراجع أن تحقق درجة لا بأس بها من تدفق السياح، وأظن أن نجاح المهرجان سيلعب دورا إيجابيا في تأكيد ذلك.
قبل أعوام قليلة لم تكن هناك دور عرض في الجونة سوى سينما صيفية واحدة، ولم تكن تنتظم في عروضها، لعدم إقبال الجمهور، ولكننا الآن نتحدث بالإضافة للمسرح المكشوف الذي تحول إلى دار عرض على أحدث مستوى، لدينا مجمع سينمائي له ثلاث شاشات، كما أن الجامعة الألمانية التي أنشأها أيضا سميح ساويرس لها ملحق بها دار عرض على بمواصفات عصرية.
طبعا البداية في الحقيقة شابها قدر من الخطأ وقدر آخر من سوء الحظ، ربما كما يقولون إن ضيق الوقت، ولكن حتى مع ذلك كان ينبغي أن نحصل على نتائج أفضل، الوقت قد حال دون تقديم عدد من البروفات، يساعد على تنفيذ حفل افتتاح رائع يليق بتلك المناسبة وبكل هذا الترقب، وأيضا بالإمكانيات المادية المرصودة له، إلا أنه فيما يبدو لم تكن هناك بروفات كافية، كما أن الإيقاع في التتابع بين الفقرة والأخرى كان بحاجة للضبط والربط. طبعا انفلات لفظ جارح من أحمد الفيشاوي وهو يصف شاشة المهرجان، كان هو حديث (الميديا) الأكبر، إلا أن المشكلة الأكبر هي أن المنظمين، خوفا من تداعيات الحدث، قاموا بإلغاء الندوة التي كان مقررا عقدها ثاني أيام المهرجان لفيلم «شيخ جاكسون». منطق الأمور كان يقضي بإقامتها، وأن يعتذر أحمد الفيشاوي قبل بدايتها للجمهور، ولكنهم اختاروا الحل الأسوأ وهو إلغاء الندوة تماما، وبعد ذلك عرضوا فيلم «جاكسون» في نفس توقيت عرض الفيلم اللبناني «القضية 23» الحائز على جائزة أحسن ممثل (كمال الباشا) من مهرجان «فينسيا» قبل نحو أسبوعين، وهذا بالطبع يعني أن الجمهور والنقاد سيفضلون مشاهدة الفيلم اللبناني عن المصري. وكان الغرض هو عدم لفتت الانتباه مجددا للفيلم، أو تحديدا لأحمد الفيشاوي، حيث كان منظمو المهرجان يبدو أنهم في حالة خوف من انفلاتة أخرى لأحمد الفيشاوي، رغم أنني أتوقع أن الدرس القاسي قد تعلمه تماما، وأنه لا يمكن أن يكررها، بل حرص على الاعتذار على صفحته في تسجيل موثق بالصوت والصورة.
كان من المهم تكريم الفنان الاستثنائي عادل إمام في حفل الافتتاح، مع الناقد اللبناني الكبير إبراهيم العريس، لا شك أن كلا منهما يستحق الحفاوة والتقدير، كما أن الختام سيشهد تكريم النجم العالمي فوريست ويتكر.
وخيرا فعلت إدارة المهرجان ذلك؛ لأن عادل إمام بمفرده بينما ربما لن يحظ النجم الأميركي بالقدر نفسه من الحفاوة خاصة في الميديا العربية، وهكذا جاء تكريم عادل في الافتتاح ويتكرر في الختام، ليأتي لصالح المهرجان.
كان عادل واضحا عندما أعلن على المسرح أنه وافق على التكريم لأنه يأتيه من صديقه نجيب ساويرس، إلا أنه رفض إقامة ندوة موسعة ثاني أيام المهرجان معه، حتى لا يجد الأسئلة من نوعية لماذا ترفض جائزة فاتن حمامة للإنجاز التي يمنحها مهرجان القاهرة، ثلاث مرات وتقبل جائزة الجونة، كما أن وجود عادل من المؤكد سيفتح الباب أمام أسئلة سياسية قد يتورط بعدها عادل إمام في إجابة قد يساء فهمها.
عادل كعادته في السنوات الأخيرة اصطحب معه ولديه رامي ومحمد وقدمهما على المسرح وحرص على دعوتهما للمسرح، وداعب ابنه محمد قائلا إن البنات تحبه، ربما ردا على مقدم الحفل أحمد فهمي الذي قال إن البنات تحب أكثر أحمد الفيشاوي.
الخطأ التنظيمي بشقيه عدم دعوة الصحافيين، أقصد الأغلبية منهم إلى حفل الافتتاح، والثانية الحفل نفسه.
هذا يحدث في كبرى المهرجانات كان وبرلين وفينيسيا، وغيرها، ولكن الصحافي في تلك المهرجانات يعرف أنه غير مدعو من البداية لحفل الافتتاح، ناهيك أن فيلم الافتتاح نفسه يراه الصحافيين في عرض يسبق العرض الرسمي بعشر ساعات، كما أن العروض الهامة تبدأ في التوقيت نفسه، وبالتالي لن يصبح حضور حفل الافتتاح هو الهدف الأول للصحافيين، إلا أنه كان الهدف الوحيد لمن ذهبوا للجونة. صحيح أن إدارة المهرجان حرصت على أن تضع شاشة في صالة سينمائية، يتابع من خلالها الصحافيون الحدث، إلا أن هناك عددا من الغاضبين بين الصحافيين تقدموا بشكوى وأرسلت لهم نقابة الصحافيين عربة تصطحبهم للقاهرة.
أثارت بعض أفلام المهرجان عددا من التباينات الفكرية خارج الشريط السينمائي، خصوصا الفلسطينيين بسبب فيلم «القضية 23» لزياد دويري، والتي رأوا فيها أن العمل الفني ينحاز للبنانيين أكثر من الفلسطينيين، وينقل صورة تناقض الواقع، إلا أن المخرج اللبناني زياد الذي تم تكريمه قبل عرض فيلمه في المهرجان تقبل الأمر بقدر كبير من المرونة، واعتبر أن هناك من يرى على العكس أن الفيلم وقف تماما على الحياد. وأثار أيضا عرض الفيلم المغربي «وليلي» للمخرج فوزي بن سعيدي تساؤلا عن ترجمة شريط الفيلم للغة العربية، رغم أنه ناطق باللهجة المغربية، وهي قضية تثير عادة غضب المخرجين في المغرب العربي، وتقبلها فوزي بن سعيدي ببساطة.
وتبقى الجوائز، التي أتصور أن فيلم «شيخ جاكسون» والذي أثار مشكلات في بداية يوم الافتتاح، سوف يسرق الكاميرا في الختام، وأغلب الظن ستنتظره جائزة برغم قوة المنافسة.


مقالات ذات صلة

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».